2023/05/04

مأساة ثاوفيلس (ج3)

ثاوفيلس(ج3)

-      بعد ان بينا التغير المفاجئ الذى حدث لثاوفيلس بعد هجوم الرهبان  عليه ومحاولة قتله ،جراء ماكان يعلم به، وبعد ان بينا مشكلته مع "ايسيذورس"، وكيف تعامل بوحشية مع الرهبان من ضرب وحبس وسرقة ونهب وحرق لقلاليهم ،ننتقل الى نقطة اخرى نبين من خلالها سبب العداء المفاجئ الذى تنباه ثاوفيلس ضد اوريجين وبالادق ضد الاوريجانيين.

-      فكراهية ثاوفيلس ل"ايسيذورس" ترجع الى شهادة حق قالها "ايسيذورس" ضد ثاوفيلس ،شهادة حق  فى حق الكاهن بطرس،اذ ان بطرس سمح بالتناول   لسيدة - كانت مانوية وامنت - فلما قام ثاوفيلس بتوبيخ بطرس على ما فعله ، رده بطرس قائلا:- " انه قد قبل المراة فى الشركة وفقا لقوانين الكنيسة، وبموافقتك" وأشار الى "ايسيذورس" باعتباره شاهد لماحدث، فأكد "ايسيذورس" صدق كلام بطرس، فغضب ثاوفيلس واعتبرهم كدابين وطردهم هما الاثنين[1] ويضيف سوزومين سبب ثالث لسبب بغضه ثاوفيلس لبطرس وهو:" ان بطرس رفض شهادة كذب يخص ميراث اختته ثاوفيلس"[2]

-      وسبب اخر لكراهية ثاوفيلس لهؤلاء الرهبان هو انه رسم بعضهم اساقفة غصب عنهم، فلم يرتاح هؤلاء الرهبان، لانهم غير قادرين على ممارسة حياة النسك، واتضرروا روحيا، كما انهم لاحظوا ان ثاوفيلس يطمع كثيرا فى المال، يقول سقراط"يطمع فى الكسب ويرغب فى اقتناء الثروة بشراهة، و"لم يدع حجرا الا وقلبه من أجل الكسب" فرفضوا البقاء ،ولمعرفتهم  بشر ثاوفيلس وكنوع من الاحترام  قالوا له "نحن نحب الوحدة عن حياة المدينة" ومع الوقت عرف  ثاوفيلس السبب ، وهو  انهم غير راضين على سلوكه، فتضايق منهم وقام مهددهم انه سيأذيهم، فلم يسمعوا له وذهبوا  للدير[3]

-      ولعل ما فعله من ضرب امونيوس وتعذيب ديسقورس وحرق وسرقة القلالى تنفيذاً لما توعدهم به ثاوفيلس،ونتيجة لهذا هرب الرهبان من بلدهم وديرهم وكنيستهم تاركين كل شئ ورائهم وهربوا الى فلسطين(مثل معلمهم اوريجن)،فكتب ثاوفيلس الى اساقفة فلسطين يحثهم ان لايقبلوا هؤلاء الهاربين من بطشه[4]، فلم يكتفى بتشويه سمعتهم بين رهبان الاسقيط، بل نجده يرسل الى اساقفة فلسطين من اجل تشويه سمعه الرهبان واصفا اياهم بأبشع الصفات، ومن أجل اخفاء عدائه وبغضته، كان دوما يمزج شتيمته باخطاء لاهوتيه ملفقة الى اوريجن[5]

 

 -      فلم يكتف ثاوفيلس بمطاردة هؤلاء الملكومين فى فلسطين، بل عندما هربوا من فلسطين الى "ق.يوحنا ذهبى الفم" استمر فى مطاردتهم حتى فى القسطنطينية

-      وفى القسطنطينية لم تكن الاحداث   افضل من الاسكندرية، فلم يكن "ق.يوحنا ذهبى الفم" اكثر حظاً من أوريجن والاخوة الاوريجانيين، فقد اخذ يوحنا منابه من التهب والاشاعات، اذ وصل  لثاوفيلس ما يفيد  ان يوحنا قد قبل شراكة (فى الافخارستيا)الرهبان الذين حرمهم ثاوفيلس،فتضايق ثاوفيلس وشرع فى العمل ضد يوحنا ذهبى الفم[6]

-      لم يتوخى ثاوفيلس الحظر فيما يصله من اخبار، بل تجده كما لو كان منتظراً اى خطأ حتى ولو كاذب ليصدقه، ينفث من خلاله غضبه على معارضيه،فكيف ليوجنا ان يقبل هؤلاء الخارجين عن طوع اسقف الاسكندرية؟؟

-      فما وصل لثاوفيلس من اخبار ، كلها غير حقيقة فذهبى الفم اكرم استقبلهم ولم يستبعدهم من الصلاة ولكنه أجل اشتراكهم فى التناول من الاسرار حتى يتم فحص الامر [7]،وظل قلب يوحنا ملتهب، كيف يؤجل شركة هؤلاء فى الافخارستيا،فهى ملك لله وحدة وهو وحده الذى له الحق فى هذا الامر.

-      وظل   قلب الراعى   يؤلم ق.يوحنا من منظرهم البائس يقول بيلاديوس "بمحبة اخوية عميقة تأثرق.يوحنا بشدة وانفجر فى البكاء وتساءل أى خنزير يعيش  فى الغابات او وحش جاحد قد ألحق هذا الاذى بالكرمة المثمرة" فطلبوا منه الجلوس وقالوا له "اعطينا ضمادات لجرح نفوسنا مما فعله غضب ثاوفيلس بنا،فحتى لو لم تهتم لأمرنا من اجل احترامك او خوفك من ثاوفيلس مثل باقى الاساقفة(أساقفة فلسطين)فلا حل امامنا سوى الملك لنخبره بسوء سلوك هذا الرجل"[8]

-      لقد كان "يوحنا ذهبى الفم"الاسقف والبطريرك الغريب عنهم-ولاغربة فى جسد المسيح-  كان قلبه يقطر دموعاً من أجلهم، وفى طيبة قلبه أرسل يوحنا لثاوفيلس ظاناً منه انه قادر ان يغير مشاعر ثاوفيلس تجاه اولاده،فطلب من الرهبان الهدوء محبة فى الله،حتى يرسل الى ثاوفيلس[9].

-      وبالفعل  كتب الى ثاوفيلس بكل لباقة وكإبن لثاوفيلس وأخ ان يتعطف عليهم ويحتضنهم كاطفال صغار[10]، وكتب فى رسالته"يطلب منه قبولهم فى الشركة لأن عقائدهم بشأن الطبيعة الإلهية ارثوذكسية،وان كنت متشكك فى ارثوذكسيتهم فأرسل من يدعى ضدهم"،الا ان كبرياء ثاوفيلس منعه من الرد [11]

-      و فى ذلك الوقت كان هناك رجال من اكليروس ثاوفيلس فى القسطنطينية، فسألهم يوجنا عن هؤلاء، فأجابوا "نعم نحن نعرفهم، وقد عاملهم ثاوفيلس بشدة وعنف،فلا تشاركهم فى التناول، حتى لاتضايق البابا منك، ونرجوا ان تعاملهم بطلف،وهو متوقع منك كأسقف"[12]

سأترك مخيلاتكم تتوقع رد فعل ثاوفيلس على هذه الرسالة الرقيقة حتى نلتقى فى الحلقة القادمة من تاريخ ثاوفيلس



[1] Sozomen, The Ecclesiastical History of Sozomen, 440.8:12

[2] Sozomen , The Ecclesiastical History of Sozomen.8:12

[3] Socrates, Ecclesiastical History.6;7

[4] Palladius, The Dialogue of Palladius Concerning the Life of Chrysostom. 7

[5] Norman Russell, Theophilus of Alexandria, Early Church Fathers (London: Routledge, 2007),

[6] Cassian John Cassian, the Conferences,, 6.

[7] Socrates, Ecclesiastical History.6:9

[8] Palladius, The Dialogue of Palladius Concerning the Life of Chrysostom, 7.

[9] Palladius, 7.

[10] Palladius, 7.

[11] Sozomen , The Ecclesiastical History of Sozomen.8:13

[12] Palladius, The Dialogue of Palladius Concerning the Life of Chrysostom, 7.