2025/02/07

ابتهال ديونيسيوس الأريوباغى الى الله الثالوث


1)     أيها الثالوث الفائق الجوهر ،الفائق الألوهية الفائق الصلاح، يا مرشد المسيحيين إلى الحكمة الإلهية يا من يُقوِّمُنا إلى الأقوال السرية، إلى أعلى قمة متجاوزة أية معرفة والفائقة النور، هناك حيث سر اللاهوت ،البسيط، والمطلق، وغير المتغير المُغطى بالغَيْمَة الفائقة النور ،لصمت السر المخفي. الذي في عمق الظلمة يشرق بشدة وبجليان فائق غير محسوس ولا مرئي، يملأ بالتمام  الاذهان العمياء من اشراق الجمال الفائق 

2)     من جهتي، فهذا ما أصلي به، أما أنت أيها العزيز تيموثاوس، انشغل بشدة بالرؤى السرية ، اترك الأنشطة الحسية والذهنية، كل ما يخص الحواس والعقل، كل الموجودات وغير الموجودات (نحيه جانبًا)، وترفع غير مستندا على معرفة حتى تتحد، قدر المستطاع، بمن هو أعلى من كل جوهر ومن كل معرفة. عندما تصل إلى الدهش حيث تتحرر بالكلية من ذاتك، من كل الأشياء، عندما تنزع عنك كل شيء وتعفي نفسك،من كل شيء، سوف ترتفع إلى الشعاع الفائق الجوهر للظلمة الإلهية

3)      انتبه حتى لا يسمع أي من من غير المختبرين( لهذه الأسرار)، وأعني أولئك الواقعين في مصيدة الموجودات الحسية ، ولا يتخيلون شيئًا فائق الجوهر أسمى من الموجودات ، بل يظنون أنهم بمعرفتهم الخاصة قادرون أن يعرفوا ذاك الذي جَعَلَ الظُّلْمَةَ سِتْرَهُ ، فإن كانت الأسرار الإلهية أعلى من قدرات هؤلاء، فماذا سيقول المرء عمن هم أكثر جهلاً  الذين يصفون العلة السامية على الكل على أساس الموجودات الدنيا ، ويزعمون أنها لا تتفوق نهائيا على (الأصنام) غير الإلهية المتعددة الأشكال التي يصنعونها؟ بينما يجب أن ننسب لها (أي العلة السامية بالإثبات كل خصائص الموجودات، بكونها هي عِلَّة كل شيء ، والأكثر ملائمة أن تنفي عنها أي من هذه الخصائص، بكونها تسمو فوق الجميع، وينبغي ألا نظن أن النفي يتعارض مع الإثبات بل أن هذه العلة السامية) في مقام أعلى من التنزيه " لأنها أعلى من أي شيء سواء نفي . أو إثبات

4)     بهذا المعنى إذن يقول برثولما وس الإلهي أن اللاهوت رَحْب جدًا ومختصر ، وأن الإنجيل متسع وعظيم وفي نفس الوقت موجز  ، وفي ظني فإن هذا الكلام كان يقصد به بشكل متميز (ودقيق)   أن العلة الصالحة على الكل، تحتاج للتعبير عنها  الكثير من الكلام ،وفي نفس الوقت مختصر الكلام بل والصمت، إذ لا يمكن التعبير عنها بفكرة أو مفهوم لأنها تسمو على الكل بشكل فائق الجوهر، وتتجلى بوضوح وبالحقيقة لأولئك الذين يتجاوزون كل ما هو طاهر أو دنس، ويتخطون كل ذروة لجميع القمم المقدسة، بل متجاوزون كل الأنوار الإلهية أيضًا، وكل التسابيح والأقوال السمائية، حتى يخترقوا الغيمة "،حيث يوجد بالحقيقة السامي على الكل ، كما تقول الأقوال،لأنه ليس لأمر هين قد أُمر موسى الإلهي ، أن يتطهر هو أولاً، وأن ينفصل مجددًا عن غير الأطهار، وبعد التطهير التام سمع الأبواق ذات الأصوات المتعددة، ونظر الأنوار الساطعة تبرق بأشعة نقية ومنتشرة في كل مكان، ثم بعد أن انفصل عن الجمع مع الكهنة المختارين وصل إلى قمة المصاعد الإلهية، ومع ذلك لم يتقابل مع الله ذاته ولا رآه - لأنه غير مرئي - بل رأى فقط المكان حيث حل

5)     . هذا يقصد به حسب ظني أن الأمور الإلهية والعالية التي يمكن رؤيتها أو التفكير فيها، هي بطريقة ما تعبيرات افتراضية لكل (الصفات) المنسوبة" (للطبيعة الإلهية) التي تسمو على الكل، وبهذه التعبيرات يظهر لنا حضور تلك الطبيعة التي تفوق كل فكر ،والتي تعتلي القسم العقلية لمواضعها المقدسة. ففي الوقت الذي تحرر (موسى) مما يراه وممن يرونه واخترق غيمة اللامعرفة حيث السر الحقيقي، متخليا(ممتنعا) عن جميع المعارف والمفاهيم، حتى يصل إلى الذي لا يمكن رؤيته أو امتلاكه بالكلية، ومستسلما لمن هو أسمى من الكل، دون أن يكون ملكا لأحد لا لنفسه أو للآخرين، وبالتوقف عن أي نشاط للحصول على أية معرفة، فإنه يتحد بالمنزه عن أية معرفة بالكلية ويعرف بفضل عدم المعرفة التامة ما يفوق أي ذهن 

من كتاب "اللاهوت الباطنى"لصاحب الاسم المستعار(ديونيسيوس الآريوباغى)،ترجمة د.جورج فرج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق