2020/08/18

اوريجانوس والانبا شنودة رئيس المتوحدين(ج9)


  •  يتسم الانبا شنودة بالعمق اللاهوتى, واجادته لليونانية, فمكنه علمه وتقواه من حضور مجمع افسس بدعوة من ق.كيرلس. الذى دوما ما كان يدعوه  "النبى القديس" ولاتضاعه الشديد وحب الوحدة رفض درجة الاسقفية. [1]
  • وكان لجيروم وثاوفيلس دوراً كبير فى تشكيل رؤية الانبا شنودة عن اوريجانوس. اذ نقل عنهم اتهاماتهم لاوريجانوس,اذ هاجمه جيروم فى رسالته الى باميخوس[2], كما عقد البابا ثاوفيلس مجمع فى نفس وقت رسالة جيروم(400م) [3],ذلك بعد هجوم الرهبان على بيته, وتهديده بالقتل[4], اذ امروه بحرم كتب اوريجانوس, والا اعتبروه مهرطق[كافر]وعدو لله, وخشية منهم اجاب ثاوفيلس"انا مهتم بهذا الامر[حرمانه]فلاتغضبوا منى[عليا]فانا ابغض كتب اوريجانوس. فنفذ طلب الرهبان. [5]
  • وبعد عام(401)كتب ثاوفيلس رسالتة الفصحية(16)مهاجماً كتب اوريجانوس , واقتبس منها الانبا شنودة الكثير فى عظته[انى اتعجب],والتى فيها نقل ايضا عن جيروم, اتهامه لاوريجنوس حول تفسير السيرافيم(اش2:6),واصفاً كلام اوريجانوس بالخبل, والفكر المظلم.[6]
  • وللاسف نقل الانبا شنودة دون فحص ولا تريث, عن جيروم الذى بدوره لم يتوخى الدقة, وربما كتب ماهو متداول سمعاً, لان هذاالكلام لم يقوله اوريجانوس, بل هو كلام شخص يهودى متنصر, اورده اوريجانوس الذى يقول: "ان احد العلماء اليهود يقول ان الابن والروح القدس هما السيرافان."[7]
  • وكان الغرض من تلك التهمة وغيرها, هو إلصاق الهرطقة باوريجانوس, وحرمانه, ولغرابة الامر,تسأل الكثير[8]: [كيف ندين شخص لم يدينه مجمع نيقية, فالمجمع الذى ادان اريوس كان سيدين اوريجانوس بالتاكيد.] وهو سؤال منطقى. [9]
  •  فكان رد جيروم: "علينا ان ننكر الروح القدس لان المجمع لم يذكره"[الكلام دامبيفكركوش بحد معاصر],فالنقاش كان عن اريوس لا اوريجانوس,الابن لا الروح, ولكن الاساقفة فى المجمع ضربوا سراً اوريجانوس كونه مصدر البدعة الاريوسية, فادانوا من ينكر ان الابن له جوهر الاب, وبالتالى حكموا على اويجانوس كما حكموا على اريوس".[10], الغريب فى الامر ان ق.اثناسيوس يقول عكس كلام جيروم, لانه يؤكد ان تعليم المجمع هى تعليم اوريجانوس[11].




[1] E AMÉLINEAU, Monuments Pour Servir à l’histoire de l’Égypte Chrétienne Aux IVe et Ve (Aux IVe, Ve, VIe et VIIe) Siècles. [Arabic and Coptic Texts Edited and Translated into French by E. Amélineau. (Paris, 1888), 28–30.

[2] Eusebius Hieronymus, Charles Christopher Mierow, Thomas Comerford Lawler, The Letters of St. Jerome (New York, N.Y.: Paulist Press, 1978), 84.

[3] Hieronymus, Mierow, Lawler, 92.

[4] Scholasticus, The Ecclesiastical History (Place of publication not identified: NuVision Publications, LLC, 2007), ch, 6;7

[5] Scholasticus, 6;7.

[6] Janet A Timbie, "READING AND REREADING SHENOUTE’S I AM AMAZED: More Information on Nestorius and Others", 2012, I Am Amazed.16-17.

[7] Origenes, Rufinus, Ernst Rudolf Redepenning, De principiis (Lipsia, 1836), 1;2;4.

[8] ربما من قال هذا الكلام هو سيوتيموس(اسقف سكيثيا)اذ كان قد رفض اتهام اوريجانوس وكتبه,حجته انه لم يدان ممن هم قبله Scholasticus, (6:12).).أول من ذكره أسقفاً القدّيس إيرونيموس ( 420م ). و قد قال عنه إنه كان راعياً لامعاً و له محبة فائقة لله و الناس ، كما كان لاهوتياً بارعاً و كاتباً موهوباً لا يكلّ. القديس يوحنا الدمشقي يقول عنه إنه كان متواضعاً ، صانع العجائب ، يشفي المرضى بنعمة ربّه . هذا ، وبالنظر إلى كتباته الآبائية ، اعتُبر ثيوتيموس مبدع الفيلوكاليا الرومانية . ولا شك أنه تأثّر بكل من ذهبي الفم  والآباء الكبّادوكيين ، و له كلام جميل في موضوع سكون العقل و القلب . Jerome و Thomas P Halton, On Illustrious Men (Washington, D.C.: Catholic University of America Press, 1999), 131.


[9] Eusebius Hieronymus, Charles Christopher Mierow, و Thomas Comerford Lawler, The Letters of St. Jerome (New York, N.Y.: Paulist Press, 1978), 84.

[10] Hieronymus, Mierow, Lawler, 94.


[11] Athanasius ,Hans-Georg Opitz, De decretis Nicaenae synodi. (Berlin: De Gruyter, 1935),25- 27.

2020/08/11

اوريجانوس وديديموس الضرير - والاريوسيين(ج8)


اوريجانوس وديديموس الضرير - والاريوسيين(ج8)

  • لقد كان  ديديموس بليغ فى الكلام,عالم بكل علوم عصره [1] ,ولم يكن مرض عينه عائق لتحصيل العلم, بل انه فاق اقرانه,حتى انه صار معلم للنحو والبلاغة, والفلسفة والرياضة وغيرها [2] ,فنحده يدافع عن عقائد مجمع نيقية ممالم يرضى الاريوسيين[3], فيصفه سقراط انه بالحقيقة كان الحصن المنيع للإيمان السليم وللرد على الهراطقة الاريوسيين, وكيف دحض حججهم التافهة وافكارهم الكاذبة. [4]
  • كتب ديديموس تعليقات على كتاب المبادئ مدح فيه كلام اوريجانوس, فقال:ـ "انها ممتازة"ومن يكذبون على كتاباته ويتكلموا بالسخف عن اعماله ما هم الا مجادلين, ويقول ايضاً "ان هؤلا-الكاذبون- يفتقرون الى القدرة التى تمكنهم من فهم الحكمة العالية لهذا الرجل غير العادى" [5], وحاول فى دفاعه اثبات ارثوذكسية الثالوث عند اوريجانوس[6]
  • فبلغت شهرته وحكمته كل العالم المسيحى, وكان مرسى وملجأ المُتشككين, مثل ق.جيروم,اذ جاء اليه فى زيارة استمرت مدة شهر, لانه كان فى شكٍ حول الكتاب المقدس[7], فكان لديديموس فضلاً على جيروم,ودوما ما يذكر فى العديد من [مقدمات]كتبه ان اسهامات[ديديموس]ساهمت فى تكوين العديد من أفكاره.
  • وكان جيروم دائم الافتخار بتلمذته على يد ديديموس, ولكنه توقف عن ذلك[الافتخار] عندما بدأ النزاع مع روفينوس[تلميذ ديديموس] بسبب خوف [جيروم] من الاتهام بالهرطقة الاوريجانية[8] , فبدأ الهجوم على اوريجانوس,وبعدما كان دائم يفتخر بمعلمه ديديموس, اصبح الان يخجل من ذلك[9].
  • غريباً هو التاريخ, والأغرب هى النفس البشرية التى تخشى الوقوف فى موضع اتهام,فيقرر خسارة صديقه[روفينوس]وانكار فضل معلمه[ديديموس], موقف غريب, يقابله موقف روفينوس الذى ظل اميناً لمبدءه ولم يغير نظرته عن اوريجانوس,وظل وفياً لمعلمه [ديديموس]ولم ينكر فضله,فظل حتى موته مفتخراً بمعلمه ضرير النظر,بصير الروح.
  • ولم يلتفت ديديموس لكل هذا الهراء, وقام بكتابة كتابين ضد الاريوسيين, ترجمه جيروم الى اللاتينية[10],وكتاب اخر عن الثالوث يدافع فيه عن اوريجانوس[11], فكان لاوريجانوس وتلاميذه الفضل فى درء البدعة الاريوسية,فاثناسيوس[12] وديديموس فى الاسكندرية. وتلاميذه غريغوريوس وباسليوس فى قيصرية.
  • فتتلمذ غريغوريوس وباسليوس على اعمال اوريجانوس وتعلما منه طرق التفسير[13], فكنت كتب اوريجانوس ذخرا ضد الاريوسيين,ً يقول سقراط  عنهم: "بعد اطلاعهم على كتابات ذلك الرجل العظيم[اوريجلانوس]كانت لهم القدرة على التصدى للاريوسيين بقدر فائقة,وعندنا اقتبس الاريوسيين من نفس الكتاب[ لاوريجانوس]لاثبات معتقدهم   ,ردوا عليهم ودحضا براهينهم, واثبتوا لخصومهم انهم لم يفهموا منطق اوريجانوس على الاطلاق[14],فعجز امامهم علماء البلاغة وبدوا كما لو كانوا جهلاء امامهم.ولنا فى انوميوس مثالاً لذلك[15]




[1] Sozomen, The Ecclesiastical History of Sozomen: A History of the Church from AD 324 to AD 440, 2018, 3;15.
[2] Scholasticus, The Ecclesiastical History (Place of publication not identified: NuVision Publications, LLC, 2007), 4;25.
[3] Sozomen, The Ecclesiastical History of Sozomen, 3;15.
[4] Scholasticus, The Ecclesiastical History, 4;25.
[5] Scholasticus, 4;25.
[6] M. J Edwards, "Layton, Didymus the Blind and His Circle in Late-Antique Alexandria. Virtue and Narrative in Biblical Scholarship", JOURNAL OF ECCLESIASTICAL HISTORY 55, عدد 4 (2004): 90–100.
[7] Catholic University of America, New Catholic Encyclopedia. (Detroit; Washington, D.C.: Thomson/Gale; Catholic University of America, 2003), Vol. 4"Didymus the Blind.
[8] Theodoret, Jerome, و Gennadius, A Select Library of Nicene and Post-Nicene Fathers of the Christian Church. Historical Writings, Etc. Vol. 3, Vol. 3, (Oxford; New York: James Parker & Co.; Christian Literature Co., 1892), Apology Against Rufinus  III:33.
[9] Catholic University of America, New Catholic Encyclopedia. (Detroit; Washington, D.C.: Thomson/Gale; Catholic University of America, 2003), Vol. 4"Didymus the Blind.
[10] , Nicene and Post-Nicene Fathers. Second Series Second Series (Peabody, Mass.: Hendrickson Publishers, 1999), Ser. II, Vol. III: Jerome and Gennadius. Lives of Illustrious Men.: Didymus the   Blind.Chapter:16.
[11] M. J Edwards, "Layton, Didymus the Blind and His Circle in Late-Antique Alexandria. Virtue and Narrative in Biblical Scholarship", JOURNAL OF ECCLESIASTICAL HISTORY 55, 90–100.
[12] Scholasticus, The Ecclesiastical History, 6;13.
[13] Scholasticus, The Ecclesiastical History, 4;26.
[14] Scholasticus, The Ecclesiastical History, 4;26.
[15] Scholasticus, The Ecclesiastical History, 4;26.

2020/08/08

اوريجانوس وق.جيروم(ج7)


اوريجانوس وق.جيروم(ج7)
موقف مخزى
  • لقد كان جيروم من اكثر المحبين لاوريجانوس, فنجده يمدح غزارة علمه, وتفوقه على فلاسفة[وعلماء]اليونان واللاتين, ونلاحظ تعجبه من وقوفه ليُحاكم امام ديمتريوس[الامىي], مُندهشاً كيف لاى شخصٍ ان يقرأ كل كتب اوريجانوس الكثيرة, فيحكُم عليه بالهرطقة[!] كيف وهى تفوق فى العدد كل المؤلفين شرقاً وغرباً,[ولسان حاله هل قرا ديمتيريوس-الامى-كل مؤلفات اوريجانوس فحكم عليه بالهرطقة.],ويكمل جيروم حديثه قائلاُ:ـ "ماذا كانت مكافئة[اوريجانوس]وما هى الحصيلة النهائية[للاسف]يقف مدان امام اسقفه ديمتريوس.[1]
لم يتوقف جيروم عند هذا  فحسب, بل اخذته  الحمية فوصف من اجتمعوا لمحاكمة اوريجانوس "بالكلاب المسعورة" الحانقين من بلاغته وحكمته, فيقول:ـ "كيف اجتمع مجلس الشيوخ-اجتمعوا مثل كلب الصيد المسعور- لتوجيه اللوم له ليس بسب حداثة عقائده او كونها بدعة, ولكن لان الرجال لايستطيعون تحمل بلاغة ومعرفة [اوريجانوٍس] ولايوجد لديهم معرفة تضاهيه,فعندما يفتح شفتيه فانه يحعل الاخرين اغبياء[2]
وكثيراً لم يختلف موقف ق.جيروم عن ثاوفيلُس, فما  ان ترى العين بريق السيف, الا وتُكشف المعادن, فمعادن الرجال  تُفحص على أسنة الرماح, وللاسف فكما انكر ثاوفيلُس إيمانه امام سيوف الرهبان[3], هكذا جيروم, وما ان رأت عينه سيف الهرطقة,[4],الا وانكر اوريجانوس.
ولما لا وما المانع من انكاره و لعنه؟ فالسيف يجعلنا نلعن لا اوريجانوس وحده,بل ابوه وكل من يتشدد له, فيا روح مابعدك روح, فمن يتهمونه بالهرطقة مازالوا احياء, وبالتالى لانقدر ان نهاجمهم ونصفهم [بالكلاب], ,فوصف الكلاب ينطبق فقط على الموتى, فلا سيف فى جراب كفنهم يثأروا به ممن سبهم, فنحن رجال على الموتى, الموتى فقط , فالموتى لايعودوا.
ولكسب ود الودودين,لم يتوقف جيروم, فتجرأ واتهم اوريجانوس بالتراتبية. ويعتبر هو مؤسس تلك التهمة, ولكى ما يُثبت التُهمة لم يتوانى ان يُحرف[ربما سهواً]كلام اوريجانوس[5], ويكفيك ان تقرأ رسالته الى "افيتوس"لكى ما تُصدم بسوء ترجمته, يعقبها اتهام صريح. وبعدما كانت تٌمدح كتاباته, اصبح ما فيها ممقوت, فكان له القول الفصل فى تشويه صورة اوريجانوس فى القرن الخامس وما بعده.
فبقدرة قادر يتحول كلام اوريجانوس من ان [الابن نور بالحقيقة, ولم يكن هناك وقت لم يكن فيه نور-الاب-بدون بهاء ومجد-الابن-الذى من خلاله نعاين-نعرف- الاب].[6]  وايضا كلام اويجانوس: [ ...لايخطر ببال أحد اننا نعلى الروح القدس على الاب والابن,او نعطيه مرتبه اسمى...فهذا الامر يخلو من الصواب,فلايوجد أكثر او أقل فى الثالوث,مدام مصدر الوهيته وحيد يسيطر على الكون بكلمته ويقدس بروحه] [7] كل هذا يتحول الى: [ [الابن غير مولود من الاب, الذى هو بالطبيعة غير مرئ... فالاب نور غير معروف-مفهوم-ومقارنة بالمسيح... الاب هو الخير الاسمى والصلاح الاسمى, ولكن الابن ليس كذلك, ولكنه مجرد شيه له-للخير المطلق...الكل مخلوق ماعدا الاب...الذى هو اعظم من الابن ,وهو اعظم من الروح القدس...] [8]
ونجده بعد ذلك يتحالف مع ثاوفيلس الذى كان يهاجم الاوريجانية, فتاره نجده يثنى على ثاوفيلس و جهوده فى اخماده للاوريجانية[9], وتارةٍ اخرى يمدحه من اجل وقوفه امام البدع الشريرة,وكيف اسكت افواه الشياطين[10],
وامتد عداء جيروم الى صديقه روفينوس, كما امتد الى معلمه ق.ديديموس, وامام سيف الهرطقة[كما ثاوفيلس][11] , اصبح الان يستعر ويخجل من معلمه ديديموس [12]. صاحب الفضل عليه[!] هكذا يكون رد الجميل والا فلا......



[1] Eusebius Hieronymus, Charles Christopher Mierow, Thomas Comerford Lawler, The Letters of St. Jerome (New York, N.Y.: Paulist Press, 1978), 33.
[2] Eusebius Hieronymus, Charles Christopher Mierow, Thomas Comerford Lawler, The Letters of St. Jerome (New York, N.Y.: Paulist Press, 1978), 33.
[3] Scholasticus, The Ecclesiastical History (Place of publication not identified: NuVision Publications, LLC, 2007), ch, 6. 7
[4] Theodoret, Jerome, و Gennadius, A Select Library of Nicene and Post-Nicene Fathers of the Christian Church. Historical Writings, Etc. Vol. 3, Vol. 3, (Oxford; New York: James Parker & Co.; Christian Literature Co., 1892), Apology Against Rufinus  III:33.
[5] Eusebius Hieronymus, Charles Christopher Mierow, Thomas Comerford Lawler, The Letters of St. Jerome (New York, N.Y.: Paulist Press, 1978), Letter 124.
[6] Origenes, Rufinus, Ernst Rudolf Redepenning, De principiis (Lipsia, 1836), 1;2;6.
[7] Origenes, Rufinus, \ Redepenning, 1:3:7.
[8] Hieronymus, Mierow, Lawler, The Letters of St. Jerome, Letter 124.
[9] Hieronymus, Mierow, Lawler, 88.
[10] Hieronymus, Mierow, Lawler, 88.
[11] Theodoret, Jerome, Gennadius, A Select Library of Nicene and Post-Nicene Fathers of the Christian Church. Historical Writings, Etc. Vol. 3, Vol. 3, Apology Against Rufinus  III:33.
[12] Catholic University of America, New Catholic Encyclopedia. (Detroit; Washington, D.C.: Thomson/Gale; Catholic University of America, 2003), Vol. 4"Didymus the Blind.