2020/07/23

اوريجانوس والقديس ابيفانيوس(ج3)



  • من الغريب انه حتى القرن الرابع, لم يَقُم مجمع كنسى مسكونى بحرمان اوريجانوس بسبب هرطقاته[هذه الحُجة سيستخدمها ذهبى الفم فيما بعد فى دفاعه عن اوريجانوس],سوى مجمع مكانى  لديمتريوس وفيه عُزل اوريجانوس من الكهنوت فقط,لا بسبب هرطقة. فحتى مجئ القديس ابيفانيوس(310-400),لم تحكُم الكنيسة عليه.
  • لقد عقد ابيفانيوس مجمعاً فى قبرص(402م),وبايعاز من ثاؤفيلُس ذهب بقرار المجمع الى القسطنطينية,ليعرضه على المجمع هُناك, ويطالبهم بادانة كتب اوريجانوس [1], فاعترض  أحد الاساقفة يُدعى سيوتيموس(اسقف سكيثيا)[2]
  •   قائلاُ:ـ " لا اوافق على اهانة من مات فى التقوى,ولن اُذنب بهذا العمل [الحرمان] غير التَّقَوِي، فكيف أُدين من لم يُدِنْهُ أسلافُناا[لاحظ أن حتى هذا الوقت لم يُحرَم اوريجانوس لبدعٍ],ولم يرفضوه, فانا  لم اجد عقيدة خاطئة-شريرة-فى كُتب اوريجانوس"[3]
  • ومع صَمْت ابيفانيوس في أن يُعطى ردًا عن سبب الحرمان, اراد سيوتيموس ان يُحرجه اكثر,كما لو كان يقول له "انت تريد حرمانه دون دليل ولكن انا سادافع عنه ومعى الدليل!", ثم اخرج سيوتيموس إحدى كتاب أوريجانوس وقرأ منه,مؤكدا توافقه مع الايمان الارثوذكسى, ومن يتكلم بالشر عن اوريجانوس يهين الكتب المقدسة مصدر اوريجانوس,[4]  
  • لقد كان هذا التصرف صادم لإبيفانيوس,فلم ينطق بِبِنْتِ شَفَهٍ، وما كان يدور بخلده هو كَوْنِ أوريجانوس"وحش وسأحرمه دون سببٍ"، ولكن حظَّه العثر لم يحالفه في أن يُعطى سببًا للحرمان، ويُعلِّق المؤرِّخ سقراط على هذا الموقف قائلاُ: "لم يقدر إبيفانيوس أن يعطى سبب لهذا الحكم، سوى أن هذا مناسب له ولثاؤفيلس في رفض تلك الكتب".[5]  
  • بعد عِدَّة أيام, طلب ذهبى الفم-البطريرك- الصلاة مع ابيفانيوس,فرفض حتى يحرم ديسقورس وأخوته[تلاميذ اوريجانوس] ويُدينأيضاً ما كتب اوريجانوس, وكان مُصمِّمًاعلى ذلك, حتى ولو كان الأمر بلا سببٍ أو دليل
  •  ولكى يخرُج يوحنا من هذا الامر طلب من ابيفانيوس عَقْدَ مجمعٍ مسكونيٍّ، فلم يقدر إبيفانيوس أن يقوم بدعوة مجمع مسكوني ليُدين أوريجانوس، لعل السَّبب وراء ذلك هو نقص الحُجة التي لديه. وجاء رد ابيفانيوس غريب جداً, اذ غضب من يوحنا,وحرم كتب اوريجانوس, واتهم يوحنا بتأييد الهراطقة,وبكل وداعة ارسل يوحنا رسالة له,يوضح له الكثير من اخطأه,ويحذره لكى لايثور عليه الشعب,فانتبه ابيفانيوس فترك الكنيسة وذهب الى قبرص. [6]  
  • وحسب سقراط المؤرخ, كل أفعال إبيفانيوس كانت بتحريض من الامبراطورة, حتى تَنَبَّهَ يوحنا إلى ذلك، فوعظ ضدَّ سلوكها، فغضِبت منه، وكلَّفت ثأوفيلُس بمُحاكمة يوحنا[كنسِيًّا]، وقد كان, فقد بدأ ثاؤفيلس بشن هجومه على يوحنا، وإلقاء التُّهم جُزافًا، وكما يقول سقراط فكل تُهَمِهِ كانت سخيفةً[بلامعنى]، لذلك طلب يوحنا أن يقام مجمعٌ مسكونٌّ، ولكن تأتي الرِّياح بما لا تشتَهِ السُّفن فلم يحدث ما أراد.[7]  
  • والعجيب أن ثأوفيلُس الذي قام بتحريض إبيفانيوس على حرمان كتب أوريجانوس، ظل يقرأ تلك الكتب، حتى سأله البعض ذات يوم عن سبب قراءة الكتب المحرومة، فقال: ـ " أن[كُتُبُهُ]مثل بستانٍ مُمْتلئٍ بأنواعٍ شَتَّي من الزهور، وأنا أقطف الجميل منها، وأتجأوز عن البقيَّة!"..[8]



[1] Scholasticus, The Ecclesiastical History (Place of publication not identified: NuVision Publications, LLC, 2007), ch, 6.
 [2] Jerome Thomas P Halton, On Illustrious Men (Washington, D.C.: Catholic University of America Press, 1999), 131.
أول من ذكره أسقفاً القدّيس إيرونيموس ( 420م ). و قد قال عنه إنه كان راعياً لامعاً و له محبة فائقة لله و الناس ، كما كان لاهوتياً بارعاً و كاتباً موهوباً لا يكلّ. القديس يوحنا الدمشقي يقول عنه إنه كان متواضعاً ، صانع العجائب ، يشفي المرضى بنعمة ربّه . هذا ، وبالنظر إلى كتباته الآبائية ، اعتُبر ثيوتيموس مبدع الفيلوكاليا الرومانية . ولا شك أنه تأثّر بكل من ذهبي الفم  والآباء الكبّادوكيين ، و له كلام جميل في موضوع سكون العقل و القلب .
 [3] Scholasticus, The Ecclesiastical History, (6:12:2).
[4] Scholasticus, (6:12:.
[5] Scholasticus, (6:12:).
[6] Scholasticus, (6:14).
[7] Scholasticus, (6:15).
[8] Scholasticus6:17