2015/04/24

هل نحن نبخر للأيقونات؟تصحيح لفكر أرثوذكسى ليس أرثوذكسى


 

  هل نحن نبخر للأيقونات؟تصحيح أرثوذكسى[ لفكر خاطئ سائد]
بقلم مينا فوزى..


-نُسئ إلى أنفُسنا قبل أن نُسئ إلى الأرثوذًكسِيَة إذ نُدافِع عنها-الأرثوذكسية-دًون أن نُدرِك ما نحن نُدافع عنه.نُحاول الدفاع عن بعض الطقوس الكنسية دون فِهم هذا الطقس,ولا معرفة الدافع وراء مُمارسة هذا الطِقس,فأصبحنا نُدافع عن وِثن نجهله,ولم تكن الآرثوذكسية ذات يوم بوثن أصِم,بل إنَ الآرثوذكسية عقيدة حية وفعالة,فقط إن فهمنا الغرض من تِلك العقيدة ومارسنا طقسها بجِدة الروح.

-دافع الكثير عِن الأيقونات ربما عن عِلم وربما عِن جِهل,وكان الغرض الأساسى هو الدِفاع مِن أجل الدِفاع,وليس الدِفاع من أجل توضيح الأرثوذكسية الحِقَة.فتحول شئ أساسى فى الكنيسة الأرثوذكسية إلى وثن عِند الأخريين,وربما عِندنا نحن أيضاً.

-عِلينا إحياء كُل ما هو أرثوذكسى.إحياء كل طِقس كِنسى.وليس إحياءُه فقط!بل الحِياة معاه وفيه وبه,فِلِم يكُن تكريم الأيقونات يومٍ وِثنٍ,ولم يكُن التبخير للأيقونات مُمارسة وثنية سِبقنا بها وثنيين العالم الرومانى أو اليونانى.ولِكن بِجهلنا نحن قد حِولناها إلى وِثنٍ.وتِحولنا مِعاهاَ إلى أبِشِع صور العبودية التى تِخلوا أى مُمارسة مسيحية منها,

-فالأساس فى أى مُمارسة هو الحُب,لِمن أُوجِه إلىه ممُارستىِ,ولكن فى عصرنا هذا تحولنا من أساس المسيحية وهو الحُب.إلى أساس الشِرِك والعبودية,ويكُمن سِبب هذا السر لِيس وراء عِيب فى طقوسنا الآرثوذكسية فحسب.بل وكل أسف يُرتجَىِ السبب فى أنفُسنا التى تُحولj إلى أله تِجهل ما تقوم بِه.


-إن هذاالمقال هو دِعوة إلى إحياء كُل ما هو أرثوذكسى,كما قولت لِيس مُجرد إحياءه فقط,بل الحياة به ,فِعلِينا أن نِتعلم لماذا نُكِرم الأيقونات؟لِماذا نٌبخر لها,وهل مارست الكنيسة الأولى هذا الطقس؟وهل نحن نُبِخر للأيقونات فى الأساس؟يُسعِدنى أن أختم مقالى قبل أن يبداء فأقول لكُل أرثوذُكسى إننا لم نُبخر يوماً إلى أى صورة او أى أيقونة.

-لِنوضح إيماننا دون التهجم والتبجح على الأخر المُختلف مِعى فى عقيدتى,فليؤمن من يشاء بالأيقونة ويرفض من يرفض,فإن قبلنا وإن رفضنا فهيا مُجرد وسيلة للتعليم ,والأساس هو الإحترام للأخر,وعِدم لِعنه لمُجرد إنه لا يقبل شئ غير أساسى فى "قضية الخلاص المسيحى".إننا نحتاج إلى التعلم كيف التحاور مع الأخر المُخالف لنا. فنحنُ بارعون فى سب ونقد كُل من هو مُخالف لنا.كأرثوذكسى أتكلم.

-ولِيس رفض بعض الكنائس الإنجيلية[1] لما نؤمن به هو المُبِرر لِخلق عداوات ونِزاعات معهم,بل لِيكُن هذا الرفض مِدخل إلى النقاش والحوار المسيحى الراقى,وليس ليتحول النقاش إلى حِرب شوارع كُل ما فيها مُباح,كأرثوذكسى أتكلم.

-وبعد هذا يبقى السؤال"إلى متى نُسئ إلى أنفُسِنا"لنِدِع الفكر الأرثوذكسى المسيحى المُحِب يتحدث,ذِلك الفكر الذى تِتمِسك به كُل طوائف المسكونة المسيحية,ولا حِكر للأرثوذكسى فقط عليه.



مينافوزى
سرجيوس                         
                                                                                 
_____________________

 ينقسم هذا البحث إلى ثلاث أجزاء
الجزء الاول:هل نِحن نُبخر للأيقونات؟.
الجزء الثانى الغنوسية والأيقونات.
الجزء الثالثا:البخور فى تاريخ الكنيسة الأولى.




الجزء الاول:هل نِحن نُبخر للأيقونات؟.

-العين الساذجة لا تِرى فى البخور إلا مُجرد دخان طيب الرائحة..إلا إن عين النفس المكشوفة التى وُهبت التأمل تراه صاعداً حتى السماء محملاً بصلوات القدسيين[2].فالبخور فى العبادة هو الصلاة[3],وهو يصاحب صلوات القدسيين ,وقيل عليه انه هو صلوات القدسيين أنُفسِهُم(رؤيا8:5)[4],وهناك تحذير بأن البخور لا يقدم إلا لله وحده فقط(خروج36:30).وهذا ما نجده فى(ملاخى11:1). لِعِلَ هذا هو السبب وراء رفض الشهداء والقِدِسيين للتبخير للأصنام,وهذا ما يؤكده الأنبا بيشوى إذ يقول:ـ [التبيخر بمعنى العبادة وهذا نحن لا نستخدمه مطلقًا لا مع البشر الأحياء ولا مع أيقونات القديسين. إلا عِند التبخير ناحية الشرق ونحن نقول أمام باب الهيكل: "نسجد لك أيها المسيح إلهنا مع أبيك الصالح والروح القدس..." والمقصود هنا أننا نعبد الله المثلث الأقانيم الذي مجده ملء كل الأرض وخاصة في هيكله المقدس.[5][


-فالكنيسة الارثوذُكسِية عندما تقوم بالتبخير,فهيا لا تُبخر للصورة أو للبطريرك ,ولا الشعب,بل عندما يقوم الكاهن بالتبخير أمام الايقونة  لفى ذلك كِناية على إن صاحب تِلك الأيقونة حاضر(لأن الكنيسة السماوية والأرضية واحِد) فِصاحب تِلك الأيقونة موجود ويُصلى والكاهن يٍرفع بخور صلاته مع صاحب تلك الأيقونة(رؤيا3:8),وهذا ما فعله الملاك عندما وقف أمام المذبح وأعطى بخور.فيقول الإنجيل:ـ{{ وَأُعْطِيَ بَخُوراً كَثِيراً لِكَيْ يُقَدِّمَهُ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ جَمِيعِهِمْ عَلَى مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ الْعَرْشِ.4فَصَعِدَ دُخَانُ الْبَخُورِ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ مِنْ يَدِ الْمَلاَكِ أَمَامَ اللهِ}(رؤيا3:8).

-يُعلق القمص تادرس يعقوب على نص (رؤيا5)فيقول:ـ[يا له من منظر سماوي مفرح حينما تنِطِق بكلمة تسبيح، أو تترنم بلحن سماوي، أو تسجُد باِنسحاق قَلب، أو تُقرِع صدرك في تواضع. هذا كله بما يحمله من تسبيح روحي في داخل القلب تحمله الملائكة لتضعه في جامات الذهب السماوية، ويُقدمها الأربعة والعشرون قسيسًا، فيمتلئ العرش الإلهي بتسابيح البشرية كلها من مجاهدين ومنتقلين، ممتزجة مع تسابيح الطغمات السمائية في وحدة الحب الحقيقي, لِهذا نتِرنم جميعًا ويُسِبح معنا المنتقلون قائلين ككنيسة واحدة أو كشخص واحد: "لتستقم صلاتي كالبخور قدامك" (مز 141: 2).] [6].


-إذا كُنا نؤمن إن صاحب الأيقونة حاضر وموجود,ويشِترك معانا فى الصلاة,فإن الكاهن عندما يقوم بالتبخير أمام الأيقونة,فهو بالتأكيد لايُبخر للأيقونة فحسب .بل هو يؤكد على وحدة وشراكة الكنيسة السماوية والكنيسة الارضية فى الصلاة,فصاحب الأيقونة حاضر ويصلى والكاهن يرفع بخور لله مع صلوات صاحب تلك الايقونة.وكأنه كل مِن الكاهن وصاحب الأيقونة يُرتلون ويُسبحون معاً لله صاحب المجد,فتمتلئ السماء بتسابيح البشرية كلها من مجاهدين(أحياء على الأرض) ومنتقليين(الراقديين)[7]. فـالتبخير هو عبارة عن شركة صلاة. [8]

وعن إشتراك الكاهن مع الشعب فى الصلاة بإستخدام البخور يقول الأنبا بيشوى فى ذلك:ـ[إن الكاهن يبخر للشعب عند مروره في وسطهم فهل معنى ذلك أن الشعب صار آلهة؟! أم أنه يبخر وكأن لسان حاله يقول إن هذا البخور المتصاعد هو صلوات الشعب التي يرفعها الكاهن أمام الله، وأيضًا صلوات الكاهن من أجل الشعب، فهو شركة الصلاة. ففي سفر الرؤيا يحمل الأربعة وعشرون قسيسًا "جَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ" (رؤ5: 8).][9].


-وكل التِقدمات والعطايا والنذور والبكور والعشور التى تقدم لله فى كنيسته المقدسة مع الشكر هى رائحة بخور يشتمها الله بالرضا والسرور.فلازال البخور الذى يرفع أمام الله فى الكنيسة باعثاً على استجلاب رضاه كى يرفع غضبه عن العالم..وحرق البخور يحمل معنى كل الخدمة المقدسة ,وأنواع العطايا التى تقدم لله فيها,وذبيحة المسيح التى لا يكون غفران للخطايا إلا بها وذبيحة التسبيح أى صلوات ,واستجلاب الرحمة من الله[10].

- -فالبخور يُشبه الصلاة التى تُرفع مع صلوات القدسيين إلى الله,وبحسب (خروج30:36),(ملاخى11:1)فيكون البخور لله وحدة وليس لغيره,فالكنيسة الارثوذكسية تطبق وتنفذ ما هو فى الانجيل ولا تحيد عنده,عندما يقول الانجيل إن البخور لله وحده فهكذا نِفعل,وعِندما نقراء إن البخور يِصعد كصلاة فهكذا نؤمن.

 -فإن كان الهِدف من التبخير هو العِبادة فنِحن نرفض هذا,وعلى هذاالمنوال نقول إن الهدف الأساسى لمنع الرب من صناعة تماثيل ومنحوتات وصور هو لاتسجد لهن  اى سجود العبادة(خروج4:20-5),فإن كان هُناك صِناعة بهدف غير العبادة فهذا أمر لايُمكن أن نرفضه فالرب نفسه أمر بأن يتم صناعه حية نُحاسية(العدد8:21)وكاروب ذهبى على التابوت(الخروج17:25),وأمر الرب ليس فيه أى تناقض,لإن المنع الأول هو لسبب العبادة.أما إباحته لِسبب التزيين والتعليم وليس العبادة[11]..



-ونختم هذا الجزء بتأمل جميل للقمص تادرس يعقوب عن(رؤيا2:8-4) إذا يقول:ـ[الكنيسة التي لا تكف عن تقديم البخور سواء من أعضائها المنتصرين في الفردوس أو المجاهدين على الأرض، الكل يود رجوع الخطاة إليه.. يرى ابن العسال أنه ملاك حقيقي من طغمة الكاروبيم، إذ هم يهتمون بالذبائح التي نقدمها لله (قض 6: 21، تك 22: 11).

وفى نهاية القداس يطلب الكاهن من ملاك الذبيحة الصاعد إلى العلو بهذه التسبحة (القداس الإلهي) أن يذكرنا أمام الله والرأي الأرجح أنه هو "الرب يسوع" الذي رمز له في سفر الرؤيا بالملاك كما في (رؤ 10: 1؛ 18: 1) ودُعي ملاك العهد في( ملا 3: 1-2). إنه الشفيع الكفاري الذي هو "حي في كل حين يشفع في كثيرين". إنه أسقف نفوسنا ورئيس الكهنة الأعظم، يقف عند المذبح الذي هو صليبه حيث قدم ذاته ذبيحة عنا، ومعه مبخرة من ذهب، أي مِبخرة روحية هي شفاعته الكفارية التي "تعطى بخورًا كثيرًا"، مدافعًا ومحاميًا عن أولاده. وفى محبته يتقبل "صلوات القديسين" المنتقلين والمجاهدين ليقدمها فيه للآب كذبيحة طاهرة مرضية ومقبولة كوعده "إن ثبتم في وثبت كلامي فيكم، تطلبون ما تريدون فيكون لكم" (يو 15: 7)[12].




الجزء الثانى الغنوسية والأيقونات.

-لقد فِهم الغنوسيين طِقس التبخير للأيقونات بشكل سيئ,فأخذواُ يُبخرون للأيقونات ويقومون بتكريمها بشكل سيئ للغاية,ربما تمجيدهم للأيقونات تحول إلى شِكل من أشكال العبادة,فكان هذا سبب إِثَارة لِدىَ المؤمنين فكان كل من القديس[إيرنيؤس وترتليان وأوريجانوس]يرفضون هذا ويقومون بتحريم الأيقونات ومهاجمتها[13].

-وكان هُناك تشابه بين الفكر الغنوسى وإيمان الوثنيين فى أمر الآيقونة فحقيقة الآمر فإن الوثنيين تمادوا فى هذا الآمر وتحول إلى خِدع وأضالييل ,فكان الوثنيين يؤمنون إن الصورة يستخدمها الإله وسيلة لإستعلان ذاته ,فرغم أنهم لم يكونوا يعتقدون فى هذه التماثيل ذاتها أنها الآلهة إلا إنها كانت ترفع إلى مستوى التأليه بسبب الآلهة التى حلت فيها.[14]ولِعِل هذا ما ظِنه سُكان لِيكاونية عن بولس وبرناباس فقالو:ـ[«إِنَّ الآلِهَةَ تَشَبَّهُوا بِالنَّاسِ وَنَزَلُوا إِلَيْنَا](اعمال11:14-12)[15].



-وكان سبب عداء  الأباء السابق ذكرهم ومعظم اللاهوتيين للأيقونة فى القرن الثانى والثالث هو تمجيدها نفس تمجيد الرب,وأصبحت الأيقونة هيا الإله الواحد الذى يجب له العبادة والتمجيد,ولكن لم يكن هناك أى هجوم من خلال هؤلاء الأباء للأيقونة فى حد ذاتها كوسيلة للتعليم.بل نرى إنه القديس إكليمندس الإسكندرى يُخبرنا عن نقش للراعى الصالح كرمز عن المسيح [16].والعلامة ترتليان هو أول من تحمس للإشارة الصليب ورسمها على كل أعضاء الجسد[17],ورشمها كأمر واقع يمارسه المؤمن طوال يومه[18].

 -وما يؤكد إن هجوم أباء القرن الثانى للأيقونة,لم يكن إلا  لمحاربة الإتجاه الغنوسى بأفكارِه الخاطئِة هو إن العلامة ترتليان الذى لُقب بمُحارب الأيقونات وعدوها,يُحبذ رسم الرموز التى تعبر عن أمثال السيد المسيح فنجده يقول:ـ[ونبدأ بالحديث عن أمثال المسيح,فمثل الخروف الضال الذى وجده وحمله على منكبيه معروفة جيداً من وقع النقوس التى ترُونِها بوضوح على الكأس(كأس الإفخارستيا)فهذا تعبير عن الراعى الصالح[19].



-إن تقديس الأيقونة نِفسها لدرجِة عبادتها شئ ,وشئ أخر أن يتعلم الإنسان من الصورة ما ينبغى أن يُقدسه ويعبده(أى المسيح)فإذا وجدت إنسان  يرسم أيقونة فلا تمنعه بأى حال من الأحوال,ولكن إن هو بدأ يعبد الأيقونة فأمنعه على كل حال[20].ويؤكد نيافة الآنبا أبيفانيوس أسقف دير ابو مقار على إن الصور والنقوش بكافةأنواعها ورموزها ومدلُولاَتِها هِيا جزء لا يتجزء من العبادة الطقسية [21].



الجزء الثالث:البخور فى تاريخ الكنيسة الأولى.

-نوضح إنِه لِم يِصلنا من  القرون الأربعة الأولى[22] أى تفصيلات فى كتابات الأباء حول إستخدام البخور[23] فى الطقس الكنسى,ليس لإنهم لم يستخدموا البخور فحسب بل لِعدةأسباب يعرفها دارسى التقليد الكنسى  وهيا:ـ

1-كان هُناك تحرِيم قاطع ومِنع كتابة أية تفصيلات عن كافة الأسرار الكنسية حتى لا يطلع عليها الوثنيون ويتخذونها مجال للطعن والتشكيك,ونفس الأمر لا يعرفه الموعوُظيِن المتقدميين للمعمودية حتى ليلة العماد بيوم واحد أو ليلة واحدة[24].,فيقول الآب متى المسكين:ـ[من الطبيعى أن تخلوا  كتابات الآباء من ذكر البخور بالتفصيل][25].

2-الآمور الخاصة بتفاصِيل الطقس الخاصة بالأسرار وشرحها وممارستها كانت تدخُل ضِمن التقليد الشفاهى السرى [26]فى الكنيسة,وكان لا يجوز تسليمها إلا للمؤمنين فقط[27].

-وليس لُعدم وجود أى ذكر للبخور خلال الأربعة قرون الأولى ,يُصبح هذا الأمر غير موجود,بل كما أشرِنا أنِفاً إِن عِدم الذِكر له أسباب أَلِت إلى ذلك,إلا أنه يُمكننا  أن نقول :ـ إنهِ رِغِم تحول العبادة من العهد القديم إلى العهد الجديد,فإن هذا لم يحول مفهوم تقديم البخور فى الصلاة كصلاة,بل يبقى كما هو يُعبِر عنه العلاقة الأساسية التى تربط الإنسان بالله[28].


-فطقس البخور هو أمر كتابى موجود فى مُمارِسَات اليهود قديماً ومُدون فى الكتاب المقدس,فنِسمع إن الله قد أمر موسى بإقامة مذبح لإيقاد البخور فى خيمة الإجتماع,وكان يتم تقدِيم البخور بصفِة دائمة عليه(خروج30)وكان هُناك نِهى قاطع بإستخدام هذا البخور فى اى أمر غير العبادة.فكان طِقس البخور هو إمتداد للكنيسه اليهودية فى كنيسة العهد الجديد.

-وهذا الإمتداد هو ليس إمتداد فى الكنيسة الجديدة فِحسب بل هو إمتداد فى كنيسه السمائيين أيضاً وهذا ما أكده القديس يوحنا الحبيب أيضاُ(رؤيا8:5),(رؤيا3:8-4),وجاء عن الأسقف إنه يحمل البخور ويدور به حول المذبح ثلاث دُفعِات تمجيداً للثالوث القدوس ,ثم يدفع البخور للقِس فيدور بها على الشعب كله[29].


-وما يدُل على إستخدام الأباء للبخور فى الصلاة هو ما قاله العلامة كليمندرس الإسكندرى (سنة150)فنجد إشارة لإستخدام البخور على المذبح ,وفى محاولة مِنه للإرتقاء والسمو الروحى بمفهومنا الطقسى إلى طقس أعلى فيقول:ـ[إن المذبح المقدس الحقيقى هو النفس البارة والبخور الحقيقى هو الصلاة المقدسة][30]. وفى قول العلامة إكليمندس تأكيد على إستخدام البخور على المذبح كنوع من الصلوات.


-ورغم نُدرة وإنعِدام أى تقليد قديم يوضح ممارسة البخور –كما أشِرنا أنفاً-إلاإِننا نجد  فى سِيَر بعض الأباء ما يُشير إلى ذلك الأمر مثل القديس ديمتريوس الأول [31].ففى تِذمر الشعب على رِسامة بطريرك متزوج,فأوحى له من خلال مِلاك بأن يُثبت للشعب بتوليته,فقام بعد صلاة القداس يوم الأحد طلب من المؤمنين أن لا ينصرفو ,وقام أخذ المجمرة(الشورية)وهى متقدة ناراً وقلبها مع بخورها فى كُم جِلِبِيِتِه وكُم زوجته.وطافا البيعة (الكنيسة)كلها أمام المؤمنين دون أن يحترق [32].

-وبعيد عن ما تُقدمه القصة من مُعجزة وقداسة على يد البابا ديمتريوس الكرام.إلا إن ما يهُم هُنا شئ هام قد ورد فى تِلك القصة وهو"بعد إنتهاء القداس يطلب البابا أن لا ينصرفوا"وايضاً القول"إن البابا أخذ مجمرة مُتقدة ناراً"ففى هذا دليل على الإستخدام الكنسى للبخور فى القداس الإلهى,وإتقاد البخور دليل على إن هذا البخور كان مُشتغل لخدمة القداس,وفى هذا دليل قديم على إستخدام البخور فى الليتورجية.


-وهُناك إشارة هامة فى كتاب"تعاليم الرسل"[33].ويوضح إستخدام البخور  فى الكنيسة فى أوقاتهَ المُعِينة,وفيه ينُص على أنه كان الأسقف يُبخر فى الهيكل بنفسه أما الكاهن فيبخر البيعة-اى الكنيسة.[34]وإذا تأملنا فى هذا الأمر فإننا نِجد إن الأب الأسقف يُبخر للسيد المسيح ثلاث مرات فى المذبح ثم يُعطى المجمرة للأب الكاهن ليُبخر الكنيسة-أى الشعب-وأثناء تسليم الأسقف للكاهن المجمرة أو العكس .يقول الشخص الذى يعطى المجمرة للأخر"أسالك يا أبى أن تذكرنى فى صلاتك".

-ففى تبخير الكاهن للشعب والكنيسة دليل على ما قيل سابقاً إن هذا إشتراك الكاهن فى صلوات الشعب بإصعاد صلواته وصلواتهم كبخور إلى الرب,وفى طلب الكاهن"الذكر فى الصلاة"دليل على إن البخور هو أمر يختص بالصلاة للرب فقط.



إلى هُنا أعاننا الرب
مينا فوزى

[1] ترفُض بعض الكنائس الإنجيلية الصور والأيقونات, كما هو وراد فى كتاب "مدخل إلى الكنائس الإنجيلية ولاهوتها \للدكتور القس عيسى دياب.ص271ومابعدها.
 [2] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص615.
[3] انظر القمص اثناسيوس المقارى, -معجم المصطلحات الكنسية-الجزءالأول,ص207.
[4] انظر الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد-الجزء الخامس-ص318,317.
[5] انظر كتاب هل نحن نعبد الأصنام فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.ترقيم(12) البخور,للمطران الأنبا بيشوى.
 [6] تفسير القمص تادرس يعقوب لسفر الرؤيا ص74.
[7] المرجع السابق.
[8] انظر كتاب هل نحن نعبد الأصنام فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.(12)البخور,للمطران الأنبا بيشوى,ص11.
[9] انظر كتاب هل نحن نعبد الأصنام فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.(12)البخور,للمطران الأنبا بيشوى.ص11.
[10] معجم المصطلحات الكنسية,الجزء الأول ص209.
[11] أنظر الآب يوحنا الدمشقى,عقائدنا المسيحية ص374.
[12] تفسير سفر الرؤيا للقمص تادرس يعقوب ملطى,ص102,101.
[13] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص583.
[14] الآنبا ابيفانيوس أسقف دير ابو مقار -تفسير سفر الخروج,ص452-453.
[15] راجع تفسير القمص تادرس يعقوب ,إذا يقول:ـ[  كان في القديم فكرة سائدة بين الوثنيّين أن الآلهة اعتادوا افتقاد البشر في شكل بشري. وُجد اعتقاد راسخ بين هؤلاء الناس بأن زفس (جوبتر) وهرمس Mercury ظهرا مرّة في فريجيّة لزوجين يدعيان].
[16] المرابى11:3.
[17] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص584
[18] كنيسى الأرثوذكسية ما أجملك,الجزء الثانى.القس بيشوى حلمى ومراجعة الآنبا بيشوى والآنبا موسى,ص126.
[19] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص584
[20] البابا غريغوريوس الكبير( الرساله9:9).
[21] الآنبا ابيفانيوس أسقف دير ابو مقار تفسير سفر الخروج,ص457.
[22] ربما يكون هناك أمور مدونة لم تصلنا بعد,وربما فى المستقبل تثمر الإكتشافات على شئ يخص البخور فى الكنيسة الآولى.
[23] الكلمة العبرانية هيا"ليبوناة"واللفظ اليونانى قريب منها وهو"ليبانو"أى اللبان,والبخور هو تركيب من لبان وصمغ وبعض العطور.
[23] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص615.
[23] المرجع السابق.
[24] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص615.
[25] المرجع السابق.
[26] ليس معنى سر إنه أمر غير معروف أو شئ غامض أو شئ غير منظور بل إن التعليم الآرثوذكسى حول كلمة سر هو أمر لا يُمكن إدراكه بالعقل,[أنظر العظة ال13للقديس يوحنا فم الذهب على رومية25:11-المركز الآرثوذكسى للدراسات الآبائية الرسالة إلى روميةتفسير القديس يوحنا ذهبى الفم –الجزء الثالث-ص210.].والسر هو عمل من أعمال الله الفائقة التى كانت مخفيةعنده,ثم أعلنها وهى التى لا تخضع للعقل[شرح الرسالة إلى رومية –الآب متى المسكين ص501.].
[27] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص616.
[28] المرجع السابق ,ص615.
[29] عقائدنا المسيحية الآرثوذكسية مراجعة الآنبا بيشوى,والآنبا موسى,والآنبا متاؤس ص377.
[30] مقدمات فى علم اللاهوت الطقسى للقمص إشعياء عبد السيد,ترقيم(39)إعتراضات على إستعمال البخور
[31] البطريرك الثانى عشر على الكرسى السكندرى(191-224).
.[32] أنظر إيريس حبيب المصرى فى كتابها قصة الكنيسة القبطية,وهى تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية المصرية التى أسسها مارمرقس البشير-الكتاب الأول-ص49. راجع قاموس أباء الكنيسة وقدسيها للقمص تادرس يعقوب ملطى .وايضاً تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا ص23.
[33] وهو كتاب يعود للقرن الرابع ولكنه يحتوى على جزء هام من مدونات القرن الثانى والمنسوب ليهود الإسكندرية المتنصريين.
[34] عقائدنا المسيحة الآرثوذكسية مراجعة اللآنبا بيشوى,والآنبا موسى,والآنبا متاؤس ص377.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق