2015/07/03

الضمير هو اللقاء الشخصى بين يسوع والإنسان.

 


الضمير هو موضع اللقاء بين يسوع الإنسان.
(الاب نادر ميشيل اليسوعى)

 


-يظهر الضمير كـ"مٌعلم"و"مُرشد"بشكل جلىٍ فى الفكر اليونانى القديم.فكان الضمير هو شُعاع الأخلاق الذى لا يُمكن إخفائه,فكان الضمير بشكل عام فى الفلسفة اليونانية يأتى بمعنى"إختبار معرفة للذات فى مسيرة الشخص للوصول إلى أحكام أخلاقية".وللضمير عند كل من"شيشرون"و"سنيكا" أهيمة خاصة,فاعتبروه ينزع الخوف من الأشخاص الذين سلكوا بلا لوم وتأنيباً لمن أخطأ.

-وكتبة الإنجيل كان لهم نفس هذا الفهم الذى كان مُنتشر بإنتشار الإمبراطورية اليونانية بفلسفتها آنذاك.فكان كتبه الإنجيل لهم تشبع بهذا الفهم وخصوصاً القديس بولس الرسول,فأضفى ق.بولس على المعنى السابق معنى أخر ممسوع بمسحة مقدسة من الله,فكان تعريف الضمير لديه هو[هو الشاهد او القاضى الداخلى للانسان او التعبير العام عن الواجب فهو الحس الشخصى الذى يكون الارادة والشخصية الاخلاقية].

-وإذا قُمنا بالتحليل اللغوى لكلمة ضمير Συνειδήσεώς.وبحسب القواميس فإن تعريفها هو"الوعى الأخلاقى"و"الإدراك الأخلاقى",فيكون المقصود هو معرفة وإدراك الأخلاق والتصرفات التى تخرج من الإنسان,وتلك الكلمة قد وردت فى العهد الجديد [30]مرة تقريباً.

-وبذلك يكون الضمير هو إستعداد نفسى لإدراك الخبيث من الطيب من الأعمال والأفكار,والقدرة على التفريق بينهما ,وإستحسان الحسن واستقباح القبيح منها.فالضمير هو الرقيب الخاص داخل كل إنسان,وهو"الأنا"العُليا التى تُحاسب النفس,عما بدر مننها من سلوكيات وتصرفات يرفضها الضمير العام[المجتمع]أو الخاص.

-وبحسب ما سبق نقدر أن نقول إن الضمير هو"إيقاظ الحرية",فحيما يكون الإنسان مسبى تجاه خطية أو تصرف غير مقبول,فالضمير هو من يُنبه صاحبه من هذا الأمر,ويُعيد إيقاظه مرة اخرى لكى ما يعود من سبيه هذا إلى حُرية يقظة,وفى هذه اليقظة يتم اللقاء بين الإنسان ويسوع,فهو يعمل بالإساس على إيقاظ الضمير من خلال الروح القدوس[المُبكت].

-فبحسب تعاليم أباء الكنيسة فإن الضمير  لا فرق بينه وبين صوت الروح القدوس داخل الإنسان,ومن يُعلم بغير ذلك فهو لا يدرى شئ عن أقوال وتعاليم أباء الكنيسة.وعلى سبيل المثال يقول ق.أمبروسيوس[إن الإنسان قادر مقدرة طبيعية على تجنب الشر وعمل الخير.فكل شئ يتم كما لو كنا نسمع صوت الله,يأمر وينهى],ومن روائع القديس أغسطينوس [ما من نفس,مهما عظم فسادها,إلا ويتحدث الله إلى ضميرها.

-فالضمير يحتاج إلى تدريب مثل تدريب الحواس,لكى ما يكون قادر على إفادة الإنسان,فمثلا يقول ق.بولس[لذلك أنا أيضاً أُدرب نفسى ليكون لى دائماً ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس][اع16:24].

-وقد إهتم السيد المسيح بالضمير فى كثير من تعاليمه,على سبيل المثال قوله[سراج الجسد هو العين.فإن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً ,إن كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً][مت22:6-23],وهو هُنا لا يتكلم عن العين المحسوسة,بل يتكلم عن شئ أبعد من ذلك,فهو يتكلم عن الضمير[!]فالضمير البسيط هو الذى لم يتلوث بالخطية,هو هو من يُنير للنفس طريقها,وعلى عكس ذلك إذا كان ضميرك غير بسيط[ميت]فإنه يؤدى بك إلى إظلام النفس وإبتعادها عن طريق الله.

-نفس هذا الأمر يُعلم به المسيح فى موضع أخر إذا يقول[كُن مراضياً لخصمك سريعاً..لئلا يُسلمك الخصم إلى القاضى][متى25:5],ولم يكن المقصودأن هُناك شخص يُحسب خِصماً لى,بل المقصود هُناك هو[الضمير],والرب يدعو لكى نكون مُراضيين لضميرنا,حينما يؤنبنا,فعلينا الإستماع له لكى لا يُحسب عدم سماعنا خطية,يُسلمنا من خلالها للذى يُدين[القاضى] .وعدم سماعى لضميرى,ويكون المقصود بالقاضى هُنا هو الله.

 -إذا فالضمير شئ يُساعد الإنسان على التفريق بين الحق والباطل,ويعود سبب وجود الضمير فى الإنسان إلى شئ خُلق بالفطرة عليه –أى صورة الله-,تِلك الأيقونة التى تجذب الإنسان إلى كل ما هو صالح,وتحُثه على تجنُب الأمور الشريرة,نُطلق على هذه الصورة الإلهية التى تدفع الإنسان للخير بـ[الناموس الداخلى].

مينا فوزى
_________________
 
راجع:
قاموس سترونج الموسوعى.
مدعوون إلى الحرية,دراسة فى أساس الآخلاق المسيحية.الآب نارد مشيل اليسوعى.
الضمير بين الواقع والحدث والإنجيل,الدكتور مخلص القمص ميخائيل.
الضمير –تكوينه ومظاهرة.د صلاح الدين السرسى.
بزوغ فجر الضمير.د .طه عبد العليم.