2015/05/15

لن تصيروا الهة إن لم تِصِيغوا لاهوتكم







  • طِلب منى أحد الأصدقاء أثناء حوارنا حول موضوع"تأليه الإنسان"أن أقوم بإستبدال لفظة"التأله"إلى لفظ يكون أقل وطاءةٍ على أذان القارئ المسيحى,ولا سِيم إن هذا اللفظ ليس باللفظ المتدوال ولا هو بسيط على أذان الشرقيين.وكانت الكلمة التى يشاء أن نِستخدمها هيا"الإتحاد بالله".
  • وأنا شخصياً و رِغم إيمانى بإن هذا المصطلح هو مُصطلح أبائى ,مُستخدم منذ القرون الأولى,وهو مُصطلح عِذب النطق عِند أباء الكنيسة منذ تأسيسها ,وهذا ما أكده القمص تادرس يعقوب ملطى إذا يقول:ـ[قد جاء اللاهوت الشرقى فى القرون الأولى ملخصاً فى العبارة المشهورة التى كررها كثير من الآباء وإن كان باسلوب مختلف:"صار الله إنساناً,لكى يصير الإنسان إلهاً"][1].
  • ورغم إيمانى هذا إلا إننى لا مانع لدىَ مِن إستبدال هذا المصطلح بمصطلح بديل يسهُل فِهمه  على الشخص المسيحى مهما كانت خلفيته وثقافته التى تؤهله لذلك.فإن كان بولس مُستعد أن يمتنع عن نوع مُعين من الطعام,فهل أنا بعد ذلك أرفض الإمتناع من إستخدام مصطلح قد يُعِثر أخى؟(كورنثوس الاولى13:8).
  • فما المنفعة يا أخوتى إن كُنا نِستِخدم مُصطلح أبائى وسليم,وفى إياه نُعثِر الأخريين؟, فإننا نُمسك بالحرف الذى يِقتُل ونِقتِل به ,ونتحول من مجوعة مُتمسكة بِفِكر الآباء إلى مجموعة من القتلى,وسفاحيين الآباء[2].
  • أين التأله-الإتحاد بالله- فى إعِثَارى للأخريين؟,إن كان فِكر الآباء الذى نتمسك به هو أن نصير بالنعمة ألهة,وأن نُشابه الله,فأين هذا المصطلح من أفعالنا؟أخشى أن نكون قد أصبحنا مُرائيين للأباء.فمن ناحية نِتمسك بكلماتهم ومن ناحية أخرى نرفض فِكرهم,ونتحول إلى جُهلاء حرفيين نُدافع  عن "حِرف".لِيتنا نُدافع عن الروح والحياة بدل من الحرف.فالروح يُحيى(كورنثوس الثانية6:3).لإن تمسُكنا بالحرف يضعنا تحت الدينونة لإننا لم نسلك بالروح(رومية1:8).
  • لن نصير"ألهة"ولن "نِتحد بالله"إن لم نحترم مشاعر وأفكار الأخريين دون تكفيرهم,فأساس التأله هو"المحبة"وأساس"الإتحاد"هو الحب,فأين الحب والمحبة التى تؤهلك إلى رغبتك؟.
  • إن كُنا نشاء "التأله"لِيتنا نِسلُك كما يِسلُك "الإله",أقصد إله المسيحيين المُحِب,ليتنا نِسلُك مِسلكه,لِنِتشبه به إنها دعوةالمسيحية على لسان بولس{ليكونوا مشابهيين ايقونة ابنه}
} (رومية29:8).εἰκόνος τοῦ Υἱοῦ αὐτοῦ}      
  • إن كُنا نبحث عن"التأله"ليتنا نتشبه به,ليتنا نتجنب الخلاف على المصطلحات ونعيش مصطلحنا الخاص,سواء "تأله"او"إتحاد"او"شركاء",عيش بمصطلحك الخاص أفضل من الجدال حول أى منهم هو الصحيح والأبائى وأى منهم الخاطئ.
  • إنها دعوة الإنسان العُليا هيا أن يصيغ مُصطلحه الذى يُفضله ويعيش به,لا دعوة شجار وخناق,فليس هذا من الإنجيل(راجع كورنثوس الآولى الإصحاح الآول),ومهما كان المُصطلح الذى سنستخدمه,فهو مصطلح نابع من عمل النعمة فى داخل الإنسان.
  • وفى صياغتنا المُفضلة يتضح صياغة جديدة وهيا "صياغة للاهوت كُل مِننا",فإن كانت العقيدة ثابتة فـ"اللاهوت"مُتغير من إنسان إلى أخر.ففيه قدر من الإجتهاد البشرى المُباح ولكن دون أى تعارض مع "العقيدة".
  • ليتنا نُصيغ "مُصطلحنا"ونصيغ"لاهوتنا"ففى هذا راحة للجميع,فإن كان لاهوتك الشخصى هو"التأله"فعيش به,وإن كان لاهوتك الشخصى هو"الإتحاد"فإجتهد فيه,فالأباء لم يُجبرونا على مُصطلح مُعين,ولكنهم يُرشدوننا إلى "روح الإنجيل"وروح الإنجيل تِتِلِخص فى قوله"شركاء الطبيعة الآلهية"(2بط4:1)
                             .Θείας κοινωνοί φύσεως             
  •  ,فيكون النص بأكثر (Τήςوإذا تأملنا النص اليونانى سنجده يخلو من أداة التعريف),تدقيق هو"شركاء طبيعة إلهية"[3].فالمقصود ليس "طبيعة الجوهر"بل طبيعة الآبن الوحيد,وإن كان  لنا إيمان إن"طبيعة المسيح"قائمة بالأساس على"طبيعتين" الإلهية والإنسانية[4],وإن الطبيعة البشرية"تأقنمت"-اى تشخصنت-فى اللاهوت,اى صار لها أقنوم متحد باللاهوت.فيكون القصد هو"شركاء طبيعة الإبن الكلمة المُتجسد".
  • لِيتنا نِعيش بالمحبة والتفاهم ونبتعد عن "غشومية"التعصب وأن تتحول  القضايا اللاهوتية  عِند البالغيين والمُخلصيين والفاهمين إلى عبادة بالروح والحق كى لا تكون جدل عقيم....



مينا فوزى
sargious






[1] من تفسير وتأملات الآباء الآوليين لسفر التكوين,القمص تادرس يعقوب ملطى ص54.راجع أيضاً كتاب"تجسد الكلمة لـ" البابا أثناسيوس الرسولى" ص 173 وفى الهامش رقم 5 يتكلم عن التأله كعبارة مشهورة  عند أباء الكنيسة مثل" ايرينأوس وأثناسيوس وكيرلس وغريغوريوس النيسى وغريغوريوس النزينزى و استخدمها اثناسيوس عشرة مرات فى كتاباته الاخرى وفى سيرة الا نبت انطونيوس .
 [2]وليس معنى هذا إننى أرفض الفكر الآبائى.بل انا مؤمن بفكر الآباء ومُتمسك به,ولكن لو هُناك مصطلح بديل ومساوى لنفس المعنى فلماذا لا استخدمه واُريح احشاء اخى؟,وأحاول أن يكون هذا جِسر لِبداء الحوار لنفهم بعضنا البعض؟؟.

[3] راجع مقال "ِشركاء الطبيعة الآلهية"للأب الدكتور أثناسيوس اسحق حنين.


[4] بحسب تعبير القديس كيرلس الكبير فنحن لا نتحدث عن طبيعتين من بعد الإتحاد.راجع حرمات القديس كيرلس الكبير الاثنا عشر ضد نسطور,ص109من كتاب "قوانين المجامع المسكونية وخلاصة قوانين المجامع المكانية"للاب اثناسيوس المقارى.