2015/10/14

الإفخارستيا سِر الإتحاد بالرب.(حسب فكر الأباء).



  • لقد حان الوقت الذى ننتبه فيه لأهمية الإفخارستيا فى نُصرتنا على الموت,الموت بشقيه الجسدى والروحى, فقديماً جِلِبَ داود الموت  والهلاك لشعبه حينما تفاخر بتعداد شعبه فضربهم الرب بالوباء.فتم القضاء على الكثير منهم.حتى قِدمَ داود ذبيحة للرب, لِيكُف الوباء والموت عن الشعب.فكانت النُصرة على الوباء,بل إنها النُصرة على الموت(راجع 2صم24).
  • فإن كُنا نِعيش فى الفساد والإضمحلال الذى سببته لنا الخطية,إذا نحنُ مائتين لان الخطية هي إنفصال عن الله مصدر الحياة,فكُنا فى حاجة لذبيحة تُنهى الموت الذى تملك علينا .أو يتم الإتصال بالرب ليمِدُنا  بالحياة التى تقضى على الموت.
  • لذا كان لابُد أن يتم الإتصال بالرب لكى ما تنتهى فترة موتنا و إنفصالُنا,لهذا توجب على الله,أو قول تفِضَّل الله علينا وتِجِسدَ ,لكى ما يُعيد الإتصال-الإتحاد-مرة أخرى.لذلك .فنحن بهذا الاتحاد بـ| فى الإفخارستيا ننال الغلبة على الموت,إذ إنه فى كل مرة نتناول من جسد الرب ودمه نموت عن خطاينا ونتخلص من الفساد[1]
  • ولهذا يقول ق.كيرلس الكبير:إن الرب قد ابتكر طريقة لتتم بها هذه الوحدة فإنه بواسطة  جسده .ومن خلال سر الإفخارستيا.بارك أولئك الذين يؤمنون به وجعلهم من الجسد نفسه.معه[2] .
  • وهُنا فى العهد الجديد لابُد أن نُشير إلى أهمية الذبيحة التى قدمها الرب لنا.لتحقيق نُصِرتنا على الموت.لقد قدم الرب جسده ودمه لنا,قدمهم من أجل الثبات فيه والإتحاد به,وبحسب تعليم ق.كيرلس الكبير فهذا هو سِر الخلاص,وبه تحِققت البشرية من خلاصُها عن طريق الإتحاد بالرب[3]. وفى سياقٍ مُتصل قال ق.أثناسيوس:[ لأننا حينما نتناول نحن جميعاً منه,  نصير جميعاً جسداً واحداً.إذ يكون الرب الواحد فينا ونحن نتأله ليس بأشتراكنا فى جسد إنسانِ ما. بل بتناولنا من جسد الكلمة نفسه][4].
  • وعليه فإن كُنا نتحد[5] بالرب ,مصدر الحياة ومُعطيها,فإننا نأخذ منه,و يِسْكِب فينا روحه القدس التى تُنمينا فى الإيمان والمحبة.وتُجدد النفس والروح.إنها مُشاركة السعادة الأبدية,وكما نقول فى القداس الإلهى"مشاركة سعادة الحياة الأبدية,وعدم الفسادة وغفراناً للخطايا" [6].
  • فإنسكاب الروح فينا تم بواسطة السيدالمسيح نفسه حينما تِجِسدَ,بل إن هذا السكيب هو نتيجة للإتحاد بالرب, لقد صار السر الذى فى المسيح بداية,وطريق نشترك بواستطه فى الروح القدوس والاتحاد مع بعضنا البعض...فالابن الوحيد بحكمته الذاتية وبمشورة الآب قد ابتكر طريقة لتتم بها هذه الوحدة بواسطة الجسدٍ الواحد.الذى هو جسده ومن خلاله يُبارك أوللئك الذين يؤمنون به ويجعلنا من الجسد نفسه.معه ومع بعضنا البعض.فمن يستطيع أن يُقِسْم أولئك الذين ارتبطوا معاً بواسطة جسده.فإننا نصير كلنا جسداً واحداً لآن المسيح لا يمكن أن ينقسم[7].

  • لذلك فالإفخارستيا هي الخروج من هذا الجسد,ومن هذا العالم.من أجل الدخول والخوض فى أسرار السماء.لهذا تأخذ الإفخارستيا الكنيسة فى رحلة لعالمٍ أخر.عالمٍ أشبه بالسر,سر المسيح[!].بل إن الإفخارستيا هى العالم الأخر الذى يدخل فى الكنيسة وتدخل فيه الكنيسة.فالإفخارستيا هى سر المسيح,وفى شخص المسيح تنحصر الأسختولوجيا كلها.فلقيامَّتِه سَّمة المجئ الثانى.بل هو نفسه الملكوت السماوى.لهذا كل من هو فى المسيح هو فى السماوات[8].
  • ولهذا فإيمان الكنيسة قائم بالأساس على الإفخارستيا والشركة فيه.فالكنيسة فى جسد المسيح تعيش مُبِررة والمفديون بدمه صاروا أعضاء فى جسده الذى و ُلدوا منه وله بالمعمودية,وبالافخارستيا صاروا معه وفيه دائماً على الأرض كما فى السماء"أقامنا معه وأجلسنا معه فى السماويات"(أف6:2)[9].
  • وفى ضوء ما سبق نقدر أن نفهم ما قيل فى القداس الكيرلسى:ـ"لكى يكون لنا نحن المتناولين منهما,إيماناً ..ومحبة..صبراً كاملاً,ورجاء ثابتاً"[10].فالإيمان قد تِحقق بإتحادنا [التناول من]وتحديقُنا فى رئيس الإيمان ومُكمله(عب2:12),وبهذا الإتحاد نمتلئ بالمحبة التى هى الله.وفى هذا الملئ ,نمتلئ بالرجاء والصبر,لإن الإفخارستيا كما يقول الآب الكسندر شميمن :إنها دخول الكنيسة إلى فرح سيدها.إنها دعوة الكنيسةالأساسيةللدخول إلى هذا الفرح[11].فكيف نكون فى محضر الملك المسيح[القداس]ولا نمتلئ بالرجاء؟.

 إهداء إلى روح أبونا يعقوب جبرة-ذكرة الأربعين
بقلم:مينا فوزى




[1] الإفخارستيا سر الحياة. وتأليف الدكتور مارك شنودة,و مراجعة الأنبا رافائيل, ص349
[2] شرح انجيل يوحنا .للقديس كيرلس عمود الدين,مؤسسة انطونيوس, ص407 .
 [3] راجع تفسير إنجيل يوحنا. ق.كيرلس السكندرى.ك11.فصل12.

[4] ضد الأريوسيين22:3 .
 [5] فحسب فِكر الأباء فال خلاص يتم عن طريق الإتحاد بالرب,وهذا ما قاله ق.كيرلس ,بينما ق.أثناسيو فكان غاية وهدف التجسد هو التأله للخلاص.
 [6] القداس الكيرلسى,إعداد القس أمونيوس ميخائيل,ومراجعة الأنبا أرسانيوس.ص25
 [7] شرح انجيل يوحنا .للقديس كيرلس عمود الدين,مؤسسة انطونيوس, ص407 .

[8] بتصريف من كتاب اللاهوت المسيحى والانسان المعاصر,للأب سليم باسترس, جـ3,ص200.
 [9] الأفخارستيا عشاء الرب,للأب متى المسكين.ص189.

[10] القداس الكيرلسى,إعداد القس أمونيوس ميخائيل,ومراجعة الأنبا أرسانيوس.ص25.


[11] الإفخارستيا رحلة إلى الملكوت,الآب الكسندر شميمن.ترجمة الدكتور جرجس كامل.ص9.