2015/04/24

اللاهوتى وابداعات الله(خواطر لاهوتية )ج4

               
  • نبحث دوما عن هذا التحول الدائم والمستمر من ذاك المحدود إلى سماء اللامحدودية,من هذا الظلام إلى النور الحقيقى,فى داخل كل منا فنان مُبدع وهذا المُبدع دائماً ما يرسم دائرة يكون هو فيها ناظراً إلى ما هو خارج الدائرة,رُبما ابدع –انجز-كثيراَ فى لوحات اُخرى,ولكن فى داخل هذا الفنان رغبة فى رسم لوحة لا يشاء الإنتهاء من إبداعها,رغبة فى إنشاء عِلاقة حِية قوية,لا تنتهى بل تبداء ولا تنتهى,رحلة فنية فى \مع الثالوث القدوس,وهذا فى ذاته نُسميه فن وابداع.
  • ولكن كل من كانت لديه تِلك الرغبة يعلم ويعى جيداً إنه يبداء فى عِمِله هذا و لم –ولن- ينتهى,إنها لوحة العُمر,لوحة يبداء فيها المُبدع يرسم سِر الشركة مع الله,وتلك الشركة يُعرفها لنا الانجيل بانها "الحياة الابدية"(الانجيل بحسب القديس يوحنا3:17).والحياة الابدية أى معرفة الله.
  •   فإن كانت لديك الرغبة فى تلك المعرفة فعليك أن تتحلى بروح فنان وقلب عاشق[1],فبفِنك هذا سترسم تلك العلاقة وبقلبك سوف تعيش فى تلك اللوحة,فإذا إقتنيت هذا القلب وتلك الروح فإعلم إنك قد بدأت فى رسم دائرة الحوار الالهى,على تلك الدائرة نقطتين متساويتين مقابل بعضهما البعض,والنقطة الأولى هيا الله,والنقطة الثانية صورة هذا الإله-الإنسان-,الذى يِسِبح دوماً فى تلك الدائرة التى لا نهاية ولا بداية لها,لكى ما يصل الى الله.
  • وما أن لبث-الإنسان- رحلته فى تلك الدائرة,وهوعلى أول طريقه اللا نهائي يسبح فى بحر الحب الإلهى,ذلك البحر الذى لا يُشبع عِطِش الغريق( يشوع ابن سيراخ24::29),ليس لأِن مائه مالح,فبحر الحب الالهى مياهه عذب المذاق ولكنه ليس بحر الحب الالهى فقط ,بل بحر أسرار الله,إنه بحر الحياة الابدية,ومن يسبح فيه لن يصل إلى برٍ او شطٍ .إنه الغرق فى الإلهيات.ويكون الفنان غريق لا يلتمس من ينقذه,لإن غرقه ليس للموت,بل غِرق للحياة وفى الحياة.
  • الإنسان مخلوق فنان موسيقاراً-كما يقول القديس يعقوب السروجى-فالله فى حبه للإنسان خلقه كائناً موسيقاراً متهللاً يُشِارك السمائيين [2],ولأنه مخلوق على صورة الله,فبالتالى الإنسان صورة لِفنان أنشأ وأبدع لوحة فنيه نُسميها الكون,ولكن من إتضاع هذا الفنان أنه إذ رِسِم لوحة فإنه لا يضع توقيعه عليها,ولكن نحن نعرف فنان تِلك الصورة من خلال إسلوبه, وهذا الكون الذى ابدعه الله فى الحقيقة يتحرك نحو هدف وحيد[3] و هو التأله[4] ،وسر التاله هو الاتحاد بالله فى تقديس الروح,وحركة الكون تقوم فى الأصل على الحب ,والحب هو صورة الله فينا.
  • وتقديس الروح لا يكون إلا إذا ايقظنا المسيح النائم فى داخلنا,فتقول ليزلى نيوبيجين Leslie Newbigin:ـا أِعرف وأؤمن بأن كل شخص أراه لديه القدرة أن يوقظ المسيح الغائب والقائم من الأموات داخله,وأن توقظ المسيح الذى بداخلك فهذا هو بداية التجلى الشخصى والتحول[5]. اى التقديس .والتقديس هو الاتحاد بجمر النار الإلهى,فتزداد نار إشتياقتنا بنار اللهيب الإلهى,وبهذا تحترق خطايانا وتستنير قلوبنا حتى نستطيع بواسطة المشاركة فى النار الالهية أن نظل مشتعليين ونتحد بالله[6].
  • فكل ما قيل هو أمر قائم على الإيمان بشخص يسوع المسيح,وهذا هو تاج اللاهوت المسيحى كله-الايمان بشخص يسوع المسيح إيماناً قلبياً,فيه يصبح المسيح نفسه هو الشِارح للاهوته"فتح ذهنهم ليفهمو الكتب"(لو45:24),[7].
  • فالإيمان ليس مجرد تأملات ونظريات فلسفية عقيمة,بل هو صراع من أجل الوصول إلى الله,ومهما يأتى الإنسان من دراسات لمعرفة العقيدة الإيمانية فى المسيحية,تِظِل واقعة تحت الظلمة العقلية الكثيفة إلى أن يدخل المسيح نفسه داخل القلب فينيره,وحينئذ تتبدد الظلمة وتستعلن الحقيقة[8].
  • فالإيمان لم يعد مُجرد نظريات فلسفية أو كتابات لاهوتية,بل تحول إلى مرحلة-الإرتقاء بالإيمان النظرى-بداية تحول وإرتقاء إلى حياة الإيمان,وأدراك شُعاع الثالوث,الذى لا يُمكن إدراكه. فلى القدرة على الوقوف على مهد الطريق,ولكن لا اقدر أن أصل الى لِحد \هرم الطريق.
  • ولم يعد اللاهوت المسيحى يدور حول مِن هو الله المعبود فى ذاته,وإنما شغله الشاغل هو ما هيا صلة الإنسان بالله بعد أن تجسد إبن الله فى الطبيعة البشرية فاتحاً عهد جديد فى علاقة الله مع الإنسان[9].
  • اى أن نِظِرتنا إلى اللاهوت أصبحت فى تغير وفى نمو دائم ومُستمر,من نظرتنا إنِه نظريات وفلسفات إلى نظرتنا إنه فن وإبداع,لذلك نقول كما يقول القديس يعقوب السروجى إن الأنسان فنانً موسيقارً,يُرتل ويُلحن ويُصلى وفى تلك الصلاة يُبدع صورة جميلة,بريشة الله الفنية,فتخرج الصلاة ناضحة راقية.حسب مشيئة الله,فنتمسك من خلالها بالحياة الأبدية المدعويين إليها(1تيمو12:6)




Mina fawzy
سرجيوس
__________________________________________________
[1]كتاب الهى لا نفع له-الاب شارل ديليه اليسوعى ص17

[2]Paedagogus2:4

[3]مقالة بعنوان"لاهوت الارتقاء"للاستاذ مارك فيلبس

[4]والتاله حسب اللغة اليونانية هو theosبمعنى ان يكون لدى الانسان نفس نوع الحياة والوجود الذى لدى الله دون ان يكون متطابقاَ مع الله,او بمعنى اخر هو الاتحاد بالله,ونحن لا نقول ان الانسان اصبح الله او متطابق لهhomoousianحسب اللغة اليونانية فاذا سبقtheosاداة التعريفhoاصبحنا نتكلم عن تطابق مع الله,ولكن نحن لا نستخدم اداة التعريف,وقصدنا الاتحاد بالله والتقديس

[5]تحقيق طاقتك الكامنة فى المسيح-الاتحاد بالله- الاب انتونى م.كزنيارس-ص57

[6]المرجع السابق ص89

[7]الايمان بالمسيح –الاب متى المسكين ص20

[8]المرجع السابق ص21

[9]الهى لا نفع له ص15.


نظرة اللاهوتى للصلاة(حواطر لاهوتية ج3)





-إنَّ الصلاة يصعُب شرح معناها,لأن أيَّ تعريف سيكون ,ما هو إلا اجتهاد نابع من خبرة شخصية مع الثالوث القدوس,ولكن من مُنطلَق تلك الصعوبة التي نجدها في شرح مفهوم الصلاة,ومن هذا المُنطلَق فنحن نُحيل كلَّ الأمور إلى قوة الله,فالصلاة أمر نُحيله إلى الله,فالله هو البداية والنهاية في صلاتنا,هو من يبدأ,وهو ما ننتهى إليه في الأخير.


-فالصلاة يا اخوتى نداء الهى واستجابة بشرية,نعم فالرب يُنادي[افتحى لى يا اختي,يا حبيبتي ,يا حمامتي,يا كاملتي[1]]فالله يدعوني.نعم يدعو,يَقْرَعُ الأبواب,لديه رغبة فى الجلوس لنتهيأ للعشاء.



-ولكنها مُشكلة..مُشكلتنا جميعاً,فنحن نُشبه حماة بطرس,نعم جميعُنا نُشبه تلك المرأة,فوجه الشبه في كونها مُصابة بحُمَّى شديدة,ونحن مثلها راقدين على الفراش,غير قادرين أن نفتح الباب المطروق.


-ولكن الغريب أنها مُشكلة بالنسبة لنا,ولكن بالنسبة للرب فلا تعثُر عليه أيُّ مُشكلة,فهو يعي سبب عجزنا عن فتح وقبول تلك الدعوة,فيتجاوز تلك المعوقات ويدخل هو وينتهر الحُمَّى,وحينئذ أقوم,إنَّها حقًا نداء الهي,واستجابة بشرية.

-ويتحول هذا النداء الإلهى إلى اشتياق,ورغبة جامحة,فالصلاة ما هيا إلَّا دعوة للاشتعال بنار الروح,فعلى الله أن يُشعل شمعة الصلاة ويترُكها تُنير نفوس المُصلين,ومن ثَمَّ تتحول تلك الشمعة من ذبيحة هيولية-جسدية-إلى سجود عقلي.


-فالصلاة هي عطش لينبوع المياهِ,وطوبى لمن يعطش,لأنَّ هذا النوع من العطش-الصلاة- يقود إلى نبع المياهِ-نبع الحياة-فيمتلئ بالروح.


-فالصلاة هي رغبة في تصفُّح قصيدة لشاعر,وشخص مُبدِع[2] وخلَّاق للجمال,بل ومصدر لهذا الجمال,نعم فالصلاة رغبة في تصفُّح قصيدة حب خطَّها الله حُبًّا في الإنسان,بل وهي تامل فى لوحة فنية رسمها الله بإصبعه,وفي تلك اللوحة مرسوم الانسان.


-وتُصاحب قراءَتي للقصيدة الإلهية تنهُّدات ,وفي تأملاتي في لوحتي البديعة رهبة – إعجاب- أمام روعة عمل الله,فتلك التنهُّدات هي الطريقة الفضلى لعبادة الله والسجود لهُ.


-ومَنْ يدخل في شركة حقيقية مع الله,فهو يتشرب من الله ويمتلئ منه,فتتحول الشركة مع الله إلى تشرُّب من ذات الله,فأتحول مثل الله إلى فنان وشاعر.


- إذا كانت الصلاة بدافع الحب الإلهى فهي تُشجِّع الضمير وتُلْبس العقل قوَّة و يتكون الرجاء الذي يُلهب الضمير,ويجعل المجاهدين يصيرون على كل الضيقات وكل شرور الأرض,ويستهينون بها إزاء الخيرات الموعود بها,وعلى هذا المِنوال تظل النعمة وقوة الروح القدُس تشجع الضمير من وقت إلى وقت,ويراها كما في مرآة[3]

-ولكن بعد هذا علينا أن نُدرك أن كل البشرية تحيا في شخص المُصلِّي أثناء الصلاة,وعند الصلاة تنهض البشرية في شخص المُصلِّي,وعند التوقُف فكلِّ البشرية تتحول عن الله[4]


-فالصلاة يا إخوتي تتصف بالديمومة وأنْ تكون بلا انقطاع,ولكن الغريب هو كيف أصلى باستمرار وانا لديَّ عمل ,وراحة, ورياضة,وقراءة..الخ,
فكيف لي أن اُصلي أثناء ما سبق؟والحقيقة أنك قادر أن تُصلِّى أثناء العمل والراحة والقراءة وممارسة الرياضة,فإن توسَّعنا في مفهوم الصلاة,فإننا نقول إن الصلاة ليست بالضرورى حصرها في المُناجاة,بل الصلاة حركة وفعل,فعندما يدعوني الله أن اتحلى بالسلوك المسيحى,واتفكر بفكر المسيح,فعليَّ أن أستجيب,وفي السلوك تكون الاستجابة,فأثناء إلتزاماتي إن تحليت بالسلوك والفكر المسيحي فأنا اُصلي مُستجيب لهذا النداء,بل إنَّ صلاتي قد تحوَّلت من كلام منطوق,إلى تنفيذ عملي,فنستحق الطوبى.


-والتوسُّع في المفهوم السابق يُعطينا نار الروح القدُس,وكما يقول القديس مقار:عندما تنال النفس هذه النار السمائية,حينئذ تنفك من محبة العالم,وتفلت من كل فساد الأهواء,وتتغير طبيعتها-النفس-من يبوسة الخطية[5],ليتنا ننال تلك النار التي تشتعل في قلوبنا,فتُطّهِّر هذا المكان المُقفر,وتُأكل الحشائش المزروعة في القلب,فيُصبح القلب عرش مُؤهَل أن يكون عرش للثالوث القدوس ليسكن فيه.


صلاة للقمص تادرس يعقوب
اسرع واجعل من نفسى مسكناً لك,ومن قلبى مستقراً..
تعال..فانى مريض حُباً,بُعدى عنك هو موت لى وذكرك يُحى نفسى!
رائحتك تعيد لى قوتى,وذكراك يخفف الامى,ظهورك شبع لى..
يا حياة نفسى..قلبى يجرى ورائك ,ويذوب عند تذكر خبراتك,
متى يحين رحيلى الى ملكوتك؟!متى احظى بمعاينة جمالك ,
ايها الحياة,سعادة قلبى!
لماذا تحجب وجهك عنى,يا سعادة نفسى الوحيد[6]


mina fawzy
سرجيوس
____________________
[1]سفر النشيد2:5

[2]اللاهوت المسيحى والانسان المعاصر ج1-المطران كيرلس سليم بسترس ص30

[3]الروح القدوسوعمله داخل النفس ص92

[4]عهد الصحراء ص 32

[5]العظة الرابعة ابومقار

[6] الله فردوس نفسى-القمص تادرس يعقوب ص24

اللاهوتى ومفهوم الاستنارة(حواطر لاهوتية)ج2





الاستنارة ما هيا الا الصعود الى الجبل,والدخول فى الغِمام,وعندئذ ِترى الله كما فعل موسى, فنسمع اغريغوريوس اللاهوتى يقول:ـ عند صعود الجبل فلن تر سوى ما وراء الله(اى شُعاع مجد الله ),فلن تتاتى الاستنارة الا من خلال مجهود منك(صعود الجبل),فالله لا يُعطى الايدى المُرتخية,فقط عليك الصعود الى الجبل,فترى مجد الله كما حدث .


وتامل ان هؤلاء المدعويين يهود عن خروجهم للصلاة,كانو يُرنمون ترانيم تُسمى المصاعد,لانهم يرنمونها وهم صاعدون,فتامل يا اخى انت صاعد الى الجبل تُصلى ,وتدخل الى الغمام,وترى مجد الله,انه المفهوم الرقيق عن الاستنارة,فالاستنارة لا تتاتى الا بالصلاة والجهاد(صعود الجبل) الاستنارة هيا امتداد يد الله,او قول مع اشعياء"اشراق الهى"[اش1:60]


فيكون ذاك الانسان نِير العينين,ومن ثم فجسده كله يكون نيراً,لان العين هيا السراج,الذى ِنسير به,وان كُنت فى حالة استنارة,تحولت الى تلك الحالة عينها-اقصدالمُحاكاة الألهية-اى فى حالة صلاة دائمة.فلم يعُد هذا السراج يرى سوى الله,او قول لم يعد فى القلب رغبة لرؤية غيره.


فطوبى لمن يسمع الصوت الالهى, ] [قومي استنيري لانه قد جاء نورك ومجد الرب اشرق عليك.]انها دعوة,هيا قوم استنير,لان اِلهك(نورك)قد جاء,وهو من سيُنير لك طريقكك.


انها دعوة عظيمة من الله لنا لكى نستنِير,دعوة لكى نقوم من النوم(الخطية),وبولس سمع هذا الصوت ونادى به,فنسمعه يقول لنا:ـ [لذلك يقول استيقظ ايها النائم وقم من الاموات فيضيء لك المسيح] [Eph.5.14]


نعم يا اخوتى,لان الله هو نور العالم كما قال المسيح][ انا هو نور العالم.من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة.] [Jn.8.12].


فالاستنارة ليس كما يُعرفها الغرب والشرق,بانه انسان مثقف مُتفتِح العينين,او كما يقولون شخص مُتحضر,لا ليس هذا التعبير مقبول عندنا,فنحن نرفض تلك الاستنارة الارضية النفسانية,ولن نقبل بالاستنارة الالهية بديل,لهذا نقول دوما,ان الانسان اللاهوتى ليس من يُجالس الكتب بعينيه ليُدرك العلوم والمكتوب,بل اللاهوتى هو شخص –صِلى-لكي ما يرى الله,واستمر فى هذه الصلوات حتى استجاب له الله,فاجرى فى عينيه عمليه جراحية ليضع فى تلك العين,الخواص والمُميزات التى تسمح لها برؤية الشمس,ومن ثُم يقدر ان يُعاين النور.


انه يسيراً ان نُصلى بالاجبية ونقول"بنورك يا رب نُعاين النور"انها حقاً جُملة تبدو انها مُفتقدة الى كل المعانى,ولكن الانسان المُدقق يِعى تماماً ان بنور الله(اى استجابة الصلاة حيث طلبنا لرؤيته)نُعاين ونُدِرك الله(اى النور)


فنحن لا فضل لنا ولا منا,بل من الله، لانه استجاب فانار عينى,فاصبحت ارى,لا كما يرى العالم بل ارى ما لم يراه العالم ولا العين البشرية فانا ارى الله امامى فى كل حين,لعل المُرنم قال "انر عينى"لهذا الغرض الذى نجِمح اليه و عنه الان.


لعل قائل يقول انا من ابتداء بالصلاة,والله استجاب لى,فانا من ابتدى لا الله,نقول له لعلك لم تصل الى معنى الصلاة الحقيقية,فالصلاة ما هيا الا دعوة او نداء الهى,واستجابة بشرية,فالله يدعوك من خلال روحه القدوس,هيا يا فتى قوم تحدث معى


انها دعوة,تِبث فيك اشتياقات لا نهائية تجاه ذلك اللا نهائى,فانت تستجيب لهذا الحِث وتقوم تصلى,وكانها عمليه ديناميكية الله ياخذك من يدك (برغبتك)لتِجلس معاه,فيسمع منك ما تحتاجه,فيعطيك ما ترغبه.بل هيا دعوة الاهية لاستدراج الانسان من خلال طلبات الانسان لتتحول تلك العلاقة النفعية(الطلبات)الى علاقة حُب بين اثنين,قد وصلو الى درجة الكمال فى الحب الغير مشروط,او المِعنى باى من المصالح


فاذا استُنِيرت عينك فطوباك فانت اصبحت شخص لاهوتى,ومُختبِر ايضاًوهذا ما نرجوه,الاختبار وسر الشركة,انها يا اخوتى افضل من تلك المعرفة الجامدة عن الله,او قول المُتحجرة,لان معرفة الله افضل بكثيراًمن المعرفة عن الله
[صِلى..تستنيرعينك...ترى الله...تستمد معرفتك منه لا من غيره]


صلاة من الاجبية
أيها النور الحقيقي الذي يضئ لكل إنسان
آت إلى العالم، أتيت إلى العالم بمحبتك للبشر،
وكل الخليقة تهللت بمجيئك. خلصت أبانا آدم من
الغواية، وعتقت أمنا حواء من طلقات الموت،
وأعطيتنا روح البنوة، نسبحك ونباركك قائلين
(ذوكصابترى).




mina fawzy
ســرجــــــيوس

هل نحن نبخر للأيقونات؟تصحيح لفكر أرثوذكسى ليس أرثوذكسى


 

  هل نحن نبخر للأيقونات؟تصحيح أرثوذكسى[ لفكر خاطئ سائد]
بقلم مينا فوزى..


-نُسئ إلى أنفُسنا قبل أن نُسئ إلى الأرثوذًكسِيَة إذ نُدافِع عنها-الأرثوذكسية-دًون أن نُدرِك ما نحن نُدافع عنه.نُحاول الدفاع عن بعض الطقوس الكنسية دون فِهم هذا الطقس,ولا معرفة الدافع وراء مُمارسة هذا الطِقس,فأصبحنا نُدافع عن وِثن نجهله,ولم تكن الآرثوذكسية ذات يوم بوثن أصِم,بل إنَ الآرثوذكسية عقيدة حية وفعالة,فقط إن فهمنا الغرض من تِلك العقيدة ومارسنا طقسها بجِدة الروح.

-دافع الكثير عِن الأيقونات ربما عن عِلم وربما عِن جِهل,وكان الغرض الأساسى هو الدِفاع مِن أجل الدِفاع,وليس الدِفاع من أجل توضيح الأرثوذكسية الحِقَة.فتحول شئ أساسى فى الكنيسة الأرثوذكسية إلى وثن عِند الأخريين,وربما عِندنا نحن أيضاً.

-عِلينا إحياء كُل ما هو أرثوذكسى.إحياء كل طِقس كِنسى.وليس إحياءُه فقط!بل الحِياة معاه وفيه وبه,فِلِم يكُن تكريم الأيقونات يومٍ وِثنٍ,ولم يكُن التبخير للأيقونات مُمارسة وثنية سِبقنا بها وثنيين العالم الرومانى أو اليونانى.ولِكن بِجهلنا نحن قد حِولناها إلى وِثنٍ.وتِحولنا مِعاهاَ إلى أبِشِع صور العبودية التى تِخلوا أى مُمارسة مسيحية منها,

-فالأساس فى أى مُمارسة هو الحُب,لِمن أُوجِه إلىه ممُارستىِ,ولكن فى عصرنا هذا تحولنا من أساس المسيحية وهو الحُب.إلى أساس الشِرِك والعبودية,ويكُمن سِبب هذا السر لِيس وراء عِيب فى طقوسنا الآرثوذكسية فحسب.بل وكل أسف يُرتجَىِ السبب فى أنفُسنا التى تُحولj إلى أله تِجهل ما تقوم بِه.


-إن هذاالمقال هو دِعوة إلى إحياء كُل ما هو أرثوذكسى,كما قولت لِيس مُجرد إحياءه فقط,بل الحياة به ,فِعلِينا أن نِتعلم لماذا نُكِرم الأيقونات؟لِماذا نٌبخر لها,وهل مارست الكنيسة الأولى هذا الطقس؟وهل نحن نُبِخر للأيقونات فى الأساس؟يُسعِدنى أن أختم مقالى قبل أن يبداء فأقول لكُل أرثوذُكسى إننا لم نُبخر يوماً إلى أى صورة او أى أيقونة.

-لِنوضح إيماننا دون التهجم والتبجح على الأخر المُختلف مِعى فى عقيدتى,فليؤمن من يشاء بالأيقونة ويرفض من يرفض,فإن قبلنا وإن رفضنا فهيا مُجرد وسيلة للتعليم ,والأساس هو الإحترام للأخر,وعِدم لِعنه لمُجرد إنه لا يقبل شئ غير أساسى فى "قضية الخلاص المسيحى".إننا نحتاج إلى التعلم كيف التحاور مع الأخر المُخالف لنا. فنحنُ بارعون فى سب ونقد كُل من هو مُخالف لنا.كأرثوذكسى أتكلم.

-ولِيس رفض بعض الكنائس الإنجيلية[1] لما نؤمن به هو المُبِرر لِخلق عداوات ونِزاعات معهم,بل لِيكُن هذا الرفض مِدخل إلى النقاش والحوار المسيحى الراقى,وليس ليتحول النقاش إلى حِرب شوارع كُل ما فيها مُباح,كأرثوذكسى أتكلم.

-وبعد هذا يبقى السؤال"إلى متى نُسئ إلى أنفُسِنا"لنِدِع الفكر الأرثوذكسى المسيحى المُحِب يتحدث,ذِلك الفكر الذى تِتمِسك به كُل طوائف المسكونة المسيحية,ولا حِكر للأرثوذكسى فقط عليه.



مينافوزى
سرجيوس                         
                                                                                 
_____________________

 ينقسم هذا البحث إلى ثلاث أجزاء
الجزء الاول:هل نِحن نُبخر للأيقونات؟.
الجزء الثانى الغنوسية والأيقونات.
الجزء الثالثا:البخور فى تاريخ الكنيسة الأولى.




الجزء الاول:هل نِحن نُبخر للأيقونات؟.

-العين الساذجة لا تِرى فى البخور إلا مُجرد دخان طيب الرائحة..إلا إن عين النفس المكشوفة التى وُهبت التأمل تراه صاعداً حتى السماء محملاً بصلوات القدسيين[2].فالبخور فى العبادة هو الصلاة[3],وهو يصاحب صلوات القدسيين ,وقيل عليه انه هو صلوات القدسيين أنُفسِهُم(رؤيا8:5)[4],وهناك تحذير بأن البخور لا يقدم إلا لله وحده فقط(خروج36:30).وهذا ما نجده فى(ملاخى11:1). لِعِلَ هذا هو السبب وراء رفض الشهداء والقِدِسيين للتبخير للأصنام,وهذا ما يؤكده الأنبا بيشوى إذ يقول:ـ [التبيخر بمعنى العبادة وهذا نحن لا نستخدمه مطلقًا لا مع البشر الأحياء ولا مع أيقونات القديسين. إلا عِند التبخير ناحية الشرق ونحن نقول أمام باب الهيكل: "نسجد لك أيها المسيح إلهنا مع أبيك الصالح والروح القدس..." والمقصود هنا أننا نعبد الله المثلث الأقانيم الذي مجده ملء كل الأرض وخاصة في هيكله المقدس.[5][


-فالكنيسة الارثوذُكسِية عندما تقوم بالتبخير,فهيا لا تُبخر للصورة أو للبطريرك ,ولا الشعب,بل عندما يقوم الكاهن بالتبخير أمام الايقونة  لفى ذلك كِناية على إن صاحب تِلك الأيقونة حاضر(لأن الكنيسة السماوية والأرضية واحِد) فِصاحب تِلك الأيقونة موجود ويُصلى والكاهن يٍرفع بخور صلاته مع صاحب تلك الأيقونة(رؤيا3:8),وهذا ما فعله الملاك عندما وقف أمام المذبح وأعطى بخور.فيقول الإنجيل:ـ{{ وَأُعْطِيَ بَخُوراً كَثِيراً لِكَيْ يُقَدِّمَهُ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ جَمِيعِهِمْ عَلَى مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ الْعَرْشِ.4فَصَعِدَ دُخَانُ الْبَخُورِ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ مِنْ يَدِ الْمَلاَكِ أَمَامَ اللهِ}(رؤيا3:8).

-يُعلق القمص تادرس يعقوب على نص (رؤيا5)فيقول:ـ[يا له من منظر سماوي مفرح حينما تنِطِق بكلمة تسبيح، أو تترنم بلحن سماوي، أو تسجُد باِنسحاق قَلب، أو تُقرِع صدرك في تواضع. هذا كله بما يحمله من تسبيح روحي في داخل القلب تحمله الملائكة لتضعه في جامات الذهب السماوية، ويُقدمها الأربعة والعشرون قسيسًا، فيمتلئ العرش الإلهي بتسابيح البشرية كلها من مجاهدين ومنتقلين، ممتزجة مع تسابيح الطغمات السمائية في وحدة الحب الحقيقي, لِهذا نتِرنم جميعًا ويُسِبح معنا المنتقلون قائلين ككنيسة واحدة أو كشخص واحد: "لتستقم صلاتي كالبخور قدامك" (مز 141: 2).] [6].


-إذا كُنا نؤمن إن صاحب الأيقونة حاضر وموجود,ويشِترك معانا فى الصلاة,فإن الكاهن عندما يقوم بالتبخير أمام الأيقونة,فهو بالتأكيد لايُبخر للأيقونة فحسب .بل هو يؤكد على وحدة وشراكة الكنيسة السماوية والكنيسة الارضية فى الصلاة,فصاحب الأيقونة حاضر ويصلى والكاهن يرفع بخور لله مع صلوات صاحب تلك الايقونة.وكأنه كل مِن الكاهن وصاحب الأيقونة يُرتلون ويُسبحون معاً لله صاحب المجد,فتمتلئ السماء بتسابيح البشرية كلها من مجاهدين(أحياء على الأرض) ومنتقليين(الراقديين)[7]. فـالتبخير هو عبارة عن شركة صلاة. [8]

وعن إشتراك الكاهن مع الشعب فى الصلاة بإستخدام البخور يقول الأنبا بيشوى فى ذلك:ـ[إن الكاهن يبخر للشعب عند مروره في وسطهم فهل معنى ذلك أن الشعب صار آلهة؟! أم أنه يبخر وكأن لسان حاله يقول إن هذا البخور المتصاعد هو صلوات الشعب التي يرفعها الكاهن أمام الله، وأيضًا صلوات الكاهن من أجل الشعب، فهو شركة الصلاة. ففي سفر الرؤيا يحمل الأربعة وعشرون قسيسًا "جَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ" (رؤ5: 8).][9].


-وكل التِقدمات والعطايا والنذور والبكور والعشور التى تقدم لله فى كنيسته المقدسة مع الشكر هى رائحة بخور يشتمها الله بالرضا والسرور.فلازال البخور الذى يرفع أمام الله فى الكنيسة باعثاً على استجلاب رضاه كى يرفع غضبه عن العالم..وحرق البخور يحمل معنى كل الخدمة المقدسة ,وأنواع العطايا التى تقدم لله فيها,وذبيحة المسيح التى لا يكون غفران للخطايا إلا بها وذبيحة التسبيح أى صلوات ,واستجلاب الرحمة من الله[10].

- -فالبخور يُشبه الصلاة التى تُرفع مع صلوات القدسيين إلى الله,وبحسب (خروج30:36),(ملاخى11:1)فيكون البخور لله وحدة وليس لغيره,فالكنيسة الارثوذكسية تطبق وتنفذ ما هو فى الانجيل ولا تحيد عنده,عندما يقول الانجيل إن البخور لله وحده فهكذا نِفعل,وعِندما نقراء إن البخور يِصعد كصلاة فهكذا نؤمن.

 -فإن كان الهِدف من التبخير هو العِبادة فنِحن نرفض هذا,وعلى هذاالمنوال نقول إن الهدف الأساسى لمنع الرب من صناعة تماثيل ومنحوتات وصور هو لاتسجد لهن  اى سجود العبادة(خروج4:20-5),فإن كان هُناك صِناعة بهدف غير العبادة فهذا أمر لايُمكن أن نرفضه فالرب نفسه أمر بأن يتم صناعه حية نُحاسية(العدد8:21)وكاروب ذهبى على التابوت(الخروج17:25),وأمر الرب ليس فيه أى تناقض,لإن المنع الأول هو لسبب العبادة.أما إباحته لِسبب التزيين والتعليم وليس العبادة[11]..



-ونختم هذا الجزء بتأمل جميل للقمص تادرس يعقوب عن(رؤيا2:8-4) إذا يقول:ـ[الكنيسة التي لا تكف عن تقديم البخور سواء من أعضائها المنتصرين في الفردوس أو المجاهدين على الأرض، الكل يود رجوع الخطاة إليه.. يرى ابن العسال أنه ملاك حقيقي من طغمة الكاروبيم، إذ هم يهتمون بالذبائح التي نقدمها لله (قض 6: 21، تك 22: 11).

وفى نهاية القداس يطلب الكاهن من ملاك الذبيحة الصاعد إلى العلو بهذه التسبحة (القداس الإلهي) أن يذكرنا أمام الله والرأي الأرجح أنه هو "الرب يسوع" الذي رمز له في سفر الرؤيا بالملاك كما في (رؤ 10: 1؛ 18: 1) ودُعي ملاك العهد في( ملا 3: 1-2). إنه الشفيع الكفاري الذي هو "حي في كل حين يشفع في كثيرين". إنه أسقف نفوسنا ورئيس الكهنة الأعظم، يقف عند المذبح الذي هو صليبه حيث قدم ذاته ذبيحة عنا، ومعه مبخرة من ذهب، أي مِبخرة روحية هي شفاعته الكفارية التي "تعطى بخورًا كثيرًا"، مدافعًا ومحاميًا عن أولاده. وفى محبته يتقبل "صلوات القديسين" المنتقلين والمجاهدين ليقدمها فيه للآب كذبيحة طاهرة مرضية ومقبولة كوعده "إن ثبتم في وثبت كلامي فيكم، تطلبون ما تريدون فيكون لكم" (يو 15: 7)[12].




الجزء الثانى الغنوسية والأيقونات.

-لقد فِهم الغنوسيين طِقس التبخير للأيقونات بشكل سيئ,فأخذواُ يُبخرون للأيقونات ويقومون بتكريمها بشكل سيئ للغاية,ربما تمجيدهم للأيقونات تحول إلى شِكل من أشكال العبادة,فكان هذا سبب إِثَارة لِدىَ المؤمنين فكان كل من القديس[إيرنيؤس وترتليان وأوريجانوس]يرفضون هذا ويقومون بتحريم الأيقونات ومهاجمتها[13].

-وكان هُناك تشابه بين الفكر الغنوسى وإيمان الوثنيين فى أمر الآيقونة فحقيقة الآمر فإن الوثنيين تمادوا فى هذا الآمر وتحول إلى خِدع وأضالييل ,فكان الوثنيين يؤمنون إن الصورة يستخدمها الإله وسيلة لإستعلان ذاته ,فرغم أنهم لم يكونوا يعتقدون فى هذه التماثيل ذاتها أنها الآلهة إلا إنها كانت ترفع إلى مستوى التأليه بسبب الآلهة التى حلت فيها.[14]ولِعِل هذا ما ظِنه سُكان لِيكاونية عن بولس وبرناباس فقالو:ـ[«إِنَّ الآلِهَةَ تَشَبَّهُوا بِالنَّاسِ وَنَزَلُوا إِلَيْنَا](اعمال11:14-12)[15].



-وكان سبب عداء  الأباء السابق ذكرهم ومعظم اللاهوتيين للأيقونة فى القرن الثانى والثالث هو تمجيدها نفس تمجيد الرب,وأصبحت الأيقونة هيا الإله الواحد الذى يجب له العبادة والتمجيد,ولكن لم يكن هناك أى هجوم من خلال هؤلاء الأباء للأيقونة فى حد ذاتها كوسيلة للتعليم.بل نرى إنه القديس إكليمندس الإسكندرى يُخبرنا عن نقش للراعى الصالح كرمز عن المسيح [16].والعلامة ترتليان هو أول من تحمس للإشارة الصليب ورسمها على كل أعضاء الجسد[17],ورشمها كأمر واقع يمارسه المؤمن طوال يومه[18].

 -وما يؤكد إن هجوم أباء القرن الثانى للأيقونة,لم يكن إلا  لمحاربة الإتجاه الغنوسى بأفكارِه الخاطئِة هو إن العلامة ترتليان الذى لُقب بمُحارب الأيقونات وعدوها,يُحبذ رسم الرموز التى تعبر عن أمثال السيد المسيح فنجده يقول:ـ[ونبدأ بالحديث عن أمثال المسيح,فمثل الخروف الضال الذى وجده وحمله على منكبيه معروفة جيداً من وقع النقوس التى ترُونِها بوضوح على الكأس(كأس الإفخارستيا)فهذا تعبير عن الراعى الصالح[19].



-إن تقديس الأيقونة نِفسها لدرجِة عبادتها شئ ,وشئ أخر أن يتعلم الإنسان من الصورة ما ينبغى أن يُقدسه ويعبده(أى المسيح)فإذا وجدت إنسان  يرسم أيقونة فلا تمنعه بأى حال من الأحوال,ولكن إن هو بدأ يعبد الأيقونة فأمنعه على كل حال[20].ويؤكد نيافة الآنبا أبيفانيوس أسقف دير ابو مقار على إن الصور والنقوش بكافةأنواعها ورموزها ومدلُولاَتِها هِيا جزء لا يتجزء من العبادة الطقسية [21].



الجزء الثالث:البخور فى تاريخ الكنيسة الأولى.

-نوضح إنِه لِم يِصلنا من  القرون الأربعة الأولى[22] أى تفصيلات فى كتابات الأباء حول إستخدام البخور[23] فى الطقس الكنسى,ليس لإنهم لم يستخدموا البخور فحسب بل لِعدةأسباب يعرفها دارسى التقليد الكنسى  وهيا:ـ

1-كان هُناك تحرِيم قاطع ومِنع كتابة أية تفصيلات عن كافة الأسرار الكنسية حتى لا يطلع عليها الوثنيون ويتخذونها مجال للطعن والتشكيك,ونفس الأمر لا يعرفه الموعوُظيِن المتقدميين للمعمودية حتى ليلة العماد بيوم واحد أو ليلة واحدة[24].,فيقول الآب متى المسكين:ـ[من الطبيعى أن تخلوا  كتابات الآباء من ذكر البخور بالتفصيل][25].

2-الآمور الخاصة بتفاصِيل الطقس الخاصة بالأسرار وشرحها وممارستها كانت تدخُل ضِمن التقليد الشفاهى السرى [26]فى الكنيسة,وكان لا يجوز تسليمها إلا للمؤمنين فقط[27].

-وليس لُعدم وجود أى ذكر للبخور خلال الأربعة قرون الأولى ,يُصبح هذا الأمر غير موجود,بل كما أشرِنا أنِفاً إِن عِدم الذِكر له أسباب أَلِت إلى ذلك,إلا أنه يُمكننا  أن نقول :ـ إنهِ رِغِم تحول العبادة من العهد القديم إلى العهد الجديد,فإن هذا لم يحول مفهوم تقديم البخور فى الصلاة كصلاة,بل يبقى كما هو يُعبِر عنه العلاقة الأساسية التى تربط الإنسان بالله[28].


-فطقس البخور هو أمر كتابى موجود فى مُمارِسَات اليهود قديماً ومُدون فى الكتاب المقدس,فنِسمع إن الله قد أمر موسى بإقامة مذبح لإيقاد البخور فى خيمة الإجتماع,وكان يتم تقدِيم البخور بصفِة دائمة عليه(خروج30)وكان هُناك نِهى قاطع بإستخدام هذا البخور فى اى أمر غير العبادة.فكان طِقس البخور هو إمتداد للكنيسه اليهودية فى كنيسة العهد الجديد.

-وهذا الإمتداد هو ليس إمتداد فى الكنيسة الجديدة فِحسب بل هو إمتداد فى كنيسه السمائيين أيضاً وهذا ما أكده القديس يوحنا الحبيب أيضاُ(رؤيا8:5),(رؤيا3:8-4),وجاء عن الأسقف إنه يحمل البخور ويدور به حول المذبح ثلاث دُفعِات تمجيداً للثالوث القدوس ,ثم يدفع البخور للقِس فيدور بها على الشعب كله[29].


-وما يدُل على إستخدام الأباء للبخور فى الصلاة هو ما قاله العلامة كليمندرس الإسكندرى (سنة150)فنجد إشارة لإستخدام البخور على المذبح ,وفى محاولة مِنه للإرتقاء والسمو الروحى بمفهومنا الطقسى إلى طقس أعلى فيقول:ـ[إن المذبح المقدس الحقيقى هو النفس البارة والبخور الحقيقى هو الصلاة المقدسة][30]. وفى قول العلامة إكليمندس تأكيد على إستخدام البخور على المذبح كنوع من الصلوات.


-ورغم نُدرة وإنعِدام أى تقليد قديم يوضح ممارسة البخور –كما أشِرنا أنفاً-إلاإِننا نجد  فى سِيَر بعض الأباء ما يُشير إلى ذلك الأمر مثل القديس ديمتريوس الأول [31].ففى تِذمر الشعب على رِسامة بطريرك متزوج,فأوحى له من خلال مِلاك بأن يُثبت للشعب بتوليته,فقام بعد صلاة القداس يوم الأحد طلب من المؤمنين أن لا ينصرفو ,وقام أخذ المجمرة(الشورية)وهى متقدة ناراً وقلبها مع بخورها فى كُم جِلِبِيِتِه وكُم زوجته.وطافا البيعة (الكنيسة)كلها أمام المؤمنين دون أن يحترق [32].

-وبعيد عن ما تُقدمه القصة من مُعجزة وقداسة على يد البابا ديمتريوس الكرام.إلا إن ما يهُم هُنا شئ هام قد ورد فى تِلك القصة وهو"بعد إنتهاء القداس يطلب البابا أن لا ينصرفوا"وايضاً القول"إن البابا أخذ مجمرة مُتقدة ناراً"ففى هذا دليل على الإستخدام الكنسى للبخور فى القداس الإلهى,وإتقاد البخور دليل على إن هذا البخور كان مُشتغل لخدمة القداس,وفى هذا دليل قديم على إستخدام البخور فى الليتورجية.


-وهُناك إشارة هامة فى كتاب"تعاليم الرسل"[33].ويوضح إستخدام البخور  فى الكنيسة فى أوقاتهَ المُعِينة,وفيه ينُص على أنه كان الأسقف يُبخر فى الهيكل بنفسه أما الكاهن فيبخر البيعة-اى الكنيسة.[34]وإذا تأملنا فى هذا الأمر فإننا نِجد إن الأب الأسقف يُبخر للسيد المسيح ثلاث مرات فى المذبح ثم يُعطى المجمرة للأب الكاهن ليُبخر الكنيسة-أى الشعب-وأثناء تسليم الأسقف للكاهن المجمرة أو العكس .يقول الشخص الذى يعطى المجمرة للأخر"أسالك يا أبى أن تذكرنى فى صلاتك".

-ففى تبخير الكاهن للشعب والكنيسة دليل على ما قيل سابقاً إن هذا إشتراك الكاهن فى صلوات الشعب بإصعاد صلواته وصلواتهم كبخور إلى الرب,وفى طلب الكاهن"الذكر فى الصلاة"دليل على إن البخور هو أمر يختص بالصلاة للرب فقط.



إلى هُنا أعاننا الرب
مينا فوزى

[1] ترفُض بعض الكنائس الإنجيلية الصور والأيقونات, كما هو وراد فى كتاب "مدخل إلى الكنائس الإنجيلية ولاهوتها \للدكتور القس عيسى دياب.ص271ومابعدها.
 [2] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص615.
[3] انظر القمص اثناسيوس المقارى, -معجم المصطلحات الكنسية-الجزءالأول,ص207.
[4] انظر الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد-الجزء الخامس-ص318,317.
[5] انظر كتاب هل نحن نعبد الأصنام فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.ترقيم(12) البخور,للمطران الأنبا بيشوى.
 [6] تفسير القمص تادرس يعقوب لسفر الرؤيا ص74.
[7] المرجع السابق.
[8] انظر كتاب هل نحن نعبد الأصنام فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.(12)البخور,للمطران الأنبا بيشوى,ص11.
[9] انظر كتاب هل نحن نعبد الأصنام فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.(12)البخور,للمطران الأنبا بيشوى.ص11.
[10] معجم المصطلحات الكنسية,الجزء الأول ص209.
[11] أنظر الآب يوحنا الدمشقى,عقائدنا المسيحية ص374.
[12] تفسير سفر الرؤيا للقمص تادرس يعقوب ملطى,ص102,101.
[13] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص583.
[14] الآنبا ابيفانيوس أسقف دير ابو مقار -تفسير سفر الخروج,ص452-453.
[15] راجع تفسير القمص تادرس يعقوب ,إذا يقول:ـ[  كان في القديم فكرة سائدة بين الوثنيّين أن الآلهة اعتادوا افتقاد البشر في شكل بشري. وُجد اعتقاد راسخ بين هؤلاء الناس بأن زفس (جوبتر) وهرمس Mercury ظهرا مرّة في فريجيّة لزوجين يدعيان].
[16] المرابى11:3.
[17] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص584
[18] كنيسى الأرثوذكسية ما أجملك,الجزء الثانى.القس بيشوى حلمى ومراجعة الآنبا بيشوى والآنبا موسى,ص126.
[19] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص584
[20] البابا غريغوريوس الكبير( الرساله9:9).
[21] الآنبا ابيفانيوس أسقف دير ابو مقار تفسير سفر الخروج,ص457.
[22] ربما يكون هناك أمور مدونة لم تصلنا بعد,وربما فى المستقبل تثمر الإكتشافات على شئ يخص البخور فى الكنيسة الآولى.
[23] الكلمة العبرانية هيا"ليبوناة"واللفظ اليونانى قريب منها وهو"ليبانو"أى اللبان,والبخور هو تركيب من لبان وصمغ وبعض العطور.
[23] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص615.
[23] المرجع السابق.
[24] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص615.
[25] المرجع السابق.
[26] ليس معنى سر إنه أمر غير معروف أو شئ غامض أو شئ غير منظور بل إن التعليم الآرثوذكسى حول كلمة سر هو أمر لا يُمكن إدراكه بالعقل,[أنظر العظة ال13للقديس يوحنا فم الذهب على رومية25:11-المركز الآرثوذكسى للدراسات الآبائية الرسالة إلى روميةتفسير القديس يوحنا ذهبى الفم –الجزء الثالث-ص210.].والسر هو عمل من أعمال الله الفائقة التى كانت مخفيةعنده,ثم أعلنها وهى التى لا تخضع للعقل[شرح الرسالة إلى رومية –الآب متى المسكين ص501.].
[27] حياة الصلاة الأرثوذكسية,للأب متى المسكين-دير القديس انبا مقار، ص616.
[28] المرجع السابق ,ص615.
[29] عقائدنا المسيحية الآرثوذكسية مراجعة الآنبا بيشوى,والآنبا موسى,والآنبا متاؤس ص377.
[30] مقدمات فى علم اللاهوت الطقسى للقمص إشعياء عبد السيد,ترقيم(39)إعتراضات على إستعمال البخور
[31] البطريرك الثانى عشر على الكرسى السكندرى(191-224).
.[32] أنظر إيريس حبيب المصرى فى كتابها قصة الكنيسة القبطية,وهى تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية المصرية التى أسسها مارمرقس البشير-الكتاب الأول-ص49. راجع قاموس أباء الكنيسة وقدسيها للقمص تادرس يعقوب ملطى .وايضاً تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا ص23.
[33] وهو كتاب يعود للقرن الرابع ولكنه يحتوى على جزء هام من مدونات القرن الثانى والمنسوب ليهود الإسكندرية المتنصريين.
[34] عقائدنا المسيحة الآرثوذكسية مراجعة اللآنبا بيشوى,والآنبا موسى,والآنبا متاؤس ص377.