2023/08/04

قطع النور – اللاهوت - الرقصة الالهية - الفرح ال اتقلب ، ومأساة الإنسان، وانا وانت وسر الثالوث

 



·     بعد تجهيزات عديدة، واختيار القاعة والاغانى وطريقة الرقص والحركات التى ستقوم بها العروس فى عرسها، وجاء الموعد  ودخلت العروس القاعة وسط تهليل وفرحة الجميع، متأهبة لرقصة العمر، رقصة القران والاقتران marriage contract ، متأهبة بفستانها الابيض ممسكة بيد زوجها، كلاهما متجهين لمكان "الرقصة السماوية" حيث يلتحم الجسدان، ويذوب كل منهما فى الاخر،حتى انقطع النور فأفسد ذلك كل أملٍ فى أى فرحة كان يأملها ويتأهب لها الجميع.

·     دعك من مشهد الزفاف الان. ودعنا نعود بخيالنا -أن قدرنا-  الى القديم، حيث لم يكن هناك زمان ولا مكان : اى الازلية - حيث لاينقطع النور- حيث سكنى الاب فى الابن، والابن فى الاب،فى نور لايدنى منه(1تى16:6)

·     لقد فهم اباء الكنيسة "سر الثالوث" لابطريقة جامدة ثابتة، بل فهموه بطريقة النشاط dynamics  والرقصةchoresis، وكان لديهم مصطلح يعبر عن هذه الحركة وهوPerichoresis\ περιχώρησις(للمزيد حول المصطلح راجع مقالنا الجزء الاول والثانى )

·     لنعود إذاً الى تلك الحالة الكائنة فى الثالوث، ذلك النشاط المتبادل، لنعود الى "الرقصة الإلهية"، المتبادلة بين أقانيم الثالوث، فإن كان الانسان هو نتاج لقاء جسدى يُجسد الحُب المتبادل بين الزوجين ، فالخليقة هى نتاج التلاقى –غير المادى – بين أقانيم الثالوث، نعم  نحن نتاج لـ "الرقصة الأزلية" رقصة الحب المتبادل بين الأقانيم الثلاثة،ان محبة   الثالوث هى من أحضرت بنا هُنا.فنحن لم نخلق صدفة، بل خٌلقنا بـ"الحب" لـ"نُحب" و"نتحب" من الثالوث وممن حولنا

·     كنت اتعجب من شخص ينتظرمولوده فيبدأ بتجهيز غرفة له وملابس واحتياجاته، بكل فرح، فكنت اتسأل "لما هذا الحب؟"، "ماسبب هذا الفرح؟"، "هل رأيت مولودك قبل ان يولد لكى ماتحبه؟"، "ولما اصلا تحبه؟"، "وما الدافع  من الاساس لتُنجب به هنا؟" ،   ألم يكن العدم   أفضل له؟؟ لاجواب منطقى سوى "الحب" ، الابوين أحبا ابنهم قبل إنجابه، فكان الميلاد الجسدى لكل الجنس البشرى هو نتاج هذه المحبة المتبادلة المتوهجة، فنحن نتاج "الحب" سواء كان الحب الالهى ، او الحب الارضى، الذى ينتهى على فراش العشق المقدس.

·     لذا  فالخلق  هو نتاج "الرقصة الإلهية" الأزلية، و ما الخلق إلا نتاج الرقصة المتبادلة و الحادثة والدائمة بين/ فى الثالوث، حتى اننا بغرورنا وأنانيتا أفسدنا الرقصة التى شاء الله ان نشاركه فيها، أفسدنا رقصتنا معه، أفسدنا الرقصة –وأنقطع النور- وسقطنا كلنا،بغرس واحد تعكر صفو الانسجام والرومانسية المتبادلة بين أدم(البشرية) والثالوث، فإنقطع النور الذى مصدره هو الله، وسقط الانسان,

·     أفسدنا الرقصة الزمنية ولكننا لم نقدر على أفساد الرقصة الأزلية(المحبة الثالوثية)، فمازال الحلول قائم, ومازال  الحب قائم، ومازالت أصداء "الرقصة الازلية" تُسمع فى التجسد، لقد تجسد ابن الله- ليعيد النور المقطوع فى قاعة الفرح- أنه فعل حب يقوم به أقنوم الابن منذ الأزل، ولكنه اليوم أنسكب فى قلوبنا(رومية 5:5)لكى مانعود الى الرقصة التى تشوهت وفسدت بإنقطاع النور

·     لقد كان التجسد   محاولة لإصلاح إنقطاع  النور، محاولة ودعوة للعودة الى تبادل الحلول، وتبادل الرقص  مرة أخرى، دعوة للخروج من الخوف ، الخروج من الأنانية، دعوة "للرقصة الأزلية" ، نتشارك فيها ونأخذ موقعنا من "مبادلة الثالوث"  ،فنبادله الحركة ونسترد مكاننا فى الوجود المتبادل فى الثالوث .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق