2025/11/14

الدراما الالهية Theodramatic(المشورة الزلية)

الدراما الالهية Theodramatic 
 
 فى كتابه الماتع يأخذنا MATTHEW W. BATES فى رحلة حول نشأة الثالوث،وفكرته بعيدة كُل البُعد عن المنطق الزمنى(الأريوسية) بل يتحدث عن أزلية الأقانيم،وكيف استخدم الكتاب المقدس طريقة "درامية Theodramatic"يقدر القارئ من خلالها ان يعرف بعضِ من الأمور عن الله.[1]
 
 يُمكنثنا ان نضع تعريف ل "الدراما الالهية Theodramatic" كونه أسلوب تفسير يُقدمه لنا الكتاب المقدس،ليكشف لنا عن لمحات عن حياة interior divine life "الذات الالهية الداخلية"بصورة بشرية،يقدر أن يفهمها القارىء،فى بعض الأحيان تكون هذه الحوارات فى الأزل"مرحلة ما قبل التاريح" لكن الله من حيث ان طبيعته بسيطة وفريدة غير مركبة ليس له أذن ولا أعضاء يحدث بها صوتا بل ان جوهره الاوحد وغير المدرك لايتكون من اعضاء زأجزاء ونفس الشىء ينطبق على الابن والروح القدس(ق.ديديموس الضرير) فهو إذا لايستخدم إلا لغة الإنسان،والطريقة التى يفهما الانسان،لأنه لو تحدث بلغة غير مادية عن اللامادى،فكيف إذا للإنسان ان يفهمها؟
 
لذلك فى نفس المضمار نجد نسب الاعضاء البشرية الى الله مثل [يد،رجل،يمين،عين،وأنف،قلب،يتكلم،يسمع...الخ] وهى ما تُعرف بالأنسنةAnthropomorphous[2]، يقول ق. "ديديموس الضرير" :- " لكن الله من حيث ان طبيعته بسيطة وفريدة غير مركبة ليس له أذن ولا أعضاء يحدث بها صوتا بل ان جوهره الاوحد وغير المدرك لايتكون من اعضاء وأجزاء ونفس الشىء ينطبق على الابن والروح القدس" ونحن نعلم ان الله روح (يو 4: 24).لاجسد له،فحينما نقرا "قال الرب لربى"لاينبغى أن نظن أن الاب له فم ولسان،والابن له اذن ليسمع بها،فلا ينبغى أن نظن أن الاب يقول شئ جديد،لم يكن يعلمه الابن،والعكس ايضاً. وكما يقول ٌ.ديديموس الضرير" 
 
- فحينما يعلن الاب ارادته للابن(الحكمة والحق)كما لو كان لا يعلمها الابن،لان كل ماينطق به الاب –التى فى جوهرها حكمة وحق-يعرفها الابن..عندما يتكلم الاب ويسمع الابن او بالعكس[3] فكل هذا أسلوب "درامى"يستخدمه الوحى لتوصيل فكرة ما،مثل أن هُناك تمايز بين الاب والابن، فالحوار لاينفهم أن هذا يجرى على نحو مايحدث معنا عندما نتحاور ونتحدث بين أنفسنا تباعا(واحد تلو الاخر)لكن بالشكل الذى يناسب الطبائع غير المادية وخاصة فيما يخص الثالوث ... عندما نتناول كبشر شيئا بالحديث فيما بيننا،فنحن اولا نتصور ما يدور فى عقولنا قبل ان ننطق به،وعندما نريد ابلاغه لعقل شخص اخر،فنحن نستخدم اللسان كعضو فى الحركة ونطرق به كأنه ريشة عازف على أوتار الأسنان،فنحدث نغمة صوتية،وهكذا،فكما نتحكم نحن كيف نطرق بلساننا على الحنك(اعلى باطن الفم)والاسنان ونتحكم فى زفيرنا ليخرج منطوقات متنوعة كى مانتواصل مع الاخرين بما فى عقولنا،قبالمثل يكون من الضرورى أن ينصت المستمع بأذنه دون أى عائق وأن يرهف السمع لما يقال حتى يستطيع أن يفهم ما قيل كما يريده قائله أن يفهمه(ق.ديديموس الضرير)
 
 فالله غير ذلك تماما ،وكما يقول فلاسفة المتكلمين،ماخطر ببالك فالله غير ذلك، فالاب لايملك فم يتحدث به،والابن لايملك اذن ليسمع بها، بل هو أسلوب درامى يكشف لنا بعداً لاهوتيا أبعد وأعمق من كونه" حوارات إلهية Divine Dialogues"من ضم تلك الأبعاد هو التأكيد على تمايز الابن عن الابن عن الروح القدوس،والتمايز هُنا تمايز أقنومى،وايضا يُعبر عن أزلية كُل منهم أثناء تصويره عن حوار أزلى بينهم. يُلخص ق.ديديموس الضرير تلك الفكرة قائلاً:- "عندما نقول ان هناك "حديث وحوار"داخل الثالوث فعلينا ألا نفهم أن هذا يجرى هاة نحو مايحدث معنا عندما نتحاور ونتحدث بين أتفسنا تباعا(واحد تلو الاخر)لكن بالشكل الذى يناسب الطبائع غير المادية وخاصة فيما يخص الثالوث ... 
 
 [1] The Birth of the Trinity Jesus, God, and Spirit in New Testament and Early Christian Interpretations of the Old Testament MATTHEW W. BATES
 
 [2]مارك شريدن،لغة الله حسب التقليد الابائى/112-128
 
 [3] ق.ديديموس الضرير،الروح القدس،154-158

2025/11/13

ايقونة غلاف ل"الاب جون انتونى" عالم الاباء

 


-        مهم أوى أنك تحط صورة غلاف تعبر وتلخص محتوى كتاب بأكمله،أولاً: اسم الكتاب "اوريجين الاسكندرى،معلم اللاهوت فى الكنيسة الأولى(الباكرة)" والغلاف عبارة عن ايقونة موجودة فى "كنيسة القديسة آن" فى انجلترا

-        ثانيا: لفت أنتباهى أوى الايقونة،وهى بتوضح أوريجانوس واقف(على عرش)،مرتدياً ثياب الكهنة،وفى يديه لفافة تلخص تعليمه.مكتوب فيها"أنتبهوا قبل كل شئ الى تعليم الكتب المقدس "

-        وتحت عرش عند قدميه(تعبيرا انه معلم يجلس عند قدميه الكثير من التلاميذ) يقف العديد من القديسيين حول رؤسهم هالة القداسة-مع ملاحظة ان هو مفيش حوليه هالة- من ضمن هؤلاء القديسيين الآباء الكبادوكيون، ق.النزينزي، ق.النيصي، وق.باسيليوس (وامهم)،ومكسيمسو المعترف ،وبنلاقى هالات كتير خلف الاباء الكبادوك،اشارة الى ان هناك قديسيين كتير تعلموا عند قدم المعلم السكندرى،

-        يقف "اوريجين" وحده دون هالة تحيط به، مما يدل على ما تعرض له من هجوم بعد وفاته من قبل أولئك الذين اتهموه (بشكل غير صحيح وبلا تاريخ) بمساعدة الحركة الآريوسية وتحريضها.(انه البؤس واوحش ما فى الكتاب)

-        تخيل أيقونة بسيطة مفهاش ألوان كتير تلخص مدى المأساة التى تعرض لها "الملاك المعلم"كما وصفه [ق.غريغوريوس العجايبى]وتُعبر عن أهمية "اوريجين" في تاريخ العقيدة، وتشيد بمكانته كعالم لاهوتي بارز في الكنيسة الأولى. فى الايقونة

-        تخيل ممكن ايقونة بسيطة على غلاف كتاب تشرح لك قصة طويلة عريضة،وفى هبدة من عندى كدة مقلهاش المؤلف فى شرحه للايقونة وهى(عينيه)ذو عينين (بارزتين)عميقتين تُشير الى الحكمة والنسك، وعلى ملامحه نلاحظ  الهدوء وعميق التفكير ،كمن يعيش فى عالم الفكر والروح

2025/11/08

كريستولوجى العهد الجديد والصلوات اليهودية فى فترة الهيكل الثانى

لا يتوفر وصف.-        كريستولوجى العهد الجديد،واللاهوت المسيحى  قائم بالاساس على أن الله لايُمكن إدراكه أو الدنو منه،لهذا قال ق.بولس،إن الله لايُمكن أن يُدنى منه أحد،لا بالفكر  ولا بالتخيل،فلامثيل لله (خر11:15)،فكل فكر يتخيله الانسان على الله او يتصوره مجرد تصور هو محل إستنكار وإستهجان"بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟" (إش 46: 5).

 -   يُلخص ق.غريغريوس اللاهوتى إيمان الكنيسة عن الله هكذا[ الطبيعة الإلهية هى لانهائية ومن الصعب فهمها،وكل ما يمكن أن نفهمه عن الله هو لانهائيته..فهو-والحال هكذا-لايمكن إدراكه ولا يمكن فهمه بالتمام]وليس ذلك فقط بل إن الله من المستحيل التعبير عنه,أكثر استحالة إدراكه وايضا[ الله فى طبيعته وجوهره لاأحد اكتشفه بعد ولن يتسنى لأحد ذلك]

-        وكان جواب الكنيسة عن "طبيعة الله"هو جواب ينُم عن ضعف طبيعتها البشرية  ومحدوديتها الفكرية وانحصارها فى الزمان والمكان،وكان أفضل جواب عن ماهية كُنه الله-حياته الداخلية-هو كما قال أغسطينوس "لآأعرف"ويعتبر أغسطينوس هذا الرد هو"أفضل إجابة".

-        لذلك نرى كريستولوجى العهد الجديد بأكمله منصب حول"أعمال المسيح"لا حول"طبيعته"الفوقية[فوق الإدراك البشرى]،لقد كان فكر العهد الجديد فكراً عملياً،أبعد من أن تُفكر فى حصر "طبيعة الله"فى قوالب نصية[لأن هذا مستحيل]،فكان التركيز منصب حول أعمال المسيح فى [الدينونة والخلاص والخلق]وهذه الأعمال فى الفكر العبرانى تخص الله وحده [وتميزه عن غيره من المخلوقات-راجع بوكم Jesus and the God of Israel God)]،ففى وقت العهد الجديد لم يكن هناك شك فى تشابه طبيعة المسيح مع البشر ومع الله فى آن واحد.

   لقد كانت معاملات اعضاء الكنيسة تجاه يسوع من خلال تقديم العبادة له،والتسبيح والترنيم،يدعونه"الرب"واحياناً يدعونه"الله"،لقد كان الجيل الأول من المؤمنين(بمافيهم التلاميذ)يدعون المسيح على أنه الله، يُشير "الان ريتشاردسن"انه لايوجد فى العهد الجديد اى شارة الى  "أله ثانى"[ dualisme ]  كخالق للكون.

وليس من السهل[بل ومن المستحيل] على اليهود الموحدين  [توحيد صارم]أن يُقدموا العبادة إلى غير الله،فنرى إن التلاميذ اليهود[تلاميذ الرب]أخذوا الصلوات اليهوديةاليومية ،وطبقوها على شخص[يسوع]،يقول "أرثر دبليو وينرايت-كتاب الثالوث" [يُمكن فهم أهمية شخص يسوع فى العبادة المسيحيةإذا قارنا"صلاة ألينوا"فى الطقوس اليهودية ببعض مايوازيها من أمثلة فى المسيحية...يُرجح أصولها لماقبل المسيحية...وكانت صلاة معروفة للمسيحيين(الاوائل)وهى صلاة تعكس أوصاف العهد الجديد للرب يسوع كثيراً كثيراً من أجزاء هذه الصلاة،فاللغة التى كان يستخدمها المجمع اليهودى عن الله(يهوة)اصبحت تستخدم عن المسيح فى الكنيسة...]

-   وصلاة ألينوעָלֵינוּ[أى:علينا- علينا أن نحمد الرب]:-هى صلاة تقليدية يهودية،تُتلى فى نهاية كُل صلاة،وفى الأعياد و السبوت،وفى نصف رأس السنة، وفى نهاية السنة،وهى من أكثر الصلوات تلاوة عند اليهود،يعتبرها البعض ثانى أكثر صلاة يهودية بعد"الكاديش"يُرحج بعض العلماء ان هذه الصلاة تُنسب الى "يشوع بن نون"وقت فتحه لإريحا،ويُرجح البعض انها صلاة تُنسب الى فترة"يهودية الهيكل الثانى"Second Temple period،اياً كان زمنها فهى صلاة يهودية،سابقة للمسيحيةpre-Christian]

-        ولإهمية وقُدسية هذه الصلاة، نرى فى تاريخ اليهود إنه أثناء اضطهاد اليهود فى فرنسا(1171)وحرق الرجال والنساء،وحرقهم على الخازوق،كانوا ينشدون  صلاة"ألينو"..

-        نص الصلاة :-من واجبنا أن نحمد سيد الجميع، وأن ننسب العظمة إلى خالق [العالم في] البداية: أنه لم يجعلنا مثل أمم الأراضي، ولم يضعنا مثل عائلات الأرض؛ أنه لم يخصص نصيبنا مثل نصيبهم، ولا نصيبنا مثل نصيب كل جماهيرهم. لأنهم يسجدون للباطل والعدم، ويصلون إلى إله لا يستطيع أن ينقذ. لكننا ننحني ونسجد ونقدم الشكر أمام ملك الملوك الأعظم، القدوس المبارك هو، الذي يبسط السماوات ويثبت الأرض، ومقر مجده في السماء من فوق، ومسكن قوته التي لا تقهر في أعلى المرتفعات. هو إلهنا، لا يوجد شيء آخر. ملكنا حق، وكل شيء آخر تافه، كما هو مكتوب في توراته: وستعرف اليوم وتضع في قلبك أن أدونوي هو الله في السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل؛ لا يوجد شيء آخر.

-        أقتبس المسيح من هذه الصلوات واصفاً نفسه بما فيها، كما أخذ المسيحيين[فى الكنيسة الأولى] هذه الصلاة وطبقوها بالحرف على شخص المسيح الذى أعتبروه[رب الكل،الخالق،ملك الملوك ورب الارباب،الذى تجثو له كل ركبة من فى السماء وعلى الارض وتحت الارض،الذى له المجد الى الابد)هو أمر واضح ودليل على كريستولوجى العهد الجديد "High Christology"سواء فى الأربعةأناجيل وسائر الرسائل

- التشابه الواضح بين ترنيمةفيلبى وصلاة ألينو، هو تشابه ليتورجى لابعد الحدود، حتى أن علماء العهد الجديد وصفوا تلك الترنيمة بأنها من أقدم الترانيم والصلوات التى كانت تقدم ليسوع، قبل تدوين نص العهد الجديد،وهذا بجانب العديد من النصوص التى كانت متداولة فى الكنيسة(كترانيم وصلوات ليتورجية)سابقة لتدوين النصوص..