هل حكم يوسف فى زمن الهكسوس؟[نقد نصى]

[الشبهة]

يدعى البعض إن الكتاب المقدس أخطأ حينما قال إن يوسف حكم مصر فى زمن فرعون.وهذا خطأ شديد لإن هذا الوقت كان الهكسوس هُم من يحكمون مصر.

[الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرد]

• تبدأ القصة حينما رأى فرعون حِلم,وهو الحلم المتعلق ب[السبع بقرات الحسنات والقباح] ثم حلمه ب[السبع سنابل السمان والهزيلة][راجع تكوين1:41-7],حتى تنتهى القصة بمجئ [يوسف]لتفسير الحلم.ثم تعيين[يوسف]على البلاد[تكوين40:41-43].

• ويبدأ هُنا المُشكك كذبه ويدعى إن صاحب الحلم لم يكن فرعون.بل كان ملك الهكسوس.وهُنا نِدع[المك زوسر]يرُد على هذه الشُبهة.فنجد إنه يوجد لوح حجرى للملك[زوسر]يصلى للألهة لرفع المجاعة التى ضربت مصر.وهذا كان تفسير حلم فرعون.وهيا لوحة منحوتة وجدت بالقرب من أسوان,تتحدث عن سبع سنوات من المجاعه فى عهد الملك زوسر,وفى الجزء العلوى من الصورة يقدم [زوسر]القرابيين لثلاثة ألهة مصرية وهم[خنوم,وساتيس,أنوخيت][1].

•  وفى هذا اللوح يقول الملك زوسر [قلبي كان في ضيق مؤلم، لأن النيل لم يفض لسبع سنوات. الحبوب لم تكن وفيرة، البذور جفت، كل شيء كان يملكه الفرد ليأكله كان بكميات مثيرة للشفقة، كل شخص حرم حصاده. ]

• إذاً فالمجاعة قد حدثت فى عهد الملك[زوسر].والملك زوسر كان من الأسرة الثالثة.ومن خلال هذا اللوح نتأكد إنه هو صاحب الأحلام التى فسرها له فرعون.

• ولكن زمن الهكسوس كان مُعاصر لزمن الأسرة[17]حتى طردهم أحمس [من الأسرة الثامنة عشر] [2].وكان احتلال الهكسوس لمصر استغرق[100سنة].وبالتالى زمن الهكسوس لا يتعدى الأسرة السابعة عشر.وبالتالى ثبُت خطأ المُشكك...

مينا فوزى.
___________________

[1] The Famine Stela. Retrieved June 1, 2005. "After a German translation by Günther Roeder, Jena, 1923

[2] Christopher Bronk Ramsey et al.,Radiocarbon-Based Chronology for Dynastic Egypt,Science 18 June 2010: Vol. 328. no. 5985, pp. 1554–1557

حينما يعجز علم اللَّاهوت.(خواطر لاهوتية).ج8.

               حينما يعجز علم اللَّاهوت

• يملُكُ الكثيرُ مِنَّا أقلاماً.ويوجَدْ لدينا القدر ة على الكتابةِ,والإمكانية أن نُصبح مُتخصصين فى إحدى مجالات الحياة.فنوصَف بأننا بارعين في هذا المجال,حيث نَصِل إلى تفوُّق بالغ الوصف,ولكن هذا الأمر مُحال في مجال"اللَّاهوت".فمُحال أن تَجِد شخص قد تخصَّص,أو أصبح بارعًا في هذا المجال.نعم ستجد مَنْ إطَّلع كثيراً,وقرأَ كثيراً.ولكن السمة الطاغية على اللَّاهوتي هي"العجز".

•  فاللَّاهوتي هو مَنْ يُريد التعرُّف على الله,تُرَى هل يقدر أنْ يبلغ إلى الله؟.فاللَّاهوتي يطمَح أنْ ينال من الله قدر ما شاء[!],يُريد الإنطلاق إلى الغير محسوس,والغير منطوق بهِ,إنَّها جرأة فاقت الوصف[!]وتعدَّى كل الحواجز بُغيَةَ الوصول لِهَدَفٍ ما. وفي الآخِر لنْ يصل هذا الباحث.أليس هذا عجْز؟.أليس مَنْ يبدأ في هذا المجال تجتاحه أحلام المنال من الثالوث؟.ولكن تنتهي رحلته بفَشلٍ تامٍ,وعجْزٍ فاضِحٍ.

• وهذا هو  عِلمُ اللَّاهوت.عِلم  عاجز على إدراك الله,يتكلم كثيراً عن الله,ويُفتِّش في خبايا الله,ولكنَّه عِلمٌ عاجزٌ عن إدراك جوهر الثالوث القدُّوس,لأن الثالوث لا يُمكِنْ إدراكه بعلومٍ وكُتبٍ,فقط مَنْ يشاء الإدراك عليه أنْ يبتعد تمامًا عن ما كُتِبَ وما سيُكتَبْ في هذا المجال,فقط صلِّي تُدرِك ما لا تَقدِر إدراكَهُ.

• ولا أُخفي عليكم فحينما تُصلِّي ستصِلْ إلَى نفس النتيجة الرائعة التي وصلْنا إليها مِنْ قَبْلِ وهي [العجز],فالعجْزِ ليس عيبًا في علمِ اللَّاهوتِ,فهو ليس إعاقة,بل هو فقط عَجْزٌ.وهذا العجْزُ هو قمَّة اللَّاهوتية,وأعلَى مرتبةٍ يَصِلُ إليْها الإنسان المُصَلِّي.وهذا العجْزُ  يستحق التقدير.

• إنَّه عَجْزٌ عنْ إدراكِ كمالِ المحبَّةِ,فالمحبةُ وحدُها موضوعُ العمْرِ,وحياةُ الثالوثِ,فالمحبة في ذاتِها حركة في جوهرِ الثالوثِ,يقول ويطلق عليها الآباء اسم الحلول المتبادل,للأقانيمِ الثلاثةِ بعضهم في بعضٍ,دونَ محوِ شخصيةِ وأقنوميةِ الآخرِ,وبعيدًا عنْ  هذهِ النقطةِ أَوَدُّ أن أقول أن حركة المحبة الثالوثية تُعبِّر عنْ كمالِ اللهِ وعَجْزِ الإنسان.كمالُ اللهِ في المحبةِ وفي حبِّهِ وعَجْزِنا عنْ إدْرَاكِ هذا الحبِّ أى الثالوثي.

• فليس معنَى عجزِنا هو إننا محرومين [!] بَلْ نقدِر أنْ نستمتع بهذا العجز ومتعتنا الوحيدة هي في المشاركة..والمشاركة فقط,فنحن لا نملُكُ سواها,نشارك الثالوث في هذهِ المحبةِ المتبادَلةِ,وهذا التبادُل الأقنومي ,بين أقانيم الله وأقنوم الإنسان هو متعةِ العَجْزِ البَشَرِي حينما يصل إلى قمتهِ..

• إنَّه عجْزٌ لا يُوحي بالفَلَسِ الروحي أوْ العقلي,بل هو عجزٍ غني ومُغْنِي[!]فعجزنا البشري هو قمَّة معرفتنا بالله.هو عجزٍ مؤدٍ إلى الله.فعجْزِ الإنسان هو قمَّة تجلِّي الله في النفسِ البشريةِ عينها..عجزٍ يدفع الإنسان إلى الغمامِ,إلى المجهول,يدفعه دفعًا للظلام,وما الظلام إلا الله ذاته.كما قال.ق.غريغريوس اللَّاهوتى.

• قد سِبِقْنا الله هذه المرحلة,فتْعامل بتلك اللغة العاجزة.إنها حقاَ نتاج شخص عاجز,فبالتالى هي الأخرَى عاجزة.وكان على الله أن يستخدمها ليُعبِّر عن حُبِّه للإنسان,فاستخْدَمَ اللهُ لُغتَنا العاجزة.وشَعَرَ بعجزِها وبمدى عجْزِ كلمة[الحب]للتعبير عمَّا في خلجات الله[!].فما كان من الله إلَّا أن ينْسِب صفة من صفاته إلى هذا الحُبِّ,فوصفه إنه حُبٌ أبديٌ.وكأنه يريد ان يقول أحبك إلى ما لانهاية له.

• فلم يتوقف عجز الإنسان عنْ الوصولِ لجوهرِ الثالوثِ فحسْب.بل إنه عجز أيضًا في التعبير عن حُبِّه للهِ [!].ففي داخل الإنسان كَمٌّ هائلٌ منْ المشاعر .والحبِّ.يقدِرُ بها أن يملأ بهما بحارًا وبحارًا .فالإنسان بالأساس كائن عاطفي.خُلِقَ ليُحِبْ,بل خُلِقَ بالحبِّ.خُلِقَ بحُبِّ الله له,ولم يتوقَفْ الله عنْد هذا الحدِّ.بلْ خلقه على صورةِ الحُبِّ ذاتها,صورة الثالوث.

• فالإنسان مخلوق  على صورة الثالوث,ولهذا السبب عينه,توجد رغبةٍ دفينةٍ داخِل كُلِّ إنسان.كُلٍ منَّا يشاءُ الإنطلاق نحو المجهول,والمجهول هُنا بالنسبة للإنسان هو الله,فالله غير محدود وغير مُدرَك لذا فهو بالنسبة للإنسان مجهول,مهما بلَغَ الإنسان درجات المعرفة الإلهية.

• وهذه الرغبة نحو المجهول هي رغبة إشتياق..رغبة واشتياق للوصول إلى هذا المجهول [!] وهذهِ الرَّغبة تكشِف عن أصلِ صورتنا التي خُلقْنَاعليْها.وهذهِ الرغبةِ هي لِمَا خُلِقْنَا عليه.أي صورة الحبِّ.لذا فنحن دومًا ما نبحث عن الحُبِّ,نبحَث دومًا عن الله.ولكن بأي طريقة؟.

• ربَّمَا نجهَل إننا نبحث عن الله,ونبحث فيهِ عن نفسنا,أو نبحث عنه في نفوسِنَا,إلَّا أننا دائمًا ما نشعر بِعَدَمِ ارتياحٍ في حياتِنا,عدمِ ارتياحٍ لعدمِ نوالِنَا ما نبحث عنه,فعلى الدوام سيكون الإنسان في حيرةٍ وعدمِ ارتياحٍ حتى يجد الثالوث,ويدخل في دائرتِه.ويَجِد الثالوث مكانًا في قلب كلِّ مِنَّا,فحينمايحدُث هذا التلاقي,ستزول الحيرة ومعها القلق,ويحل  محلها فرحة الثالوث.

• هذه الحيرة عينها,وهذا الاشتياق في حد ذاته صلاة.صلاة يُقدمها الإنسان إلى جوهر الثالوث.بل إن بحثَنا عن الحبِّ في حد ذاته هو صلاة.ولكنها صلاة بلا كلمات ولا حروف,إنَّها الصلاة في أسمَى معانيها,حينما تتجرَّد من التكلُّف,والجمود  .وتُقرر أنْ تترك اللغة البشرية.

• إنَّها صلاة الرغبة, التي تُفجِّر أرجاء القلب,تُصيب القلب المريض,فينزف,ونزيفه حُبًّا.فيتحوَّل مرضنا [الخطية]إلى نزيف حُبِّ.يكشِف,وتنكشِف معه أسرار هذا العضو الثالوثي,الذي لا يرتاح إلَّا بالثالوث.ومع إنكشاف أسراره ,ينكشف عجزنا..بل وعجز البشرية جمعاء.

• عجز عن إدراك هذا المجهول,عجْز في التعبير عن مدى حُبِّنا للثالوث,إنهُ قيد اللغة التي قيَّدْنا نفوسنا بها,فلا أنصفتْنا اللُّغة لنُعبِّر بها عنْ مشاعرنا,ولا نحن خَلَقْنَا لُغةً قادرةً أنْ نُعبِّر بها عما بداخلنا.فبعد جُهدٍ لسنوات عديدة ,في القراءة والسهر والدراسة ,يكتشف اللَّاهوتي إنَّه قد أرهق ذهنه وبدنه دون أدنَى نتيجة,فلا هو وَصَلَ إلى الله,ولا سمح لله أن يصل إليه,فكان الذهن والعقل حائلاً بينه وبين الثالوث و أسراره .إنه عجزٍ من نوع آخَر.

• فاللَّاهوتي كل يومٍ يُضيف عجزًا فوقَ عجزِهِ.يومًا بعدَ يومٍ يكتشف عجْزَهُ البشري,وعجز لغته.فبشريته غير قادرة على إدراك الله,,فشلت لغته في التعبير عمَّا في قلبِها من حُبٍّ.فلا هو قادِر أنْ يُدرِك مَن يُحبُّه ولا هو قادر أنْ يُعبِّر عن حُبِّه له[!]حينما يُدرِك اللَّاهوتي ذلك.فحينها-وحينها فقط - يكون قد نالَ من الله قدْرِ ماشاء.ووَصل إلى أعلى مراحل يرجوها أي لاهوتي.

• وحينما يتوقف اللَّاهوتي عند هذا الحد. يتدخل الثالوث .بمفاهيم لم يعرفها الإنسان,بأساليبٍ لمْ تورَد على عقلِه,ويستخدم الثالوث لغةٍ ما.لغة جديدة, لا يوجد في قواميسها أي كلمة ولا حروف,إنَّها لغة الحب والمشاعر الإلهية الفيَّاضة.

• لغة لايفهمها الإنسان بصورة كاملة,ولكنَّه قادر أنْ يستخدمها ويُعبِّر بها عمَّا بداخله.إنَّها تختلف تمامًا عنْ لغتِنَاالتي نستخدمْها,وبتدخل الله بلغته الجديدة,يبدأ الإنسان مع الله مرحلة جديدة و هي أروع مراحل الإنسان الروحية,حيث يتحد بالثالوث . ينتقل فيها من و إلى, من المحدود إلى الغير محدود.ربَّما هذا هو الذوبان في الله [التألُّه],وربما شئٍ آخر,فلا أُريد الخوض في فلسفاتٍ ومفرداتِ اللغة بقدْر ما أُريدُ الاستمتاع بهذا الإتحاد.

•  وهذا الإتحاد مُجرد من كل جمودٍ وكسلٍ.بلْ هو إتحاد خِصْبٌ.أساسه الحُبِّ..الحُبِّ المتبادَل بين الثالوث والإنسان.يبدأ فيه الثالوث بالإفصاح عن محبتِه,بل ويسكبها في قلب الإنسان,وحينما يمتلئ القلب بهذا الحب,يبدأ هو الآخر بمُبادلةِ الثالوثِ حُبًا بحُبٍ فانسكاب المحبة في ذاتها قمَّة المحبة ونتاج الحبِّ الثالوثي....

فحينما يعجز علم اللَّاهوت...يتجلَّى الله 

 

النعمة معكم

مينا فوزى