2020/10/08

تابع دراسة في الذبائح (29) الوجه الثالث من أوجه الصليب ذبيحة الإثم ἀνομία אָשָׁם






 

تابع / دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
الذبيحة טֶבַח – ط ب ح ؛ θυσίαςσΦάζω
تابع / ثانياً : الخمسة أوجه من ذبيحة الصليب
[3] الوجه الثالث من أوجه الصليب
ذبيحة الإثم -ἀνομία- אָשָׁם
للرجوع للجزء 28 أضغط : هنـــــــــــــــا



  • ذبيحة الإثم وبالعبرية אשָׁם – أ ش م = وهو جذر يدل على التعدي والوقع في درجة أعلى من الخطية العادية وتحمل عقوباتها:
    To became guilty. trespass. To judge as guilty. To bear one's guilty. To suffer punishment due for it. To punish. One which is faulty guilty

  • ويقابله في اللغة العربية لفظة [إثم] في لسان العرب: [الإثم] الذنب، وقيل هو أن يُعمَل ما لا يحل لهُ... وأَثِم فلان، بالكسر، يأْثَم إثْماً ومَأْثَماً أَي وقع في الإِثْم، فهو آثِم وأَثِيمٌ وأَثُومٌ أَيضاً، وفي مقاييس اللغة: [أثم] الهمزة والثاء والميم تدلُّ على أصلٍ واحد، وهو البطء والتأخُّر. يقال ناقة آثِمةٌ أي متأخِّرة. قال الأعشى: والإثم مشتقٌّ من ذلك، لأنَّ ذا الإثمِ بطيءٌ عن الخير متأخّر عنه.

  • وفي الإنجليزية تأتي مترجمة من اللغة اليونانية ἀνομία بمعنى Lawlessness = chaos, mess, clutter, anarchy, disorder, defiance, recalcitrance, disobedience

  • عدم شرعية، فوضى، فوضى سياسية, يعوزه الحكومة (أي ليس لدية حكومة), غير خاضع للقانون أو بلا قانون أو تعدي القانون، بلا ناموس، تعدي الناموس، ورطة, فسد, ركام يعوزه النظام, ضوضاء, ضجة، تشويش كامل، اضطراب، شغب، فتنة، فتنة شغب أو محنة، هباء، تحدي، جموح، استخفاف، تعنت، تمرد, عصيان, نشوز, معتل الصحة (وهذا ما سوف نراه في حزقيال 6 في المعنى العبري).

وأيضاً تأتي في الإنجليزية من الكلمة اليونانية ἀνομίαν
ἀνομίαν = iniquity = practice بمعنى: ظلم, lawlessnessممارسة الفوضى
  • وطبعاً تنفرد اللغة العبرية אשָׁם في المعنى الأقوى والأشمل على وجهٍ خاص، فالكلمة تأتي كفعل لازم، بمعنى: أَثِمَ، أَذْنَب، أذنب إلى، تَهاوَن، استهزاء، تعَدَّى الوصية، عَمِلَ ما لا يحق لهُ، خان خيانة، تمرد، وكثيراً ما ترتبط بعبادة الأوثان، مستوجب الحكم، تُهمة بزيادة الإثم، وهي ترتبط بالمجازاة بسبب التمرد أو انقسام القلب، وتأتي كأثر واضح بعقوبة في شكل خراب فني:

  • [ وتدفعه للذي أذنبت إليه ] (عدد 5: 7)
  • [ قد أَثِمَ إثماً إلى الرب ] (لاويين 5: 19)
  • [ أرضها ملآنة إثماً على قدوس إسرائيل ] (إرميا 51: 5)
  • [ فإذا أخطأ وأذنب ] (لاويين 6: 4 (5: 3))
  • [ وخان خيانة بالرب فقد أذنبت تلك النفس ] (عدد 5: 6)
  • [ وعَمِلوا واحدة من جميع مناهي الرب التي لا ينبغي عَمَلُها وَأَثِمُوا ] (لاويين 4: 13)
  • [ ولما أَثِمَ ببعل ] (هوشع 13: 1)
  • [ الجهال يستهزئون بالإثم ] (أمثال 14: 9)
  • [ تُجازي السامرة لأنها تمردت ] (هوشع 13: 6 (14: 1))
  • [ قد قَسَّموا قُلوبهم الآن يُعاقبون ] (هوشع 10: 2)
  • [ ويتكلم الملك بهذا الكلام كمذنب ] (2صموئيل 14: 13)
  • [ حقاً إننا مُذنبون إلى أخينا ] (تكوين 42: 21)
  • [ فيحملون ذنب إثم ] (لاويين 22: 16)
  • [ بل ازدادَ آمون إثْماً ] (2أخبار 33: 32)
  • [ قد خنتم واتخذتم نساء غريبة لتزيدوا على إثم إسرائيل ] (عزرا 10: 10)
  • [ اللهم إني أخجل وأخزى من أن أرفع يا إلهي وجهي نحوك لأن ذنوبنا قد كثرت فوق رؤوسنا وآثامنا تعاظمت إلى السماء ] (عزرا 9: 6)
  • [ جاء علينا (عقوبة) لأجل أعمالنا الرديئة وآثامنا العظيمة، لأنك قد جازيتنا يا إلهنا أقل من آثامنا ] (عزرا 9: 13)
  • أما بالنسبة للخراب الفني، والمجازاة على الإثم المرتبط بخيانة الرب وعبادة غيره والحيدان عنه وتلويث المقدسات، في سفر حزقيال يشرح هذا كله بالتفصيل قائلاً:

  • [ قل يا جبال إسرائيل أسمعي كلمة السيد الرب، هكذا قال السيد الرب للجبال وللآكام، للأودية وللأوطئة، هانذا أنا جالب عليكم سيفاً وأُبيد مرتفعاتكم. فتخرب مذابحكم وتتكسر شمساتكم وأطرح قتلاكم قدام أصنامكم. وأضع جثث بني إسرائيل قدام أصنامهم وأُذري عظامكم حول مذابحكم. في كل مساكنكم تقفُر المدن وتخرُب المرتفعات لكي تقفُر وتخرُب مذابحكم وتنكسر وتزول أصنامكم وتُقطع شمساتكم وتمحى أعمالكم. وتسقط القتلى في وسطكم، فتعلمون إني أنا الرب (أو بغرض أنكم تعلمون إني انا الرب). وأبقي بقية اذ يكون لكم ناجون من السيف بين الأمم عند تذريكم في الأراضي. والناجون منكم يذكرونني بين الأمم الذين يسبون إليهم إذا كسرت قلبهم الزاني الذي حاد عني وعيونهم الزانية وراء أصنامهم ومقتوا أنفسهم لأجل الشرور التي فعلوها في كل رجاساتهم. ويعلمون إني أنا الرب لم أقل باطلاً إني أفعل بهم هذا الشر (العقوبة المستحقة كنتيجة طبيعية لهذا الإثم بسبب خيانة القلب الذي حاد عن الرب عن قصد). هكذا قال السيد الرب اضرب بيدك وأخبط برجلك وقل آه (تعبير عن شدة الندم والأسف القاسي على بلاء النفس) على كل رجاسات بيت إسرائيل الشريرة حتى يسقطوا بالسيف وبالجوع وبالوباء. البعيد يموت بالوباء والقريب يسقط بالسيف والباقي والمنحصر يموت بالجوع فأُتمم غضبي عليهم. فتعلمون إني أنا الرب إذا كانت قتلاهم وسط أصنامهم حول مذابحهم على كل أكمة عالية وفي رؤوس كل الجبال وتحت كل شجرة خضراء وتحت كل بلوطة غبياء، الموضع الذي قربوا فيه رائحة سرور لكل أصنامهم. وأمد يدي عليهم وأُصير الأرض مقفرة وخربة من القفر إلى دبلة في كل مساكنهم، فيعلمون إني أنا الرب ] (حزقيال 6: 3 – 14)
  • ومن كل هذه الآيات السابقة التي ذكرناها يتضح لنا معنى الإثم وشدة خطورته وتبعاته على الإنسان، لأنه يعتبر إعوجاج وانحراف عن المسار الطبيعي السوي، وفي اللغة اليونانية كترجمة للكلمة العبرية أشام وهي تعني – كما رأينا – تخطي الحدود أو اغتصاب حق الآخرين أو انتهاك ناموس الله والتعدي عليه رغم المعرفة الدقيقة به.


  • أولاً : مفهوم الإثم – ἀνομία
سبق أن شرحنا بالتفصيل ذبيحة الخطية في الجزء السابق، والتي كانت تُقدَّم للتكفير عن شخص المُخطئ على وجه العموم، بينما ذبيحة الإثم تختلف عنها في أنها تُقدم فقط من أجل التكفير عن إثم معين ومُحدد، ولكننا نلاحظ – بالطبع – أن تسميتها هُنا [ ذبيحة الإثم ] لذلك نجد أمامنا سؤال هام للغاية وهو: ما هو الفرق بين الخطية والإثم ؟
توجد عدة كلمات عبرية – كما رأينا – تُترجم بالعربية بكلمة [ إثم ]، ومن أهمها كلمة [ آون אָֽוֶן ] التي وردت 215 مرة في العهد القديم، ومعناها [ اعوجاج أو انحراف ] وهذا الاعوجاج والانحراف أدى لشرّ أو بلية أو لمصيبة كبيرة [ الزارع إثماً يحصد بَلِيَّةً ] (أمثال 22: 8)، وهو بطبعه باطل وغش [ إلى متى تَبيتُ في وسطك أفكارك الباطلة ] (إرميا 4: 14)، لأنه يأتي عادة من عناد القلب: [ والعِناد كالوثن والترافيم ] (1صموئيل 15: 23).
  • أي باختصار تعني الشرّ باعتباره انحراف واضح عن الحق، فهي مشتقة من الفعل العبري [ أوه אוה ] الذي يعني [ يثني أو يعوَّج ] كما يعني أيضاً [ يُخطئ أو يضل ]، bend. Inflect، وفي تحليل معناه القاموسي يدُل على الشهوة الشديدة لأي شيء والمثيل لهُ، أو شهوة الشرّ الشديدة عن حاجة مُلحة في النفس (عن مشيئة وإرادة) بسبب محبة الشرّ، بسبب التلذذ به والميل النفسي والفكري نحوه بجاذبية خاصة ومُلحة باشتياقٍ شديد، بحنين ولهفة وتوق وتمني، وبخاصة عن الحاجات والغرائز to desire. To long for. To wish.
  • كما تستخدم العبرية كما رأينا في كلمة [אָשָׁם] للتعبير عن الإثم بالعربية، وهي تعني تخطي الحدود أو اغتصاب حق الآخرين أو انتهاك ناموس الله كما راينا في معناها وشرحناه...

  • أما في العهد الجديد فكلمة [إثم] هي ترجمة للكلمة اليونانية [أنوميا = ἀνομία] أي بلا ناموس أو تعدي الناموس: [ كل من يفعل الخطية يفعل التعدي (الإثم) أيضاً والخطية هي التعدي ] (1يوحنا 3: 4)، [ الذي تفتخر بالناموس أبتعدي الناموس (إثم) تُهين الله ] (رومية 2: 23).

  • ونجد أن القديس يوحنا الرسول يقول: [ كل إثم هو خطية ] (1يوحنا 5: 17) حيث يتضح لنا هنا أن الخطية أشمل في معناها من الإثم للتعبير عن تعدي الناموس، فالخطية تعني الفعل نفسه، أما الإثم يعني طبيعة الفعل، فلهذا نقرأ على سبيل المثال: [ أعترف للرب بذنبي (الذي فعلت)، وأنت رفعت آثام خطيئتي (رفعت طبيعة الفعل الذي ارتكبته، الذي حطمني وحطم علاقتي مع شخصك) ] (مزمور 32: 5). ويقول القديس بولس الرسول البارع في ألفاظه وتركيباته اللغوية: [ ولا تُقدموا أعضائكم آلات إثم للخطية ... ] (رومية 6: 3).

  • إذن ، فذبيحة الإثم شديدة الارتباط بذبيحة الخطية، لأنه يستحيل فصل الخطية عن المُخطئ، إلا أن الأمر هُنا يتعلَّق بالإثم الذي اقتُرف ضد الله أو ضد القريب الذي هو صورة الله، فالوحي الإلهي يذكر بالتحديد خطايا مُعينة إذا أخطأ بها الإنسان وأذنب ضد الله أو ضد شخص ما، يجب عليه أن يُقدم عنها ذبيحة إثم.


  • وذبيحة الإثم – كما سوف نرى بأكثر دقة وتفصيل – هي تقدمة كبش في كل الحالات، لأنها فدية عن ذنب مُحدد، لذلك فهي لا تتغير ولا تزيد ولا تنقُص، لأن الخطية في كل الحالات هي التعدي، وذبيحة الإثم تُشير إلى التكفير عن الخطية ذاتها، تلك التي حملها الرب يسوع المسيح في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبرّ (أنظر: 1بطرس 2: 22).

  • كما كان يلزم من جانب المذنب أن يرد ما أخطأ به ويُزيد عليه خُمسة، فهذه الذبيحة تعتبر للتكفير والتعويض. وهي بالطبع تُشير إلى ذبيحة المسيح الرب، التي هي ذبيحة إثم حقيقية، التي تنبأ عنها إشعياء النبي قائلاً: [ أما الرب فسُرَّ أن يسحقه بالحزن، إنْ جعل نفسه ذبيحة إثم... وعبدي البار بمعرفته يُبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها ] (إشعياء 53: 10و 11). فقد كفر المسيح الرب بموته على الصليب عن كل آثام الإنسان وردَّ لهُ مجده بأكثر مما سلبه الإنسان بخطيته وإثمه، إذ فقد صورة الله ومثاله وتسلط عليه الموت، وأصبح الإثم هو المحرك الأساسي لسلوكه المشين...

تابع دراسة في الذبائح (9) يسوع يقدم نفسه ذبيحة


 

دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
الذبيحة טֶבַח– ط ب ح ؛ θυσίας σΦάζω
Sacrifice 166 – Sacrifices 142 – Sacrificing 12
[ الجزء 9 ]
تابع (1) مقدمـــــــــــــــة عامة

جـ – تابع (1) العهـــــــد الجديـــــد - (3) يسوع يقدم نفسه ذبيحة
للرجوع للجزء الثامن أضغط هُنــــــــــــــــــا


أ - تمهيــــــــد
  • نجد في العهد الجديد أن يسوع عندما كان يُنبئ عن آلامه، يستخدم نفس ذات الكلمات والألفاظ التي كانت تتميز بها ذبيحة التكفيرية التي ذُكرت في سفر إشعياء النبي: إنه يأتي " ليخدم " διακονηθηναι - to serve ، " يبذل حياته – يبذل نفسه – يعطي حياته " δοναι τήν ψυχήν – to give life ، ويموت " فداءً " λύτρον – ransom/an atonement عن كثيرين [ يفتدي أسير أو يحرر أسير – يكفر بالآلام والموت ]..." لأن ابن الإنسان أيضاً لم يأتِ ليُخدم، بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين " ( مرقس 10: 45 )..." لأني أقول لكم إنه ينبغي ( يجب – يتحتم ) أن يتم فيَّ أيضاً المكتوب وأُحصيَّ مع أثمه " ( لوقا 22: 37 ) 
  • " وأما الرب فسُرَّ بأن يسحقه بالحزن. إن جعل نفسه ذبيحة إثم... من تعب نفسه يرى ويشبع، وعبدي البار بمعرفته يُبرر كثيرين، وآثامهم هو يحملها لذلك أقسم له بين الأعزاء... من أجل أنه سكب للموت نفسه ( بذل نفسه ) وأُحصيَّ مع أثمه، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين " ( إشعياء 53: 10 – 12 )

  • وفضلاً عن ذلك ففي العشاء الفصحي الأخير، يؤكد الرب يسوع المسيح على وجود علاقة مقصودة ومحدده بين موته وذبيحة الحمل الفصحي. ولنتتبع قول الرب في الأناجيل ونلاحظ ما قيل بترتيب عجيب:
1 – " وكان فصح اليهود قريباً فصعد كثيرين من الكور إلى أورشليم قبل الفصح ليطهروا أنفسهم فكانوا يطلبون يسوع ويقولون فيما بينهم وهم واقفون في الهيكل ماذا تظنون هل هو لا يأتي إلى العيد وكان أيضاً رؤساء الكهنة والفريسيون قد أصدروا أمراً إن عرف أحد أين هو فليدل عليه لكي يمسكوه " ( يوحنا 11: 55 – 57 )
2 – " ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع إلى بيت عنيا حيث كان لعازر الميت الذي أقامه من الأموات فصنعوا له هناك عشاء.. " ( يوحنا 12: 1و2 )
3 – " تعلمون أنهُ بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يُسّلَّم ليُصلب [ صيغة مبني للمجهول، الآب يُسَلَّم لأنه هو الباذل بالمحبة، والابن يُسلَّم ذاته بإرادته وسلطانه بنفس ذات محبة الآب ] " ( متى26: 2 )
4 – " وأما يسوع قبل عيد الفصح [ الفصح يعني العبور، وهنا الإشارة إلى عبور المسيح الموت، وهذا هو الفصح الحقيقي، أي الانتقال من الوضع الحاضر إلى المشاركة في مجد الآب بالبشرية التي اتحد بها في سر تجسده، بالقيامة والصعود] وهو عالم أن ساعته قد جاءت (( يعي الرب وعياً تاماً بمجيء ساعته وأهمية الأحداث التي ابتدأت ويستقبلها بملء حريته وإرادته )) لينتقل من هذا العالم إلى الآب إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم أحبهم إلى المنتهى " ( يوحنا 13: 1 )
 
  • وأخيراً يرجع صراحة إلى خروج 34: 8، مبيناً الصورة التي استخدمها موسى: " دم العهد ":" وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال : هوذا دم العهد דַם־הַבְּרִת الذي قطعه الرب معكم على هذه الأقوال " ( خروج 24: 8 )
  • " وقال لهم يسوع : هذا هو دمي الذي للعهد covenant الجديد αἷμά μου τῆς διαθήκς الذي يُسفك من أجل كثيرين " ( مرقس 14: 24 ) ...على أن الإشارة هنا إلى الحمل الذي يُخلّص بدمه الشعب اليهودي، وإلى ذبائح سيناء التي تُثبت العهد القديم، وإلى موت العبد التكفيري، وهي إشارة تؤكد بوضوح طابع الذبيحة في موت الرب يسوع: [[ فهذا الموت الذي يموته المسيح – له المجد – ليس كذبائح العهد القديم تفيد مقدمها إلى طهارة الجسد وتعجز عن تطهير الضمير وتغيير القلب من الداخل، بل موته يُفيد الجميع ويعطي غفران الخطايا وغسل الضمير من الداخل ، فبذبيحته يكرس العهد النهائي وميلاد شعب جديد ، بل وموته يصبح ينبوعاً للحياة ... ]

  • أما الإفخارستيا التي أُسست لتجعل قربان الصليب الواحد حاضراً كذكرى ( άνάμνησις anamnesis) في إطار مائدة مقدسة، فهي تربط الطقس المسيحي الجديد بذبائح وحدة الاتحاد القديمة والتي كانت تحمل في طياتها رمز الذبيحة الجديدة والنهائية :
+ " وتأخذ دقيقاً وتخبزه اثنى عشر قُرصاً عُشرين يكون القرس الواحد ، وتجعلها صفين ، كل صف ستة على المائدة الطاهرة أمام الرب ، وتجعل على كل صف لُباناً نقياً فيكون للخبز تذكاراً وقوداً للرب " ( لاويين 24: 5 – 7 )..وعلى هذا النحو فإن تقدمة يسوع المسيح في واقعها الدموي وتعبيرها السري ، توجز وتُتمم تدبير الذبائح في العهد القديم : فهي في وقتٍ واحد 
 
* محرقة ὁλοκαύτωμα
  • Holocaust – a whole burnt-offering
  • تقدمة ( قربان = ذبيحة ) صحيحة وسليمة ، غير مكسورة أو مقسومة ، تُقدم لتُحرق بالتمام ، بتمامها ( وسوف نشرحها بالتفصيل الشديد حينما نتكلم عن ذبيحة المحرقة وطقس تقديمها )
* وتقدمة كفارة ، وذبيحة اتحاد
  • التقدمة προσΦορά ؛ الذبيحة θύσια
  • الذبيحة = فعل التقدمة مضافاً إليه عنصر الألم حتى الموت

 

  • ونلاحظ الفرق ما بين " التقدمة " و" الذبيحة ":
  • فالتقدمة تتم أولاً، لأن الرب يسوع قدم نفسه أولاً بحريته وإرادته وحده، ثم تُرفع كذبيحة أمام الله، وهذا ورد في التقليد الليتورجي القديم، فأن القداس الإلهي يبدأ بتقديم الحمل، وهذا هو عمل ليتورجي قائم بذاته، ثم يليه قداس الذبيحة .
  •   ففي تقديم الحمل يتحول بالسرّ الغير المادي الخبز والخمر إلى حمل مُهيأ للذبيحة θύσια، وفي القداس ندخل في سر الحمل المذبوح، وتُرفع الذبيحة بالتقدمة προσΦορά


_______________

 

άνάμνησις anamnesis أصنعوا هذا لذكري

(أ) هذه الكلمة ليست بالمعنى الدارج المشهور للجميع، مجرد ذكرى كالمعنى القاموسي للكملة بالنسبة لتذكر حدث تم في الماضي وانتهى، ولكنها - كتعبير يوناني قديم - في الترجمة الأصلية بحسب الكتاب المقدس تُستخدم في الأعمال التي تخص الله وحده فقط، وتُعَّبر عن حدوث " صلة شخصية " على وجه خاص بين الإنسان والله .
(ب) ومعناها على وجه الخصوص – كما قصد الرب منها – استعلان وظهور عمل الرب إلى أن يُستعلَّن الرب نفسه في اليوم الأخير ( المجيء الثاني )
(جـ) أصنعوا هذا ( τούτο ποιέιτε )
ليست من الكلمات العادية التي تدخل ضمن الحديث العادي أو التعبير الشخصي، لكنها اصطلاح طقسي ليتورجي وذلك بحسب ورودها واستخدامها في الطقس القديم:
1- وتصنع κάι ποιήσεις لهرون وبنية هكذا بحسب كل ما أمرتك ( خر29: 35 )
2- هكذا تصنع ποιήσεις للثور الواحد ( عدد 15: 11 )
وهناك بالطبع آيات كثيرة جداً خاصة بالطقس الذبائحي فيها نفس اللفظة؛ ومن هنا يتبين بوضوح شديد أن كلمة { أصنعوا هذا } هي اصطلاح مستخدم في الطقس للتعبير عن ( تكرار الطقس ) وعن ( قانونيته )...وطبعا كما سوف نشرح معنى الإفخارستيا إن ذبيحة المسيح واحده وقدمت مرة واحدة فقط ولن تتكرر على وجه الإطلاق، إنما في القداس نستمد نفس القوة من نفس ذات الذبيحة الواحدة الغير منقسمة أو المتغيرة...
(د) لقد أصبح مفهوم [ أصنعوا هذا لذكري ] في الكتاب المقدس وعند آباء الكنيسة منذ القرن الأول (مع رجاء أن لا يبحث عنها أحد في القواميس الحديثة للغة اليونانية لأنهم لن يفهموا معناها الكتابي والكنسي الآبائي الصحيح)، هوَّ أن يُقيموا هذا الطقس السري من الوليمة المسيانيه الذي يختص بالجسد المبذول والدم المسفوك للرب، حتى بواسطة هذه الذبيحة أمام الله يكون لنا هذا واسطة ( لذكر) المسيح الرب لدى الآب كل حين، إذ بهذا ( الذكر) يكون لنا دالة وقبول أمام الله وصفح عن الآثام وغفران الخطايا.
(هـ) عموماً نجد أن الإفخارستيا هي أنامنسيس (άνάμνησις) لعمل المسيح الخلاصي الحاضر الآن بكل مجده معنا في معنى قدسي سري sacramental لا يزال مستمراً وعاملاً في كل الأجيال لأنه فوق كل زمان، غير خاضع للزمن أو ممكن يبطل مع الزمان لأن عمل الله متسع جداً ويفوق كل فحص وأدراك، وسنظل ننهل منه قوة لحياتنا كلنا في سر التقوى؛ النعمة معكم آمين

دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس (الجزء 8)بقلم الاستاذ ايمن فايق


دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
الذبيحة טֶבַח– ط ب ح ؛ θυσίας σΦάζω
Sacrifice 166 – Sacrifices 142 – Sacrificing 12
تابع (1) مقدمـــــــــــــــة عامة
جـ – (1) العهــــــــــــد الجديــــــــــد - (2) معنى الذبيحة
للرجوع للجزء السابع أضغط هُنــــــــــــــــــا


(1): العهد الجديد
  • نجد في العهد الجديد استمرار وتفوق، فعوض أن كانت الذبيحة كرمز، أصبحت تنطبق على المرموز إليه، وتحققت في كمال اتساعها، وعموماُ – كما أوضحنا في العهد القديم – نجد أن ربنا يسوع يرجع إلى الفكرة النبوية عن أولوية النفس على الطقس: 
  1. " فأن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك فاترك هُناك قُربانك قُدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذٍ تعالى وقدم قُربانك " ( مت 5: 23 – 24 )...ويوضح بالنسبة لعلاقتنا معه وبالتالي مع القريب: " ومحبته (الرب) من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة، ومحبة القريب كالنفس هي أفضل من جميع المحرقات والذبائح " ( مرقس 12: 13 ) 
  •  وبرجوعه للمفهوم الباطني الذي شُرح في العهد القديم لتوضيح الديانة الباطنية من القلب، يعدّ الأذهان لتفهم معنى ذبيحته الخاصة أي ذبيحة نفسه، فنجد أنه من عهد لعهد يقوم استمرار وتفوق، فالاستمرار يبدو في انطباق عناصر الذبيحة – في العهد القديم – على موت المسيح له المجد، والتفوق يظهر بفضل طابع الأصالة المطلقة في تقدمة يسوع :   " الذي هو رمز للوقت الحاضر الذي فيه تقدم قرابين و ذبائح لا يمكن من جهة الضمير أن تكمل الذي يخدم " (عب9: 9)..." ليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبدياً " (عب9: 12)" لأنه لا يمكن أن دم ثيران و تيوس يرفع خطايا " (عب10: 4)" لأنه أن كان دم ثيران و تيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد " (عب9: 13)" فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدم نفسه لله بلا عيب يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي " (عب9: 14).
  • والواقع أن هذا التفوق والتميز الفائق يُدخل في العالم حقيقة جديدة في ملئ جوهرها وطبعها الإلهي، وهي حقيقة الفداء والخلاص الأبدي الذي صُنع بدم عهد جديد، دم ابن الله الحي الذي يطهر النفس والضمير والقلب والفكر، طهراً أبدياً يفوق كل حدود إمكانيات البشر وفكرهم الخاص:
  • " في تقديس الروح للطاعة و رش دم يسوع المسيح لتكثر لكم النعمة و السلام " (1بط1: 2)" فإذ لنا أيها الإخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع " (عب10: 19)" إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية " (1يو1: 7)

 

(2): معنى الذبيـحـــــــــة
  • على ضوء دراستنا في العهد القديم، نستطيع أن نتعرف على معنى الذبيحة بوضوح ويُسر، والتي كان تركيزها الأساسي على التقديس والتكريس للرب: " كونوا قديسين " لكي يكون شعب إسرائيل شعب مخصص للرب من بين جميع الشعوب، وملخص معنى الذبائح كالآتي ( كما جاء في القاموس اللاهوتي الألماني لكيتل ): [ الذبيحة هي استحداث وَضع، من خلاله يُمكن أن يُستعلن الله نفسه بقصد تنظيم علاقة بينه وبين شعبه].  فبواسطة نظام الذبائح – في العهد القديم – أراد الله أن يكون له علاقة وتعامل شخصي مع شعبه. وأول مثل لذلك – كما رأينا سابقاً – ما جاء في بداية تعامل الله مع إبراهيم أب الآباء: " فآمن بالرب فحسبه له براً. وقال له أنا الرب أخرجك من أور الكلدانيين ليعطيك هذه الأرض لترثها. فقال أيها السيد الرب بماذا أعلم أني أرثها. فقال له خُذ لي عجلة ثلاثية وعنزة ثلاثية وكبشاً ثلاثياً ويمامة وحمامه. فأخذ هذه كلها وشقها من الوسط وجعل شق كل واحد مقابل صاحبه.... ولما صارت الشمس إلى المغيب وقع على إبرام ثبات وإذا رعبه مظلمة عظيمة واقعة عليه.... في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً " ( تكوين 15: 6 – 10 و12 و18 )
  •  كذلك حينما أراد الله أن يُجرب إبراهيم في محبته وطاعته لله أكثر من كل شيء آخر طلب منه أن يقدم ابنه وحيده الذي يحبه وقبل فيه المواعيد ذبيحة، فأطاع ولم يتردد، ومنعه الله في آخر لحظة والسكين على رقبة ابنه، وأعدَّ له كبشاً للذبيحة عوضاً عن ابنه.
  • وفي هذا كان الله يُعبَّر أعظم تعبير – من خلال ابراهيم – عن أن الذبيحة لله هي في عينيه أقوى تعبير عن الحب والطاعة اللذين ارتبط بهما الإنسان بالله، ورد فعل الذبيحة بهذا الشكل هو رد الله على إبراهيم بعد تقديم ابنه بمحبة لله وطاعة منقطعة النظير..." بذاتي أقسمت يقول الرب، أني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تُمسك ابنك وحيدك أباركك مباركة... ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض " ( تكوين 22: 16 – 18 )
  • وإذا أضفنا على شكل هذه الذبيحة الأشكال الأخرى التي وردت في الناموس، نستطيع القول أن الذبيحة دائماً للتعبير عن حضور الله ومعه نعمته وبره.
  • وإذا كان الأنبياء في أواخر الأيام – في العهد القديم – بدءوا يعلنون رفض الله لذبائح شعب إسرائيل، وكذلك المزامير – كما رأينا وشرحنا سابقاً – فلم تكن المعارضة على الذبائح في حد ذاتها، ولكن لأن الشعب بكهنته أهملوا القصد الأساسي من الذبائح الذي قامت عليه روحياً، وهو الوجود في حضرة الله لتكوين علاقة روحية تنمو مع الأيام مع التواضع والتقوى والإيمان والمحبة التي هي روح الطقس الذبائحي ومحوره، والتي كانت هي – بحد ذاتها – الذبائح الحقيقية والفعلية المقدمة لله. وهكذا حلَّت التقدمات المادية والشكلية عوض العلاقة الشخصية الروحية والتسبيح والشكر للخلاص في حضرة الله. وهذا كان بالنص، محور تبكيت الأنبياء والمزامير:" أسمع يا شعبي فأتكلم يا إسرائيل فأشهد عليك. الله إلهك أنا ( إني أنا الله إلهك )، لا على ذبائحك أوبخك، فأن محرقاتك هي دائماً قدامي... هل آكل لحم الثيران أو أشرب دم التيوس؛ أذبح لله حمداً وأوفِ العلي نذورك، وادعني في يوم الضيق أُنقذك فتُمجدني !! " ( أنظر مزمور 50: 7 و15 )
 
  • " أني أُريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الله أكثر من محرقات ( وهو تحول باطني صادق = ذبيحة حقيقية مقبولة وليس أدق من موقف أب الآباء إبراهيم للتعبير عنها ) " ( هوشع 6: 6 )
  • " بذبيحة وتقدمة لم تُسرّ ( لم تشأ )، أُذنيَّ فتحت، محرقة وذبيحة خطية لم تطلب. حينئذٍ قلت هانذا جئت بدرج الكتاب مكتوب عني. أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت [ أعمل بمشيئتك يا الله ، شرعتك في صميم أحشائي ] " ( مزمور 40: 6 – 8 )
  • عموماً طلب الله للعلاقة الروحية والحياة حسب الوصية بتقوى ومحبة كاملة له لم يكن يتعارض مع الذبائح إطلاقاً. ولكن بسبب التوقف عن القصد الأساسي من هذه الذبائح رفضها الله، لأن الله لا يرضى بشكل أو مظهر لأنه لا يتعامل مع المرائي أو من له صورة التقوى وينكر قوتها ...

_______________

 

دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس (الجزء 7) بقلم الاستاذ ايمن فايق


دراسة في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس
الذبيحة טֶבַח– ط ب ح ؛ θυσίας σΦάζω
Sacrifice 166 – Sacrifices 142 – Sacrificing 12
تابع (1) مقدمـــــــــــــــة عامة
تابع/ ب – العهــــــــــــدالقديـــــــم
ثالثاً: من الطقوس إلى الذبيحة الروحية
للرجوع للجزء الخامس أضغط هُنــــــــــــــــــا


ثالثاً: من الطقوس إلى الذبيحة الروحية
  • (1) الطقوس كعلامة للذبيحة الروحية:
  • الله في الكتاب المقدس لا يستفيد شيئاً على الإطلاق من ذبائح الإنسان المقدمة إليه، ولا يأخذ منها شيئاً ليحتفظ به لنفسه، فالله غير مدين للإنسان بشيء، بل الإنسان هو المدين لله بكل شيء، والإنسان هو الذي يحتاج لله بشدة، لأنه هو حياته ومصدر وجوده الحقيقي. والطقس – في العهد القديم بكل اتساعه وشموله – يظهر بعض المشاعر الباطنية ويجعلها مرئية بالممارسة اليومية: كالسجود والطاعة ( محرقة ) والاهتمام بالوحدة الحميمة مع الله ( شيلميم = سلامة )، والاعتراف بالخطايا والتماس الغفران ( طقوس تكفيرية ).
 
  • وتدخل الذبيحة في الاحتفالات بالعهد مع المعبود الإلهي العظيم والمتعجب منه بالمجد: " وبنى نوح مذبحاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح فتنسم الرب رائحة الرضا وقال الرب ( عهد ) في قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضاً من أجل الإنسان، لأن تصور قلب الإنسان شرير منذ حداثته ولا أعود أيضاً أُميت كل حي كما فعلت مدة كل أيام الأرض زرع وحصاد وبرد وحر وصيف، وشتاء ونهار وليل لا تَزَال " ( تكوين 8: 20 – 22 )
  • ولاسيما في سيناء: " وأرسل فتيان بني إسرائيل فاصعدوا محرقات وذبحوا ذبائح سلامة للرب من الثيران فأخذ موسى نصف الدم ووضعه في الطسوس ونصف الدم رشه على المذبح وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب، فقالوا كل ما تكلم به الرب نفعل ونسمع لهُ، وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال " ( خروج 24: 5 – 8 )

  • عموما مفهوم الذبيحة عن الإسرائيليين الأتقياء، هو أنها تُقدس الحياة القومية والأُسرية والفردية، وتُعمَل خصوصاً بمناسبة مزارات الحج والأعياد: " وكان هذا الرجل ( أَلفانه ) يصعد من مدينته من سنة إلى سنة ليسجد ويذبح لرب الجنود في شيلوه ... " ( 1صموئيل 1: 3 )
 
  • " وإذا افتقدني أبوك فقل قد طلب داود مني طلبة أن يركض إلى بيت لحم مدينته لأن هناك ذبيحة سنوية لكل العشيرة " ( 1 صموئيل 20: 6 ) 
  • " وأمر الملك آحاذ أوريا الكاهن قائلاً: على المذبح العظيم أوقد محرقة الصباح وتقدمة المساء ومحرقة الملك وتقدمته مع محرقة كل شعب الأرض وتقدمتهم وسكائبهم ورش عليه كل دم محرقة وكل دم ذبيحة ومذبح النُحاس يكون لي للسؤال " ( 2 ملوك 16: 15 )
  • وعموما فأن الحوار والخبر بعمل الله، والاعتراف بالإيمان، والاعتراف بالخطايا، وتلاوة المزامير، تبرز أحياناً وبشكل متسع المعنى الروحي ضمن الحركة المادية في تقديم الذبائح..
+ الحوار والخبر بعمل الله :
  • " ويكون حين يقول لكم أولادكم: ما هذه الخدمة لكم " ( خروج 12: 26 ) " وتخبر ابنك في ذلك اليوم قائلاً: من أجل ما صنع إليَّ الرب حين أخرجني من مصر " ( خروج 13: 8 ) [ وللأهمية أنظر خروج 24: 3 – 8 ] 
 
+ الاعتراف بالإيمان :
  • " ثم تصرح وتقول أمام الرب إلهك. آرامياً كان أبي فانحدر إلى مصر وتغرب هناك في نفر قليل فصار هناك أمه كبيرة وعظيمة وكثيرة، فأساء إلينا المصريون وثقلوا علينا وجعلوا علينا عبودية قاسية، فلما صرخنا إلى الرب إله آباءنا سمع الرب صوتنا ورأى مشقتنا وتعبنا وضيقتنا فأخرجنا الرب من مصر بيدٍ شديدة وذراع رفيعة ومخاوف عظيمة وآيات وعجائب وأدخلنا هذا المكان وأعطانا هذه الأرض أرضاً تفيض لبناً وعسلاً. فلآن هأنذا قد أتيت بأول ثمر الأرض التي أعطيتني يا رب ثم تضعه أمام الرب إلهك وتسجد أمام الرب إلهك وتفرح بجميع الخير الذي أعطاه الرب إلهك لك ولبيتك أنت واللاوي والغريب الذي في وسطك " ( تثنية 26: 5 – 11 ) 
 
+ والاعتراف بالخطايا:
  • " فاجتمعوا إلى المصفاة واستقوا ماء وسكبوه أمام الرب وصاموا في ذلك اليوم، وقالوا هُناك: قد أخطأنا إلى الرب... " ( 1 صموئيل 7: 6 )
  • " فإن كان يُذنب في شيء من هذه يُقرّ بما قد أخطأ به ويأتي إلى الرب بذبيحة لإثمه عن خطيته التي أخطأ بها... " ( لاويين 5: 5 – 6 )

 

+ وتلاوة المزامير :
  • " يا خائفي الرب سبحوه. مجدوه يا معشر ذُرية يعقوب. واخشوه يا زرع إسرائيل جميعاً، لأنهُ لم يحتقر ولم يُرذل مسكنه المسكين ولم يحجب وجهه عنه بل عند صراخه إليه استمع من قِبَلك، تسبيحي في الجماعة العظيمة أوفي نذوري قُدام خائفيه، يأكل الودعاء ويشبعون، يُسبح الرب طالبوه، تحيا قلوبكم إلى الأبد، تذكر وترجع إلى الرب كل أقاصي الأرض، وتسجد قدامك كل قبائل الأمم، لأن للرب الملك وهو متسلط على الأمم " ( مزمور 22: 23 – 27 )
  • " والآن يرتفع رأسي على أعدائي حولي، فأذبح في خيمته ذبائح الهُتاف. أُغني وأُرنم للرب " ( مزمور 27: 6 ). " أذبح لك منتدباً ( الذي دُعيَّ للقيام بعمل ما ولبى طوعاً واختياراً ). أحمد أسمك يا رب لأنه صالح " ( مز 54: 6 )...وطبقاً لتكوين 22، ولعله بمثابة الميثاق بالنسبة لذبائح الهيكل، يرفض الله الضحايا البشرية ويتقبل الذبائح الحيوانية. إلا أنه لا يُسرّ بهذه العطايا، إلا إذا قدمها الإنسان بقلب أهل للتضحية والبذل، بتوبة وفي إيمان حقيقي، وبمحبة بعطاء أغلى ما عنده، على مثال أب الآباء إبراهيم.

 

  • (2) أولوية الديانة الباطنية:
  • حينما أندمج الشعب في حرفية الطقوس، وعلى الأخص الكهنة، إذ تعلَّقوا بالرتبة الطقسية مع إهمال العلامة المتعلَّقة بها. ومن هنا أتت تحذيرات الأنبياء الذي أعلنوا صوت الله وتوبيخه بسبب ذلك الانحراف !!!...وقد نُخطئ أحياناً في تبين نية الأنبياء ونظن أنهم يلغون الطقس بتبكيتهم للكهنة المتمسكين بحرفية الطقس دون الله الحي، ولكن في الحقيقة، إنهم لا يشجبون الذبيحة في ذاتها ولا العمل الطقسي، ولكن ينددون بالانحرافات الطارئه عليها، وعلى وجه الخصوص الممارسات الكنعانية الدخيلة: { شعب يسأل خشبة، وعصاه تخبره لأن روح الزنى قد أضلَّهم، فزنوا من تحت إلههم، يذبحون على رؤوس الجبال ويبخرون على التلال تحت البلوط واللُبْنى والبطم ( شجرة برية صغيره الورق صمغها قوي الرائحة ) لأن ظلها حسن، لذلك تزني بناتكم وتفسق كناتكم } ( هوشع 4: 12 – 13 )

  • فكثرة الطقوس وتشعبها ليست في حد ذاتها تمجيداً لله، بل إن هذا التعدد لم يوجد في السابق: " هل قدمتم لي ذبائح وتقدمات في البرية أربعين سنة يا بيت إسرائيل " ( عاموس 5: 25 )... " لم تحضر لي شاة محرقتك، وبذبائحك لم تُكرمني ( تُمجدني ). لم أستخدمك ( ألزمتك ) بتقدمه، ولا أتعبتك بلبان ( لبان البخور ). لم تشترِ لي بفضة قصباً وبشحم ذبائحك لم تروني ( أرويتني )، لكن استخدمتني ( ألزمتني ) بخطاياك وأتعبتني بآثامك " ( إشعياء 43: 23 – 24 )..." لأني لم أكلم آبائكم ولا أوصيتهم يوم أخرجتهم من أرض مصر من جهة محرقة وذبيحة، بل إنما أوصيتهم ( أمرتهم ) بهذا الأمر قائلاً: اسمعوا صوتي فأكون لكم إلهاً وأنتم تكونون لي شعباً وسيروا في كل الطريق الذي أوصيكم به ليحسُن إليكم ( يطيب إليكم )، فلم يسمعوا ولم يميلوا أُذنهم، بل ساروا في مشورات وعناد قلبهم الشرير وأعطوا القفا لا الوجه ( أداروا لي ظهورهم لا الوجه ) " ( إرميا7: 22 – 24 )

  • فالطقس وعلى الأخص الذبيحة، إذا تجردت من استعدادات القلب، تنقلب عملاً باطلاً ورياء، إذ تتحول للشكل والصورة، فضلاً على أنها تُغضب الله إذا صاحبها مشاعر كلها شرّ، وأفكار ملوثة بالخطية وسلوك منافي لوصية الله !!!...." هلم إلى بيت إيل ( اذهبوا إلى بيت إيل ) وأذنبوا إلى الجلجال وأكثروا الذنوب [ تعالوا إلى بيت إيل وارتكبوا المعاصي، وفي الجلجال أكثروا من ارتكابها ] واحضروا كل صباح ذبائحكم وكل ثلاثة أيام عشوركم وأوقدوا من الخمير تقدمة شكر ونادوا بنوافل ( تبرعات ) وسَمِعوُا [ نادوا بتقدمات وأذيعوها ]... " ( عاموس4: 4و5 )

  • " لماذا لي ( ما فائدتي – ماذا استفيد من ) كثرة ذبائحكم يقول الرب. أتخمت ( شبعت ) من محرقات كباش وشحم مسمنات، وبدم عجول وخرفان وتيوس ما أُسرّ ( لا يرضيني ) حينما تأتون لتظهروا أمامي ( تعبدوني )، من طلب هذا من ايديكم أن تدوسوا دُوري ( دياري – بيتي ). لا تعودوا تأتون ( إليَّ ) بتقدمة باطلة، البخور ( الرجس ) هو مكرهة لي، رأس الشهر والسبت ونداء المحفل، لست أطيق الإثم والاعتكاف، رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضتها نفسي وصارت عليَّ ثقلاً مللت حملها، فحين تبسطون أيديكم أستر عيني عنكم، وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع، أيديكم ملآنة دماً، اغتسلوا تنقوا ( تزكوا )، اعزلوا ( أزيلوا ) شر أفعالكم من أمام عيني، كفوا عن فعل الشرّ " ( إشعياء 1: 11 – 16 )

  • ويُركز الأنبياء بشدة، بحسب بلاغتهم في اللغة، على أولوية النفس في علاقة طاعة تنعكس على سلوكها اليومي، فتستقيم الحياة وتنشأ علاقة حية سوية مع الله: " وليجر الحق كالمياه والبرّ كنهرٍ دائم " ( عاموس5: 24)..." إني أُريد رحمة لا ذبيحة، ومعرفة الله أكثر من محرقات " ( هوشع6: 6 )..." قد أُخبرك أيها الإنسان ما هو الصالح، وماذا يطلبه منك الرب؛ إلا أن تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعاً مع إلهك " ( ميخا6: 8 )

  • ولنا أن نعرف أن الأنبياء لا يضيفون شيئاً جديداً أو يشرحوا أصول العبادة بطريقة جديدة، لأن تعليمهم ليس إلا امتداد لنفس التعليم الذي خُطْ في عهد سيناء: " فالآن إن سمعتم لصوتي وحفظتم عهدي تكونون ليس خاصة من بين جميع الشعوب. فأن لي كل الأرض " ( خروج19: 5 )..." وأخذ كتاب العهد وقرأ في مسامع الشعب: فقالوا كل ما أتكلم به الرب نفعل ونسمع له، وأخذ موسى الدم ورش على الشعب وقال هوذا دم العهد الذي قطعه الرب معكم على جميع هذه الأقوال " ( خروج 24: 7 – 8 )

  • وهذا التعليم تقليد ثابت لا يتغير ومحفوظ لكل زمان: " فقال صموئيل: هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب (الطاعة)، هوذا الاستماع (الطاعة) أفضل من الذبيحة، والإصغاء أفضل من شحم الكباش " ( 1صموئيل 15: 22 )..." وقد علمت يا إلهي أنك أنت تمتحن القلوب وتُسرّ بالاستقامة. أنا باستقامة قلبي انتدبت ( تبرعت ) بكل هذه، والآن شعبك الموجود هنا رأيته بفرح ينتدب ( يتبرع ) لك " ( 1أيام 29: 17 )." ذبيحة الأشرار مكرهة الرب وصلاة المستقيمين مرضاته " ( أمثال 15: 8 ) " فعل العدل والحق أفضل عند الرب من الذبيحة.. ذبيحة الشرير مكرهة فكم بالحري حين يقدمها بغش " ( أمثال 21: 3 و 27 )
 
  • " بذبيحة و تقدمة لم تسر – أُذني فتحت محرقة و ذبيحة خطية لم تطلب حينئذٍ قلت هنذا جئت [ ها أنا آتٍ ] بدرج الكتاب مكتوب عني أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت [ في هذه مسرتي ]. وشريعتك في وسط أحشائي [ في صميم قلبي شريعتك ] بشرت ببر في جماعة عظيمة. هوذا شفتاي لم أمنعهما أنت يا رب عَلِمْتَ " ( مزمور 40: 7 – 9 )," وللشرير قال الله: ما لك تُحدث ( وتروي ) بفرائضي وتحمل عهدي على فمك وأنت قد أبغضت التأديب وألقيت كلامي خلفك ( ورائك – أهملت أن تعيش بها )، إذا رأيت سارقاً وافقته، ومع الزناة نصيبك [ إذا رأيت سارقاً صاحبته، ولا تُعاشر إلا الزناة ]، أطلقت فمك بالشرّ ولسانك يخترع غشاً ( يختلق مكراً )، تجلس وتتكلم على أخيك، لابن أمك تضع معثرة [ وتفتري على ابن أُمك ]، هذه صنعت وسكت [ فعلت هذا وأنا ساكت عنك ]، ظننت إني مثلك، أوبخك [ لكني الآن أُوبخك ]، وأصف [ أُعدد ] خطاياك أمام عينيك، أفهموا هذا يا أيها الناسين الله لئلا يفترسكم [ أمزقكم ] ولا منقذ، ذابح الحمد يُمجدني والمقوم طريقه أريه خلاص الله [ الحمد هو الذبيحة التي تُمجدني، ومن قَوَّم طريقه أريه خلاصي ] " ( مزمور 50: 16 – 23 )
 
  • " أُسبح اسم الله بتسبيح وأُعظمه بحمد فيُستطاب عند الرب أكثر من ثور بقر ذي قرون وأظلاف، يرى ذلك الودعاء فيفرحون وتحيا قلوبكم يا طالبي الله " ( مزمور 69 : 30 – 32 ),,," الذابح من كسب الظلم يُستهزأ بتقدمته، واستهزاءات الأثماء ليست بمرضية، الرب وحده للذين ينتظرونه في طريق الحق والعدل، ليست مرضاة العلي بتقادم المنافقين ولا بكثرة ذبائحكم يغفر خطاياهم، من قدم ذبيحة من مال المساكين فهو كمن يذبح الابن أمام أبيه... واحد صلى والآخر لعن فإيهما يستجيب الرب لصلاته، من اغتسل من لمس ميت ثم لمسه فماذا نفعه غسله، كذلك الإنسان الذي يصوم عن خطاياه ثم يعود يفعلها من يستجيب لصلاته وماذا نفعه اتضاعه " ( سيراخ 34: 21 – 31 )

  • وفي الواقع أن تقديم الذبيحة الباطنية أي من دخل القلب قبل الخارج، ليست بديلاً عن تقدمة العبادة الخارجية، بل هي الجوهر والأساس: " لأنك لا تُسر بذبيحة وألا فكنت أُقدمها. بمحرقة لا تَرضَى. ذبائح الله هي روح منكسرة، القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره. أحسن برضاك إلى صهيون، ابن أسوار أورشليم، حينئذٍ تُسرّ بذبائح البرّ محرقة وتقدمة تامة حينئذٍ يصعدون على مذابحك عجولاً " ( مزمور51: 16 – 19 )

  • وهذه الذبيحة الباطنية هي جوهر الطقس الحقيقي: " من حفظ الشريعة فقد قدم ذبائح كثيرة، من رعى الوصايا فقد ذبح ذبيحة الخلاص، ومن أقلع عن الإثم فقد ذبح ذبيحة الخطية وكفر ذنوبه، من قدم السميذ فقد وفى بالشكر، ومن تصدق فقد ذبح ذبيحة الحمد، مرضاة الرب الإقلاع عن الشرّ، وتكفير الذنوب الرجوع عن الإثم، لا تحضر أمام الرب فارغاً فأن هذه كلها تُجري طاعة للوصية، تقدمة الصديق تُدَسمُ المذبح ورائحتها طيبة أمام العلي، ذبيحة الرجل الصديق مرضية وذكرها لا يُنسى، مجد الرب عن قُرَّة عين ولا تُنقص من بواكير يديك " ( سيراخ 35: 1 – 10 )

  • وهذا التيار الروحي الأصيل يشجب التقوى السطحية القائمة على المصلحة التي تقوم على كبرياء القلب وطلب مديح الناس، أو مخالفة الوصية التي هي حياة النفس، وقد أثار في النهاية هذا المنهج الروحي الأصيل، جدلاً حول الطقوس ذاتها التي أدت لمقاومة الأنبياء ورفض صوت الله على أفواههم، لأن الكثيرين فضلوا الشكل عن الجوهر لأجل كبرياء القلب ومديح الناس، وكان الأنبياء في هذا كله بمثابة الممهدين للعهد الجديد بشأن جوهر الذبيحة وفعلها الحقيقي وليس الشكلي في مجرد طقس مقدم في عبادة شكلية...

  • وبالطبع كل هذا موجه لنا اليوم لأنه بالرغم من أننا في العهد الجديد، لا يمنع إطلاقاً أن تتحول العبادة عندنا لشكل روتيني حرفي ونتمسك بالطقس وحرفه ونخرج خارج الروح، كما هو الحادث عند الكثيرين في التمسك الحرفي المتشدد بتعصب، ناسين الله تماماً وأصبحوا مثل شعب إسرائيل في هذه الحالة التي نتكلم عنها تماماً !!!

 

(3) قمة الديانة الباطنية:
  • إلى جانب التصور الجامع الشرعي الوارد في سفر اللاويين، يُقدم الكتاب المقدس تصوراً جامعاً آخر، يتميز بالقوة الفعالة لأنه متجسد في شخص. فأن عبد الله بحسب إشعياء 53، سيجعل من موته تقدمة لذبيحة تكفير أبدي، وأن التصريح النبوي يُسجل تقدماً ملحوظاً بالنسبة للمفاهيم الواردة في لاويين 16.

  • وكبش الفداء في يوم التكفير العظيم الذي يُقدم بيد مقدمه وليس باختياره لأنه غير عاقل، كان يحمل وزر خطايا الشعب. إلا أنه بالرغم من رتبة وضع الأيدي، أي وضع يد الخطاة عليه، لم يكن قادر أن يجعل المقدم والذبيحة واحد، فالتعليم بالإنابة في القصاص لم يكن على صله بهذه الليتورجيا: " لأنه إن كان دم ثيران و تيوس ورماد عجلة مرشوش على المنجسين يقدس إلى طهارة الجسد " (عب 9 : 13)، " لأنه لا يمكن أن دم ثيران و تيوس يرفع خطايا " (عب10: 4)، وأما العبد (( الله الكلمة الظاهر في الجسد كعبد )) بالعكس، فأنه يُسلَّم نفسه طواعية باختياره الحرّ، لأجل الخطاة. وتقدمته الخالية من أي عيب تعود بالفائدة على " كثيرين " بحسب تدبير الله وخطته الموضوعة للخلاص الأبدي. وهنا تلتقي أقصى الباطنية مع أقصى العطاء وأقصى الفاعلية: [ من الضغطة ومن الدينونة أُخذ وفي جيله من كان يظن أنه قُطِعَ من أرض الأحياء، أنه ضُرب من أجل ذنب شعبي... من تعب نفسه يرى ويشبع وعبدي البار بمعرفته يبرر كثيرين وآثامهم هو يحملها لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه وأحصي مع آثمة وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين ](اش54:12:8)

_______________

الإصحَاحُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ

 عبد الرب يتألم ويتمجد

1 مَنْ صَدَّقَ خَبَرَنَا وَلِمَنِ اسْتُعْلِنَتْ ذِرَاعُ الرَّبِّ؟ 2نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْقٍ مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيهِ. 3مُحْتَقَرٌ وَمَخْذُولٌ مِنَ النَّاسِ رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحُزْنِ وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ. 4لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اللَّهِ وَمَذْلُولاً. 5وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. 6كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا. 7ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. 8مِنَ الضُّغْطَةِ وَمِنَ الدَّيْنُونَةِ أُخِذَ. وَفِي جِيلِهِ مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قُطِعَ مِنْ أَرْضِ الأَحْيَاءِ أَنَّهُ ضُرِبَ مِنْ أَجْلِ ذَنْبِ شَعْبِي؟ 9وَجُعِلَ مَعَ الأَشْرَارِ قَبْرُهُ وَمَعَ غَنِيٍّ عِنْدَ مَوْتِهِ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ ظُلْماً وَلَمْ يَكُنْ فِي فَمِهِ غِشٌّ. 10أَمَّا الرَّبُّ فَسُرَّ بِأَنْ يَسْحَقَهُ بِالْحُزْنِ. إِنْ جَعَلَ نَفْسَهُ ذَبِيحَةَ إِثْمٍ يَرَى نَسْلاً تَطُولُ أَيَّامُهُ وَمَسَرَّةُ الرَّبِّ بِيَدِهِ تَنْجَحُ. 11مِنْ تَعَبِ نَفْسِهِ يَرَى وَيَشْبَعُ وَعَبْدِي الْبَارُّ بِمَعْرِفَتِهِ يُبَرِّرُ كَثِيرِينَ وَآثَامُهُمْ هُوَ يَحْمِلُهَا. 12لِذَلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ الأَعِزَّاءِ وَمَعَ الْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ وَهُوَ حَمَلَ خَطِيَّةَ كَثِيرِينَ وَشَفَعَ فِي الْمُذْنِبِينَ.