2016/01/29

أزمة حُب


تصحيح مفاهيم:ـ
  • كان ومازال الحُب هو مُفتاح الحياة, فلا حياة بلا حُب, فإن كان الله هو حياةٍ فى ذاته, فهو بالتأكيد حُبٍ, وإن كان الله حياة فهو بالتبعية حُب, لأن الحُب هو الحياة.
  • وكم من مرة نتحدثُ فيها  عن الحُب ونحنُ بعيديين كُل البُعد عنه,  نعظُ به ولكننا لم نختبره, لم نختبرُ الحُب ولكننا نعظُ به, بل نحنُ لم نختبرُ الحياة, وإن كُنا لم نفهم معنى الحُب, فيصعُب علينا أن نعيش, ولا يحقُ أن نقول إننا أحياء, بل هو مُجرد إسم ولكن الواقع هو إننا موتى. فإن كُنا نتنفس لنعيش, فعلنيا أن نُحب لنحيا.
  •  علينا أن نتعلم معنى الحُب أولاً, ولن نتعلم معناه, إن لم نختبره, فالأساس فى الأرثوذكسية هو الأختبار, وأول معنى علينا أن نتعرف عليه لنختبره هو إن الحُب لايُعنى إننى أُفرط فى"إيمانى". فأنا أُحب وأيضاً أتمسك بإيمانى, ليس كما يظنُ البعض إن حُبى للأخر المُختلف معى هو تهاون وتفريط فى"العقيدة".
  • ولما الربط بين الحُب والتهاون من الأساس؟ إنها النظرة البدوية التى تسللت إلى أذهانُنا المسيحية وعقولنا القبطية, نظرة تؤمن إن الحُب هو"ضعفٍ", فإن أحببتُ فأنت ضعيف, ليس إلا كونك أصبحت مُتعلق بشئ تُحبه أو شخص تُحبه, فأنت أثيراً له وضعيفاً أمامه,وفى حقيقة الأمر هذه نظرة سودوية للحُب.
  •   فالحُب ليس كما نعتقدُ. الحُب ليس ضعفاً,  بل قوة, ليس فيه تهاون بل هو إلتزام, ليس إنغلاق بل إنفتاح, فلا عيب ولا ريب أن أُحب كل ما هو "غير أرثوذكسى"رغم إختلافه عنى,لاريب أن أُحبه, وفى نفس الوقت أنا مُتمسك بعقيدتى التى تُميزنى عنه, هل لم نعُد قادريين أن نتمسك بعقيدتُنا لمُجرد إننا نُحب؟ وإن كان الأمر هكذا فهنها مُشكلة كبيرة فى دواخلُنا,مُشكلة يجب أن نُعالجها.  
 
الآخر ليس مُهرطق:ـ
  • علينا ان نضع فى الإعتبار إن الغير أرثوذكسى, سواء كان بروتستانتى أو كاثوليكى, هو شخص يمُلك نفس مُعتقدى الذى لا إختلاف بيينا فيه, مثل الإيمان بالثالوث والتجسد والفداء, يؤمنون بهذه العقائد الرئيسية وما فيه من نقاط فرعية. فهُم مؤمنين وليسُ كُفار, مسيحيين وليسُ هراطقة ولا مُبتدعيين. ومن هذا المُنطلق يبدأ حوارتُنا مع الأخر, ومن هُنا علينا أن نُجدد نظرتُنا للآخر. فهو اخ لى,عضواً فى جسد المسيح.
  • فإن أيقنا هذا فى نقاشتُنا اللاهوتيةالتى تُجرىَ من أجل الوحدة ستكون اكثر حيوية وفاعلية وفائدة, أكثر من كونها مُجاملات فحسب,فحينها سنتعلم الإتضاع, والنظر للأخر ليس من منطلق أنا الصح وكل ما دُنى هو خطأ , لا ستتغير نظرتُنا إلى إننا نحنُ الأثنيين على قدرٍ من الصح والصواب, ولكننا نتناقش من أجل الوصول إلى صياغة مُشتركة,يخرُج بها كلانا.
  • نتناقش لكى ما يفهم كُل منُنا الأخر, علينا أن نتخلى عن مُصطلح"مُهرطق"و"مُبتدع" فى نُسبته إلى المسيحى الذى يؤمن بلاهوت المسيح المساوى للأب, وتجسد الابن وفداءه. فالبروتستانتى ليس مُهرطق وليس مُبتدع ولاكافر, بل هو مسيحى.
  • إنها مُصطلحات إستثقله  آباء الكنيسة إستخدامُها لوصف الهراطقة ذاتهم. ولم يطلقونها إعتباطاً, او بشكلٍ ساذج كما يحدُث اليوم, فلكى نصف احد بالهرطقة هُناك عدة خطوات , أولُها عقد مجمع مسكونى يقوم بالحُكم بالهرطقة على الآخر. وثانياً إثبات إن الآخر قد هرطقَ فى عقيدة الثالوث والتجسد والفداء, -فكنيستُنا القبطية أخذت قرار مجمعى ان شهود يهوة"هراطقة"لرفضهم عقيدة الثالوث, وإيمانهُم بتدنى منزلة الإبن عن الآب, فهل هُناك قرار خرج من المجمع المقدس للكنيسة القبطية ويُحرم الآخر؟ فلايقدر مجمع الكنيسة بقيمته المعروفة أن يُغلط ويُهرطق الطوائف المسيحية الآخرى, وهو يعلم إننا نتفق تقريباً على 80%من المُعتقدات الأساسية, وهذه النسبة لايُمكن أن تكون دافعاً لا للمجمع ولا لأى دارس لاهوت, أن يستخدمها لكى ما يُهرطق الآخر
 

معنى الأرثوذكسية :ـ
  • وهُنا نؤكد إن كُل كتابات الآباء, والقوانين التى تنُص وتُحرم الصلاة على "الهراطقة"هى قوانين لا تنطبق على "البروتستانتى"ولا على"الكاثوليكى", لأن هذه القوانين ترفض الصلاة على الهراطقة,أى الغير مسيحيين,وغير الأرثوذكس
  • وغير الأرثوذكس هُنا لاتُعنى الآخر المُختلف معى, بل هى لاتخرج عن معنى"مسيحى", فأيام الآباء لم تكُن هُناك طوائف, لذلك إستخدم الآباء مُصطلح"أرثوذكسى"للتعبير عن كُل مسيحى .
  • لذلك فى القدُاس والأواشى حينما يأتى ذكر"الأرثوذكسيين"لم يُقصد بها"الطائفة الأرثوذكسية"بل يُقصد بها"المسيحيين"- راجع مقالُنا عن مُصطلح الأرثوذكسية فى القرون الأولى
  • وعلينا أن نضع هذه النقطة فى الإعتبار, لكى لانرفض فيما بعد أن نُصلى على الآخر, بحُجة إن الصلاة تقول"ثبتنا على الإيمان الأرثوذكسى"لأن المقصود هو ثبتنا على إيمانك المسيحى.
  • وعلى من يُهاجم  هذه الصلوات بحُجة إنها نوع من التعصب, على هؤلاء أن يدركوا المعنى السليم.وهذا ما أعلنه بابا الأقباط, قداسة البابا المُعظم البابا تواضروس الثانى فى أكثر من لقاء له
 
الأُم الكنيسة:ـ
  • نتطرق هُنا لموضوع الصلاة على الاخر, وعُزراً ساكون مُتعصب قليلاً لكنيستى القبطية الارثوذكسية, وأقول إنها"الكنيسة الأُم", الآُم لكل مسيحى فى العالم, حتى لو لم يكُن كُل مسيحى العالم على وفاقٍ معها, وهذا الإعتقاد لايقوم على خلفية تاريخية لرئاسة الكنيسة يوماً ما على الكنائس الأخرى,ولا لأنها كانت المُتسيدة التعليم اللاهوتى فى فترة زمنية ليست بقليلة من الزمان. ورغم ذلك فأنا أتقبل إن هُناك كنائس أُخرى يُمكن أن تكون أُماً.  
  • وهُنا أقول إن الاُم لا تُغلق بابُها أمام إبنُها, الذى تركها وذهب لاُم آخرى,بل تقفُ طيلة غيبه وغُربته على الباب تنتظر عودته, وحينما يعود, تفرح به وتحتضنه, وتُقدم له الرعاية والحُب .هكذا فعل الاب معى إبنه الذى أكل مع الخنازير وقرر العودة لبيت أبيه.
  • فالاُم لايُمكن أن تُغلق الباب أمامه. بل دوماً ودائماً أحضانُها مفتوحة . فما بالكم بإبن يعود لأُمه مائتاً, إبن يعود جُثة هامدة[!] فهل الاُم بمشاعرها المعهودة تقدر أن تُغلق بابها أمامه وتقول له"أنت تركتى فلا تستحق حُضنى"[؟].
  • و ان فعلت ذلك لاتعود"أُم", فقد تجردت من أبسط مشاعر الأمومة.تجردت من مشاعر العطف والحنان والحُب, فهذا التجرُد يمنعُها أن تكون"أُم".
  •  بل إنها إن لم تهرول إلى جُثمان ولدُها,وتحتضنه, وتبكى دماً لادموع, إن لم تفعل هذا فإنها لم تعُد أُم[!]فهل يليق بأُمُ مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية,هل يليق أن تُغلق احضانُها أمام إبنُها؟...بكُل ثقة وحُزن أقولها"لايليق ..لايليق يا أُمى". 
  • لايليق حتى لو كان هذا الشخص,ترك الكنيسة وحُضنها, لا يليق حتى لو رفض كُل ما فى الكنيسة من مُعتقدات وطقوس وآباء, بل حتى لو داس عليها, فالأُم تبقى أُم حتى وإن قسىَ قلب الإبن عليها.
  • فقسوته لا تجعلها تتحجر القلب.لايليق إغلاق الباب حتى أمام"إبن"خرج من رحمٍ آخر.فالام تبقى أُم حتى مع أبناء الرحم الأخر.
 
 لماذا نُصلى:ـ
  • وهُنا علينا أن نعلم إنه إن كانت الكنيسة تُصلى على"المُستقيم الإيمان"و" من لايُخطئ", فما المنفعة وما الفائدة التى تعود علي المُنتقل إن كان باراً؟ فهو شخص لايحتاج بعد صلاتُنا, بل نحنُ المُحتاجين الصلاة منه.
  • وإن كان الشخص المُنتقل"خاطئ"فلا فائدة من صلاة الكنيسة عليه,ولا الصلاة من أجله تُفيده شئ. وإن كان شخص مُبارك وبار,ولكنه سقط تحت خطايا"الهفو"التى نُصلى ونقول عنها"التى فعلناها بمعرفة والتى فعلناها بغير معرفة",فأيضاً صلاتُنا لاتُفيده شئ,فهو شخص بار ولكنه وقع تحت بعض الهفوات, ولستُ أظن إن الله سيُدين شخص على الهفوات, ويتناسى تاريخ حياته الذى قضاها فى القداسة والبر.
  • وإن كانت صلاتُنا هى الوسيط أمام الله لمغفرة الخطايا,فنحنُ قد قدمنا هذه الوساطة يوم إنتقال الخاطئ.فلماذا نُكرر الصلاة كُل عامٍ,بما تُعرف بالذكرة الثانوية,ولماذا فى كُل يوم نقول"الرب ينيح نفوسهم أجعين"
  • وهُنا لابُد أن نعتبر الصلاة على المُنتقل إن صح القول. نقول إننا نُذكر الله بمراحمه ليترأف ويرحم المُنتقل.ليس لان الله يتناسى مراحمه ومحبته,بل من باب الشركة مع المُنتقل,ومن باب الحُب , لذلك نحنُ نُصلى قائليين:ـ" إن كان قد لحقهم توانٍ أو تفريطٌ كبشر وقد لَبِسوا جسداً وسكنوا في هذا العالم، فأنت كصالح ومحب البشر، اللهم تفضَّل عبيدك المسيحيين الأرثوذكسيين الذين في المسكونة كلها، من مشارق الشمس إلى مغاربها، ومن الشمال إلى اليمين، كل واحد باسمه وكل واحدة باسمها، يا رب نيِّحهم واغفر لهم. فإنه ليس أحدٌ طاهراً من دنسٍ ولو كانت حياته يوماً واحداً على الأرض. أما هم يا رب الذين أخذتَ نفوسهم، فنيِّحهم، وليستحقوا ملكوت السموات".
  • فهى فقط لتذكير الله بصلاحه ومحبته.التى لايحتاج الله أن يُذكره أحد بها,و أولاً وأخيراً من باب الشركة,الشركة فى الجسد الواحد,الذى يلتمس نعمة الرب  
  • لذلك فى غاية الأهمية أن نعلم إننا أعضاء جسد المسيح الواحد,ذلك الجسد الذى لايعرف الموت طريقاً له,بل هو مُجرد إنتقال ,لذلك ثُصلى الكنيسةالموجودة على الأرض من أجل بقية أعضائها المُنتقليين للسماء, ونفس الأمر من المُنتقليين إلى السماء يُصلون للأرضيين,وهذا هو المفهوم الأرثوذكسى عن الشفاعة.فهى ليست وساطة بل هى شركة جسد المسيح فقط
  • وهُنا نقدر أن نقول إن "الصلاة على الموتى" ليست فى الواقع صلاة عليهم[!]بل هى إشتراك معهم فى الصلاة,فالمُحرك الأساسى هو"حياة الشركة" شركة الجسد الواحد فى الصلاة.لذلك فصلاتُنا هى محبة ورحمة ,محبة ورحمة تجاه لاالمُنتقل فحسب,بل أيضاً تجاه أهله وأقاربه,فالمحبة تُحتم أن نشترك معهم فى احزانهم,ونُعزيهم ,وتعزيتُنا تكون بالمسيح وفى المسيح.
  • وحينما نجتمع لنُصلى سوياً. -وإن كُنا نشترك مع البروتستانت فى الصلاة,كما فعل البابا تواضروس ومن قبله البابا شنودة-فهذا نوع من أنواع شركة الجسد الواحد,فنحنُ نُصلى من أجل أمراً تحتاجه الكنيسة وهو"الوحدة",لذلك تتشارك كأعضاء الجسد الواحد فى الصلاة والطلب من أجل إحتياجُها,ونفس الأمر علينا فعله مع المُنتقليين من الطوائف الأخرى,نتشارك معهم فى الصلاة
  • فصلاتُنا فى كنيستُنا, على مذبحُنا, بطقوسِنا على اى شخص من طائفة اخرى, لا يُقلل من إيمانى أوعقيدتى, فالتقليل يحدُث فى حالةٍ واحدة إن تخليتُ عن الطقس الكنسى الخاص بى, يحدُث إذا ألغيتُ عقيدة من عقائد كنيستى من أجل الاخر, وهذا لم يحدُث,وإن لم يحدُث فلما إرهاب النفوس بمقولة"التفريط فى الإيمان", وهذا ليس تفريط بل هو تأكيد ووثيق وتثبيت للإيمان. 
 
النعمة معكم 
مينا فوزى

2016/01/12

الأرثوبراكسية




من الأرثوذُكسية إلى الأرثوبراكسية
(لنخرُج من هذا المفهوم الضيق إلى آفاقٍ واسعة )


  • قديمًا استخدم آباء الكنيسة, مُصطلح أرثوذُكسية للتفرقة والتمييز بينهم وبين الوثنيين, وإستُخدمت أيضًا من أجل توضيح ووصف مُعتقداتهم.كلمة أرثوذُكسيةOrthodox تُعنى"صلاة مُستقيمة"أو"تسبحة مُستقيمة", فكلمةdoxa بالأساس تُعنى تمجيد, لذلك دوماً ما نقول (ذوكسا) للثالوث القدوس.
  • الأرثوذُكسية هي" تمجيد,صلاة, تسبيح ",ولكن بشكلٍ مُستقيم,أي إننا نُصلِّي لله الآب,بالابن في الروح القدس,هذه هي الأرثوذُكسية, صلاة مُستقيمة, أي إنها صلاة تخلو من أي بُغضة وكراهية تجاه الآخر, فعلى المسيحي أن تكون حياتُه كُلَّها"ذوكسا",فأساس حياتِه يجب أن تكون مُستقيمة,وهُنا نصل إلى مفهوم أوسع وأدق للأرثوذُكسية, وهي الحياة المُستقيمة.فكُل مسيحي هو أرثوذُكسي,ولكن ليس كُل أرثوذُكسي هومسيحي..

  • وكيف يسلُك من يُدينُ أخاه,ويسُبُّهُ؟ كيف يسلُك هذا في الأرثوذُكسية؟أين حياة الإستقامة في"سُبابِه, وإداناته"[!],إنه التحوُّل عن الأرثوذُكسية,وأضحت الأرثوذُكسية في الكنيسة,وفي الكُتُب, أمَّا الحياة ذاتِها فلا أرثوذُكسية فيها, إنها خارج نطاق الأرثوذُكسية.
  • إنَّها تقوى زائفة, تُظهر عكس ما تبطُن[!]فلم تعود الكنيسة ذلك المكان  الذي يجتمع فيه أعضاء الجسد الواحد مع الرأس المسيح,بل تحولت إلى مسرحًا,كلٌ في دوره,والجميع مُمثلون,وتحولت الأرثوذُكسية من الحياة المُستقيمة إلى الحياة الزائفة, وأضحَى التاجر يُزيف بضاعته,فأصبحت الأرثوذُكسية هي الأخرى مُزيفة.إنها أرثوذُكسية مُزيفة.تلك الأرثوذُكسية التي يُنادون بها.
  • فبين أرثوذُكسية الآباء وبين أرثوذُكسيتهم هوةٌ سحيقةٌ.وللأسف تشرَّبْنا نحن من أرثوذُكسية هؤلاء,وتناسينا الأرثوذُكسية الأصيلة,لذلك علينا الآن أن ننسلخ من هذه الأرثوذُكسية,علينا أن نُفكر جديًا في"الأرثوبراكسية", أي علينا أن نُمارس الأستقامة,لا أن نُمثلُها.[ فكلمة "أرثو"تُعنى إستقامة,وكلمة "براكسية" تُعني عمل أو تطبيق].
  • فما المنفعة من التفاخر على الآخر إننا كنيسة آبائية,وإننا كنيسة مُستقيمة في الرأى والفكر..إلخ. من تلك الشعارات الرنانة,هذه هي الأرثوذُكسية المُزيفة التي يجب أن نتخلَّى عنها[!]فبدل التفاخر علينا أن نجتهد أن نسير على طريق الآباء,فى خُلقِهم وحياتهم,وتقواهم.علينا أن نعمل ونتعب من أجل مجد الله.مجد الله الغائب.لنعمل من أجل أن نُمجِّد الله في تعبِنا سواء في الخدمة أو الدراسة الدينية أو العامة.
  • لنترُك ميراثًا لأحفادِنا, لعلهم يتفاخرون به, كما نتفاخر نحن بتُراث الأجداد. فالكنيسة اليوم تمُرُّ بمرحلةٍ من أصعب ما يكون, فقديماً كانت تواجه العالم الوثنِي,فوَصَفَتْ نفسها بالأرثوذُكسية لتُفرِّق بينها وبين الوثنيين والهراطقة, ولكن اليوم الكنيسة تواجه نفسَها,لإنها اضحت في إحتياج لمُصطلح يصف حالتَها,ويصفُ ما ترجوه.لذلك فأفضل تعبير عن إحتياجُنا لم يعُد هو"الأرثوذُكسية" بل هو "الأرثوبراكسية" علينا أن نُعيد المُمارسة مرة أخرى للأرثوذكسية فى الكنيسة , فنُمارِس ما نعتقده,ونعتقد ونُصلِّي بما نُمارسه. هذا هو مجد الكنيسة الذي نحتاج أن نُعيدَهُ.
  • لنتخيل إن الكنيسة لايوجد بها سوى عقيدة واحدة, وهي المحبة , وهذه الكنيسة تُمارس الحُبَّ,وتُصلِّي به,وإن كانت مُفتقدة للحُبِّ عليها أن تُصلِّي لكي ما تنال هذه النعمة,فالحُبُّ نعمة,وحينما تترسخ المحبة في وجدان الكنيسة,فكُلُّ خلافتِها ستزول , بل ستُصبح كنيسة أشبه بكنيسة السمائيين,فكما يقول البابا شنودة " كُلُّ قلبٍ عاشَ في الحُبِّ سَمَاك". فما المنفعة من عقيدة مُستقيمة لا تُمارَس,ولايستفيد منها من يؤمن بها؟ لا منفعة,بل هو الضرَرُ بعينِه,والطامةُ الكُبرَى.
  • طامتُنا الكُبرَى إن كُنَّا نتغنى بالحُبِّ والمحبة ولا نُمارِس هذه المحبة,نتصنع الحُبَّ تجاه الآخرين , المُخالفين والمُختلِفين,ونحنُ أبعد ما يكون عن الحُب, ولم نعرف عن المحبة شيئًا ,فالقلب يبطُن ما تخفيه الوجوه, فكيف لنا أن نُحب الله؟ونحنُ لم نُحب بعضُنا البعض؟
  • لقد تحولت عقيدتُنا في الحُبِّ إلى زيف وخداع . نخدعُ به الناس,ونخدعُ به الله, فاحص الكُلَى, نخدعه في مخادعُنا ونقول له إننا نُحبُّه , ونحن لم نُحبُّه بعد! فلا حُب مِنَّا لله إن لم نُحب بعضنا البعض. علينا أن نخرج من قوقعة الزيف والخداع باسم الأرثوذُكسية إلى مرحلة المُمارسة الفعلية للعقيدة الأرثوذكسية.
  • وأخشى أن نصل إلى مرحلة من المرض,ونُصبح مرضى الأرثوذُكسية,وتُصبح أجمل ما فى حياتُنا هو مصدر هلاك لنا, ونبكي على الأطلال "أهلكتنا أهلكتنا,والجانى نحنُ".
  • فإن كان السَّكِّين يُمكن أن يُستخدَم في قتل نفس فهو أيضاً يُستخدَم في إعدادالطعام لشخصٍ جائعٍ, فتحوَّل السَّكِّين من أداةِ قتلٍ وسفكِ دمٍ إلى أداةٍ نقدرُ  بها أن نُحيي نفسًا.
  • هكذا الأرثوذُكسية يُمكن بها أن نقتُل المُخالِف لنا ويُمكن بها أن نُحْيي نفسًا,فأي أرثوذُكسية ننتهجُ نحنُ؟ أرثوذُكسية القتل وسفك الدماء,أم أرثوذُكسية الحياة وحقِّ الجميع في الحياة؟
  • فنقاشاتُنا وحواراتُنا تحتاج لا لأسلوب ومُفردات,بل تحتاج إلى حياة الحُب نعيشُها ,ولا حياة خارج المحبة, لا في نقاشاتِناالدينية فحسْب,بل في مُعاملاتِنا اليومية مع الجميع , مع الله ومع البشر, مع الحيوانات,و مع النباتات ,وكل شئٍ حولُنا,علينا أن نترفق ونُحبه.
  • علينا أن نتعلم أن نُحِبَّ حينما نختلف,ونُحِبَّ حينما نتناقش. فالخلاف شئ واقع في حياتِنا كبشر, لنجعل  أسمى خلافُنا على أخلاقِنا وحُبنا بعضنا البعض.
                              لنُمارس الأرثوذُكسية...لنحيا الحُبَّ.

النعمة معكم
مينا فوزى