2024/07/16

لاهوت اللوغوس عند كليمنت الاسكندرى(نظرية المرحلة المزدوجة)[الثالوث قبل نيقية](ج1)



النظرية ذات المرحلتين" double stage theory".

اللوغوس الباطنى LOGOS ENDIATHETOS واللوغوس المنطوق LOGOS PROPHORIKOS.



وبحلول القرن الثانى كانت مسألة علاقة الابن اللوغوس بالله الاب، قبل الخلق من اكثر المسائل اللاهوتية التى شغلت الكثير من اباء الكنيسة، والسؤال الدائم الموجه للكنيسة حول [ماهية اللوغوس فى لاهوته-فى جوهره-  من ناحية ومن ناحية اخرى، ماهية اللوغوس كأداة فى الخلق،وعمله فى الخليقة] [1]
  • اذ نقرأ فى مقدمة يوحنا "كان الكلمة فى البدء" وأيضاً "كان الكلمة عند الله"، و"كل شئ به كان" فتم إثارة العديد من الأسئلة للاباء المدافعين [متى كانت البداية؟، وهل تزامنت مع الخلق فى بداية الزمان، ام انها تعبر عن ولادة أبدية؟، وان كان الكلمة هو أداة فى الخلق، فماذا كان(كينونته قبل الخلق وقبل بدء الزمان؟)[2]
  • لذا نجد إن الأدب الدفاعى Apologetical  literatureفى ردوده على تلك الاسئلة تبنى نظرية المرحلتينtwofold stage theory, (لوجود اللوغوس الأزلى). فحسب الاباء المدافعين كان "  اللوغوس"  مولود من الله الاب، وذلك قبل الخلق،لان اللوغوس هو "فكر الله الجوهرى". [3]
  • هذا الميلاد الأزلى للإبن أطلقوا عليه " LOGOS ENDIATHETOS" ويقصد به "اللوغوس الباطن"او"الكامن فى الله، بينما المرحلة الثانية وهى مرحلة مسيرة"الله اللوغوس" نحو الخليقة،ويطلق عليها" LOGOS. PROPHORIKOS" اى "اللوغوس المنطوق"او "اللوغوس الظاهر"[4]
  • المرحلة الاولى" LOGOS ENDIATHETOS" يُقصد بها مرحلة الميلاد الأزلى، وصيرورته فى حضن الاب،  بينما المرحلة الثانية " LOGOS PROPHORIKOS"يقصد بها مسيرة الله واتجاهه نحو الخليقة،وعمل الخلق،وفيها اصبح "اللوغوس"منطوق وظاهر.
  • فكرة وجود مرحلتين للوجود اللوغوس هى فكرة اقتبسها كليمنت  من فيلو[5] ، وقد نادى بها ايضا ارسطو وافلاطون للتميز بين الكلمة المنطوقة والفكرالكامن[6] ، كما انها فكره منتشرة بصورة كبيرة بين الاباء المدافعين وفى الادب الدفاعى بصورة كبيرة جدا. [7]
  • ويعتبر ق.اغناطيوس الانطاكى اول (شخص مسيحى)  طور هذه الفكرة لتلائم الحديث عن اللوغوس وعلاقته بالله الاب اذ يقول: " بعد ان كان بداخل الله كلمته فى أحشائه، ولده ،واخرجه مع حكمته قبل كل شئ[8]...وكان يعينه فى خلق الاشياء.فبه خلق كل الاشياء،وهو يدعى المبدأ الحاكم ἁρκή,ولانه هو رب الخليقة والمبدأ الحاكم والحكمة وقوة العلى نزل على الانبياء وتحدث من خلالهم عن الخلق...فهو حكمة الله وكلمته المقدسة His holy Wordالتى كانت حاضرة دوماً معه،لذلك يقول سليمان"عندما اسست السموات كنت هناك,وعندما حددت الارض كنت معه  صانعاً(امثال8)[8]، وايضا نفس الفكرة نجدها عند ترتليان[9]
  • كانت هذه النظرية رواقية بالاساس[10]، وهى نظرية تقوم على الثنائية والفصل،ولكن طور المدافعون هذه النظرية دون اى فصل او ثنائية، فالتميز عندهم قائم حول شخص "اللوغوس الالهى الواحد فقط",وذلك عكس مافهم الرواقيون وكان كليمنت متأثراً بهذه النظرية جداً،فنراه متفق مع الاباء المدافعين فيما يخص نظرية المرحلتين،اذ يقول:" لقد كان الكلمة عِلة الخلق προελθών (مصطلح تقعنى استخدمه الاباء المدافعين للتعبير عن عمليه الولادة)،ثم ولد نفسه عندما –صار الكلمة جسداً-لكى ما نراه][11]
  • كما يقول كليمنت "فالكلمة-اى المسيح-هو سبب (علة αἴτιος) [12] وجودنا منذ القدم،لأنه فى الله ἦν γὰρ ἐν θεῷ, وهومصدر وجودنا ... فهذا الكلمة هو وحده إله وإنسان (θεός τε καὶ ἄνθρωπος) مصدر كل صلاح، ظهر فى الأزمنة الاخيرة، فبعد ان  نتعلم منه...يجذبنا الى الحياة الابدية...وكانت هذه ترنيمتنا الجديدة ان الكلمة اظهر ذاك الذى كان من البدء قبل الوجود ἐν ἀρχῇ  ...فمن كان عند الله ἦν πρὸς τὸν θεόν  قد ظهر   كمعلمδιδάσκαλος  لنا.فالكلمة هو الخالق (δεδημιούργη غير المخلوق) والكائن من البدءἐν ἀρχῇ وهبنا χορηγήσῃ الحياة...وعلمنا كيف نحيا حسناً ،فهو كإله يمدنا بالحياة التى لاتنتهى."  [13]
  • وهنا يفهم ان الكلمة الإلهى،علة الخلق(الأزلى) فى المرحلة الأولى، قبل الخلق (عندما كان كائن قبل الزمان، حيث كان قائم ف حضن الاب)، وفى المرحلة الثانية(تم الخلق)وايضاً(تم التجسد)،وحسب كليمنت لايمكن ان نميز بين  الكلمة الازلى،والكلمة المتجسد،فالكلمة الأزلى هو هو الكلمة الذى أخذ جسد فى ملء الزمان،الذى كان عند/ فى الله،وكليمنت هنا مثله مثل باقى الاباء المدافعين ، يربط الكلمة "بالخلق"، كما يربطها "بوحدته الكائنة مع الله الاب".  [14]
  • ففى نظرية المرحلة المزدوجة، نجد الكلمة فى مرحلته الاولى من الوجود كان مماثل لعقل الله (العقل المطلق حسب كليمنت هو الله الاب) الذى يحتوى على  افكاره، والمرحلة الثانية هى (خروجه )من العقل الالهى(ولادته من الاب) ليصبح كائن متميزاً(الاقنوم الثانى) خالق الكون،[اللوغوس الذى فى الاب، ثم وُلد من الاب]يرى  البعض ان هذه النظرية   تنادى بوجود لوغوسين مختلفين الاول عند الاب والثانى ظهر للوجود، وبالتالى فهو كائن مخلوق فى مرحلة ما ،حتى لو كان خلقه هذا قبل وخارج الزمن. وكانت لسوء فهم هذه النظرية دور كبير فى ظهور فكرة التبعية Subordinationism.

المراجع

-------------

[1]Henny Fisk ưa H ưagg , Henny Fiskå. Hägg, Clement of Alexandria and the Beginnings of Christian Apophaticism, Oxford Early Christian Studies (Oxford: Oxford University Press, 2006), 186

[2]Henny Fiskγ ưa Hγ ưagg , Hägg, 186.

[3]Henny Fiskγ ưa Hγ ưagg , Hägg,187

[4]Adam Kamesar, "The Logos Endiathetos and the Logos Prophorikos in Allegorical Interpretation: Philo and the D-Scholia to the Iliad", Greek, Roman and Byzantine Studies. 44, 163.8)4112

[5]Harry Austryn Wolfson, The Philosophy of the Church Fathers. Volume I, Faith, Trinity, Incarnation, 2nd rev. ed (Cambridge, Mass: Harvard University Press, 1964), 210.

[6]Henny Fiskγ ưa Hγ ưagg و Hägg, Clement of Alexandria and the Beginnings of Christian Apophaticism.186

[7]Henny Fiskγ ưa Hγ ưagg , Hägg,187

[8]then, having His own Word internal within His own bowels, begot Him, emitting Him along with His own wisdom before all things

[9]Theophilus , Robert M. Grant, Ad Autolycum, Oxford Early Christian Texts (Oxford: Clarendon Press, 1970).2:10

 [10]Tertullian , Giuseppe Scarpat, Adversus Praxean, Bibioteca Loescheriana (Torino: Loescher, 1959).5-6

[11]االرواقية  لفظ يطلق على المدرسة الفلسفية الكبيرة التى أنشاها "زينون" فى اثينا(3ق.م)والاسم يرجع الى "الرواق المنقوش"الذى كان تقى فيه المحاضرات،للمزيد راجع:-دعثمان آمين،الفلسفة الرواقية،ط1(القاهرة،غ.م،1945)7

[12]Clement , John Ferguson, Stromateis, Fathers of the Church (Washington, D.C.: Catholic University of America Press, 1991).5:12

[13]استخدم اباء الكنيسة فيما بعد هذه الكلمة للتعبير عن العلاقة الثالوثية الداتخليية فيما بين الاب والابن باعتبار ان الاب هو العلة والمصدر الوحيد للألوهة

[14]Clement ,Miroslav Marcovich, Paedagogas, Supplements to Vigiliae Christianae (Leiden: E.J. Brill, 1995), 7:1:3

[15]Henny Fiskγ ưa Hγ ưagg Clement of Alexandria and the Beginnings of Christian Apophaticism, Oxford Early Christian Studies (Oxford: Oxford University Press, 2006), 193