2015/08/08

شفاعة القدسين. [مقالات فى تصحيح فكر غير أرثوذكسى .ج2]


  •   لِستُ بِصددٍ أن أكتُب ردودً وإثباتات عن شفاعة القدسين,بقدر ما أنا بِصِددٍ أن أكتُب لأشرح المفهوم السليم لهذه العقيدة,لِستُ فى حاجة للوقوف مع جانب مقابل الآخر بقدر ما أنا فى حاجة إلى توضيح الخطأ الذى نقع فيه جميعُنا,حينما نُقرر مُمارسة هذه العقيدة,وقبل البدء فى الحديث أرجو الرجوع إلى موضوع:ـ

رفات القدسيين وشفاعتهم بين عبادتهم و الأرثوذكسية  

 

  • أولاً لابُد من التطرق إلى المُشكلة,لكى ما نُدركها ثم نحاول حلها.فأساس المُشكلة هو إن التعليم الحالى فى كنيستنا يخلوا من[المُمارسة],أقصد المُمارسة الفعلية والشخصية للعقيدة.وربما عدم التمرُس العامل الرئيسى لكل مشاكلنا الداخلية.

  • فنصطحب الأطفال إلى مدارس الأحد,ونُعلمهم ,ونُعطيهم مواضيعاً شتى,مثل موضوع[التوبة,المحبة,التواضع...إلخ]ونتوقف عِند هذا الحد فقط.دون أن نُعلِمهم كيفية مُمارسة هذه الفضائل المسيحية[!].فأصبحنا مثل الأم التى تُعطى الرضيع طعامه فى يده!,فلا يستطيع الطفل أن يُطعم نفسه بنفسه,وأصبح دور الأم قاصر,وناقص.

  • هكذا نحن الخدام مُقصرين جداً فى هذه النُقطة,فمثلنا مثِل الأُم,نُعطى مخدومينا الشئ,ولا نُعطيهم كيفية إستخدامه,وربما هذا الأمر نابع بالأساس جراء ما تعلمناه نحن,فكُنا نأخذ الفضيلة ومن علمونا لم يعطونا كيفية مُمارسته.فخرجنا نحن وأصبحنا نُكرر ونُخطئ نفس الخطأ الذى سقط فيه مُرشدينا القُدماء.

  • وهُنا أستطيع أن أقول إننا وضعنا يدنا على المُشكلة ,الكامنة فى إنعدام المُمارسة.التى هيَ قائمة بالأساس على عدم وجود خِبرة شخصية[فلم نتعلمها..].ونفس الأمر مع الأمور العقائدية مثل[التجسد والإخلاء,وألام المسيح,والصلب,والموت,والقيامة,والصعود...إلخ].

  • قد سمعنا عنها فى خدمات شِتى,وفى العظات .ولكن ما سمعناه كان العقيدة فقط,ولم نتعلم كيف نحياها,إستمعنا لنظريات,ونحن غير قادرين على تطبيق هذه النظريات.وبكل أسف تحول الإيمان إلى مُجرد معلومة.ولايزيد عن كونه مُجرد معلومة[!].

  • وتحول المسيح أو حولناه نحن إلى مُجرد نظرية,عقلية فقط,وأى شركة تكون بين الإنسان والمعلومة؟فكان حرى أن نتعلم كيف نعيش فى المسيح,كيف نحيا به,كيف تكون العقائد المُشار إليها هيَ حياتنا وإختِبارنا-فبدل ما نستمع ونأخذ دروس عقيدة,نراها  فى تصرفات مُرشدينا,فنتعلم من حياتهم العقيدة ونُعلمها نحن بالتبعية لمخدومينا.

  • إن كان مُرشدينا السابقيين على قدر  من الخطأ,ولم يُحالفهم التوفيق فى مُهمتهم تِجاهنا,فنحن الآن علينا أن نُدِرك إن الأمر قد وقع علينا نحن ,والمسؤلية موضوعة علينا,لذا فعلينا أن نُدرك ما سقط فيه السابقيين ونحرص أن لا نِسقُط نحن فيه مرة أخرى.

  • علينا أن نُعلم المخدومين حياة العقيدة,والكيفية السليمة للعقيدة,ونفس الأمر مع عقيدتنا الأرثوذكسية[الشفاعة][!]نحتاج أن نتعلم إن الشفاعة لا تُعنى [وسيط],فأنا كشخص لا أحتاج لمن يتوسط بينى وبين أبى.

    •  ومن العجيب فى كنيستنا القبطية,إن هُناك المئات من الكُتب,تُدافع عن الشفاعة  وتُبرهن عليها من الإنجيل وكتابات الأباء منذ القرون الأولى.ولكن هذه الكُتب تخلوا من أى تصحيح لأى مُمارسة خاطئة نقطع فيها فى الكنيسة.فتحولت الكتب إلى خط دفاع أمام العدو[الشرير].

  •   فشفاعة القدسين فى مفهومها البسيط ,إننى أطلُب صلاة القديس فلان من أجل شئ ما.فأنا لا أُصلى لهذا الفلان,فالصلاة هيَ لله فقط..ولكنى أطلب أن يُشاركنى الأخرين فى هذه الصلاة وهذه الطلبة,,الإنجيل ممتلئ بالعديد من الطلبات .

  •   وإشتراك الأخرين معى فى الصلاة هو نوع من [الوحدة]وهيَ الطلبة الوداعية للرب,وهذه الوحدة والشركة التى نتحدث عنها فى الصلاة,هيَ وحدة كيانية قائمة بالأساس فى الكنيسة جسد المسيح,فالكنيسة السماوية[كنيسة المُنتقلين]هيَ إمتداد للكنيسة الأرضية[كنيسة المُجاهدين].ففى جسد المسيح أصبحنا نحن والسماويين جسداً واحداً,

  •   ونحن نعلم إن جسد المسيح لا يوجد فيه أعضاء مائتة,لذا نحن نرفض أن نقول إن المُنتقل هو شخص مائت,بل هو شخص له حياة,ولكنه إنتقل من مكان إلى مكان آخر.ولهذا السبب فنحن نطلب الصلاة من هؤلاء الأحياء الموجودين فى السماء,ونطلب الصلاة من الأحياء الموجودين فى الأرض.هذا هو المفهوم الأرثوذكسى الأصيل للشفاعة.

  • ومن الأخطاء التى يقع فيها الكثيريين,هيا إننا نُخصص القديس فلان من أجل المشكلة الفلانية,قديس أخر من أجل المرض الفلانى.وقديس آخر من أجل المادة الدراسية الفلانية.ونقوم بوضع جدول ,فكل مادة لها شفيع مُعين ,يتغير ويتبدل بمدى صعوبة المادة أو سهولتها.ولست أعلم من أين لنا هذه الخُرافات؟

  • ألا نعلم إن هذه ما هيَ إلا مُمارسات وثنية؟فكانوا قديماً يُخِصصون إله للخير,آخر للشر,آخر للخصوبة,وآخر للزرع..إلخ.وبيدنا قد حولنا عقيدة أرثوذكسيةمسيحية جميلة إلى شِرك وخطية,قد حولنا هدف الله من الشفاعة وهيا الشركة فى الجسد الواحد إلى دجل وعبادة أوثان.

  بخلاف إن هُناك من قال إن القديس الفلانى له شفاعة قوية ومُجابة عند المسيح,وقديس أخر محبوب عند المسيح,كما لو كانت صلاة هذا القديس أقوى من القديس الأخر.وكما لو كان المسيح يُحب هذا ولا يُحب ذاك.فالمسيح يُحب من يحفظ وصاياه,وكما أنه لا يكره من لا ينفذها.

  وبجانب ما سبق فإننا نقرأ ما يدعوا للعجب على صفحات الإنترنت وكتب المُعجزات,التى باتت مكان ممتلئ بالدجل,فهناك من يقول إن القديس فلان ظهر لشخص كان لا يتشفع به,وكان حزين وزعلان,لانه يطلب شفاعه قديس أخر,وطلب منه أن يتشفع به هو.[!]فأصبحت شركة الجسد الواحد التى هيا الغاية من الشفاعة إلى صراع القدسين فى السماء,وتحولت إلى غيره بعضهم من بعض.وتحولت طلبتى وشفاعتى بهم إلى مُنافسة ,يتسابق فيها البائع لكسب الزبون.

  • كل هذا ونحن لا نُدرك إننا حتى لو لم نطلب من أحدهم الصلاة,فهم يُصلون لنا.فقدسين السماء لم ينتظروا مننا أن نطلب منهم شئ فيقومون يُصلون من أجله.وهكذا قديسين الأرض يُصلون من أجل الجميع فى القداس دون أن يطلب منهم أحد فدعنا من هذه الأمراض التى أصابت عقولنا وفكرنا.

  • واخيراً نحتاج فقط ان نعرف إن القديس الفلانى لا يقدر ان يشفى ولا يقدر ان يفعل شئ بدون المسيح,فالاساس هو المسيح,وما يحدث من معجزات ما هيا الا تجلى قوة الله ومحبته على يد القديس الفلانى فقط,فليس للقديس اى دخل,فما هو الا اداة فى يد الله,

  • والمُلخص هو إننا لا نُصلى لأحد سوى الرب ,نحن طلب من الأخرين الصلاة لكى ما نشترك معاً فى جسد المسيح الذى هو حياة ولا يوجد فيه موت,وإن كُنا نحن فى جسد المسيح فلن نرى موت,لذلك فنحن لا نطلب صلوات الموتى بل نطلب صلوات أعضاء الجسد الحى.

     

 __________

شفاعة وصلاة

جميع  القديسين تشملنا .أمين.

مينا فوزى