2023/11/28

ماذا كان يرى المسيحيين الأوائل في يسوع؟(ج3) يسوع بحسب الصيغ التمهيدية

 "فترة النفق": يسوع بحسب الصيغ التمهيدية

  يمكن القول ان (متى ومرقس ولوقا) غير ذلك،ويمكننا ان نحاجج بالرجوع  إلى المسيحيين الأوائل  . وبإجماع الآراء فإنهم يعودون الى النصف الثاني من القرن الأول. وحسبر ايرمان لا تعكس الأناجيل في العهد الجديد اراء التلاميذ الاوائل. ، فإيرمان يسعى إلى العودة إلى الوراء في الزمن من أجل كشف وجهات النظر البدائية للمسيحيين الأوائل.

  وقد يتساءل البعض "كيف مفعل ذلك؟" في حين لا يوجد كتابات ادبية في الفترة ما بين 30 إلى 50 م، إجاب إيرمان و العديد من العلماء  – هي أنه من خلال النصوص النهائية للعهد الجديد كما هي، يمكن لنا اكتشاف آثار للآراء السابقة. يسميها ايرمان  "التقاليد ما قبل الأدبية" – تقاليد، لأنها تم تناقلها، وتقاليد ما قبل أدبية لأنها تم تناقلها بشكل شفهي، قبل يملك المسيحيون كتاب.

  في كتاب "كيف أصبح يسوع الله" بحاجج(ايرمان) أن "التقاليد ما قبل الأدبية" تكشف عن اراءعن يسوع بدائية اكثرمن آراء متى ومرقس ولوقا. لم يصبح يسوع "ابن الله" من ذوقت ولادته، (كما يعرض متى ولوقا). لم يصبح يسوع "ابن الله" حتى  وقت المعمودية(كما أكد مرقس) ، ذلك حسب إيرمان.  فعلى المرء أن ينظر   إلى السيرة الذاتية القديمة ليسوع. فان"التقاليد ما قبل الأدبية" ذلك حسب إيرمان. تقول بأن يسوع قد تبناه الله عند قيامته.


رومية 1: 3 – 4

المثال الأول لإيرمان للصيغ  "ما قبل الأدبية" عن يسوع يأتي في بداية رسالة رومية:

"عن ابنه. الذي صار من نسل داود من جهة الجسد،  وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات: يسوع المسيح ربنا."(رومية 1: 3 – 4)

يحدد إيرمان، متبعًا كثير من العلماء ، اقرار ايمان(قانون ايمان) مسيحي  بدائي  ، يتكون من عنصرين:

 (أ) نسبه  من داود من الناحية الجسدية والبشرية، يليه 

(ب) نسبه من الله(بالتبني )روحيا وهوالنسب الذي وهب له وقت القيامة.

هناك نوعان من الاعتبارات منفصلينن: 

(1) هو هل كانت هذ  أقرار ايمان"ما قبل بولس " أم لا


(2) هو كيفية التعرف على الصياغة الأصلية لهذا الاقرار يخلص إيرمان إلى أن بولس أضاف فقط إلى النص البدائي لصيغة قانون الإيمان(او الاقرار) عبارة "بقوة" (بعد "ابن الله") في (رو 1: 4) والامر بطبيعته تخميني، ولكن هذا ليس يقضى على الفكرة بأكمله. ونستنتج انه تخمين معقول، فالعبارة تستوفي المعايير التي يتم تستخدم   في هذه المناقشات - مثل "البنية المتوازية "و"اللغة غير المألوفة" (مثال عبارة "روح القداسة" لم تتكرر في كتابات بولس). هناك فرصة  أن تكون هذه عقيدة مسيحية مبكرة.


(3) يحدد ايرمان  هذه الصيغة على أنها ربما واحدة من أقدم الصيغ "ما قبل الأدبية" لأنه يبدو أن لها خلفية آرامية. إنها "أقدم جزء عقيدى  في كل رسائل بولس." ويخلص إيرمان إلى أن هذا يعود إلى "عقيدة أصلية باللغة الآرامية" ، لغة يسوع وتلاميذه الأوائل. وذلك لأن عبارة "روح القداسة" في (رو 1: 4) هي عبارة يونانية غير مألوفة،   تعكس نمط "العبارات الآرامية" أو العبرية (العبارات "السامية" في اليونانية).

  لدينا هنا مجرد ظنون  يمكنن أن نأخذهم بترتيب عكسي. ففي نقطة(٣) نحن على أرض غير ثابتة. وحتى لو كانت العبارة ذوطابع "سامي"، فهذا ليس دليلاً كافياً للقول بأن العقيدة تعود إلى أصل آرامي. فعلى نطاق واسع في الدراسات العلمية منذ قرن تم التأكيد ان الساميات أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير

  وفي (2) فالتخمين واضح اذ نجد انفسنا ندور فى حلقة مفرغة، ...أحد المعايير التي يستخدمها إيرمان وغيره ، هو أنه  قادر على تحديد الصيغ "ما قبل الأدبية" التي تم دمجها بواسطة الكتبة . إذا كانت هذه الصيغة غير متسقة مع كتابات المؤلف الأخرى، ولا مثيل لها. لذلك فالمؤشرات  أن  (رومية 1: 3-4) ليست في الأصل بولسية واضح من وجود "أفكار لا مثيل لها عند بولس وأن هذا التقليد السابق له رؤية مختلفة عن المسيح". عن التى وضحها بولس في باقى كتاباته .

هناك نوعان من الشذوذ اللاهوتي في كلام(ايرمان). الأول هو أنه "تم التأكيد على مجئ يسوع  من نسل داود"، ومن الصحيح  أن نقول إن هذا لم يتم التأكيد عليه في  رسائل بولس التي لا جدال فيها (مع ملاحظة 2 تيموثاوس 2: 8).فغير دقيقة قوله  إن هذه المسيا الداودي  لم يتم ذكره   في كتابات بولس. لان بالذهاب إلى "نهاية رومية"، نرى يسوع يستُدعىَ في كلمات إشعياء باعتباره "الأصل "(رومية 15: 12) ينقل من(إشعياء 11: 10) انها طريقة قياسية للإشارة إلى المسيح الداودي.

الثانية هي  أن الصيغة (من وجهة نظر إيرمان) تعبر عن  يسوع  تم تبنيه "كابن لله" عند القيامة. وهذا لا يتوافق مع فكر بولس في أي مكان آخر. وهذا واضح  لإيرمان،  أن بولس اضطر إلى التعديل فمن المحتمل أن بولس نفسه أضاف عبارة ""في قوة"" إلى الاقرار، بحيث أصبح يسوع الآن ابن الله ""في قوة" عند القيامة"هذا وفقًا لإيرمان، يتوافق مع لاهوت بولس

 وينبغي أن يكون واضحا لماذا نصف  ذلك بالحلقة المفرغة. لان القياس التالي يعمل في هذا الاستدلال ( عند إيرمان، و علماء آخرين):

الصيغة العقائدية تقترح كريستولوجيا التبني.

"ابن الله في السلطة" يهدم الفكر التبني.

ولذلك فإن عبارة "في القوة" هي إضافة بولس.


 فقد أدرج بولس فقرة "التبني" (في رومية 1) (رومية 1: 3-4) يمكننا أن نعتبره تبنيي إذا أزلنا "في السلطة". أعتقد أن هذا يكشف لماذا فكرة أن "في السلطة"  هي فكرة  غير مبررة. يضيف "دان " حجة اخرى حول سبب وجوب التخلي عن فكرة أدخال بولس عبارة "في السلطة".

  لا أريد ترك فكرة (1) أن رومية (1: 3 – 4) قد تكون صيغة ما قبل بولس. ولكن إذا "تبنينا" مثل هذا الرأي، فعلينا أن نتذكر أن هناك درجة كبيرة من التخمينات،  قبل أن نبني عليها . ايرمان   يبني عليها، مشيرا (2) إلى أن هناك معايير  يمكن من خلالها التمييز   أي الأجزاء  أصلية وأيها   إضافات بواسطة بولس. وهى عملية صعبة. اما النقطة الأساسية هي أنه من الممكن أن نقوم بتخمينات ونمنحها قوة الاحتمال وبعد ذلك نستخدمها كأساس لحجج أخرى هو أسلوب سيئ بشكل غير مبرر -

في وقت كتابة هذا المقال (في يناير 2014)، كنت أقرأ أيضًا كتاب سايمون سينغ الرائع "ن Fermat’s Last Theorem "(ق17)، صرح الفرنسي |بيير دي فيرما| أنه أثبت كثيرا من النظريات الرياضية ( وقت فراغه)، دون اى برهان .ومن هنا جاءت نظرية فيرما الأخيرة - والتي تم حلها أخيرًا بواسطة أندرو وايلز في عام 1995. خلال كتاب "سايمون سينغ" اذعلق على الكارثة التي كان يمكن أن تلحق بعلماء الرياضيات إذا افترضوا أن نظرية فيرما الأخيرة صحيحة وهى غير ذلك.  فإذا تم افتراض نظرية فيرما، فإن أي نظريات لاحقة مبنية عليها ستكون خاطئة . يعلق سينغ: "إن أي منطق يعتمد على التخمين هو في حد ذاته تخمين." وينطبق الشيء نفسه  على التخمين في دراسة العهد الجديد، في هذه الحالة دراسة (رومية 1.23)


أعمال الرسل 13: 32 – 33

  المثال التالي لإيرمان هو جزء عن التبني يُزعم أنه تم دمجه بواسطة  لوقا. ولا يعتقد لوقا أن يسوع قد تم تبنيه كابن لله عند القيامة، كما يتضح من روايتة الميلاد  يسوع هو "ابن العلي" و"ابن الله". (لوقا 1: 32، 35)، وكذلك "المسيح" و"الرب" (2: 11) منذ البداية. وقد يبدو من المفاجئ أن نقرأ بولس في سفر أعمال الرسل – وهو تكملة لإنجيل لوقا – يعلن:

"ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا، إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم، إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني: أنت ابني أنا اليوم ولدتك".(أعمال 13: 32 – 33)

 واضح أن إيرمان يرى الأمر مفاجئا.لست متأكدًا من وجود عبارة أخرى عن القيامة في العهد الجديد بأكمله تكون مذهلة هكذا. في هذا التقليد السابق فيسوع أصبح  ابن الله عند القيامة. هذه وجهة نظر ورثها لوقا من تقليده، وهي تتطابق بشكل وثيق مع ما رأيناه بالفعل في (رومية 1: 3-4). ويبدو أن هذا هو أقدم شكل من أشكال الإيمان المسيحي: أن الله رفع يسوع ليكون ابنه بإقامته من بين الأموات.

أخشى أنني لست مندهشًا . عندما ننظر الى الطريقة التي يستخدم بها العهد القديم فى العهد الجديد ـ فإن الكتبة يستشهدون به كونه  وصف لاهوتي أو تاريخي مباشر (على سبيل المثال) في إحدى الاستشهادات الأولى من العهد القديم في الصفحات الأولى من العهد الجديد:

 حينئذ لما رأى هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جدا. فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها، من ابن سنتين فما دون، بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس. حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي القائل: «صوت سمع في الرامة، نوح وبكاء وعويل كثير. راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزى، لأنهم ليسوا بموجودين»(متى 2: 16 – 18)

  يقال إن ذبح هيرودس للأطفال هو تحقيق لمرثاة (إرميا 31). هناك يختلف متى عن إرميا فى: (1)  هيرودس يذبح الأطفال في بيت لحم، وليس الرامة، و(2) راحيل تبكي، وليس أمهات ضحايا ذلك في القرن الأول قبل الميلاد. ولكن سيكون من العبث القول بأن الاقتباس من المزمور غير مناسب. وتقع الرامة بالقرب من بيت لحم، وراحيل زوجة يعقوب هي إحدى أمهات إسرائيل.بشكل عام يتم الاستشهاد بإرميا في متى بسبب تشابهاته مع الظروف المحيطة بميلاد يسوع، وليس لأنه تنبؤ مباشر بمذبحة الأبرياء. ، إن الوحي في العهد القديم هو بالفعل مجازي، لأن راحيل كانت قد ماتت منذ زمن طويل في زمن إرميا.

  وينطبق الشيء نفسه في أعمال الرسل. في (أعمال 1)، نشير  إلى أن بطرس يطبق كلمات المزمور 69 على يهوذالتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن. (أع 1: 20 )نقلاً عن (مز 69: 25). لا يقصد بطرس أن تُباد عائلة يهوذا بأكملها. في (أعمال الرسل 2)، في خطاب بطرسيستشهد بيوئيل، معلنًا أنه مع حلول الروح في يوم الخمسين، قد تحققت العديد من أحداث نهاية الزمان، مثل التي "سوف تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم" (أعمال 2: 20) نقلاً عن (يوئيل 2: 31). ولكن  لم يكن هناك تحول سماوي غير طبيعى للقمر ليبدو وكأنه أحد أقمار "تاتونى في حرب النجوم" يقتبس بطرس  كانت مجازية بالفعل في البداية - لتوضيح النقطة أن الحاضرين يختبرون عملا رائعًا من الله له عواقب تغير الكون.


نستمر. في (أعمال 2)حيث يستشهد بطرس ب(مزمور 1:110) "قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك". بالرغم من حقيقة أن الله، ، ليس لديه يد يمنى، وهو لا ينوي حقًا أن يصنع ليسوع مسندًا لقدميه من بقايا الضحايا، مثل سيد " باتشاكوتي" المشهور بأنه صنع الزمامير من عظام أذرع الذين هزمهم. مرة أخرى، الأرض ليست موطئ قدمي الله في الإشارة إلى (إشعياء 66: 1) كما في حديث استفانوس (أعمال 7: 49). لذلك عندما نأتي إلى الاقتباس من (المزمور 2 )في (أعمال 13)، لا ينبغي لنا أن نندهش بالضرورة:

نحن نبشركم: ما وعد به الله آباءنا، قد تممه لنا نحن ، إذ أقام يسوع. كما هو مكتوب في المزمور الثاني: «أنت ابني. اليوم صرت أبا لك». (أعمال 13: 32 – 33)

  يرى إيرمان أن هذا الاقتباس يجب أن يُقرأ كبيان حرفي ، له إشارة واضحة: "أنت ابني"  الله يعلن أن يسوع هو ابنه. وهذا يرتكز على: اليوم  "يوم القيامة" لقد أصبحت والدك - وأنا الآن أتبناك.

وبعد أن مررنا ببعض الطرق التي يقتبسها سفر الأعمال من العهد القديم في الفترة التي سبقت هذه الحالة في (أعمال الرسل 13) يمكننا أن نرى أن العبارة لا تحتاج إلى أن تُفهم بطريقة خشبية. إن تجربة داود التي تنعكس في المزامير - والتي تم تطبيقها على نطاق واسع على يسوع في(أعمال 1)  يُنظر إليها م على أنها نبؤة بتجربة يسوع. ويرجع ذلك إلى التشابه لـ (1) كيف عكس الله معاناة داود البائسة، الذي رفعه إلى عرش إسرائيل، و(2) كيف عكس الله معاناة يسوع البائسة، الذي رفعه إلى خاصته. عرش.


أعمال 2: 36

أحد الأماكن التي رأى فيها  العلماء صيغة تبني بدائية هي عظة بطرس في يوم العنصرة:"فليعلم يقينا جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا، الذي صلبتموه أنتم، ربا ومسيحا»." ( أعمال 2: 36)

بالمعنى الدقيق للكلمة، لا يمكن اعتبار هذا البيان "تبني" بالمعنى الطبيعي. إن (رومية 1: 3 – 4) و(أعمال 13: 32 – 33) تتعلق بالبنوة، و في (أعمال 2 )نتعامل  مع كون يسوع "الرب" و"المسيح"و"المسيح". مرة ثانية يعترف إيرمان بحقيقة  أن لوقا نفسه لا يعتقد أن يسوع أصبح ربًا ومسيحًا وقت القيامة. 

يظهر نفس المصطلحين في قراءة عيد الميلاد المعروفة: "اليوم وُلد لك في مدينة داود مخلص. هو المسيح الرب" (لوقا 2: 11). ومن وجهة نظر لوقا، فإن يسوع هو بالفعل "المسيح" و"الرب" حتى لو كان عمره أقل من يوم .

يرى ايرمان ان المقطع  يلخص وجهات النظر المسيحية الأولى عن يسوع أنه عند قيامة يسوع عينه الله  المسيح والرب. لقد علَّم يسوع تلاميذه  أنه سيكون المسيح في ملكوت الله عندما يأتي الملكوت؛ والآن بعد  رفعه للسماء، فواضح أنه قد تولى الآن منصب المسيح. والأكثر من ذلك، كان أيضًا "الرب" بمعنى أنه كان "يحكم كرب الأرض".

لكن الصورة معقد للغاية اذانظرنا إلى السياق في نهاية عظة بطرس. قبل  (أعمال 2: 36) نرى بطرس يقول العبارات التالية:

2: 31 – رأى داود قيامة المسيح.

  2: 32 -  الآن اقام الله يسوع و انتم شهود .

  2: 33- ارتفع لليمين.

  -  نال موعد الروح 

. – سكب الروح.

  2: 34 – 35 – سمع داود الله يقول ليسوع: "اجلس عن يميني حتى أضع جميع أعدائك تحت قدميك" (مز 110: 1)

  2: 36 - فليعلم أن الله جعل يسوع ربا ومسيحا.

  بدلاً من  محاولة فهمه(أعمال ٢: ٣٦)  كصيغة حرة، يجب  فهمه في سياقه. ويوضح البناء ان يسوع سيجلس عن يمين الله، وهو ما لم يفعله أثناء خدمته. ويعني أنه نال الروح وأعطى ذلك الروح للكنيسة، ليأخذ دورًا جديدًا في تاريخ الخلاص، فيما يتعلق بكيان جديد (الكنيسة)، لم يكن موجودًا من قبل. إنه يقف –  يجلس – في وضع جديد أمام العالم، لأن العالم في عدائه لله يزول و يُهزم أعداء يسوع قريبًا، وفقًا لكلمات (المزمور 110). هو لا يتغيروهذا يمكن استكشافه في ختام هذا الفصل.


وجهة نظر بديلة لتمجيد يسوع

جيد أن نفهم (أعمال 2: 36 )والمقاطع السابقة إذا  نظرنا إلى الكيفية التى يرسمها بها العهد الجديد ، المقابلة بين مهمة يسوع الأرضية ومكانته كالرب الممجد عن يمين الله بعد القيامة. لماذا نفسيرالنصوص  في اتجاه التبنيي؟

  بالنسبة للمتشككين، فأن "المحافظين" منخرطون في الدفاع على تفسير  هذه النصوص.ربما نجد  اعتراض  حتى لو كان المرء قادرا على التملص من الفهم التبنوي لـ "الله جعل يسوع ربًا ومسيحًا" في سفر الأعمال، أو أن يسوع "عُين" ابنًا لله في رومية، أليس هذا صحيحًا؟   هناك عبارات   بعضها على الأقل يجب أن يخرج  التبني من حساباتنا؟

  السبب وراء التهمة  هو وجود فقرات تمجيد  تحدد أدوارا حقيقية يلعبها يسوع عند تمجيده. إن نشاطه أثناء خدمته الأرضية يختلف عندما يجلس عن يمين الله في المجد. وهذا يحتاج إلى أن يتم وصفه بعناية ودقة.



مهمة يسوع الأرضية

يؤكد العهد الجديد أن "مهمة يسوع الأرضية" هي المعاناة لتحقيق الخلاص. يقول يسوع أنه حتى هو لا يعرف اليوم أو الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان ليدين الأرض (مرقس 32:13)،(متى 36:24). لماذا لا يعرف يسوع؟ مفترض أن الإنجيليين، اعتقدوا أن يسوع كان لديه كل أنواع المعرفة الخارقة للطبيعة، افترضوا أن هذه الحقيقة لم تُمنح ليسوع لأن دوره على الأرض لم يكن ممارسة تلك الدينونة - أي أن المعرفة لم تكن ضرورية لمهمته . لم يأت يسوع ليغمر العالم بمجده ، بل كمنقذ متألم. إن عبارة "الفدية" في مرقس ومتى تعبر عن هذه الحقيقة: "لأن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مرقس 10: 45)؛ ( مت 20: 28). . وهذا جزء من نمط أوسع في إنجيل مرقس، يعلن ابن الإنسان سلطته (مرقس 2: 10، 28)، ثم يعلن أنه سيتخلى عنها بالموت. (8: 31)؛ (9: 31)؛ (10: 45)، ثم  يكشف ذلك(سلطانه) في النهاية (13: 26)؛ (14: 62).

ويشير إنجيل يوحنا أيضًا إلى هذه النقطة في أماكن مختلفة: "لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلص به العالم". (يوحنا 3: 17)& "لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم". (يوحنا 12: 47ب)

نرى نفسه الصورة ،كما في (مرقس ومتى) اى اقتصارمهمته الأرضية  على عمله الخلاصي. "ترنيمة فيلبي" (في 2: 6-11 ) مثل الأناجيل - تؤكد أيضًا على تواضع رسالة يسوع الأرضية، مشددة على أنه وضع نفسه حتى الموت، حتى موت الصليب (2: 8). كما تلفت فى  (عب 5: 7) "الصراخ والدموع" التي ميزت "أيام جسده"وهذا يتباين مع مكانة يسوع الممجدة.


مكانة يسوع الممجدة

  هناك تصور فى "الكتابات المسيحية المبكرة" لخصائص يسوع بعد القيامة، وهى مختلفة عما كان  في خدمته الأرضية. ويمكن البعض منها

(١) الوجود المجيد المتعال. خلال خدمته  يفترض أنه كان عرضة لآلام ومعاناة بشرية، كما هو واضح ب في الصلب. بعد القيامة، يرى جميع كتبة العهد الجديد أنه تحول إلى حالة جديدة، وإن كانت مادية وجسدية.  ورغم أنه لا يزال جسدا، إلا أنه يتجاوز القيود الطبيعة. يقول مارك القليل عن هذا الموضوع. لقد خرج  من القبر حتى قبل أن يُدحرج الحجر (عكس  إنجيل بطرس). في لوقا تمكنه  طبيعته  من  إخفاء هويته عن رفيقيه المسافرين؛ يسوع القائم  له "لحم وعظام" ويمكنه أن يأكل (لوقا 24: 39، 42-43)، ولكن يمكنه أيضًا أن يختفي ويظهر مرة أخرى (24: 31، 36).

وايضا الصورة في يوحنا لا يمكن التعرف عليها قبل ظهوره (يوحنا 20: 15-16)،ويظهرمن اللاشئ(20: 19، 26؛ 21: 1).إحدى صلوات يسوع في يوحناهي: "يا أبتاه مجدني قدامك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يوحنا 17: 5). يتحدث بولس عن امتلاك يسوع  "جسدًا مجيدًا" (فيلبي 3: 21). لقد تم ترك القيود ونقاط الضعف في بنيته الجسدية قبل القيامة .


  (٢) إعطاء الروح. تقارن جميع الأناجيل بين معمودية يوحنا بالماء ومعمودية يسوع بالروح القدس (متى 3: 11)؛ (مرقس 1: 8)؛ ( لوقا 3: 16)؛ ( يوحنا 1: 33)؛ ( أعمال الرسل 1: 5). يشرحه يوحنا من خلال "خطاب  يسوع  مع الآب  الذي يرسل الروح، أو "المعزي" (يوحنا 14: 26؛ 15: 26؛ 16: 7). ويصفها لوقا بشكل بالتفصيل، قائلاً إن يسوع القائم تنبأ بمجيء الروح قبل صعوده (24: 49)، قبل أن يعلن يسوع  عن مجيء الروح (أعمال 1: 8). و عظة بطرس  "وإرتفع بيمين الله وأخذ من الآب الروح القدس الموعود به وسكب ما أنتم الآن تبصرون وتسمعون". (أع 2: 33). وهذا الدور كم(عطي الروح هو منصب لم يشغله من قبل.


(3) السيادة على الكنيسة. إن ما يرتبط  بعمله كمعطي الروح هو أن الكنيسة قد أتت إلى الوجود، وهو خالقها وربها. وهو حدث رئيسى في فترة ما بعد عيد الفصح في العهد الجديد. يقول يسوع في متى أنه يبني كنيسته (متى 16: 18). وهو الآن – كما يقول بولس – رأس "جسد المسيح" (1كو 12-14؛ كل 1: 18، 24). الكنيسة هي "في الله الآب وفي الرب يسوع المسيح" (1 تسالونيكي 1: 1؛ )،(2 تسالونيكي 1: 1).  عندما تحدث يسوع لبولس سأله يسوع: "لماذا تضطهدني؟" إن ارتباط يسوع بالكنيسة قوي. المسيح "يغذي ويعتني" بالكنيسة في أفسس (أفسس 5: 29)، فوحدته بالكنيسة "سر عميق" (5: 32).


(4) الحكم الكوني والدينونة  تم تصويريسوع  في الأناجيل أنه ذو سلطان غير عادي  لديه سلطان  لمغفرة الخطايا وسلطان على السبت (مرقس 2: 10، 28). يسجل (متى ولوقا) قول يسوع أن كل شيء قد سلم إليه من قبل أبيه (متى 11: 27 )،( لوقا 10: 22). ومع ذلك، هناك شعورأنه في حالته الممجدة يمارس سلطته بطريقة لم يفعلها من قبل. في المأمورية العظمى، أعلن يسوع أنه "دُفِعَ إِلَيْهِ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ" (متى 28: 18)؛ و غير واضح الاختلاف عن (11: 27) 


بالانتقال إلى يوحنا، فمحتمل أن يكون استباقيً – أي على وشك الحدوث – أن يسوع صرح قرب موته أنه "قد غلب العالم" (يوحنا 16: 33)، و" "رئيس هذا العالم" يُطرد ويُدان (12: 31؛ 14: 30-31؛ 16: 11). إن يسوع القائم من الأموات ليس مجرد رب الكنيسة، بل  "رب الجميع"(أعمال10:36)؛(رو10:12). "والمسيح مات وقام ليكون سيد الأموات والأحياء" (رومية 14: 9). وهذا هو دوره المستقبلي كقاضي.

وهذا رسم تخطيطي لنتائج القيامة :

(١)  ترك القيود ونقاط الضعف في جسد يسوع قبل القيامة؛

(٢)  وصل إلى الوضع الذي فيه هو واهب الروح؛

(3)   أصبح سيد الكنيسة، مع ظهور  الكنيسة إلى الوجود 

(4) دخلت ممارسته للسيادة على العالم ،حيز التنفيذ  وسوف تصل إلى ذروتها عند عودته كقاض.



إذن ماذا حدث عند تمجيد يسوع؟

  إلى أي حد تعني هذه النتائج تغييرا في طبيعة يسوع أو مكانته   (1)، تحرره من الضعف الجسدي، والمعاناة، والموت، يعود إلى حالته الموجودة مسبقًا بدلاً من الارتقاء إلى حالة جسدية جديدة 

. إن دور يسوع باعتباره (2) معطي الروح هو حالة مدهشة، لأنه يمثل نقطة جديدة في تاريخ الخلاص. لايعنى أن هوية يسوع أو طبيعته قد تغيرت؛ إنه فقط ينخرط في نشاط جديد، وهو إعطاء الروح. ومن الأهمية أن الآب يشارك في هذا النشاط ، وهذا لا يعنى أن الآب "يغير" طبيعته أو هويته ،بإرسال الروح.

 وبالمثل، في "صيرورته" (3) رب الكنيسة، يكون لدى يسوع علاقة جديدة، ولكن هذا ببساطة لأن الكنيسة لم تكن موجودة من قبل.

و من الضروري الأستشهد بببعض الفئات  في المكان الذي أعيش فيه: "Cambridge change". فهذا له معنى "التغيير الواضح، ولكنه غير ذلك" بسبب عدم القابلية للتغيير للمؤسسة التي أعمل بها، ولكن يبدو أن الاسم قد أُعطي لأن الفكرة تتطوت بواسطة "جون ماك تاغارت "و"برتراند راسل" بينما كانوا يعملون في كامبريدج.

 يأخذ مفهوم "تغيير كامبريدج" في الاعتبار حقيقة أن بعض أنواع التغيير حقيقية وميتافيزيقية، ولكن هناك أيضًا تغييرات هي تغييرات في العلاقة. يعطي "مورتنسن" مثالاً على أن الصبي يمكن أن يتحول من كونه "ليس أخ" إلى "أخ" بمجرد أن تلد أمه ابنًا ثانيًا.

 سيكون من المدهش لطلاب كرستولوجيا العهد الجديد أن ينخرطوا  في هذا الأمر. الفهم الفلسفي للتغيير وتطبيقه على الأسئلة حول "كيف يمكن" أو "لا يكون يسوع"  مختلفًا  بعد القيامة. يبدو أنه "أصبح" سيد الكنيسة وهذا مثال جيد على تغيير كامبريدج


. أخيرًا، (4) سيادة يسوع العالمية ،هذا تغيير  نتيجة لظروف جديدة فى تاريخ الخلاص وهى تغييرًا في الكون . لقد تم هزيمة القوى المعادية لله، والتي كانت تسيطر على الكون، أو   صدر الحكم عليهم وأصبحت أيامهم معدودة. وبهذا المعنى تم توسيع سلطة يسوع. و في حالة إعطاء الروح ،ايضا يمكن للمرء أن يقول الشيء نفسه عن الله (الآب): عندما يصلي الناس "ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك"، فإنهم لا يصلون من أجل أن يتغير الله، بل ليتغير العالم.

لا يَعِدنا (مزمور 110: 1) بأن يسوع سوف يتسلق فوق أعدائه، بل أن الله سيضعهم تحت قدميه. وبهذا المعنى، فإن "التغيير" في يسوع هو نفس "التغيير" في الله: في النهاية ستكون كل الأشياء تحت سيطرته الكاملة. كل ركبة "في السماء، وعلى الأرض، وتحت الأرض" ستسجد ليسوع، لمجد الله الآب (فيلبي 2: 10-11). وسلطته – بالتوازي مع ملكوت الآب –  بغض النظر عن وجهة نظر إيرمان في (فيلبي 2: 9) بأن يسوع صعد أخيرًا إلى موضع أعلى من حيث كان من قبل، فإن الله لا "يمجد" يسوع فوق حالته الأصلية، الموجودة مسبقًا؛ النقطة المهمة هي أن الله يرفعه للصليب فوق كل "ما تحت الأرض"، و"على الأرض"، وحتى "في السماء". ونتيجة لذلك، فإنه يأخذ دورًا يختلف عن دوره الأرضي – أي الدينونة النهائية (مرقس 38:8)؛ (لوقا. 12: 8 – 9)؛ يوحنا 5: 26 – 27).

وهذا ما يعني أن يسوع عند القيامة يصبح "ابن الله بقوة"، و"ربًا والمسيح" بمعنى جديد. إنه "ابن الله القادر" في تباين مع حالته الجسدية في الأرضي، وذروتها بموته "موت الصليب" (فيلبي 2: 8). هذه "القوة"، تمتد للكنيسة، والتي لم تكن موجودة . يسوع هو "الرب" بطريقة جديدة، لأنه يتصرف بطريقة جديدة خلال الروح حسب خطة الله. وتمتد "قوته ومسيحانيته وسيادته" إلى أبعد من ذلك  بعدما هزم  الموت ، وهزيمة القوى المعادية. في النهاية، سيدين يسوع من "كرسي المسيح" (2 كورنثوس 5: 10)، وسيحكم أيضًا بصفته "الرب" (2 تيموثاوس 4: 8؛ يهوذا 14-15).


خاتمة

   تناول الجزء الأول   يسوع حسب(متى ومرقس ولوقا) حيث أنه لا يُنظر إليه (في مرقس) على أنه (نال التبنى)عند المعمودية. وبالمثل،  الأناجيل الثلاثة تراه موجودًا مسبقًا وأنه إلهي ، . ينتقل الجزء الثاني من النصف الثاني من القرن الأول إلى النصف الأول، أو بشكل أكثر تحديدًا إلى "فترة النفق" - (تقريبًا - 30 - 50 م). الأجزاء من (رومية وأعمال )التى تقدم دليلاً على وجود كريستولوجيا سابقة وأكثر بدائية تقوم على التمجيد والتبني وهى غير ذلك, وفي القسم الثالث ،  إعطاء وصف لطبيعة يسوع الممجة لنفهم الافعال مثل "صنع" و"عين" في (أعمال ٢: ٣٦ )و(رومية ١: ٤). أنها أدوار جديدة يأخذها يسوع، وتمديد لسلطته (بالتوازي مع تمديد  ملك الله)  والتغيير ليس في طبيعته أو هويته بالنسبة إلى الله.

هناك تعليق واحد: