2015/05/06

مختصر الأصحاح الثالث من كورنثوس الأولى.

نتيجة للإصحاحين السابقيين يُكمل بولس الرسول حديثه عن تلك التحزبات التى ظهرت فى كورنثوس ويصفهم بأنهم مازالوا اطفال فى الحياة الروحية يتحزبون لبولس وأبولوس.والطفل لا يأكل مثل البالغيين بل يأخذ لبن.

-ويوضح بولس انه وابولس ليس شئ لانهم مجرد اناس  تغرس وتسقى ولكن الله هو الذى له الفضل اذا هو ينمى  فانتم فلاحة الله وبناءه وضع اساسه  ولكن الله هو من يبنى

-هذا البناء لا يستطيع احد ان يضع اساسه الا على المسيح نفسه ومن يبنى عليه حسب عمله سيصير ظاهر وسيمتحن عمله,الامتحان بالنار ومن يثبت عمله سياخذ اجرته.

-انتم هيكل الله ,فحافظوا عليه ولا تدعى انك حكيم  بل احسب نفسك جاهل لان حكمة هذا العالم جهالة,ولا تفتخر ببولس او غيره لان كل شئ هو لكم وانت للمسيح..

 

الرد على شبهة [اعطو مسكرا وخمراً]



 

 

تقول الشبهة:ـ
الكتاب المقدس يدعو للفسق والفجور,فيقول فى كتاب الامثال(اعطو مسكرا وخمراً)(31:5)اى فجور هذا؟هل القساوسة فى الكنائس يعون الناسء بان يشربو الخمر والمسكر؟انها نصائح القساوسة..

الــــــــــــــر:ـ

-كعادة المُشِكك يتهم دون فهم,يقصف فى اعراض الناس بلا دليل,يكذب ويُصدق كذبه,يتدعى ما ليس فى الكتاب المقدس,وكأنه يُسقط ما عنده على ما هو عندنا,فسفر الامثال لايُعطى الاذن للقساوسة ان يعظو بشرب الخمر لان الخمر شئ غير مقبول فى المسيحيةلان من يشربه ومن يسكر هو خارج الملكوت( 1كو10:6)وهناك امر بعدم استخدام الخمر ورفض السكر,فنجد بولس يقول:ـ{ وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ}(اف18:5).

-فباى عظة يعظ القساوسة؟بشرب الخمر ام بعدم شرب الخمر؟بكل تاكيد سوف يعظ بما هو موصى به فى الكتاب المقدس,لا تشرب ولا تسكرو بالخمر الذى فيه الخلاعة(اف18:5)لان الكتاب المقدس لم يامر بالشرب المُسكر إلا فى حالات المرض فقط,مثل ما حدث مع تيموثاوس الاسقف المريض ,فنصحه بولس الرسول بقليل من الخمر لعلاج اسقام المعدة(1تيمو23:5),وكان هذا علاج فى ذلك الوقت,فنجده يقول قبل هذا النص(لا تشرب ماء)ولكن (اشرب خمر)ففى القرن الحادى عشر ثبت ان للخمر اثر هائل على الهضم.
-نعود الى سفر الامثال ونحاول ان نفهم ما هو مدون فى ضوء الخلفيةالحضارية والتقليد فى ذلك العصر,فقبل ان نتكلم عن نص الايه محل المُشكلة,لا بد لنا ان نقراء ما هو سابق لتلك الاية,فنجد نصائح فى غاية الدقة والروعة,الام تعظ ابنها الملك ان يبتعد عن النساء[ع 3].[1],فكان معروف ان الملوك يشتهون النساء ويكون لديهم اكثر من جارية,وتقول لابنها:ـ{ لَيْسَ لِلْمُلُوكِ …أَنْ يَشْرَبُوا خَمْرًا، وَلاَ لِلْعُظَمَاءِ المُسْكِرُ }[ع 4].

-ولكن ما سبب تلك النصية ؟؟يفسرها النص اللاحق وهو{ لِئَلاَّ يَشْرَبُوا وَيَنْسُوُا المَفْرُوض،َ}[ع5].وما هو المفروض الذى تخشى ان ينساه شاربى الخمر؟وبكل تاكيد المقصود ب(المفروض)هو الفرائض والوصايا,فكيف لشخص مخمور بان يُصلى؟وان يُطبق وصية{لاتزنى}فهو شخص مُغيب.لهذا كانت النصيحة {ابتعد عن الناس…ابتعد عن الخمر..حتى تقدر ان تُنفذ المفروض}.
-وناتى الى النص [ع6]ونقراءه {اُعطوا مسكرًا لهالكٍ، وخمرًا لمُرّي النفس}ولى سؤال إستوقافى وهو الام التى تنصح سابقاً قالت[لا تشرب خمر]ولكن الان تنصح ب[إعطاء الخمر]؟؟هل هذا تناقض؟ام ماذا؟,والحقيقة ليس فى ذلك تناقض بل هو تكامل,فلابد انها تقصد شئ اخر.وهو نفس قصد نصيحة بولس لتيموثاوس.

-فالنص يقول:ـ{اعطو مُسكراً لهالك}فما معنى اعطاء الخمر لشخص هالك؟وما هو المقصود ب شخص هالك؟؟فالمقصود بهالك انه سوف [يموت او سيُعدم او سينتهى من عالارض][2]فشخص سيموت لسبب مرض او الم او اى سبب فالنتيجة واحدة[الهلاك]اى الموت.ولكن ما الفائدة من إعطاء [مُسكر]لشخص هالك؟فالغرض هو تقليل الألم,فالمُسكر فى ذلك الوقت كان يُعتبر مثل المُخدر,اومُسكن للألم.
-وإذا استكملنا قرائة النص نجد انه يؤكد فهمنا إذ يقول[اعطو خمراً لُمرى النفس]؟!ما العِلة لإعطائها لمرى النفس ومنعها عن غيره؟فى هذا تعليل ضمنى,فالعِلة إن مُر النفس هو شِخص مريض او مُتألم,او اى شئ اخر إذا قد توصلنا إلى سبب وعِلة إعطاء الخمر والمُسِكر لهذا الشخص بعينه وهو تخفيف الألم وتقليله..
– يؤكد هذا المعنى تِفسير جيل إذا يقول:ـ[إعطاء الشراب له إستعداد للموت,اما الملوك والقضاة فنفسهم قوية فلا يحتاجون ][3].ويقول القمص تادرس يعقوب ملطى:ـ[يُمكن للخمر ان تخفف من الألام والحزن][4].حتى سفر المثال نفسه يقول:ـ]المُسكر عجاج ومن يترنح بهما فليس بحكيم .

-فيتضح الان ان القصد من هذا الإصحاح الإمتناع عن الخمر لانه يضُر ,ولكن الشخص المريض او الشخص المُتألم والمريض فجيب ان يُعطى له المُسكر لتخفيف عنه هذا الألم والمرض,مثل (البنج],ولاحظ دقة وروعة النص الكتابى إذ يقول[لا تشرب]والفعل هُنا مُباشر ,ولكن فى النص الاخر[إعطوا]يُفيد إن هُناك شخص يعطى لأخر المُسكر وهذا دليل إن من يأخذ الخمر هذا شخص غير قادر ان يشرب بنفسه,اى شخص مريض....

 

مينا فوزى

sargious

_______________________________

 

[1]ليس لان فى المرأة عيب بل القصد الابتعاد عن الزنا كخطية.

[2]راجع قاموس سترونج وبراون H6.

[3]Gill’s Exposition of the Entire Bible.

[4]تفسير القمص تادرس يعقوب ملطى لسفر الامثال

اللاهوتى والحب الألهى(خواطر لاهوتية)ج5



                             

 

اللاهوتى والحب الإلهى

مينا فوزى

 


 

-بداخلنا فجوة عظيمة من الشعور,او قول هِوةٍ عظيمة يصل عمقها الى اللا محدود إذا يِعجز الذِهن أن يخوض فيها,وعجز الذهن هذا يُترجم الى حيرةٍ عجيبة تتمثل فى الشعور بتلك الهوة,فأنا أشعر بها وغير قادر على شرح تفاصيلها.

 

-إنه شعور يفضح عِجز اللغة أن تصفه,فاللغة هيا مجموعة من المفردات والقواعد التى إخترعها الإنسان لكى يكون قادراً أن يعيش ويتعايش مع غيره من البشر, وتبلبلت الألسنة وتعددت اللغات ,وذلك الأختراع تارة يخدم الإنسان وتارة يُخزله,لعل القديس باسليوس شعر بهذا العجز فنجده يقول:ـ[الفكر ضعيف واللسان أكثر ضعفاً,فماذا نتوقع ما نقوله سوى ان نسمع فقر كلماتنا التى تصير موضوع خزينا] [1].

 

-فإن اراد الله ان يُعِبِر عن حُبه للإنسان فلم يجد اى تعبير سليم او تعبير دقيق يقدر ان يُعبر عن حُب الله الغير محدود,فاكتفى بأن ينسب الازلية الى حُبه اذ يقول محبة ابديه احببتك(ار3:31)وهكذا الإنسان لا يجد فى مفردات اللغة او فى قوعدها ما يُساعده او يؤهله ان يصف حبه لله,فيكتفى بالتنهدات تعبيراً عن عجزه فى وصف حُبه الى المُحب الغير محدود.

 

-إن تلك التِنِهُدات فى طياتها أنفاساً تحمل الحُب من القلب الى الذات الألهية,وتُعد تلك التنهدات ذبيحة يُقدمها الإنسان على مذبح قلبه,إنها المُحرقة التى تِنال مِسرة الرب(لا9:1)فالتنهدات هيا مجموعة من المشاعر  التى نقول عنها-بحسب لغتنا العاجزة-الحب,وهذا الحب هو البخور الخارج من المجمرة إذا بأتحاده بالنار يُخِرِج روائح تُعطر  قلب المؤمنين,وتطيب أنفاس المُقربين من هذا القلب,هكذا الحب اذ يِتِحِد بجمر النار الألهية..

 

-فاِذا  إنسكب جمر النار فى القلب فحينها وحينها فقط يتنقى قلبك من الزوان [2],فسكيب النار يتم من خلال عَمِلك وجِهادك لنمو الحنطة,اما انتزاع الزوان فهو  ليس عمل بشرى بل يد الله المُباركة التى تعمل فى حقل القلب.

 

-انها "محبة الله المُنسكبة فى قلوبنا بالروح القدوس"(رو5:5) ).فيض الروح القدوس الذى يُلهب قلوبنا,سكيب النعمة التى تُقد المحبة كالنار فى غابة قلوبنا فتأكل الأفكار الخبيثة [3],فالروح القدوس يُلقى نار-وأى نار تلك؟؟.

 

-انها التى تكلم عنها المسيح(لو12)اذ يقول انه جاء ليُلقيها فى ارضنا اليابسة اذ يقول:ـ"جئت لألقى ناراً على الأرض ,فماذا اُريد لو اضطرمت"فبقوله هذا يُعلن عن إلتهاب الحُب وحرارته الذى يطلٌبه  فينا ,فكما احبنا كثيراً جداً هكذا يُريدنا ان نحبه نحن ايضاً [4],أنها النار التى امسكت بارميا فيصفها الكتاب المقدس بانها(محرقة)فيقول البابا اثناسيوس:ـ"لقد كانت الكلمة فيه كنار,وجاء يسوع المحب للإنسان لكى يلقى بهذه النار على الارض..." [5]إنها هدف وخدمة المسيح ولابد أن يتِمسِك بها كل مسيحى ويكون فتيلته تُساعد على إشعال نار الروح فى قلبه وقلب غيره.

 

-فإن كُنا نتكلم على تعريف الصلاة وقولنا إنها نداء إلهى,فهكذا الحب ايضاً "نداء ودعوة إلهية وإستجابة بشرية,فالله يقول "حب الرب الهك من كل قلبك"(لو17:10),فليس للانسان اى فضل حتى فى حبه لله,فذاك يعود فضله لله فقط .


-فإن كان الحب سُكِبَ بواسطة الروح فى القلب,فهذا يُعنى ان القلب قد إمتلى من الله,وتقدست النفس من مواهب الروح,فالرب قد قِدس وأودع الغرام فى القلب ,وهذا الغرام هو زفرات اضحى بها الانسان مصدوعاً [6].

 

-اذا كان الله هو الألف والياء اذاً فكل شئ يتم بين الألف والياء ,فالرغبة تبداء فِيِه وتنتهى إليه والفكر يبداء منه وينتهى فيه وهكذا الحب يكون بين \وفى الألف والياء,فالحب كلمة ليس بدايتها تلك الحروف(ح,ب)بل الحب كلمة تبداء بألف الله ونتنهى بياءه,وان كان الله ليس له بداية ولا نهاية فهكذا الحب ليس له بداية ولا نهاية,فإن حب الله فى القلب هو شئ غير محدود تجاه كيان غير محدود...

 

 

يا آلهي أعمق الحب هواك ++ ياآلهي لي اشتهاء أن أراك
في جمال في بهاء مبهر ++ في جلال وسط قوات سماك
أو أرى حسنك في الابن الذي ++ كل شخص قد رأة قد رآك
أنت ملئ العقل والقلب معا ++ ليس في غربة العمر سواك
أنا وسط الناس اجذبهم لك ++ أنا في الوحدة استوحي نداك
أنت أصل الكون يارب الورى ++ كل مجد الكون صاغته يداك
ياآلهي أنت عوني أنت حصني ++ أنت ربي أنا أحيا في حماك
فيك مايشبع قلبي دائما[7]

 




 

[2] هو نبات ذو اطراف ليفية كثيرة ينبت كثيراً بين القمح,بدون زراعة وهو عشب سام ويسبب اكله الموت والزوان ترمز الى الاشرار(مت24:13),راجع دائرة المعارف الكتابية المسيحية-شرح كلمة زِوَان.
[3] صلاة للقديس مار افرام السريانى عن الاجبية المقدسة ص160
[4] من اقوال ذهبى الفم-اورده القمص تادرس يعقوب ملطى فى تفسير انجيل لوقا ص382
[5] من تفسير وتاملات الاباء الاوليين ص383
[6] الاستاذ محمد الكيزانى الأدب الصوفى فى مصر ص120 الاستاذ محمد الكيزانى
[7] قصيدة للبابا شنودة الثالث من كتاب انطلاق الروح