2025/02/05

القديس كيرلس الأسكندري، الفصل الخامس من تفسير انجيل القديس يوحنا

 

c2القديس كيرلس الأسكندري،الفصل الخامس في أن الابن لن يستبعد من أن يكون إلها حقيقيا رغم أنه دعا الله الآب الإله الحقيقي وحده المسيح الذي أرسلته".(يو ٢٠١٧) " وهذه هي الحياة الأبدية، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع

-        هو يحدد أن الإيمان هو أم الحياة الأبدية، ويقول إن قوة المعرفة الحقيقية الله ستجعلنا نظل إلى الأبد في حالة عدم فساد، وسعادة، وقداسة، ونحن نقول في المعرفة الحقيقية هي تلك التي لا يمكن أن تنحرف إلى أي شيء آخر، أو تجري وراء أمور غير لائقة لأن البعض قد "عبدوا المخلوق دون الخالق (رو ۲۵:۱)، وقد تجاسروا أن يقولوا للخشب "أنت أبي، وللحجر أنت ولدتني (انظر ار ٢ ٢٧  ) لأن البشر التعساء إنحدروا إلى مثل هذا الجهل المطبق، حتى أنهم أعطوا اسم الله العظيم لقطع الخشب التي لا تشعر، ونسيوا لها المجد الذي لا يعبر عنه الخاص بالطبيعة الإلهية التي هي فوق الكل.

-        إذا ، فإن الرب يدعو الله الآب بالإله الحقيقي وحده بعكس الآلهة الكاذبة. ويقصد أن يميز الإله الحقيقي عن تلك التي تسمى آلهة كذبا، فإن هذا هو هدف كلماته، إذا ، فمن الصواب تماما، أن يتحدث أولاً عن الله أنه واحد وواحد فقط ثم يذكر بعد ذلك مجده الذاتي بقوله " ويسوع المسيح الذي أرسلته : لأنه لا يستطيع أحد، بأي حال، أن يبلغ إلى المعرفة الكاملة للأب إن لم يمسك بالارتباط اللصيق - بمعرفة وليدة أي الابن لأنه من يعرف الآب، لأبد أن يعرف الابن أيضا.

-        إذن فحينما قال إن الأب هو الإله الحقيقي، فهو لم يستبعد نفسه فلكونه في الآب ومن الآب بالطبيعة، يكون هو نفسه أيضا الإله الحقيقي والإله الوحيد مثلما أن الآب هو الإله الوحيد ، لأنه لا يوجد سواه من هو الإله الحقيقي وحده لأن الهة الأمم شياطين (انظر مز ٩٦ ٥). لأن الخليقة مستعبدة، ولا أعرف كيف يعبدون هذه الآلهة، ويغرقون في مثل هذه الحمأة من عدم التفكير والحماقة الشهوانية إذن ففي وسط الآلهة الكثيرة في هذا العالم، التي دعيت آلهة كذبا وزيفا يبرز الإله الحقيقي الوحيد مختلفاً تماماً عنها، والابن أيضا الذي هو بالطبيعة في الأب ومنالأب وهو متميز عن الأب وفي نفس الوقت له الطبيعة نفسها وأقول متميز عنه لأن   الابن المولود من الأب  لان له اقنوهه الخاص لأن الابن هو الابن وليس الأب وأقول أيضا إن له نفس الطبيعة لان الابن المولود من الاب  هو واحد مع   الأب بالطبيعة بدون إنفصال لأن الأب واحد مع الابن، وهو أب ويسمى أب لأنه ولد الابن ..اذن فهو يقول "هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك انت الاله الحقيقى وحدك، ويسوع المسيح الذى أرسلته" وقد يسأل أحد أولئك الذين لا يملون من الاستماع إلى الكتاب المقدس، ويسعون باجتهاد في دراسة التعاليم الإلهية، ويقول: هل نحن نقول إن المعرفة هى الحياة الأبدية، وإن معرفة الإله الحقيقي تكفي لتعطينا أمانا تماما للمستقبل ولن ينقصنا   شيء آخر بعد ذلك؟ إذن كيف يكون الإيمان بدون أعمال ميتة (انظر يع٣٦٢)

-        نحن، حينما نتحدث عن الإيمان فنحن نقصد معرفة الله الحقيقية لأن المعرفة تاتي بواسطة الإيمان، ويشهد لنا إشعياء النبي عن هذا عندما قال: "إن لم تؤمنوا علن تفهموا " (إش ٩٠٧ سبعينية) ونحن نعرف من كتابات الرجال القديسين أن المعرفة التي تتكون من أفكار عقيمة هي غير نافعة بالمرة، لأن أحد التلاميذ القديسين كتب يقول: "أنت تؤمن إن الله واحد، حسنا تفعل، والشياطين يؤمنون ويقشعرون" (يع ١٩:٢). فماذا نقول إذا عن هذا ؟ كيف يتكلم المسيح بالحق حينما يقول إن الحياة الأبدية هي معرفة الله الآب الإله الحقيقي ومعرفة الابن معه أظن إننا ينبعي أن نجيب أن قول المخلص هو صحيح تماما.

-        لأن هذه المعرفة هي حياة، وهي تعمل على توليد معنى السر كله، وتمنحنا إشتراكا في سر الإفخارستيا ، الذي بواسطته نتحد بالكلمة الحي واهب الحياة. وأعتقد أنه لهذا السبب يقول الرسول بولس إن "الأمم شركاء في الجسد وشركاء في المسيح (انظر أف (٦:٣)، لأنهم يشتركون في جسده ودمه المباركين وبهذا المعنى فإن أعضاءنا يمكن أن يقال عنها إنها "أعضاء المسيح (انظر اكو ١٥:٦). إذن فهذه المعرفة التي تُحضر إلينا الإفخارستيا بواسطة الروح، هي حياة لأنها تسكن في قلوبنا ، وتشكل من جديد أولئك الذين يقبلونها إلى البنوة مع المسيح، وتصوغهم ليدخلوا في عدم الفساد وفي التقوى نحو الله، من خلال الحياةحسب الإنجيل

-        إذا ، فلأن ربنا يسوع يعلم أن معرفة الاله الحقيقي الوحيد تاتى الينا بالبركات التي تحدثنا عنها وتوحدنا بها ، لذلك يقول أن هذه المعرفة هي الحياة الابدية، إذ أنها هي أم الحياة الأبدية ومربيتها، إذ أن هذه المعرفة هي في ذاتها وطبيعتها حبلى بتلك الأشياء التي تسبب الحياة وتقود إليها.

-        و اعتقد أنه ينبغي أن نلاحظ بإنتباه، بأية طريقة يقول المسيح أن معرفة الإله الحقيقي الوحيد، تكتمل فينا بكل ملئها لأننا نرى كيف أنها لا يمكن أن توجد بدون معرفة الابن، وواضح أيضا أنها لا يمكن أن توجد بدون الروح القدس، لأن هذه هي طبيعة الإيمان بكل أقانيم الثالوث بحسب الكتاب المقدس، أن اليهود بسيرهم وراء وصايا موسى، رفضوا تعدد الآلهة الكاذبة، وعبدوا الإله الحقيقي الوحيد بإرشاده، وذلك حسب قول الناموس للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبيدة (انظر مت ١٠:٤ ، تث ٦: ١٣) ولكن أولئك الذين لا يزالون يتعلقون بعبادة الإله الحقيقي الوحيد، وهم ليس لهم بعد معرفة كاملة بذاك الذي يعبدونه، يلزمهم أن يعرفوا أن ليس فقط أن خالق كل الأشياء هو واحد ، الذي هو الإله الحقيقي، بل أيضا أنه أب وقد ولد ابنا، بل أكثر من كل ذلك، أن يشخصوا ويتطلعوا بانتباه إليه في صورته التي لا تتغير، الذي هو الابن. لأن عن طريق سمات الصورة، يمكننا إلى نبلغ إلى المعرفة الكاملة للأصل إذا ، كان من الضروري جدا أن يخبرنا ربنا يسوع المسيح، أن أولئك الذين دعوا بالإيمان إلى البنوة والحياة الأبدية، ينبغي ليس فقط أن يعلموا أن الإله الحقيقي هو واحد فقط، بل إنه أيضا أب، وهو أبو ذاك الذي صار جسداً لأجلنا، والذي أرسله الآب ليعيد ويخلص طبيعة البشر العقلاء التي كانت قد فسدت.

 

القديس اثناسيوس الرسولى وشرح نص الإله الحقيقي وحدك، (يو3:17)

 st athanasius the great icon handmade greek orthodox

من كتاب "ضد الوثنيين" (ف24) ،

(يو ٣:١٧) أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته

-         ولكن بسبب أن عديمي الإيمان يستخدمون هذه الآيات أيضًا ويجدفون على الرب ويسخرون منا قائلين: طالما أن الله يدعى الواحد والوحيد والأول، فكيف ان الابن هو الله؟ لأنه لو كان هو الله لما كان الله قد قال ليس إله معني"[1] ،" ولا الهنا واحد [2]" . لذلك فمن الضروري أن نوضح معنى هذه الآيات، بقدر الإمكان، لكي يعرف الجميع من شرحنا لهذه الآيات أيضا أن الأريوسيين هم في الحقيقة محاربون الله

-        لأنه لو كان الابن منافسًا للآب إذا لكانت هذه الكلمات قد قيلت ضده، ولو أن الآب ينظر إلى الابن مثلما حدث لداود حينما سمع عن أدونيا وأبشالوم".[3] إذا لكان قد نطق بهذه الآيات عن نفسه ، لئلا عندما يقول الابن عن نفسه إنه إله، يجعل البعض يتمردون على الآب، أما إن كان من يعرف الابن، يعرف الآب بالحرى، والابن هو الذي يكشف له الآب، فإنه يرى بالحري الآب في الكلمة كما هو مكتوب، وإن كان الابن في مجيئه لم يمجد نفسه بل مجد الآب إذ قال لواحد قد جاء إليه، لماذَا تَدْعُونِي صَالِحاً؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلَّا وَاحِدٌ وهو الله[4]

-         وردا على سؤال من سأله ما هي الوصية العظمى في الناموس قال" اسمع يا إسرائيل الرب إلها رب واحد"[5] . وقال للجموع "لانى قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني"[6] .. وعلم التلاميذ قائلا" أبي أعظم مني"[7] وأيضًا "الذي يكرمني يكرم الذي أرسلني " [8]فإن كان موقف الابن تجاه أبيه هو هكذا ، فما هو التناقض الذي يمنع أى واحد من أن يتخذ مثل ذلك المعنى السليم عن هذه الآيات

-        ومن الناحية الأخرى إن كان الابن هو كلمة الآب فمن يكون بهذه الدرجة من الحماقة ، عدا أولئك الذين يحاربون المسيح ، حتى يظن أن الله قد تكلم هكذا لكي يطعن في كلمته وينكره؟ فحاشا أن يكون تفكير المسيحيين هكذا ! لأن هذه الآيات لم تكتب ضد الابن، بل لكي تستبعد الآلية الكاذبة التي اخترعتها البشر. والدليل على ذلك يكمن في معنى هذه الآيات.

-         وبسبب أن أولئك الذين يعبدون الآلهة الكاذبة، يبتعدون عن الإله الحقيقي، لذلك فلأن الله صالح ومعتني بالبشر فهو ينادي الضالين مرة أخرى . ويقول"أنا هو الإله وحدي "و" أنا هو" و" ليس إله معي"، ومثل كل هذه الآيات، وذلك لكي يحكم على الأشياء التي لا كيان لها، هذا من ناحية ومن الناحية الأخرى يحوّل البشر إلى نفسه، وكما لو افترضنا أن شخصا ما أثناء النهار وبينما الشمس ساطعة يرسم رسما بدائيًا للشمس على قطعة من الخشب، ثم يقول عن ذلك الرسم أنه سبب النور الساطع، فإن كانت الشمس عندما ترى هذا الرسم يمكنها أن تقول أنا هى نور النهار وحدي وليس هناك نور آخر للنهار سواي، بينما يقول الرسام هذا ليس عن شعاعها ، بل عن رسمه الرديء على الخشب وعن خياله الباطل الذي زيف الحقيقة.

-        هكذا الأمر أيضًا بخصوص الآيات: "أنا هو" ، "أنا هو الإله وحدي" و "ليس إله معي"، فالله يقول هذا لكي يجعل الناس يتركون الآلهة الكاذبة ولكي يعرفوا بالحري أنه هو الإله الحقيقي، وحينما قال الله هذا ، فبلا شك أنه قاله بواسطة كلمته الذاتي، هذا إن لم يضف اليهود المعاصرون[9] " قائلين إنه : لم يقل هذا بواسطة كلمته. ولكني بالرغم مما يهذي به أتباع الشيطان هؤلاء. فإن الله قد تكلم بواسطة كلمته لأن كلمة الرب قد صارت إلى النبي، وهذا هو ما سمعه النبي من (الكلمة). فإذا كان هذا قد قيل بواسطة الكلمة إذا فلا يقول الله شيئًا أو يفعله إلا ويقوله ويفعله بالكلمة، لذلك فيا محاربي الله إن هذه الآيات ليست موجهة ضد الابن، بل ضد الأشياء الغريبة عن الله، والتي ليست منه، لأنه بحسب الرسم الذي سبق وأشرنا إليه ، إن كانت الشمس قد تكلمت بتلك الكلمات فإنها لم تقلها كأن شعاعها غريب عنها إذ أن شعاعها يظهر نورها ولكنها تكون قد قالتها لكي تكشف الخطأ وتصححه، لذلك فمثل تلك الآيات ليست لأجل إنكار الابن ولا هي قيلت عنه، بل هي قيلت لطرح الضلال بعيدا.

-        وبناءً على ذلك فإن الله لم يكلم آدم بمثل هذه الأقوال في البداية، رغم أن الكلمة الذي بواسطته خلقت كل الأشياء كان معه، إذ لم تكن هناك حاجة إلى ذلك لأن الأوثان لم تكن قد وجدت بعد. لكن حينما قام الناس ضد الحق ودعوا لأنفسهم آلهة مثلما أرادوا ، حينئذ صارت الحاجة لمثل هذه الأقوال أي لأجل إنكار الآلهة التي لا كيان لها . بل أود أن أضيف أنها قد قيلت مسبقا عن حماقة محاربي المسيح هؤلاء، ولكي يعرفوا أن أى إله يفكرون فيه ويكون غريبا عن جوهر الآب، لا يكون إلها حقيقيًا ، ولا هو صورة الآب وابنه الإله الوحيد

-        إذا فإن كان الأب قد دعي الإله الحقيقي الوحيد فهذا لا يعني إنكار هذا الذي قال أَنَا هُوَ الْحَقُّ "[10] بل يعني إنكار أولئك الذين ليسوا بطبيعتهم حقيقيين، مثل الآب وكلمته، ولهذا فقد أضاف الرب مباشرة "ويسوع المسيح الَّذِي أَرْسَلْتَهُ "[11]. وعلى هذا فلو أنه كان مخلوقا لما كان قد أضاف هذه الكلمة ولما كان قد أحصى نفسه مع الخالق، فأى شركة توجد بين الحقيقي وغير الحقيقي ؟!

-        ولكن الابن إذ أحصى نفسه مع الآب، فقد أظهر أنه من طبيعة الآب نفسها، وأعطانا أن نعرف أنه المولود الحقيقي من الآب الحقيقي،. أيضا تعلم يوحنا وعلم هذا كاتبا في رسالته "وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ   المسيح هذا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّة"[12]

-        وحينما يقول النبي عن الخليقة"الْبَاسِطُ السَّمَاوَاتِ وَحْدَهُ "[13] وأيضًا حينما يقول الله" ناشر السَّمَاوَاتِ وحدي"[14] يصير واضحا للجميع أن لفظة (وحده) تشير أيضًا إلى الكلمة الخاص بالوحيد الذي به خلقت كل الأشياء وبغيره لم يحلق شئ. لذلك إن كانت كل الأشياء قد خلقت بالكلمة، ومع ذلك يقول أنا وحدي فإنه يعني أن الابن الذي به خُلقت السموات، هو مع ذلك الوحيد.

-        هكذا إن قيل "إله واحد"، "أنا وحدي"، "أنا الأول" فهذا يعني أن الكلمة كائن في نفس الوقت في ذلك الواحد والوحيد والأول مثل وجود الشعاع في النور. وهذا لا يمكن أن يُفهم عن أي كائن آخر سوى الكلمة وحده، لأن كل الأشياء الأخرى خلقت من العدم بواسطة الابن، وهي تختلف اختلافا كبيرًا جدا فيما بينها من جهة الطبيعة، أما الابن نفسه فهو مولود حقيقي وطبيعي من الآب.

-        ولهذا فهذه العبارة: "أنا الأول" التي اقتبسها هؤلاء الأغبياء لكي يدعموا بها هر طقتهم، هي بالحري تفضح نيتهم الشريرة لأن الله يقول أنا الأَوَّلُ وَأَنَا الآخر.[15] إذا فإن قلتم إنه الأول بالنسبة للأشياء التي أتت بعده كما لو كان محصى معها ، لكي تأتي تلك الأشياء تالية له إذا فأنتم تُظهرون أنه هو نفس يسبق الأعمال المخلوقة زمنيًا فقط، وهذا يفوق كل كفر. ولكنه لكي يبرهن إنه لم يأخذ بدايته من أى شئ ولا يوجد شئ قبله ولكي يدحض الأساطير الوثنية، ولكي يبيّن أنه هو البداية والعلة لكل الأشياء، قال «أنا الأول» أنه واضح أيضًا أن تسمية الابن بالبكر هذه لم تعط فقط له لأجل إحصائه مع المخلوقات، بل لكي تبرهن أن خلق كل الأشياء وتبنيها إنما تم بواسطة الابن. لأنه كما أن الآب هو الأول ، هكذا أيضًا «الابن أيضًا هو الأول كصورة الأول تماما ، وبسبب أن الأول كائن فيه، وهو أيضًا وليد الآب، الذي به تم خلق كل الخليقة وتبنيها.



[1] تت ۳۲، ۳۹

[2] تث ٦، ٤

[3] انظر ۲ صم ۱۹.۱:۱۵، ٤١، ١مل ٥:١ للآخر.

يشير القديس أثناسيوس هنا إلى تمرد أبشالوم وأدونيا، أولاد داود الاثنين على أبيهما لاغتصاب الملك منه، وهو يذكر هذا المثل من العهد القديم، لكي يبين أن الابن ليس منافسًا للآب كما ينافس الابنان المتمردان أباهم في الملك ويحاولان أن يبعدا الشعب عنه.

 [4] لو ۱۹:۱۸

 [5] مر ۲۹:۱۲

[6] يو ٣٨:٦

[7] يو ٢٨:١٤

 [8] يو23:5،20:13

[9]  يستعمل القديس أثناسيوس عبارة "اليهود المعاصرون " ليعبر بها عن الأريوسيين (انظر المقالة الأولى فصل (۸).

 [10] يو ٦:١٤

[11] يو ٣:١٧

[12] ١يو٢٠:٥

[13]  أيوب ٨:٩

[14]  إش ٢٤:٤٤

[15] اش6:44

القديس كيرلس الكبير وشرح نص الإله الحقيقي وحدك، (يو3:17)

 من كتاب " الكنوز فى الثالوث"المقالة السابعة والعشرون عن

:"أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلَهَ الْحَقِيقِيُّ وَحْدَكَ، وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ" (يو ١٧: ٣)

 



1-     اعتراض من جانب الهراطقة

ها هم يقولون إن الابن هو نفسه يعترف بأن الأب هو الإله الحقيقي، والآب نفسه يقول: "أنا الأول وأنا الآخر، ولا إله غيري" (أش ٤٤: ٦). كيف إذن تقدمون الابن مع الإله الحقيقي الأول والوحيد، وتقولون إنه إله بحسب الطبيعة؟


٢- الرد

يجب أولاً أن يعرفوا أن الآب لم يقل هذه الأقوال لكي يلغي الابن.

ثانياً يجب أن يعرفوا لماذا، أو ما الذي حدث، فدفع بالآب ليصل إلى مثل هذه الاقوال...لو كان الابن - كإنسان - تعارك مع ذاك الذي ولده - مثل داود عندما حاربه أولاده[1]  - لكنا نقول ربما عندهم حق في قولهم لهذه الأسطورة [2]، لكن إن كانت الطبيعة، الالهية لا تعرف أن تثور ضد نفسها، بل على النقيض يظهر الابن دائما ناسياً المجد للآب فای سب يدفع الأب لمثل هذه الأقوال ؟ هكذا يظهر إن هذه الأقوال، إنما قبلت بالحرى لكى تعيروا بها الآلهة الكاذبة لأن المخلص بعد أن قال: "أن يعرفوك أنت الآله الحقيقي وحدك" أضاف مباشرة ذاته قائلاً: "ويسوع المسيح الذى أرسله" و لأنه غير مجتزاً عن جوهر الأب فيما يخص الإلوهية، بل يُدرك على أية حال مع الآب[3]

 2-     رد آخر

بما أن الابن هو كلمة الأب بالفعل، يُعد مجافياً للمنطق والعقل كل من يعتقد أن الأب قال عن نفسه إنه الإله الحقيقي لكي يلغي الابن الذي بواسطته يفعل كل شيء وفضلاً عما في هذه الآراء من سخف وعدم معقولية، يتجلى معنى هذه الآية وأهميتها في أنها ضد الآلة الكاذبة، حتى لو لم يُرِد ذلك محاربو المسيح.

3-     رد بحسب الافتراض

 إذا افترضنا أن أناساً حرموا من الحكمة الحقيقية، عائشين في ضلال، أقاموا تمثالاً على شكل إنسان أو حيوان، ودعوه نوراً معتقدين أنه حقاً يلد النور، ولكن الشمس تدخلت وتكلمت قائلة أيها الناس لا تضلوا، أنا فقط النور، لا يوجد نور آخر سواي، فهل يعنى هذا الكلام أن الشمس تلغي شعاعها، أم أنها تلغي النور الكاذب [4]  علينا ألا تفكر مثلما يفكر الهراطقة/فعتدما يقول الاب: "أنا هو الإله الحقيقي ولا يوجد أخر سواى" فهو لا يخرج الكلمة الذي أتى منه خارج الالوهية؛ لأنه يوجد معه ويُعترف به ويُمجد مع الأب في الوهيته.

4-     رد آخر يبرهن على أنه عندما يقال عن الأب إنه الإله الوحيد، فإن هذا القول يتضمن الابن على أية حال.

قال الله لأحد الأنبياء: "أنا الرب صانع كُلِّ شَيْءٍ، ناشر السَّمَاوَاتِ وحدي، باسط الأرض من معي؟" (إش ٢٤:٤٤)، لكن الله نفسه يقول: "أنا الذي نشرت السموات وحدي (أر ۱۲:۱۰)، وفي موضع آخر يقول بوضوح عن الابن: بكلمة الرب صنعت السماوات" (مز ۳۳ :٦) إذن، فبينما يقول الله الآب إنه خلق السماء وحده، نرى أن الابن قد خلق السماء، إذن من الواضح أنه عندما يقال إن الأب هو الإله الحقيقي وحده، فإن ذلك - على أية حال - يعني أن الابن الذي بواسطته خلق الآب كل شيء، متضمن معه؛ لأنه يوجد حقاً فيه بطريقة طبيعية مثلما يوجد الشعاع في النور [5]


[1]   أنظر ٢ صم ١:١٥ - ١٩، ١ مل ١: ٥ - .... الخ.

[2] يقصد أن الخلفية الإيمانية هي التي تحكم عملية تفسير النص، فمتى كانت الخلفية سليمة وصحيحة يكون التفسير صحيحاً، لذلك كان على الهراطقة أن يؤمنوا أولاً بأن الآب ليس منافساً للابن ولا الابن منافساً للآب و كذلك أن الآب في الابن والابن في الآب بسبب وحدة الجوهر. والأمر الثاني الهام هو معرفة ما سبب قول هذه الأقوال ويقول القديس أثناسيوس في نفس السياق سبب قول الله "ليس إله معي" (تت ٣٩:٣٢) الآتي: "إن كان الأبن هو كلمة الآب فمن يكون بهذه الدرجة من الحماقة - عدا أولئك الذين يحاربون المسيح - حتى يظن أن الله قد تكلم هكذا لكي يطعن في كلمته ويذكره؟ فحاشا أن يكون تفكير المسيحيين هكذا لأن هذه الآيات لم تكتب ضد الابن، بل لكي تستبعد الآلهة الكاذبة التي اخترعتها البشر. والدليل على ذلك يكمن في معنى هذه الآيات". ضد الأربوسيين المرجع السابق، المقالة الثالثة ،، فقرة ٧ ص ٢٢

[3] ) يعطي القديس كيرلس توضيحاً رائعاً بخصوص قوله: ويسوع المسيح الذي أرسلته"، قائلاً: "فمن الصواب تماماً، أن يتحدث أولاً عن الله أنه واحد وواحد فقط، ثم يذكر بعد ذلك مجده الذاتي بقوله "ويسوع المسيح الذي أرسلته لأنه لا يستطيع أحد، بأية حال، أن يبلغ إلى المعرفة الكاملة للآب إن لم يمسك - بالارتباط اللصيق -لمعرفة وليده أي الابن. لأنه من يعرف الآب لأبد أن يعرف الابن أيضاً. شرح إنجيل يوحنا، المرجع السابق الجزء التاسع الفصل الخامس ص ١٥٥

 

[4] نفس المثل أورده القديس أثناسيوس في المرجع السابق: ضد الأريوسيين، المقالة الثالثة، فقرة ٨ ص ٢٢ - ٢٣.

[5] نفس الشرح نجده عند القديس أثناسيوس، إذ يقول: "حينما يقول الله: "أنا وحدي باسط السماء" (إشى ٤٤: ٢٤) يصير واضحاً للجميع أن لفظة (وحده) تشير أيضاً إلى الكلمة الخاص بالوحيد، الذي به حلقت كل الأشياء وبغيره لم يخلق شيء. لذلك إن كانت كل الأشياء قد خلقت بالكلمة، ومع ذلك يقول "أنا وحدي" فإنه يعني أن الابن الذي به خلقت السموات، هو مع ذلك الوحيد. هكذا إن قيل "إله واحد"، "أنا وحدي"، "أنا الأول" فهذا يعني أن الكلمة كائن في نفس الوقت في ذلك الواحد والوحيد والأول مثل وجود الشعاع في النور، وهذا لا يمكن أن يفهم عن أي كائن آخر سوى الكلمة وحده، لأن كل الأشياء الأخرى خلقت من العدم بواسطة الابن، وهي تختلف اختلافاً كبيراً جداً فيما بينها من جهة الطبيعة، أما الابن نفسه فهو مولود حقيقي وطبيعي من الآب". ضد الأريوسيين، المرجع السابق، المقالة الثالثة، فقرة ٩ ص ٢٥.