2015/06/19

إلهى بملامح شيطانية



إلهى بملامح شيطانية
مينا فوزى


دائماً شاحبُ الوجه,رافعاً حاجبيه,دوماً ما أخشى أن أنظر فى عينيه السوداء,ففى عينه كمٍ من الشراسة والغضب لم أراهم من قبلٍ,هذا هو إلهى الذى كُنت أخشاه..

-إننى سأمتُ من هذا الإله الذى لا أعرف عنه سوى إنه "غضوب"فكُلما أُخطئ يغضب.حينما أتأخر عن صلاتى يغضب,يغضب دوماً كُلما أُخطئ,حينما امتنع عن الصلاة...حينما لا أذهب للكنيسة...حينما أنغلب من شهوتى...


-حتى  قررت التمرد على هذا الشخص الذى لا أعرف عن صفاته سوى"الغضب".إله مريض نفسياً يُصاب بالكئابة والضجر كُلما أُخطىئ,بل هذا هو وضعه مع ملايين البشر,فلستُ أظن إنه سيكون يوماً فرحاً او سعيد,ففى كل لحظة تمُر على البشرية لا يوجد إنسان لايُخطئ ,لذا فأنا أتمرد على هذا [الوجه الكِئيب].


-وفى تمردى قررت أن[أرفضه]فهمِمتُ إلى أعلى قمم الجبال رافعاً صوتى[أيها الإله الغضوب إذهب إلى الجحيم],[أيها الغضب لا اُحبك],حتى وجدتُ من أرفضه ولا اُحبه وأدعوه إلى الجحيم يُردد ما كُنت أقوله..وجدته يقول[أيها الإله الغضوب إذهب إلى الجحيم],[أنا لا اُحبك].


-إنه إلهى الذى رسمتُ له صورةٍ خاطئة,فكُنت أرسم إلهى ولكن بملامح شيطان [!],فما كان مِنه سوى أن يرفض هذا الشيطان الذى رسمته,بل بالحرى هو يرفض الصورة التى كُنت متوسم فيها ملامحه..


-من منا لم يرسمه بملامح شيطانية[!]ويتصور إنه حينما يُبطىئ عن الصلاة,أو حينما يُخطئ,تنكشف أنياب هذا الإله للإنتقام؟من منا لم يشعر  وكأنه يقف خلفه "ضابط التعذيب"وحينما يخطئ تتزايد أنفاس هذا الضابط حتى ترتطم بمؤخرة رأسنا؟مُنبعثة من كيانٍ يغلى غضباً؟.


-إنه الإله الذى يتمرد على نفسه,فليس هو بتلك الصورة التى رسمناها له,وليس هو ضابط التعذيب الذى سيُعزبنا,إنها صورة يرفضها هو نفسه معنا,فلم يعُد تمرده إذاً على نفسه,بل إنه يتمرد على الفهم الخاطئ لطبيعته التى لا يتواجد فيها سوى"الحُب".


-إنه إلهٍ"الحب", حينما نُخطئ –فهو- يُحب ,حينما نُنكره "يُحب",حينما نتكاسل عن الصلاة او حينما نُطبل عاداتها,فهو مازال يُحب,فكُل ما نفعله يُقابله هو بالحب,فهو لا يملك سواه لكى يُعطينا إياه.


-ونحن لا ننتظر منه سوى هذا الحُب,وحبه هذا هو ما يُعيدنا إلى"حُضنه "مره أُخرى,ذلك الحُضن الذى تترنم له الكنيسة دائما,تُسبح وتُرنم ليلاً نهاراً حتى صورته قائماً فى هيكل صلاتنا فى كافة الكنائس..


-علينا أن نرفض هذا الإله صاحب الملامح الشيطانية,الذى يحتاج لمن يسترضيه ,لكى يُفرج عن"مساجينه,فهُم أسرى غضبه",تمرد عليه فهو لايُفكر سوى فى كرامته,أرفض ذلك الإله الذى يُهان من تصرفات البشر.فهو إله ضعيف..


أرفض الإله الذى لا يكترث لمشاعرى,لا ينظر لكرامتى التى أُهينت أثناء"سبىِ"أرفض هذا الإله الذى لا يشاء أن [يسترضينى]فى حُزنى وجُرحى....


أرفض الإله الذى يغضب عليك أنت ولا يغضب على الخطية ذاتها..أرفضه وإرسم إلهك بملامح جميلة......