2019/03/15

الجهل المقدس ج2


الباز أفندى و وراثة الخطية
الحقيقة افتكرت مشهد من فيلم "الشيطان يعظ" اعتقد لتوفيق الدقن بيقول فيه" هو جرا إيه للدنيا، كل الناس بقت فتوات، أمال مين اللي هينضرب", ودا فعلا سؤال مهم جداً[!] هو لو الدنيا كلها فتوات امال مين الى ممكن الفتوة دا يضربه[؟], فمُشكلتنا فى المجتمع اليوم هى إن المجتمع كله فتوات ومفيش حد هينضرب.
مُشكلتنا الأزلية هى أن كُله بقى يفتى فى الـ يعرفه والـ ميعرفهوش, خصوصاً فى الأمور الدينية, وكله بقى يتكلم فى كل المجالات, فتلاقى الشخص الواحد بيتكلم فى الليتورجية, ويتكلم فى تفسير العهد الجديد والقديم, والنقد النصى,ويونانى العهد الجديد وفوق البيعة علم الاباء وتاريخ الكنيسة.
وبالتالى ابتدى يظهر عندنا الشخص الموسوعى, الـ عارف فى كل حاجة ومفيش حاجة فاتته خالص,طبعاً دا علمياً غلط و مُصيبة لان مفيش حاجة اسمها شخص موسوعى, فيه حاجة أكادمياً اسمها التخصص,يعنى تتخصص فى مجال معين ودا تفتى فيه براحتك وحقكك لانك هتبق دارس المجال دا.ولما يجى حد يسالك فى مجال مش مجالك حاول تيجى على نفسك وتقول"معرفش"مش عيب يعنى. فابوس ايدك متجيش تتكلم فى حاجة انت تجهلها, علشان شكلك هيبقى وحش خالص,
الباز افندى مسك مجال Critical & Exegetical وقاعد يقول فتاوى فى علم اللغة اليونانى,ومسك نص رومية12:5" "إذ أخطأ الجميع"وقعد يحلل بمزاج حضرته واستنتج فى الاخر ان النص دا لازم يترجم[بسبب الذى فيه الجميع أخطاوا],و[فيه] دى حسب الأكسجيسس بتاعه تعود على ادم وبكدة موضوع وراثة الخطية محسوم ومنتهى.
هو حضرتك هتفضل تفتى لحد امتى؟ولحد امتى الجهلة هينقلوا كلامك دون فهم او دراسة؟

الحقيقة ان المشكلة فى النص بتاع رومية دا هنلاقى صعوبة فى ترجمة حرف الجر داهون #επί لو جيه مع حالة"الديتيف" هترجمه ايه؟ هل اترجمه"بناء على"ولا"لسبب",ولا اترجمه ايه
ولو حليت المشكلة دى هل اقدر اعرف ضمير الوصل مذكر ولا محايد؟ وبناء عليه هقدر احدد القصد هو"الحدث"ولا القصد هو"الموت او ادم"
يعنى هل النص يقصدحسب التدقيق هيكون:
-وبسبب خطية ادم فجميع الناس غلطوا وبالتالى الموت اجتاز للجميع,
-ولا المقصود ان الموت اجتاز وبالتالى فالجميع غلطوا.
-ولا الموت عدى على الناس بسبب خطية ادم

طبعا دا جدل كبير بين الاسكوليرز ونص محير لعدد كبير من علماء الاكسجيسس, وفمتجيش حضرتك بسهولة كدة تقولى فى بوست عالفيس انا خلاص كدة اثبت من رومية وراثة الخطية,لان النص ميحسمش قضية وراثة الخطية ولا وراثة الطبيعة الفاسدة,وكل واحد بيفسره حسب لاهوته الخاص,وهنا بيت القصيد. فلو انت ارثوذكسى هتفسره بشكل معين ولو غير ارثوذكسى هتفسره بشكل معين وفكلا الحالتين النص اليونانى مبيحسمش القضية
فى واحد اسمه C. E. B. Cranfield عامل كتاب من جزئين ضخمين بيتكلم عن رسالة رومية عارض تقريبا اكتر النظريات الى بتفسر النص دا,وهما تقريبا اكتر من 20طريقة ممكن تفسر بيها النص دا,ومازال الجدل قائم لحد اليوم.نسيت اقولك ان Cranfield
دا مهرطق مش ارثوذكسى فمتقرالوش ولا تشتريله كتابه لانه فعلا غالى,ربنا يخليلنا مكتبة الكلية

الجهل المقدس


-أتسأل لماذا أصبحنا نُقدس كُل شئ, حتى وصل بنا الحال لتقديس الجهل, ذالك الشئ البغيض, ذلك الشئ أصبحنا نُقدسه, وإن كُنا نُقدس الجهل فهذا لإننا نُقدس ما نحن عليه, فلإننا جهلة فنحنُ نُقدس الجهل.
-لقد كانت مدرسة-كنيسة- الإسكندرية رائدة فى العلم , مطلع القرون المسيحية الأولى, فأصبح كُل من ينتمى إليها يتشرف بها,وهى حقاً تُشرفه, تُشرف كُل من ينتمى إليها لإنها كانت منارة للعلم واللاهوت فى العالم,فكُل من ينتسبُ إليها يتسمُ بما تتسم هى به َ,وإن كانت منارة فمن ينتمى إليها سيُضئ, وإن كانت هى مركز العلم فمن ينتمى إليها سيكون مُتعلم ومُثقف.ولم تُقدس الجهل يوماً
لقد كانت...
-ولكن اليوم هُناك ظاهرة غريبة مُنتشرة جداً فى كنيستى, ففى كنيستى اليوم أصبح للجهلُ مكانٍ, بل وأصبح للجهلُ كُل مكانٍ, ولهذا الكُل توجه له العبادة ,وله نضرب الميطانيات, ونُلبسه الحُلىِ, ونُقبل لِحاهُ.
-وأصبح الواقع ما هو إلا كثيرَ من قِلة الادب. فقلة الادب تتجلى فى تقديس الجهل, وملخص الاحداث هو اننا نُفتى فيما لانفهم, فى أن نتكلم دون ان يكون معنا ادنى معرفة فى مانتكلمُ فيه.
-وتتجلى قلة الأدب فى حديث البعض فى"علم الباترولوجى"او"علم النقد النصى" دون أن يكون لهم أدنى معرفة أو اى مؤهل لاهوتى مُعترف به عالمياً, فأصبحنا نكره ونُحارب من يتعلم ويدرس ويجتهد للحصول على مرتبة علمية, نُحاربه لنأخُذ منه مِنبره,فنبُث فى منابرنا "الجهل".
وهذا هو إنعدام الادب.
-إنعدام الادب هو ان اقف على المنبر واتكلم عن "خاتمة انجيل مرقس" وفى وقت محدش بق يتكلم فيها فى اى دورية محترمة,فالموضوع منتهى تماماً, ومحدش مُحترم,محترم فاهم او دارس يقدر يقول انها موجودة فى اى مخطوط يونانى يعود لما قبل القرن الرابع. وهذا قول العُلماء فاحصى المخطوطات؟
-ما العيب؟ما المُشكل أن يُفقد نص من الإنجيل من المخطوطات,ما وجه الربط بين ضياع نص من مخطوط وبين ضياع النص نفسه عنا؟, فما سبب وعلة الهجوم على من درس وتوصل لضياع الخاتمة؟ولماذا الهجوم عليهم؟ يا سادة إن ضياع مخطوط لنص إنجيلى,او ضياع المخطوط ذاته لايعيبُ الإنجيل, ولايُعنى عدم أصالة النص الموجود بين أيدينا اليوم.
كفى تقديس للجهل-بل- كفانا جهل