2020/07/21

اوريجانوس والبابا ديمتريوس(ج2)


اوريجانوس والبابا ديمتريوس(ج2)

  •  لقد بلغ اوريجانوس مبلغه من الشهرة, لا فى الاسكندرية فقط, بل فى كل العالم المسيحى, ولما لا وهو العالم واللاهوتى, صاحب الثقافة والفكر الرائع[1], لقد كان علمه الغزير سبب اعجاب الكثير من الاساقفة به, فاعجب به الكثير من البطاركة فى فلسطين والعربية اعتبروه المرجع الاول والاخير, والخبير النهائى فى كل شئ يخص اللاهوت[2]
  •   فما وصله اليه اوريجانوس كان كفيل ان يخلق فى نفس ديمتريوس الغيرة والحسد, فكيف يكون هو المرجع الوحيد فى اللاهوت وانا بطريرك الاسكندرية؟! فيُعلق يوسابيوس وهو من اقدم المؤرخين , قائلاُ:ـ "ان ديمتريوس,بعدما  رأى نجاح اوريجانوس وشهرته فى ازدياد, غلب عليه- الضعف البشر"[3]
  • لذلك نراه غاضب على اوريجانوس, اذ كان يُعلم ويعظ فى حضور بطاركة[اسكندر بطرك اورشليم,سيوستوس بطرك قيصرية], فنالهم ما نال اوريجانوس من غضب,مُبرراً عضبه أن الوعظ والتعليم امر يخص الكهنة فقط, فرد  البطاركة تصرفهم ان تصرفهم أمر مُسلًم لديهم,وليس بجديد ان يعظ علمانى فى حضرة الاساقفة.[4]
  •   وعاد اوريجانوس للاسكندرية, و ظلت الدعوات تنهال عليه من الكثير من الاساقفة- البطاركة- فتارة نجد حاكم العرب يرسل خطاب لديمتريوس,ليرسل له اوريجانوس باقصى سرعة,ليتحدث اليه[5], وتارة نجد ام الامبراطور"ماميا"تطلب حضوره,لتتعلم منه الروحانية المسيحية.[6]
  • بل وصل الامر أن تطلبه شتى الكنائس, لكى ما يبًتُّ فى أمور الهراطقة والبدع, كونه المرجع الوحيد فى الكنيسة [7]. لقد وقف اووريجانوس امام علماء كبار مثل الاسقف"بيريلوس"اذ علم بامور مخالفة للايمان.[8], وكان يعلم ان الابن ليس له وجود ازلى, ورغم انه اله الا انه لا يتساوى مع الاب.[9] , ولم يقدر العديد من الاساقفة على اقناعه, حتى جاء اوريجانوس, فاقنعه بالحجج والبراهين,حتى تمكن من رده الى الارثوذكسيةمرى أخرى.[10]  لك ان تتخيل ان اوريجانوس كان يحارب البدعة الاريوسية (قبل اريوس)!, وفى النهاية  يُتَّهَم انه مهد للاريوسية بإيمانه بالتبعية.
  • والامثلة كتير من الهرطقات التى واجهها اوريجانوس, مثل هرطقة بلاد العرب, اذ علَّموا بأن الخلود لله فقط لا للانسان,وظلت الكنيسة العربية فى حالة انقطاع عن الكنيسة الجامعة, لمدة اربعين عاماً, حتى عُقد مجمع مصغر, ودُعى اليه اوريجانوس الذى استطاع بفطنته ان يردهم للأرثوذكسية,وينهى الانقطاع الحادث فى الكنيسة الجامعة[11].
  • ولم يقف الامر عند هذا الحد, فنجد ق.امبروسيوس عندما قرا كتاب كيلسس المسمى"الخطاب الحق"او"التعليم الصادق" وشعوره بخطورته,لم يجد أمامه سوى أوريجانوس ليرد عليه. فكتب رده وهو متضرر,حتى انه عاتب امبروسيوس قائلا: "لست ادرى يا أمبروسيوس لماذا تريد ان ارد على اتهامات كيلسس الباطلة.[12]
  •  مما سبق نجد دور أوريجانوس فى درء الهرطقات, وبراعته فى قرع الحجة, حتى ان ديمتريوس ارسله الى اخائية عام(288) لمقاومة الهرطقات هناك, وفى عودته رسمه اساقفة فلسطين واورشليم قساً.[13],الأمر الذى أغضب ديمتريوس فقام بعزله من رئاسة المدرسة, وعقد مجمع بعد ثلاثة أعوام لمحاكمته بتهمة الهرطقة.
  • وياللعجب فبعدما  ارسله ديمتريوس ليرد على الهراطقة فى اخائية,يكتشف-فجأةً- أن رسوله مهرطق, وقرر أن يحاكمه, فقد لفق له بدعة"الأبوكاستاسيس",أى خلاص جميع الكائنات بما فيهم الشيطان.[14], وهى أقدم التُّهم الموجَّهة لأوريجانوس. وفى رأيى هى تهمة ناتجة عن سوء فهم  لنقاشه مع كانديدوس معلم فالنتينوس الغنوصى [15]
  • فجاء رد اوريجانوس قاسياً إذ قال:ـ"إن هذا الكلام لايمكن لمجنون ان يقوله به...فالبعض نَسَبَ إلَى تعاليم خاطئة,لم أتحدث عنها أبداً...فالأشرار لايرثون الملكوت,وادعائهم انِى انادى بخلاص الشيطان هو امر لايقدر اى انسانِ ان يتخيله,والا يعتبر مجنون.[16]





[1] John Anthony McGuckin, The Westminster Handbook to Origen (Louisville, Ky: Westminster John Knox Press, 2004), 15–17.
[2] McGuckin, 15–17.
[3] Eusebius Crusé, The Ecclesiastical History of Eusebius Pamphilus ..., 6;8.
[4] Eusebius, Rufinus, Philip R Amidon, History of the Church, 2016, 6:19,
[5] Eusebius, Rufinus, Amidon, 6;19.
[6] Eusebius, Rufinus, Amidon, 6;21.
[7] McGuckin, 15–17.
[8] Eusebius, Rufinus, Amidon, 6;;33.
[9] Justo L González, Essential Theological Terms (Louisville, Ky.: Westminster John Knox Press, 2005), 139.
[10] Eusebius, Rufinus, Amidon, History of the Church, 6;33.
[11] Eusebius, Rufinus, Amidon, 6:36.
[12] Origen و Henry Chadwick, Contra Celsum, 1980, Book 11.
[13] Eusebius, Rufinus, و Amidon, History of the Church, 6;33.
[14] McGuckin, The Westminster Handbook to Origen, 15.
[15] McGuckin, The Westminster Handbook to Origen, 15.
[16] Jérôme William Henry Fremantle, "Jerome’s Apology against Rufinus.", Historical Writings, Etc., 2.18.