2015/05/21

إرسم إلهك وأعبده.


-لن أنسى يومًا ما حدث مع أحد من قديسين الكاثوليك الذي أراد أنْ يرسم صورة لله ,ولان  هذا الشخص روحاني فقد رِسم لوحة فيها شخص جميل ,مُبتسم,يضحك بحنانٍ,مُستعد ليُقبل بقبلات فمه(النشيد2:1),فهذا الرسام يرى في الله الحب والرومانسية,وهُناك فنان أخر رِسم الله بشكل وكاريزما مُختلفة إنه رِسم الله بشكل شخص يرتدى البنطال والبدلة,مُهندم,رافع الحاجبين,عريض الجبهة,يبتسم بشكل مُتكبِّر,ذو هيبة تخفى وراءها شخصيته القوية.فهذا الرسام يرى في الله [الغضب],و[الكبرياء].

-فالإنسان بطبيعته فنان,خُلق على صوره[فنان](تكوين26:1)أبدع الكون,وترك للإنسان حُريته في الإبداع.فالإنسان بالفطرة على صورة خالقه مُبدع يُخرج إبداعه في رِسمه الذي يِكشف عن شخصية الله التى تَكوَّنَتْ داخله,في قلبه.ذلك القلب الذي يِدِفع صاحبه للبحث عن أصله الكائن في داخله..

-فهناك قلب يوجه صاحبه إلى[مشاعر الحب]تجاه الله,وأخر يدفعه قلبه[للصلاة]خوفاً وخشية من تَرْك فريضة تُحسَب في ميزان سيئاته...ألخ.وهناك مَن يرسم الله بملامح وطباع بيئته,فقد طغت ثقافة مجتمعه على رؤيته لله,فهيَ صورة مُكتسبة[سيئة]ليس فيها أي إبداع,ولا تَنُم على روح فنان  يُبدِع صورة خالقه,فالإبداع أساس الحياة الروحية فكلَّما كُنَّا روحيين كُلَّما كُنا مُبدعيين.

-فإبداعنا قائم أساسًا على حياتنا وعلاقتنا بالله,فإن كانت سيئة فسنرسم أفظع الصور,وإن كانت علاقتنا بالله جيدة فسنُرسم أفضل ما عِندنا,فإننا إن وُفِقْنَا أو فَشَلْنَا في رَسْمِ إلهِنَا فهذا يُعبِّر عن عُمق أو ضحالة رؤيتنا لله التى بالأساس تعتمد على حياتنا مع الله.

-فإنْ  كُنتَ مُختبر بحقٍ,وتحيا الله بحق,فإنَّك ستعجز على رسم  ما تحياه ,وما أنت مُختبِرَهُ,- أقصِد الله- .نعم ستعجز أن ترسم الله.لإننا عندما نختبر ونحيا الله نُصاب بحال [الدَهَشْECSTASY].تِلك الحيرة التي إنْ دَلَّتْ فإنها تدُل على [عجزٍ وحيرةٍ]نُصاب بها,تِيه في بحرِ بلا نهاية..وفي دهشتنا لا نعرف من أين نبدأ الصورة وأين ننتهى,وكلما بدأنا نحتار أكثر,فإنْ أردْتَ أنْ ترسِم صُورَة لإلهك عليك أن لا تتسرع وتُمسِك بريشتك بل بالأحرى[اختبره],[عاشره],[فكر فيه],وبعد ذلك إمسك ريشتك وإرسم,وحينها فقط تقدر أن ترسم,,وأتمنى أن لا ترسم....

-فأفضل الصور هي التي لم نرسمها بعد,فعندما نمسك بريشتنا لنرسم ونحتار كيف أرسم إلهى[!],هل أرسمه حب كامل؟أم صلاح كامل؟أم ماذا؟؟إن أفضل الصور لله هي التي نِحتار فيها ولم نقدر أن نرسمها بعد,بل أفضل الصور هي التي نفشل في رسمها وفي فشلنا نجاح بـ[دَهَشِ]الأبدية.

-فكل رؤية مما سبق تعكس رؤية كل منَّا لسر[الفداء والخلاص]فمنَّا مَن يرى الله بصورة معينة,ويتمنى أنْ يكون بتلك الصورة التي تخيلناها فرسمناها,ورغم أن الله هو ما لم يمكن أن نرسمه لأنه لم يخطر على قلب وبال إنسان إلا إننا إن شئنا صورة مُقرَّبة فإننا نرسم[الحب]ومن منا يقدر أن يرسم حُبٍ؟

-وحقيقةسيظل الإنسان[فنان عاجز]أن يرسم كائن الحب-الله-,ولكنه[فنان قادر] أن يُحب ويحيا بالحب مثل الله.وإن كان هذا هو التألُّه ,فالتألَّه هو عجز عن رَسْمِ[الحب]ولكنه قدرة على الحب...فالتأله هو أن أرسم لوحة الحب,وأعيش داخل تِلك اللوحة,أرسم الله وأحيا داخل الله.

-وعلى من يختلف مع الآخر فى رؤية الله أن يلتمس العذر للآخر فلكل منا عين مختلفة,لن نرى بها نفس الشئ,ولكن لنا [روح قُدس ]واحد نحيا به ويحيا فينا.فالروح هو الشخص الوحيد القادر أنْ يرسم الله,لأنه يعرف جوهر وأعماق الله,فللروح ريشة دقيقة ومُعبرة.

-ليتنا نطلب مِنْ روح الله أنْ يمسك بريشته ويرسم فينا صورة الله,يطبعها فى قلوبنا.فرؤيتنا تبدأ من القلب وتنتهى فيه,فإن كُنَّا نرى في الله صورة مُعيَّنه فإن روح الله يُنقِّى تِلك الصورة .

-فالله هو من يرسم بريشته عجزنا,أقصد حُبنا,ويِنِقشه على قلوبنا فحينها فقط يُمكننا أن نرى الله رؤية سويَّة,فألأمر يتعلق بــــــ[عمل الروح القدُس]في قلوبنا,ليتنا نسمح لريشة الروح أنْ ترسم ما عجزنا عنه لنحيا به وفيه وله...
-وعندما نسمح أن يرسم الله في داخلنا ويحفر صورَتَهُ في قلوبنا,فإننا بذلك نكون قد وصلنا لصورة الله التي خُلقنا عليها,فنعرفها ونُدِركها وحينئذ نكون بلغنا مبلغنا من الحياة الأبدية(يو3:17)...


 مينا فوزى
+++

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق