-لقد بلغ بنا السخف إذا
ننشئ ألهة غير موجودة ونؤمن بوجودها ولكننا لا نعبدها لقد بلغ السخف مبلغه إذا نطلق
على الخطية وصف[الغير محدود ]ونرفض أن نقول على الإنسان إلهٍ مع إننا لم نكن نقصد
انه يصبح غير محدود او مثل الله.
-ترى اى سخفٍ اكثر من
هذا أن نصف الخطية بما يتصف به الله وحده؟.فكيف لنا أن نُنِشئ إلهٍ يُضاهى ويُزاحم الله
فى حيزه الغير محدود؟ فإن كان القصد هو إن الخطية موجه إلى الله,وبالتالى هيا غير
محدودة.فحينها نتسأل وكيف للإنسان أن
يُنتج شئ غير محدود لا يتناسب مع طبيعته المحدودة؟.
-يُمكننا ان نقول إن
[حُب الله,ونعمته,رحمته..]غير محدودة,فإننا بذلك نصف قدرة الله على الحب وإعطاء
النعمة بإنها غير محدودة لإنها تنتُج من كيان غير محدود وبالتالى فكل ما يخرج من
الله[كهباتِ]هيا غير محدودة.وإن أردنا ان ننسب للخطية صفة[اللامحدودية]فعلينا ان
ننسبها لله فقط.وحاشاه..
-حينما قال بولس لا
يوجد وثن فى العالم فهو لا ينفى حقيقة قائمة وهيا وجود الاوثان وعبادتها!بل هو ينفى
اعترافه بهذا الوثن[كشئ يعبده]وإلا مِن مِنا يقدر أن ينفى تلك العبادة فى عالمنا
الحالى؟حقيقة لا يقدر أحد أن ينفيها كحقيقة قائمة ولكن الامر يتعلق بهل نحن نقبل
تلك الاوثان ام لا؟
ففى قولنا ان الخطية
غير محدود تاكيد على وجود إله اسمه الخطية ونعلن انه شئ مسلم به له مكان غير محدود,يُزاحم
به الله ذاته.فكيف لنا أن نخلق إله مع إلهنا ولا نعبده؟ألا نجد فى المطوب بولس أى مثال؟..فعلينا الآن أن نُدرك ونعى تماماً معنى"الخطية"ونتائجها على
طبيعتنا البشرية.
-لذا لابد أن نفهم نص سفر التكوين الذى يقول[يوم تأكل منها
موتاً تموت][17:2]. فلابد هُنا أن نوضح ما يقصده الله,وما قاله الشيطان عن هذا
الموت.فإبليس يقول[لا لن تموتا][تكوين4:3],والله يقول [موتاً تموت][17:2] فالله
يتكلم عن[الموت الروحى],ولكن الشيطان يتكلم عن [الموت الجسدى].فيؤكد القديس
أثناسيوس هذا قائلاً:ـ[وموتاً تموت لاتعنى بالقطع مجرد الموت فقط,بل البقاء فى فساد
الموت إلى الآبد] [تجسد
الكلمة5:3]
-وحقيقة لقد
أدار إبليس النقاش ببراعةٍ فائقةٍ,فقد شكك
أبوينا فى حقيقةٍ قالها الله,عن طريق نفى شئ لم يتلفظ به الله وهو الموت الجسدى.
وهُنام يعوزنى أن
أتحدث عن[الخطية]كأمر واقع وحادث,وأحاول أن أجد لها شرح ,ولن أجد سوى إن الخطية لم
تكن يوماً[ تعدى على الله]-لم يُضير الله فى شئ-بل الخطية إنفصال,وهذا ما كان
يقصده الله حينما قال[موتاً تموت].
-فالله ينصح أدم أن
لا تأكل كى لا تًصاب طبيعتك بالفساد,أى فساد الخطية وحينها لن تقدر أن تتواجد فى
محضرى,فـ[محضرى ]لاتقدر الخطية على بهائه.إحذر يا أدم فإن لم تسمع كلامى فهناك تدشين لهيكل
الخطية فى قلبك. فإن فهمنا وأدركنا المعنى الجوهرى للخطية,وأيقنا إنها إنفصال عن
الله,فحينها فقط نقدر أن نفهم القصد من التجسد[!]وهذا ما ستكشفه لنا السطور
القادمة..
-وإن قوبل هذا
التعريف –للخطية-بالرفض,فهذا يحول قول الله إلى[هُراء],فإن الله لا يُنفذ ما
يقوله[!]ولكن إذا فهمنا إن الخطية هيا[إنفصال عن الله],وهذا ما نقول إنه الموت
الروحى,وهذا ما قد تِم عِقب مخالفة الوصية.
-فهذا الإنفصال الذى
قد تِم بين الله والإنسان قد أتمه الإنسان بكامل إرادته وصدق القديس غريغوريوس إذ
قال:ـ [اكلت بإرادتي. ],فالإنسان
هو الوحيد المُتحكم فى إرادته ولم يجبره أحد على مخالفه وصية الرب.
-فهذا التصرف الأدمى
ما هو إلا رغبة فى الإنفصال عن الله,وكان الله مُتفهم حُرية الإنسان التى منحه
إياها ,وما كان منه سوى ترك الإنسان لحُريته.
-وماذا يفعل الإنسان
بتِلك الحُرية التى تُحرضه على التمادى فى الخطأ؟.وبداخله شئ يدفعه[أيقونته
الإلهية] دائماً-بعد الإنفصال-إلى العودة لله مرة أخرى ليُحقق الإتحاد,فكان
الإنسان بين فكى الرحى.تأئهٍ وحائرٍ بين
حِلم العودة وبين طبيعته الغير قادرة التى أصابها العث[!].
-وبعد تلك النقطة.وحينها
فقط نقدر أن نقول إن الإنسان من ذاته ولطبيعته المشوة بالخطية ,غير قادر أن يتطلع
إلى الأنوار الإلهية.
وكان هُنا دور الله أن
لا يقف موقف المتفرج أمام محاولات الإنسان
الفاشلة للعودة إليه,وكان على الله أن ينظر لضعف البشرية ويبداء هو بالمبادرة,فهو
يُدرك ضعف الطبيعة البشرية [ تجسد الكلمة1:11],فكان على الله أن يقوم بنفسه ويُزيل
حائط السياج القائم بينه و بيننا (اف14:2).
-فلا بد أن يتم تصحيح
وإعادة إنتاج طبيعة جديدة[يدعوها بولس بالخليقة الجديدة(2كو17:5)]بدل من الطبيعة
التى فسدت وهذا الموت الذى تملك عليهنا . فأشفق [الله]على ضفعنا وتراءف علينا[تجسد
الكلمة8:2].ونحن لا ننتظر من الله سوى أن يشفق ويتحنن ..
-وهذا الإشفاق الإلهى
على حالتنا هو بالأساس [تطهير وتجديدالطبيعة الإنسانية],وهذا من أهم عشرة أسباب
وضعها القديس أثناسيوس غايةٍ وهدفاً للتجسد .فبعد أن يتم تطهير طبيعة البشرية من
الفساد.ٍيكون حلم العود للإتحاد بالله مُتاح.وبشكل تلقائى ,مثل المغناطيس الذى يجتذب بُرادة الحديد فوراً . ولكن
لو كان بين البُرادة ومصدر الجذب عائقٍ او عازلٍ فلا يستطيع المغناطيس ان يجتذبها .
-وان قولنا ان الله
هو شبيه بالمغناطيس [إن صح التشبيه] فالله قادر أن يجذب الآنسان إليه ولكن الإنسان
وضع فاصل وحاجز بينه وبين الله[الخطية],فلم يعد بإمكان الله أن يقتحم حرية الإنسان
ويجتذبه غصباً وعِنوةٍ .بل كل ما على الله فعله هو [إزاله الحاجز ]الذى يوجد بينه
وبين الانسان ...وللانسان حرية الاختيار . فالهدف الاساسى من التجسد هو تطهير وتنقية
وربما ازالة هذا الفساد من تلك الطبيعة ,ونجح الله فى هذا,ومع بقاء الحرية للإنسان
-حرية الاختيار -بين الاتحاد مع الله او ان يظل فى فساده الذى تطهر منه ويعيد الى
نفسه الفساد مرة اخرى.
-يتبع التجسد هدفٍ أخر
لا يقل أهمية عما سبق. وهو التأليه[تجسد الكلمة3:54],فإن كان التجسد هو [إزالة],[ فساد]
و[تطهير],وهذا من ناحية الله,فعلى الإنسان -الذى يشاء أن يتحد بالله -دورٍ هو الاخر و
هو الحفاظ على الطبيعة الجديدة والخليقة الجديدة التى أُعطِيت له من قبل التجسد
الإلهى.
-وحِفاظ الإنسان على
نقاوته. هذا نسميه تأليه اى التشبه بالإله كما يقول الانجيل [كونو كاملين كما ان
اباكم هو كامل ][متى48:5].وفى تلك الدعوة شئ من الغرابة, اذا نحن متيقنين إننا لا
نقدر أن نُصبح مثل الله مهما حاولنا. ولكن القصد الالهى هو أن [نسير تجاه الله]
وفى [طريق الله] وأن تبلغ خطواتنا التقدم نحو هدفنا الأساسى [ الله] وفى كل مرة
نخطو فيها تتقدس أنفسنا وأروحنا -وفى هذا التقديس نمو روحى- نحو الصورة التى خُلقنا
عليها وهيا صورة الثالوث هذا هو التأله والإتحاد بالله.وهو رغبة
فى الوصول إلى الصورة الحقيقية...
-فإذا فهمنا ما سبق
نقدر أن نفِهم إن الخطية ليست تعدى ,فهيا بالأساس تؤثر على الخاطئ لا على
الله,وإن كانت الخطية تِعدى فهذا التعدى يقع بالأحرى على أيقونتى الإلهية,تعدى على
حريتى ..
-وفى موت المسيح
وقيامته فداء للروح وللجسد.ففداء الروح هو تحريرنا من قبضة إبليس بنزوله
للجحيم,وفداء الجسد من خلال تغير طبيعته الفاسدة إلى طبيعته غير الفاسدة .فإن ابن الله عديم الفساد ألبس الجميع عدم الفساد
بوعد القيامة من الآموات ولم يعد الفساد الفعلى بالموت له أى سلطان على البشر بسبب
الكلمة الذى جاء وسكن بينهم ] [تجسد الكلمة2:9]
ولهذا نقدر أن نقول
إن غاية التجسد والموت والقيامة هو تطهير الخليقة من فسادها ,,إذا كان هذا فحينها قد تم
نقض حائط [الخطية]وتم العودة إلى الأحضنا الإلهية..
تم بنعمة الله
مينا فوزى