-
كريستولوجى العهد الجديد،واللاهوت المسيحى قائم بالاساس على أن الله
لايُمكن إدراكه أو الدنو منه،لهذا قال ق.بولس،إن الله لايُمكن أن يُدنى منه أحد،لا
بالفكر ولا بالتخيل،فلامثيل لله (خر11:15)،فكل
فكر يتخيله الانسان على الله او يتصوره مجرد تصور هو محل إستنكار وإستهجان"بِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي
وَتُسَوُّونَنِي وَتُمَثِّلُونَنِي لِنَتَشَابَهَ؟" (إش 46: 5).
- يُلخص ق.غريغريوس اللاهوتى إيمان الكنيسة عن الله هكذا[ الطبيعة الإلهية هى لانهائية ومن الصعب فهمها،وكل ما يمكن أن نفهمه عن الله هو لانهائيته..فهو-والحال هكذا-لايمكن إدراكه ولا يمكن فهمه بالتمام]وليس ذلك فقط بل إن الله من المستحيل التعبير عنه,أكثر استحالة إدراكه وايضا[ الله فى طبيعته وجوهره لاأحد اكتشفه بعد ولن يتسنى لأحد ذلك]
- وكان جواب الكنيسة عن "طبيعة الله"هو جواب ينُم عن ضعف طبيعتها البشرية ومحدوديتها الفكرية وانحصارها فى الزمان والمكان،وكان أفضل جواب عن ماهية كُنه الله-حياته الداخلية-هو كما قال أغسطينوس "لآأعرف"ويعتبر أغسطينوس هذا الرد هو"أفضل إجابة".
- لذلك نرى كريستولوجى العهد الجديد بأكمله منصب حول"أعمال المسيح"لا حول"طبيعته"الفوقية[فوق الإدراك البشرى]،لقد كان فكر العهد الجديد فكراً عملياً،أبعد من أن تُفكر فى حصر "طبيعة الله"فى قوالب نصية[لأن هذا مستحيل]،فكان التركيز منصب حول أعمال المسيح فى [الدينونة والخلاص والخلق]وهذه الأعمال فى الفكر العبرانى تخص الله وحده [وتميزه عن غيره من المخلوقات-راجع بوكم Jesus and the God of Israel God)]،ففى وقت العهد الجديد لم يكن هناك شك فى تشابه طبيعة المسيح مع البشر ومع الله فى آن واحد.
لقد كانت معاملات اعضاء الكنيسة تجاه يسوع من خلال تقديم العبادة له،والتسبيح والترنيم،يدعونه"الرب"واحياناً يدعونه"الله"،لقد كان الجيل الأول من المؤمنين(بمافيهم التلاميذ)يدعون المسيح على أنه الله، يُشير "الان ريتشاردسن"انه لايوجد فى العهد الجديد اى شارة الى "أله ثانى"[ dualisme ] كخالق للكون.
وليس من السهل[بل ومن المستحيل] على اليهود الموحدين [توحيد صارم]أن يُقدموا العبادة إلى غير الله،فنرى إن التلاميذ اليهود[تلاميذ الرب]أخذوا الصلوات اليهوديةاليومية ،وطبقوها على شخص[يسوع]،يقول "أرثر دبليو وينرايت-كتاب الثالوث" [يُمكن فهم أهمية شخص يسوع فى العبادة المسيحيةإذا قارنا"صلاة ألينوا"فى الطقوس اليهودية ببعض مايوازيها من أمثلة فى المسيحية...يُرجح أصولها لماقبل المسيحية...وكانت صلاة معروفة للمسيحيين(الاوائل)وهى صلاة تعكس أوصاف العهد الجديد للرب يسوع كثيراً كثيراً من أجزاء هذه الصلاة،فاللغة التى كان يستخدمها المجمع اليهودى عن الله(يهوة)اصبحت تستخدم عن المسيح فى الكنيسة...]
- وصلاة ألينوעָלֵינוּ[أى:علينا- علينا أن نحمد الرب]:-هى صلاة تقليدية يهودية،تُتلى فى نهاية كُل صلاة،وفى الأعياد و السبوت،وفى نصف رأس السنة، وفى نهاية السنة،وهى من أكثر الصلوات تلاوة عند اليهود،يعتبرها البعض ثانى أكثر صلاة يهودية بعد"الكاديش"يُرحج بعض العلماء ان هذه الصلاة تُنسب الى "يشوع بن نون"وقت فتحه لإريحا،ويُرجح البعض انها صلاة تُنسب الى فترة"يهودية الهيكل الثانى"Second Temple period،اياً كان زمنها فهى صلاة يهودية،سابقة للمسيحيةpre-Christian]
- ولإهمية وقُدسية هذه الصلاة، نرى فى تاريخ اليهود إنه أثناء اضطهاد اليهود فى فرنسا(1171)وحرق الرجال والنساء،وحرقهم على الخازوق،كانوا ينشدون صلاة"ألينو"..
- نص الصلاة :-من واجبنا أن نحمد سيد الجميع، وأن ننسب العظمة إلى خالق [العالم في] البداية: أنه لم يجعلنا مثل أمم الأراضي، ولم يضعنا مثل عائلات الأرض؛ أنه لم يخصص نصيبنا مثل نصيبهم، ولا نصيبنا مثل نصيب كل جماهيرهم. لأنهم يسجدون للباطل والعدم، ويصلون إلى إله لا يستطيع أن ينقذ. لكننا ننحني ونسجد ونقدم الشكر أمام ملك الملوك الأعظم، القدوس المبارك هو، الذي يبسط السماوات ويثبت الأرض، ومقر مجده في السماء من فوق، ومسكن قوته التي لا تقهر في أعلى المرتفعات. هو إلهنا، لا يوجد شيء آخر. ملكنا حق، وكل شيء آخر تافه، كما هو مكتوب في توراته: وستعرف اليوم وتضع في قلبك أن أدونوي هو الله في السماء من فوق وعلى الأرض من أسفل؛ لا يوجد شيء آخر.
- أقتبس المسيح من هذه الصلوات واصفاً نفسه بما فيها، كما أخذ المسيحيين[فى الكنيسة الأولى] هذه الصلاة وطبقوها بالحرف على شخص المسيح الذى أعتبروه[رب الكل،الخالق،ملك الملوك ورب الارباب،الذى تجثو له كل ركبة من فى السماء وعلى الارض وتحت الارض،الذى له المجد الى الابد)هو أمر واضح ودليل على كريستولوجى العهد الجديد "High Christology"سواء فى الأربعةأناجيل وسائر الرسائل
- التشابه الواضح بين ترنيمةفيلبى وصلاة ألينو، هو تشابه ليتورجى لابعد الحدود، حتى أن علماء العهد الجديد وصفوا تلك الترنيمة بأنها من أقدم الترانيم والصلوات التى كانت تقدم ليسوع، قبل تدوين نص العهد الجديد،وهذا بجانب العديد من النصوص التى كانت متداولة فى الكنيسة(كترانيم وصلوات ليتورجية)سابقة لتدوين النصوص..