2015/07/16

الأرثوذكسية الشريرة [مقالات فى تصحيح فكر غير أرثوذكسى .ج1]


أرثوذُكسيتنا إلى أين؟!

-قبل أن أسترسل فى مقالى هذا, أُلِزِم نفسى أن أُفرق بين الأرثوذكسية كعقيدة,وبين من يتبع ذلك الفكر الأرثوذكسى.من أفراد ومؤسسات,فأنا لا أنتقد المُعتقِد ولكنى أنتقد الآشخاص,وأرفض كل تصرف خاطئ يخرج منهم,وأرفض أى فكر غير أرثوذكسى نابع من عقول أرثوذكسية.وربما نرفض أرثوذكسية هؤلاء الآفراد لانها لم تكُن يوماً أرثوذكسية,بل هيَ نتاج لتاريخ طويل نحن فى منأى عن ذكره..

-فأرثوذكسية هؤلاء لم تكن يوماً أرثوذكسية,ولم تُلاقىِ قبولاً لدينا.بل وهيَ منطق عجيبٍ.فقد أساء البعض فهم الأرثوذكسية الحِقةِ.وحِصرها فى[التقليد المُقدس,وأعرافٍ مُتعددة,وفكر أبائى..إلخ],فإن كان  فكرهم هكذاعن الآرثوذكسية[!]فأسفاً أقول لهم إن أرثوذكسيتهم ما هي إلا إمتداد لـ[أعمال الناموس].ذلك الناموس الذى كان عاجزاً على إتمام خلاص الإنسان(رومية20:3),وكُل ما فعله فقط هو[الإشارة].الإشارة فقط من بعيد على المُخلص,كان هذا عمل الناموس(رومية21:3).

لكن الأرثوذكسية التى نُريدها هي التلامس مع الله فى ظل الإيمان( التقليد) المُسلم مرة من القدسين(يهوذا 3),العُرف الذى دأب الآباء على السير فيه,من أجل هدفٍ واحد.فالأرثوذكسية هي [فهم,إحياء]لروح الآباء, أن نسير على أثار الغنم(نشيد8:1).وليس بين تلك الفكرة وسابِقاتُها أدنى تناقض,بل كُل منهُما يُكمل الآخر.ففى الفكر الآولى أرفض التقليد الأعمى,ولكنى هُنا أُرحب بالتقليد الذى من خلاله نتملاس مع الله,بل أرفض بصدق كُل عُرف وفكر أبائى,نتمسك به بُغيةٍ لشئ بعيد عن هدف الآباء[المسيح وخلاصه].

-فالأرثوذكسية ليست عقائد جامدة,ونظريات مائتة,بل هي حياة نحيا بها وفيها ومن أجلها,ليس لكونها غاية بل هي وسيلة نِصل بها للمسيح.فهي مُعتقد ولكنها حياة.حياة نعيش من خلالها سِر التجسد والفداء. من خلالها نتنفس أنفاس الله[θεόπνευστος],فنُحول الأثوذكسية وتتحول هي بنا من مُعتقد[أدبى]إلى مُعتقد حى ينبض بأنفاس الله التى نتنفسها نحن فى تِلك الأرثوذكسية.وهي جزءٍ من الآبدية نحياه هُنا,ويمتد بنا إلى هُناك[السماء].

-وما يوجع القلب هو أن نجعل  من عقيدتنا سيفٍ نُشهره أمام وجه كُل مُخالف لنا,واضعين إياه على الرقاب تهديداً بالهرطقة والإنحراف,وتناسينا أهم شئ تقوم عليه العقيدة[الأرثوذكسي][!],لقد تناسينا المحبة,وتحولت محبتنا عن كُل من هو غير أرثوذكسى.وتحولت معاه أرثوذكسيتنا .والفكر السائد هو  إن كُل مُختلف هو[مُهرطق],[كافر]حتى ولو كان يؤمن بالثالوث القدوس,ولاهوت المسيح, وتجسده ,وفدائه,وإذا ذِكرنا أنفسنا بالمحبة[!],فتكون شئٍ قد ولىِ وقت الحديث عنه.

-ألا يعلم هؤلاء إن هُناك فرق بين أن تكون أرثوذكسى,وأن تكون مسيحى أرثوذكسى؟؟فبينهما فارقٍ جِلل.فسهل جداً أن تكون أرثوذُكسى ولكن من الصعب جداً أن تكون مسيحى أرثوذكسى,حسب تعبير [ الآب ثيوذورس داود].فعلينا أن نُدِرِك إن هُناك الأرثوذكسية كطائفة من ضمن طوائف اليهودية ,ولكنها ليست أرثوذكسية مسيحية,بل وكلمة أرثوذكسية كلمة إستخدمها الفلاسفة اليونان واصفين فلسفتهم  بإنها أرثوذكسىة[المنطق والمبداء].فكُل ما أبغىِ قوله هو إن اليهود لديهم أرثوذكسية,والفلاسفة الوثنين لديهم أرثوذكسية.

لكن أتباع المسيح لديهم أرثوذكسية مُغايرة مُتفردة عن غيرهم,فأرثوذكسيتهم مبدأها هو المسيح,ومُنتهاها هو المسيح أيضاً.فإن كُل شئ يبدأ بــ|ومن المسيح يجب أن يكون مُفعم بالمحبة,فهي صفة من صفات الله(1يو8:4)لذا فتلك الأرثوذكسية التى  نتحدث عنها يجب أن تتصف بتلك الصفة,التى تُميزها عن غيرها .

-لذا فالأرثوذكسية الحِقِةَ هي التى أُولىَِ مُعتقدتها [المحبة]وربما لاتوجد فيها مُعتقد أخر سواها .تُرى هل تلِك الآرثوذكسية تُهرطق الآخر[المسيحى الغير أرثوذكسى][!]كلا..تُرى أتقدر هي أن تضع نفسها موضع الديان لتِحكُم على البشر وهُم على الأرض بجواز دخولهم السماء من عدمه..
  • فالآباء مُحاربى البدع لم يُهرطقوا إلا الهراطقة.فحسب.فأثناسيوس قد هرطق أريوس وأتباعه,ولكنه لم يُهرطق أنصاف الآيوسيين.بل كان يتعامل معاهم بشئ من التعقل المُحب,وكيرلس الكبير كان يُحدث نسطور واصفاً إيها بـ[المحبوب شريك الخدمة]ولم يصف أتباع نسطور الذين قبلو الحُرمانات الـ(12) بتشكك.مع فارق التشبية بين [مسيحى غير أرثوذكسى],وبين[هراطقة مثل أريوس ونسطور].ومعلومة نسُقُها إلى هؤلاء مُرتادى الفكر التكفيرى,وهي إن [هرطقة]لفظٍ لايُمكن أن يُطلق إلا على كُل من يُنكر[الثالوث]أو أى إقنوم منهم,ويُنكر التجسد والفداء.
  • كان هذا من ناحية الغير ارثوذكسى وبراءة الآرثوذكسية من أفعال وتصرفات الأرثوذكس.وهُنا ننتقل إلى نقطة أخرى مُئلِمة,وهي هرطقة الأرثوذكسيين من قبل الأرثوذكس,وهو أمرٍ يندى له الجبين,لقد تحولنا إلى ذئاب ناهشة,لاهدف لديها سوى أن تنهش فى الأخريين.سواء أقباط,أو روم أو حتى روس.ويا للعجب فهُم شُركاء لنا فى الأرثوذكسية والمُعتقد,ولكنهم فى نظر سلفيين كنيستنا مُهرطقيين[!].
  • وبكل أسف أصبحنا من حِفِظة الإنحيل[الكريم]وخاتِميه.ببغاوات تُردد نصوص كتابية وآبائية دون فهم أو حتى إدراك لما نقوله,نُرِدده فقط من أجل الترديد,لا من أجل هدف كشف الأرثوذكسية السليمة,وربما تطور بنا الأمر  جراء الترديد هو إظهار أنفسنا[مُثقفيين],[مُتعلمين],وأين أرثوذكسيتنا من المحبة؟؟ .
  • وأقولها وهي عِجِيبة,إن هُناك من الأرثوذكسيين السلفيين[الجهاديين]لايِمِلُك أدنى معرفة بتعاليم الأنجيل,ولاحتى الأباء,وقصة الأب متى المسكين أجلى بيان[!]فقام الأرثوذكسيين [الجهاديين]السلفيين بإشهار سيف الهرطقة ووضعه على رقبة الرجل المسكين,ناقضيين إياه لإن فكره مُغاير لما تعلموه,حتى ولو كان فكره  أبائى,فإحلال دمه أمرٍ واجب,وحتى لو كان فكره نابع من الإنجيل,ولكن وجب تكفيره من أجل التكفير,بُغية إزاحة الناس عن كُتبه وفكره.
  • وتناسى هؤلاء إن هذا الإسلوب يدفع الناس لقراءة كُتب هذا الرجل المسكين.لا النفور منه.وكان يجب على هؤلاء إن أرادوا الدفاع عن فكر مُعين أن يكتبوا ردود لاهوتية قيمة .تستحق القراءة,فكُل ما كُتب للرد على الآب متى ما هو إلا ردود[أطفال].أطفال تُلِقِم العابر حجراً,وربما نجد فى ردود البعض[سباب],[لعان]لهذا الشخص,وليس فى ذلك أدنى غرابة.
  • وما يِدفع عنى [الغرابة]هو توقع هذا الشئ.فإسلوب هؤلاء [الجهاديين]يُنتج شخصيتين فقط,شخصية يدفعها الفضول فتقراء ما دونه الآب متى,وحينها تكتشف مذاق غريب ,وتُنتج أيضاً أشخاص غير سويين فكرياً ورحياً,يتخذون الفكر[التكفيرى]سبيل,يُبيحون به دماء كل من يتبع المسكين..والقضية ليست فى المسكين فحسب .بل فى طريقة التفكير,وما يشوبها من تكفير..
    • وبين هؤلاء يضيع المفهوم الراقى عن الأرثوذكسية,وبينهم يتوه الكثيريين,بل ويضيع الحق,لقد غلبهم ظن[الدافع]و[الحماية]عن الأرثوذكسية,وظنهم هذا خاطئ فيه هدمٍ للأرثوذكسية فى عيون الأخريين.لإنها مُجرد أرثوذكسية ,أو قول أرثوذكسية مُجردة.ولكنها ليست أرثوذكسية مسيحية.
  • وهذا هو هدف مقالى,إحياء إستقامة الحُب,لا حُب الإستقامة,فبين الجُملتين مبلغ السماء عن الأرض.فالأولى تدعوا إلى إستقامة الحُب,او يُسميه عُلماء النفس الحُب السوى,الذى يدفعنى لتصحيح أخطاء الأخريين[إن كانت موجودة] بأسلوب مسيحى,وهُنا نقدر أن نقول إن هذا هو حُب مُستقيم[أرثوذكسى].
  • ولكن الجُملة الأخرى تُشير إلى[مرض]تخطئة[هرطقة] الأخريين من أجل التخطئة فقط.وهُنا تُصبح الأرثوذكسية[مرض]لهؤلاء,لا من أجل عيب فيها[الأرثوذكسية]بل من أجل عيب ومرض فيهم. فشتان بين شخص مُستقيم فى حُبه وبين شخص مريض بالإستقامة [كهدف وغاية].فالأول يُريد إستقامة فى الحُب,وحُب فى الإستقامة,ولكن الأخير يُريد حُب الإستقامة  لا حُب فى الإستقامة,فكنيستنا أرثوذكسية الحُب,وأرثوذكسية فى الإستقامة ,لا مُحبة للأرثوذكسية[كهدف وغاية]بعيدة عن المسيح والملكوت...


 بقلم
مينا فوزى