2016/04/17

محاضرتى فى المركز الآرثوذكسى بعنوان(كيف عاش الآباء الفكر اللاهوتي)

https://www.youtube.com/watch?v=2G0tZe6hIBk&index=7&list=PL-E3DKrG90fDVkk-JcRjTXziUgCKHpsVe

اللاهوت عند إكليمندس الرومانى






  التعريف بالقديس إكليمندُس:ـ

  • هو "تيطُس فلافيوس إكليمندس",و لد تقريباً(155م), وقد ولد فى أثينا[1].كان من أشهر مُعلمى مدرسة الإسكندرية,وأول من قام بربط الفلسفة الهيلينية [2]واللاهوت المسيحى .ويشتهر بتعليمه عن العقيدة المسيحية بأسلوب مُيسر وبسيط.ولقب "بالأسكندرى"لتميزه عن أسقف روما"إكليمندس الرومانى"[3].

  • ولد من أبويين وثنيين,و لا نعرف كيف تحول للمسيحية.وكل ما نعرفه عنه إنه شخص يُحب المعرفة,ودائم البحث عنها.وفى إحدى رحلاته التعليميه تقابل مع "ق.بنتينوس"فى إحدى محاضراته       فجذبه إسلوب بنتينوس وتتلمذ على يديه.رغم إنه تتلمذ على يدي الكثيريين ولكنه لم يجد راحته إلا  فى بنتينوس[4].

  • أصبح كليمندس مساعد "ق.بنتينوس"رئيس كلية لاهوت الأسكندرية.ثم رُسم إكليمندس كاهن.وبعد سفر بنتينوس للهند وأصبح هو رئيس كلية اللاهوت.ومن أشهر تلاميذه"العلامة أوريجانوس ,و ألكسندروس أسقف أورشليم".

    • هرب إلى فلسطين وسوريا حينما ثار إضطهاد "الامبراطور سبتيموس ساويرس"الذى إضطهد الكنيسة المصرية,وقتل وعذب الكثيريين بالاخص من يقيمون فى الأسكندرية .

  • له عدة مؤلفات أهمُها:ـ

  1. 1      نصائح لليونانيين.

  2.       المعلم.أو المرابى.(3كتب).

  3. 3     المتفرقات.وهى(8كتب)تُدعى"ستروماتا"(المجمل).

    •  والعمل الأخير قد جاء فى (8كتب)تُدعى"ستروماتا"و له عدة مؤلفات آخرى, لم تنال شهرة الكتب السابقة مثل(هل يخلص الغنى, الفصح,الصو م,الصبر,قوانين الكنيسة,المتهودين,إلى الأسكندر[5].

  •  


    اللاهوت فى فكر إكليمندُس:ـ

  • هي كلمة يونانية مكونة من مقطعين(θεος+λογια).(logia+ Theos) )فكلمةTheosأي الله أو الاله، وكلمةlogiaأي "قول"او"كلمة" ، وبالتركيبة السابقة تُعني "معرفة الله"[6],وهُنا سنتكلم عن(معرفة الله فى فكر ق.إكليمنتدس) ,من خلال ما دونه, ومن خلال ما وصل إلينا عنه خلال كتابات الآباء اللاحقين به.

  • كان إهتمام ق.إكليمندس الأساسى هو أن يقود الناس للمسيح.ففى خطابه للوثنيين.وجه نداءه إلى رفقائه الفلاسفة,ليكملوا نظراتهم للعالم,بأن يقبلوا المسيح.فما استوعبوه من معرفة بأسرار الطبيعة ما هو إلا "شرارة صغيرة يمكن أن تضطرم لتصير شعلة".هذه الشرارة هى أثار "الحكمة"

  • كان الوثنيين يرون فى الإله"زيوس"إنه صورة الصورة,وهذا عكس الإيمان المسيحى الذى يقول إن صورة الله هو"الكلمة".فوبخهم إكليمندس  لأنهم إرتضوا بنظراتهم الدينية التى صورت اللاهوت بهذه الصورة الهزيلة,مع أن نظراتهم الفلسفية فاقت بمراحل هذا التصور[7].

  • ودعاهم أن يقارنوا بين الكتاب المقدس وهوميروس: "الفلسفة عظة طويلة عن الحياة,سعى وراء الحكمة الأزلية,بينما وصية الرب مضيئة تنير العينين عن بُعد,إذن فأقبل المسيح اقبل الرؤيا,اقبل النور,حتى تعرف الله والإنسان بالحق][8].

  • يشتهر ق.إكليمندس بتعاليمه إن"المسيح هو نهاية كل فلسفة ونبوة".بمعنى إن بدخول "الكلمة"التاريخ-التجسد-قد حقق كل ما كانت تصبو إليه وتبحث عنه الفلسفات والأديان.وعقيدة المسيح الكلمة واحدة من مميزات فكر أكليمندس.فالمسيح هو "المعلم"الحقيقى الذى يعطى الناس"الكلمة"التى تقودهم إلى الحرية من الخطية,وإلى البر والخلود.فالمسيح هو فوق عالم البشر وفى عالم البشر.فهو الله نفسه وليس أقل من الله أو تابعاً له[9].

  • كان عند الفلاسفة اليونان إهتمام شديد ب"اللوغوس"الذى كانوا يقولون عليه إنه حقيقة ميتافيزيقية,وشئ غامض بعيد عن البشرية.وأبو كل شئ.ولكن حسب فلسفة ق.إكليمندس فاللوغوس هو" خالِق العالم كاشِف سِر الله", وفى العهد الجديد كان"أزلى",بل وهو الله نفسه,وكل شئ به قد كان.

  • فيرى ق.إكليمندس إن الكلمة"اللوغوس"مُعلماً أولاً وقبل كل شئ.و بدل من فكر اليونانيين إن الله"بعيد عن البشرية"يقول ق إكليمندس"إن الله يعمل معنا كما نفعل نحن بأولادنا",فهو كلمة الحق.يبنى هيكل الله فى الناس.فيآخذهم الله مسكناً له[10].

  • وعن صورة الله ومشابهتنا لله يقول ق.إكليمندس"لأن الناموس يدعو الإقتداء إتباعاً,ومثل هذا الإتباع-على قدر طاقة الإنسان-يجعل من الإنسان مماثلاً للأصل"[11].كما يؤكد إن التحول إلى المسيح سيؤدى إلى عدم الفساد والخلاص[12].وفى شرحه ل نص(1كو1:11)"تمثلوا بى كما أنا بالمسيح"يدعوا إلى التحول إلى مُشابهة الله,حتى أن الإنسان يصير باراً وقديساً"[13].

  • وينتهى ق.إكليمندس مؤكداً أن"غاية معرفة الخلاص والمغفرة والنجاة من الموت هى بالنهاية "الثيؤسيس"[14]فنجده يقول:"كلمة الله صار إنساناً.حتى يصير الإنسان مؤلهاً فيه"[15] ولحقه فيما بعد ق.كيرلس الكبير مؤكد إن الخلاص ولبس عدم الفساد يكون بالإتحاد بالمسيح المخلص.

  • فكان تعليمه عن معرفة الله والحياة معه قائمة على أساس"الصىورة".فوصفها بإنها شركة مع الله:نعيش كل حياتنا كأننا فى عيد,واذ نعرف أن الله حاضر فى كل مكان فاننا نسبح ونحن نعمل فى الحقل ونرنم ونحن نبحر فى البحر..والمسيحى العارف(الغنوسى)يعيش قريباً من الله..يسمع دائما كل أنات القلوب,يصلى كل أيام حياته مجاهد فى الصلاة لتكن له شركة مع الله[16]

  • ومن هذا المنطلق فقد علم ق.إكليمندس ان المعرفة الحقة ليست فى معرفة المعلومات والنظريات فحسب.بل إن الغنوسية [17]الحقيقية وحياة الكمال ليست مجرد معرفة نظرية لكنها دخول إلى كمال المسيح.دخول من الناموس إلى السيد المسيح مُكمل الناموس[18].


  • ويُحذر ق.إكليمندس من التفكير فى  الله بطريقة مادية جسدانية,لأنه فوق المكان والزمان.فوق كل المفهومات الزمنية.لذلك نجده يرسم طريق معرفة الله.تلك التى يبدأها بالتطهير من الخطية والأهواء(الإستمرار فى التوبة)ثم الإبتعاد عن حرفية التفكير فى الله لتأتى مرحلة الرؤيوية بالنعمة الإلهية..حيث الإتحاد مع اللوغوس المولود من الآب.الذى هو سر معرفتا اللاهوتية.الذى كان من يتجاهله يبقى الله بالنسبة له غير معروف[19]..


النعمة معكم
مينا فوزى


[1] يوجد لدينا تقليد آخر من ق4 إن مولده فى الإسكندرية وليس أثينا,ولكن غالبية علماء الآباء يرجحون  ميلاده فى أثينا.ويستدلون على ذلك من أسلوبه فى الكتابة.
[2] إحدى مدارس الفكر اليونانى, ظهرت فى الحقبة ما بين (ق4-ق3 قبل الميلاد).وهو الإسم العرفي الذي يطلق على اليونانيون.للمزيد راجع كتاب الخلفية الهيلينية والرومانية وعلاقتهما بالعهد الجديد,الكتاب الثاني .إعداد أ. رأفت شوقي.
[3] يوسابيوس القيصرى:تاريخ الكنيسة,ك5,ف11,ص218.
[4] الدراسات الفلسفية,مرجع سابق,ص223.
[5] المرجع السابق. ك6,ف13.ص261.
[6]المدخل إلى علم اللَّاهوت, ص37,36.
[7] خطاب إلى الوثنيين112:11.
[8] خطاب إلى الوثنيين113:11.
[9] جون لوديمر:تاريخ الكنيسة,من عصر الآ باء:من القرن الأول وحتى القرن السادس, ص154.
[10] اللاهوت عند ق.إكليمندس.
[11] المتفرقات9:2.
[12] المرابى5:1.
[13] المتفرقات22:2.
[14] والثيؤسيس هو الوصول إلى "الكمال النسبى" فى حياة البر والقداسة.وهو تعليم قد علم به الكثير من آباء الكنيسة مثل ق.أثناسيوس(راجع تجسد الكلمة فصل 54)وليس المقصود إننا نصير مثل الله, و لكن التعليم الأرثوذكسى يقصد أن نصل إلى الكمال النسبى فى الفضيلة فقط.
[15] خطاب إلى الوثنيين14:11.
[16] جون لوديمر:تاريخ الكنيسة,مرجع سابق,ص155.
[17] كلمة يونانى تعنى المعرفة.وقبل كليمندس كانت هذه الكلمة تشير الى الهرطقة الغنوسية.
[18] اللاهوت عند ق.إكليمندس.
[19] المرجع السابق.