2023/11/28

ماذا كان يرى المسيحيين الأوائل في يسوع؟(ج3) يسوع بحسب الصيغ التمهيدية

 "فترة النفق": يسوع بحسب الصيغ التمهيدية

  يمكن القول ان (متى ومرقس ولوقا) غير ذلك،ويمكننا ان نحاجج بالرجوع  إلى المسيحيين الأوائل  . وبإجماع الآراء فإنهم يعودون الى النصف الثاني من القرن الأول. وحسبر ايرمان لا تعكس الأناجيل في العهد الجديد اراء التلاميذ الاوائل. ، فإيرمان يسعى إلى العودة إلى الوراء في الزمن من أجل كشف وجهات النظر البدائية للمسيحيين الأوائل.

  وقد يتساءل البعض "كيف مفعل ذلك؟" في حين لا يوجد كتابات ادبية في الفترة ما بين 30 إلى 50 م، إجاب إيرمان و العديد من العلماء  – هي أنه من خلال النصوص النهائية للعهد الجديد كما هي، يمكن لنا اكتشاف آثار للآراء السابقة. يسميها ايرمان  "التقاليد ما قبل الأدبية" – تقاليد، لأنها تم تناقلها، وتقاليد ما قبل أدبية لأنها تم تناقلها بشكل شفهي، قبل يملك المسيحيون كتاب.

  في كتاب "كيف أصبح يسوع الله" بحاجج(ايرمان) أن "التقاليد ما قبل الأدبية" تكشف عن اراءعن يسوع بدائية اكثرمن آراء متى ومرقس ولوقا. لم يصبح يسوع "ابن الله" من ذوقت ولادته، (كما يعرض متى ولوقا). لم يصبح يسوع "ابن الله" حتى  وقت المعمودية(كما أكد مرقس) ، ذلك حسب إيرمان.  فعلى المرء أن ينظر   إلى السيرة الذاتية القديمة ليسوع. فان"التقاليد ما قبل الأدبية" ذلك حسب إيرمان. تقول بأن يسوع قد تبناه الله عند قيامته.


رومية 1: 3 – 4

المثال الأول لإيرمان للصيغ  "ما قبل الأدبية" عن يسوع يأتي في بداية رسالة رومية:

"عن ابنه. الذي صار من نسل داود من جهة الجسد،  وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة، بالقيامة من الأموات: يسوع المسيح ربنا."(رومية 1: 3 – 4)

يحدد إيرمان، متبعًا كثير من العلماء ، اقرار ايمان(قانون ايمان) مسيحي  بدائي  ، يتكون من عنصرين:

 (أ) نسبه  من داود من الناحية الجسدية والبشرية، يليه 

(ب) نسبه من الله(بالتبني )روحيا وهوالنسب الذي وهب له وقت القيامة.

هناك نوعان من الاعتبارات منفصلينن: 

(1) هو هل كانت هذ  أقرار ايمان"ما قبل بولس " أم لا


(2) هو كيفية التعرف على الصياغة الأصلية لهذا الاقرار يخلص إيرمان إلى أن بولس أضاف فقط إلى النص البدائي لصيغة قانون الإيمان(او الاقرار) عبارة "بقوة" (بعد "ابن الله") في (رو 1: 4) والامر بطبيعته تخميني، ولكن هذا ليس يقضى على الفكرة بأكمله. ونستنتج انه تخمين معقول، فالعبارة تستوفي المعايير التي يتم تستخدم   في هذه المناقشات - مثل "البنية المتوازية "و"اللغة غير المألوفة" (مثال عبارة "روح القداسة" لم تتكرر في كتابات بولس). هناك فرصة  أن تكون هذه عقيدة مسيحية مبكرة.


(3) يحدد ايرمان  هذه الصيغة على أنها ربما واحدة من أقدم الصيغ "ما قبل الأدبية" لأنه يبدو أن لها خلفية آرامية. إنها "أقدم جزء عقيدى  في كل رسائل بولس." ويخلص إيرمان إلى أن هذا يعود إلى "عقيدة أصلية باللغة الآرامية" ، لغة يسوع وتلاميذه الأوائل. وذلك لأن عبارة "روح القداسة" في (رو 1: 4) هي عبارة يونانية غير مألوفة،   تعكس نمط "العبارات الآرامية" أو العبرية (العبارات "السامية" في اليونانية).

  لدينا هنا مجرد ظنون  يمكنن أن نأخذهم بترتيب عكسي. ففي نقطة(٣) نحن على أرض غير ثابتة. وحتى لو كانت العبارة ذوطابع "سامي"، فهذا ليس دليلاً كافياً للقول بأن العقيدة تعود إلى أصل آرامي. فعلى نطاق واسع في الدراسات العلمية منذ قرن تم التأكيد ان الساميات أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير

  وفي (2) فالتخمين واضح اذ نجد انفسنا ندور فى حلقة مفرغة، ...أحد المعايير التي يستخدمها إيرمان وغيره ، هو أنه  قادر على تحديد الصيغ "ما قبل الأدبية" التي تم دمجها بواسطة الكتبة . إذا كانت هذه الصيغة غير متسقة مع كتابات المؤلف الأخرى، ولا مثيل لها. لذلك فالمؤشرات  أن  (رومية 1: 3-4) ليست في الأصل بولسية واضح من وجود "أفكار لا مثيل لها عند بولس وأن هذا التقليد السابق له رؤية مختلفة عن المسيح". عن التى وضحها بولس في باقى كتاباته .

هناك نوعان من الشذوذ اللاهوتي في كلام(ايرمان). الأول هو أنه "تم التأكيد على مجئ يسوع  من نسل داود"، ومن الصحيح  أن نقول إن هذا لم يتم التأكيد عليه في  رسائل بولس التي لا جدال فيها (مع ملاحظة 2 تيموثاوس 2: 8).فغير دقيقة قوله  إن هذه المسيا الداودي  لم يتم ذكره   في كتابات بولس. لان بالذهاب إلى "نهاية رومية"، نرى يسوع يستُدعىَ في كلمات إشعياء باعتباره "الأصل "(رومية 15: 12) ينقل من(إشعياء 11: 10) انها طريقة قياسية للإشارة إلى المسيح الداودي.

الثانية هي  أن الصيغة (من وجهة نظر إيرمان) تعبر عن  يسوع  تم تبنيه "كابن لله" عند القيامة. وهذا لا يتوافق مع فكر بولس في أي مكان آخر. وهذا واضح  لإيرمان،  أن بولس اضطر إلى التعديل فمن المحتمل أن بولس نفسه أضاف عبارة ""في قوة"" إلى الاقرار، بحيث أصبح يسوع الآن ابن الله ""في قوة" عند القيامة"هذا وفقًا لإيرمان، يتوافق مع لاهوت بولس

 وينبغي أن يكون واضحا لماذا نصف  ذلك بالحلقة المفرغة. لان القياس التالي يعمل في هذا الاستدلال ( عند إيرمان، و علماء آخرين):

الصيغة العقائدية تقترح كريستولوجيا التبني.

"ابن الله في السلطة" يهدم الفكر التبني.

ولذلك فإن عبارة "في القوة" هي إضافة بولس.


 فقد أدرج بولس فقرة "التبني" (في رومية 1) (رومية 1: 3-4) يمكننا أن نعتبره تبنيي إذا أزلنا "في السلطة". أعتقد أن هذا يكشف لماذا فكرة أن "في السلطة"  هي فكرة  غير مبررة. يضيف "دان " حجة اخرى حول سبب وجوب التخلي عن فكرة أدخال بولس عبارة "في السلطة".

  لا أريد ترك فكرة (1) أن رومية (1: 3 – 4) قد تكون صيغة ما قبل بولس. ولكن إذا "تبنينا" مثل هذا الرأي، فعلينا أن نتذكر أن هناك درجة كبيرة من التخمينات،  قبل أن نبني عليها . ايرمان   يبني عليها، مشيرا (2) إلى أن هناك معايير  يمكن من خلالها التمييز   أي الأجزاء  أصلية وأيها   إضافات بواسطة بولس. وهى عملية صعبة. اما النقطة الأساسية هي أنه من الممكن أن نقوم بتخمينات ونمنحها قوة الاحتمال وبعد ذلك نستخدمها كأساس لحجج أخرى هو أسلوب سيئ بشكل غير مبرر -

في وقت كتابة هذا المقال (في يناير 2014)، كنت أقرأ أيضًا كتاب سايمون سينغ الرائع "ن Fermat’s Last Theorem "(ق17)، صرح الفرنسي |بيير دي فيرما| أنه أثبت كثيرا من النظريات الرياضية ( وقت فراغه)، دون اى برهان .ومن هنا جاءت نظرية فيرما الأخيرة - والتي تم حلها أخيرًا بواسطة أندرو وايلز في عام 1995. خلال كتاب "سايمون سينغ" اذعلق على الكارثة التي كان يمكن أن تلحق بعلماء الرياضيات إذا افترضوا أن نظرية فيرما الأخيرة صحيحة وهى غير ذلك.  فإذا تم افتراض نظرية فيرما، فإن أي نظريات لاحقة مبنية عليها ستكون خاطئة . يعلق سينغ: "إن أي منطق يعتمد على التخمين هو في حد ذاته تخمين." وينطبق الشيء نفسه  على التخمين في دراسة العهد الجديد، في هذه الحالة دراسة (رومية 1.23)


أعمال الرسل 13: 32 – 33

  المثال التالي لإيرمان هو جزء عن التبني يُزعم أنه تم دمجه بواسطة  لوقا. ولا يعتقد لوقا أن يسوع قد تم تبنيه كابن لله عند القيامة، كما يتضح من روايتة الميلاد  يسوع هو "ابن العلي" و"ابن الله". (لوقا 1: 32، 35)، وكذلك "المسيح" و"الرب" (2: 11) منذ البداية. وقد يبدو من المفاجئ أن نقرأ بولس في سفر أعمال الرسل – وهو تكملة لإنجيل لوقا – يعلن:

"ونحن نبشركم بالموعد الذي صار لآبائنا، إن الله قد أكمل هذا لنا نحن أولادهم، إذ أقام يسوع كما هو مكتوب أيضا في المزمور الثاني: أنت ابني أنا اليوم ولدتك".(أعمال 13: 32 – 33)

 واضح أن إيرمان يرى الأمر مفاجئا.لست متأكدًا من وجود عبارة أخرى عن القيامة في العهد الجديد بأكمله تكون مذهلة هكذا. في هذا التقليد السابق فيسوع أصبح  ابن الله عند القيامة. هذه وجهة نظر ورثها لوقا من تقليده، وهي تتطابق بشكل وثيق مع ما رأيناه بالفعل في (رومية 1: 3-4). ويبدو أن هذا هو أقدم شكل من أشكال الإيمان المسيحي: أن الله رفع يسوع ليكون ابنه بإقامته من بين الأموات.

أخشى أنني لست مندهشًا . عندما ننظر الى الطريقة التي يستخدم بها العهد القديم فى العهد الجديد ـ فإن الكتبة يستشهدون به كونه  وصف لاهوتي أو تاريخي مباشر (على سبيل المثال) في إحدى الاستشهادات الأولى من العهد القديم في الصفحات الأولى من العهد الجديد:

 حينئذ لما رأى هيرودس أن المجوس سخروا به غضب جدا. فأرسل وقتل جميع الصبيان الذين في بيت لحم وفي كل تخومها، من ابن سنتين فما دون، بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس. حينئذ تم ما قيل بإرميا النبي القائل: «صوت سمع في الرامة، نوح وبكاء وعويل كثير. راحيل تبكي على أولادها ولا تريد أن تتعزى، لأنهم ليسوا بموجودين»(متى 2: 16 – 18)

  يقال إن ذبح هيرودس للأطفال هو تحقيق لمرثاة (إرميا 31). هناك يختلف متى عن إرميا فى: (1)  هيرودس يذبح الأطفال في بيت لحم، وليس الرامة، و(2) راحيل تبكي، وليس أمهات ضحايا ذلك في القرن الأول قبل الميلاد. ولكن سيكون من العبث القول بأن الاقتباس من المزمور غير مناسب. وتقع الرامة بالقرب من بيت لحم، وراحيل زوجة يعقوب هي إحدى أمهات إسرائيل.بشكل عام يتم الاستشهاد بإرميا في متى بسبب تشابهاته مع الظروف المحيطة بميلاد يسوع، وليس لأنه تنبؤ مباشر بمذبحة الأبرياء. ، إن الوحي في العهد القديم هو بالفعل مجازي، لأن راحيل كانت قد ماتت منذ زمن طويل في زمن إرميا.

  وينطبق الشيء نفسه في أعمال الرسل. في (أعمال 1)، نشير  إلى أن بطرس يطبق كلمات المزمور 69 على يهوذالتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن. (أع 1: 20 )نقلاً عن (مز 69: 25). لا يقصد بطرس أن تُباد عائلة يهوذا بأكملها. في (أعمال الرسل 2)، في خطاب بطرسيستشهد بيوئيل، معلنًا أنه مع حلول الروح في يوم الخمسين، قد تحققت العديد من أحداث نهاية الزمان، مثل التي "سوف تتحول الشمس إلى ظلمة والقمر إلى دم" (أعمال 2: 20) نقلاً عن (يوئيل 2: 31). ولكن  لم يكن هناك تحول سماوي غير طبيعى للقمر ليبدو وكأنه أحد أقمار "تاتونى في حرب النجوم" يقتبس بطرس  كانت مجازية بالفعل في البداية - لتوضيح النقطة أن الحاضرين يختبرون عملا رائعًا من الله له عواقب تغير الكون.


نستمر. في (أعمال 2)حيث يستشهد بطرس ب(مزمور 1:110) "قال الرب لربي: اجلس عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك". بالرغم من حقيقة أن الله، ، ليس لديه يد يمنى، وهو لا ينوي حقًا أن يصنع ليسوع مسندًا لقدميه من بقايا الضحايا، مثل سيد " باتشاكوتي" المشهور بأنه صنع الزمامير من عظام أذرع الذين هزمهم. مرة أخرى، الأرض ليست موطئ قدمي الله في الإشارة إلى (إشعياء 66: 1) كما في حديث استفانوس (أعمال 7: 49). لذلك عندما نأتي إلى الاقتباس من (المزمور 2 )في (أعمال 13)، لا ينبغي لنا أن نندهش بالضرورة:

نحن نبشركم: ما وعد به الله آباءنا، قد تممه لنا نحن ، إذ أقام يسوع. كما هو مكتوب في المزمور الثاني: «أنت ابني. اليوم صرت أبا لك». (أعمال 13: 32 – 33)

  يرى إيرمان أن هذا الاقتباس يجب أن يُقرأ كبيان حرفي ، له إشارة واضحة: "أنت ابني"  الله يعلن أن يسوع هو ابنه. وهذا يرتكز على: اليوم  "يوم القيامة" لقد أصبحت والدك - وأنا الآن أتبناك.

وبعد أن مررنا ببعض الطرق التي يقتبسها سفر الأعمال من العهد القديم في الفترة التي سبقت هذه الحالة في (أعمال الرسل 13) يمكننا أن نرى أن العبارة لا تحتاج إلى أن تُفهم بطريقة خشبية. إن تجربة داود التي تنعكس في المزامير - والتي تم تطبيقها على نطاق واسع على يسوع في(أعمال 1)  يُنظر إليها م على أنها نبؤة بتجربة يسوع. ويرجع ذلك إلى التشابه لـ (1) كيف عكس الله معاناة داود البائسة، الذي رفعه إلى عرش إسرائيل، و(2) كيف عكس الله معاناة يسوع البائسة، الذي رفعه إلى خاصته. عرش.


أعمال 2: 36

أحد الأماكن التي رأى فيها  العلماء صيغة تبني بدائية هي عظة بطرس في يوم العنصرة:"فليعلم يقينا جميع بيت إسرائيل أن الله جعل يسوع هذا، الذي صلبتموه أنتم، ربا ومسيحا»." ( أعمال 2: 36)

بالمعنى الدقيق للكلمة، لا يمكن اعتبار هذا البيان "تبني" بالمعنى الطبيعي. إن (رومية 1: 3 – 4) و(أعمال 13: 32 – 33) تتعلق بالبنوة، و في (أعمال 2 )نتعامل  مع كون يسوع "الرب" و"المسيح"و"المسيح". مرة ثانية يعترف إيرمان بحقيقة  أن لوقا نفسه لا يعتقد أن يسوع أصبح ربًا ومسيحًا وقت القيامة. 

يظهر نفس المصطلحين في قراءة عيد الميلاد المعروفة: "اليوم وُلد لك في مدينة داود مخلص. هو المسيح الرب" (لوقا 2: 11). ومن وجهة نظر لوقا، فإن يسوع هو بالفعل "المسيح" و"الرب" حتى لو كان عمره أقل من يوم .

يرى ايرمان ان المقطع  يلخص وجهات النظر المسيحية الأولى عن يسوع أنه عند قيامة يسوع عينه الله  المسيح والرب. لقد علَّم يسوع تلاميذه  أنه سيكون المسيح في ملكوت الله عندما يأتي الملكوت؛ والآن بعد  رفعه للسماء، فواضح أنه قد تولى الآن منصب المسيح. والأكثر من ذلك، كان أيضًا "الرب" بمعنى أنه كان "يحكم كرب الأرض".

لكن الصورة معقد للغاية اذانظرنا إلى السياق في نهاية عظة بطرس. قبل  (أعمال 2: 36) نرى بطرس يقول العبارات التالية:

2: 31 – رأى داود قيامة المسيح.

  2: 32 -  الآن اقام الله يسوع و انتم شهود .

  2: 33- ارتفع لليمين.

  -  نال موعد الروح 

. – سكب الروح.

  2: 34 – 35 – سمع داود الله يقول ليسوع: "اجلس عن يميني حتى أضع جميع أعدائك تحت قدميك" (مز 110: 1)

  2: 36 - فليعلم أن الله جعل يسوع ربا ومسيحا.

  بدلاً من  محاولة فهمه(أعمال ٢: ٣٦)  كصيغة حرة، يجب  فهمه في سياقه. ويوضح البناء ان يسوع سيجلس عن يمين الله، وهو ما لم يفعله أثناء خدمته. ويعني أنه نال الروح وأعطى ذلك الروح للكنيسة، ليأخذ دورًا جديدًا في تاريخ الخلاص، فيما يتعلق بكيان جديد (الكنيسة)، لم يكن موجودًا من قبل. إنه يقف –  يجلس – في وضع جديد أمام العالم، لأن العالم في عدائه لله يزول و يُهزم أعداء يسوع قريبًا، وفقًا لكلمات (المزمور 110). هو لا يتغيروهذا يمكن استكشافه في ختام هذا الفصل.


وجهة نظر بديلة لتمجيد يسوع

جيد أن نفهم (أعمال 2: 36 )والمقاطع السابقة إذا  نظرنا إلى الكيفية التى يرسمها بها العهد الجديد ، المقابلة بين مهمة يسوع الأرضية ومكانته كالرب الممجد عن يمين الله بعد القيامة. لماذا نفسيرالنصوص  في اتجاه التبنيي؟

  بالنسبة للمتشككين، فأن "المحافظين" منخرطون في الدفاع على تفسير  هذه النصوص.ربما نجد  اعتراض  حتى لو كان المرء قادرا على التملص من الفهم التبنوي لـ "الله جعل يسوع ربًا ومسيحًا" في سفر الأعمال، أو أن يسوع "عُين" ابنًا لله في رومية، أليس هذا صحيحًا؟   هناك عبارات   بعضها على الأقل يجب أن يخرج  التبني من حساباتنا؟

  السبب وراء التهمة  هو وجود فقرات تمجيد  تحدد أدوارا حقيقية يلعبها يسوع عند تمجيده. إن نشاطه أثناء خدمته الأرضية يختلف عندما يجلس عن يمين الله في المجد. وهذا يحتاج إلى أن يتم وصفه بعناية ودقة.



مهمة يسوع الأرضية

يؤكد العهد الجديد أن "مهمة يسوع الأرضية" هي المعاناة لتحقيق الخلاص. يقول يسوع أنه حتى هو لا يعرف اليوم أو الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان ليدين الأرض (مرقس 32:13)،(متى 36:24). لماذا لا يعرف يسوع؟ مفترض أن الإنجيليين، اعتقدوا أن يسوع كان لديه كل أنواع المعرفة الخارقة للطبيعة، افترضوا أن هذه الحقيقة لم تُمنح ليسوع لأن دوره على الأرض لم يكن ممارسة تلك الدينونة - أي أن المعرفة لم تكن ضرورية لمهمته . لم يأت يسوع ليغمر العالم بمجده ، بل كمنقذ متألم. إن عبارة "الفدية" في مرقس ومتى تعبر عن هذه الحقيقة: "لأن ابن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم ويبذل نفسه فدية عن كثيرين" (مرقس 10: 45)؛ ( مت 20: 28). . وهذا جزء من نمط أوسع في إنجيل مرقس، يعلن ابن الإنسان سلطته (مرقس 2: 10، 28)، ثم يعلن أنه سيتخلى عنها بالموت. (8: 31)؛ (9: 31)؛ (10: 45)، ثم  يكشف ذلك(سلطانه) في النهاية (13: 26)؛ (14: 62).

ويشير إنجيل يوحنا أيضًا إلى هذه النقطة في أماكن مختلفة: "لأنه لم يرسل الله ابنه إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلص به العالم". (يوحنا 3: 17)& "لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم". (يوحنا 12: 47ب)

نرى نفسه الصورة ،كما في (مرقس ومتى) اى اقتصارمهمته الأرضية  على عمله الخلاصي. "ترنيمة فيلبي" (في 2: 6-11 ) مثل الأناجيل - تؤكد أيضًا على تواضع رسالة يسوع الأرضية، مشددة على أنه وضع نفسه حتى الموت، حتى موت الصليب (2: 8). كما تلفت فى  (عب 5: 7) "الصراخ والدموع" التي ميزت "أيام جسده"وهذا يتباين مع مكانة يسوع الممجدة.


مكانة يسوع الممجدة

  هناك تصور فى "الكتابات المسيحية المبكرة" لخصائص يسوع بعد القيامة، وهى مختلفة عما كان  في خدمته الأرضية. ويمكن البعض منها

(١) الوجود المجيد المتعال. خلال خدمته  يفترض أنه كان عرضة لآلام ومعاناة بشرية، كما هو واضح ب في الصلب. بعد القيامة، يرى جميع كتبة العهد الجديد أنه تحول إلى حالة جديدة، وإن كانت مادية وجسدية.  ورغم أنه لا يزال جسدا، إلا أنه يتجاوز القيود الطبيعة. يقول مارك القليل عن هذا الموضوع. لقد خرج  من القبر حتى قبل أن يُدحرج الحجر (عكس  إنجيل بطرس). في لوقا تمكنه  طبيعته  من  إخفاء هويته عن رفيقيه المسافرين؛ يسوع القائم  له "لحم وعظام" ويمكنه أن يأكل (لوقا 24: 39، 42-43)، ولكن يمكنه أيضًا أن يختفي ويظهر مرة أخرى (24: 31، 36).

وايضا الصورة في يوحنا لا يمكن التعرف عليها قبل ظهوره (يوحنا 20: 15-16)،ويظهرمن اللاشئ(20: 19، 26؛ 21: 1).إحدى صلوات يسوع في يوحناهي: "يا أبتاه مجدني قدامك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم" (يوحنا 17: 5). يتحدث بولس عن امتلاك يسوع  "جسدًا مجيدًا" (فيلبي 3: 21). لقد تم ترك القيود ونقاط الضعف في بنيته الجسدية قبل القيامة .


  (٢) إعطاء الروح. تقارن جميع الأناجيل بين معمودية يوحنا بالماء ومعمودية يسوع بالروح القدس (متى 3: 11)؛ (مرقس 1: 8)؛ ( لوقا 3: 16)؛ ( يوحنا 1: 33)؛ ( أعمال الرسل 1: 5). يشرحه يوحنا من خلال "خطاب  يسوع  مع الآب  الذي يرسل الروح، أو "المعزي" (يوحنا 14: 26؛ 15: 26؛ 16: 7). ويصفها لوقا بشكل بالتفصيل، قائلاً إن يسوع القائم تنبأ بمجيء الروح قبل صعوده (24: 49)، قبل أن يعلن يسوع  عن مجيء الروح (أعمال 1: 8). و عظة بطرس  "وإرتفع بيمين الله وأخذ من الآب الروح القدس الموعود به وسكب ما أنتم الآن تبصرون وتسمعون". (أع 2: 33). وهذا الدور كم(عطي الروح هو منصب لم يشغله من قبل.


(3) السيادة على الكنيسة. إن ما يرتبط  بعمله كمعطي الروح هو أن الكنيسة قد أتت إلى الوجود، وهو خالقها وربها. وهو حدث رئيسى في فترة ما بعد عيد الفصح في العهد الجديد. يقول يسوع في متى أنه يبني كنيسته (متى 16: 18). وهو الآن – كما يقول بولس – رأس "جسد المسيح" (1كو 12-14؛ كل 1: 18، 24). الكنيسة هي "في الله الآب وفي الرب يسوع المسيح" (1 تسالونيكي 1: 1؛ )،(2 تسالونيكي 1: 1).  عندما تحدث يسوع لبولس سأله يسوع: "لماذا تضطهدني؟" إن ارتباط يسوع بالكنيسة قوي. المسيح "يغذي ويعتني" بالكنيسة في أفسس (أفسس 5: 29)، فوحدته بالكنيسة "سر عميق" (5: 32).


(4) الحكم الكوني والدينونة  تم تصويريسوع  في الأناجيل أنه ذو سلطان غير عادي  لديه سلطان  لمغفرة الخطايا وسلطان على السبت (مرقس 2: 10، 28). يسجل (متى ولوقا) قول يسوع أن كل شيء قد سلم إليه من قبل أبيه (متى 11: 27 )،( لوقا 10: 22). ومع ذلك، هناك شعورأنه في حالته الممجدة يمارس سلطته بطريقة لم يفعلها من قبل. في المأمورية العظمى، أعلن يسوع أنه "دُفِعَ إِلَيْهِ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ" (متى 28: 18)؛ و غير واضح الاختلاف عن (11: 27) 


بالانتقال إلى يوحنا، فمحتمل أن يكون استباقيً – أي على وشك الحدوث – أن يسوع صرح قرب موته أنه "قد غلب العالم" (يوحنا 16: 33)، و" "رئيس هذا العالم" يُطرد ويُدان (12: 31؛ 14: 30-31؛ 16: 11). إن يسوع القائم من الأموات ليس مجرد رب الكنيسة، بل  "رب الجميع"(أعمال10:36)؛(رو10:12). "والمسيح مات وقام ليكون سيد الأموات والأحياء" (رومية 14: 9). وهذا هو دوره المستقبلي كقاضي.

وهذا رسم تخطيطي لنتائج القيامة :

(١)  ترك القيود ونقاط الضعف في جسد يسوع قبل القيامة؛

(٢)  وصل إلى الوضع الذي فيه هو واهب الروح؛

(3)   أصبح سيد الكنيسة، مع ظهور  الكنيسة إلى الوجود 

(4) دخلت ممارسته للسيادة على العالم ،حيز التنفيذ  وسوف تصل إلى ذروتها عند عودته كقاض.



إذن ماذا حدث عند تمجيد يسوع؟

  إلى أي حد تعني هذه النتائج تغييرا في طبيعة يسوع أو مكانته   (1)، تحرره من الضعف الجسدي، والمعاناة، والموت، يعود إلى حالته الموجودة مسبقًا بدلاً من الارتقاء إلى حالة جسدية جديدة 

. إن دور يسوع باعتباره (2) معطي الروح هو حالة مدهشة، لأنه يمثل نقطة جديدة في تاريخ الخلاص. لايعنى أن هوية يسوع أو طبيعته قد تغيرت؛ إنه فقط ينخرط في نشاط جديد، وهو إعطاء الروح. ومن الأهمية أن الآب يشارك في هذا النشاط ، وهذا لا يعنى أن الآب "يغير" طبيعته أو هويته ،بإرسال الروح.

 وبالمثل، في "صيرورته" (3) رب الكنيسة، يكون لدى يسوع علاقة جديدة، ولكن هذا ببساطة لأن الكنيسة لم تكن موجودة من قبل.

و من الضروري الأستشهد بببعض الفئات  في المكان الذي أعيش فيه: "Cambridge change". فهذا له معنى "التغيير الواضح، ولكنه غير ذلك" بسبب عدم القابلية للتغيير للمؤسسة التي أعمل بها، ولكن يبدو أن الاسم قد أُعطي لأن الفكرة تتطوت بواسطة "جون ماك تاغارت "و"برتراند راسل" بينما كانوا يعملون في كامبريدج.

 يأخذ مفهوم "تغيير كامبريدج" في الاعتبار حقيقة أن بعض أنواع التغيير حقيقية وميتافيزيقية، ولكن هناك أيضًا تغييرات هي تغييرات في العلاقة. يعطي "مورتنسن" مثالاً على أن الصبي يمكن أن يتحول من كونه "ليس أخ" إلى "أخ" بمجرد أن تلد أمه ابنًا ثانيًا.

 سيكون من المدهش لطلاب كرستولوجيا العهد الجديد أن ينخرطوا  في هذا الأمر. الفهم الفلسفي للتغيير وتطبيقه على الأسئلة حول "كيف يمكن" أو "لا يكون يسوع"  مختلفًا  بعد القيامة. يبدو أنه "أصبح" سيد الكنيسة وهذا مثال جيد على تغيير كامبريدج


. أخيرًا، (4) سيادة يسوع العالمية ،هذا تغيير  نتيجة لظروف جديدة فى تاريخ الخلاص وهى تغييرًا في الكون . لقد تم هزيمة القوى المعادية لله، والتي كانت تسيطر على الكون، أو   صدر الحكم عليهم وأصبحت أيامهم معدودة. وبهذا المعنى تم توسيع سلطة يسوع. و في حالة إعطاء الروح ،ايضا يمكن للمرء أن يقول الشيء نفسه عن الله (الآب): عندما يصلي الناس "ليأت ملكوتك، لتكن مشيئتك"، فإنهم لا يصلون من أجل أن يتغير الله، بل ليتغير العالم.

لا يَعِدنا (مزمور 110: 1) بأن يسوع سوف يتسلق فوق أعدائه، بل أن الله سيضعهم تحت قدميه. وبهذا المعنى، فإن "التغيير" في يسوع هو نفس "التغيير" في الله: في النهاية ستكون كل الأشياء تحت سيطرته الكاملة. كل ركبة "في السماء، وعلى الأرض، وتحت الأرض" ستسجد ليسوع، لمجد الله الآب (فيلبي 2: 10-11). وسلطته – بالتوازي مع ملكوت الآب –  بغض النظر عن وجهة نظر إيرمان في (فيلبي 2: 9) بأن يسوع صعد أخيرًا إلى موضع أعلى من حيث كان من قبل، فإن الله لا "يمجد" يسوع فوق حالته الأصلية، الموجودة مسبقًا؛ النقطة المهمة هي أن الله يرفعه للصليب فوق كل "ما تحت الأرض"، و"على الأرض"، وحتى "في السماء". ونتيجة لذلك، فإنه يأخذ دورًا يختلف عن دوره الأرضي – أي الدينونة النهائية (مرقس 38:8)؛ (لوقا. 12: 8 – 9)؛ يوحنا 5: 26 – 27).

وهذا ما يعني أن يسوع عند القيامة يصبح "ابن الله بقوة"، و"ربًا والمسيح" بمعنى جديد. إنه "ابن الله القادر" في تباين مع حالته الجسدية في الأرضي، وذروتها بموته "موت الصليب" (فيلبي 2: 8). هذه "القوة"، تمتد للكنيسة، والتي لم تكن موجودة . يسوع هو "الرب" بطريقة جديدة، لأنه يتصرف بطريقة جديدة خلال الروح حسب خطة الله. وتمتد "قوته ومسيحانيته وسيادته" إلى أبعد من ذلك  بعدما هزم  الموت ، وهزيمة القوى المعادية. في النهاية، سيدين يسوع من "كرسي المسيح" (2 كورنثوس 5: 10)، وسيحكم أيضًا بصفته "الرب" (2 تيموثاوس 4: 8؛ يهوذا 14-15).


خاتمة

   تناول الجزء الأول   يسوع حسب(متى ومرقس ولوقا) حيث أنه لا يُنظر إليه (في مرقس) على أنه (نال التبنى)عند المعمودية. وبالمثل،  الأناجيل الثلاثة تراه موجودًا مسبقًا وأنه إلهي ، . ينتقل الجزء الثاني من النصف الثاني من القرن الأول إلى النصف الأول، أو بشكل أكثر تحديدًا إلى "فترة النفق" - (تقريبًا - 30 - 50 م). الأجزاء من (رومية وأعمال )التى تقدم دليلاً على وجود كريستولوجيا سابقة وأكثر بدائية تقوم على التمجيد والتبني وهى غير ذلك, وفي القسم الثالث ،  إعطاء وصف لطبيعة يسوع الممجة لنفهم الافعال مثل "صنع" و"عين" في (أعمال ٢: ٣٦ )و(رومية ١: ٤). أنها أدوار جديدة يأخذها يسوع، وتمديد لسلطته (بالتوازي مع تمديد  ملك الله)  والتغيير ليس في طبيعته أو هويته بالنسبة إلى الله.

ماذا كان يرى المسيحيين الأوائل في يسوع؟(ج2) هل يسوع إله في متى ومرقس ولوقا؟

هل يسوع إله في متى ومرقس ولوقا؟

 سيمون ج. جاثركول

ترجمة مينا فوزى


ويجيب إيرمان  "نعم" ولكن في نفس الوقت  من المهم أن ندرك ما يعنيه  في متى ومرقس ولوقا، اذ يحتل يسوع موقع معين في التسلسل الهرمي أو الهرم الإلهي، لكنه بالتأكيد ليس في القمة. هوإله، ولكن ليس بمعنى أنه يشارك في هوية إله إسرائيل الواحد

 في هذا القسم سأوضح:-

 أولاً :- عدة طرق أوضح بها يسوع واشار بها في هذه الأناجيل الثلاثة الى هويته الإلهية. divine identity 

 ثانيًا، سأناقش بإيجاز  لماذا لا يمكن رؤية هذه "الهوية الإلهية" على أنها "هوية إلهية منخفضة الدرجة"  بسبب التمييز المطلق بين الله والرب. الخلق مفترض في البيئة الدينية للتلاميذ الأوائل.


هناك عددة نقط يبدو فيها يسوع في (متى ومرقس ولوقا) وكأنه يتمتع بامتيازات يهوه أي الله نفسه  -وبإيجاز -. نرى أن يسوع يقول ويفعل أشياء لا تتداخل فقط مع ما يقوله ويفعله الله في العهد القديم. ولكن يقول يسوع ويفعل أشياء هي امتيازات فريدة لإله إسرائيل. عندما يتحدث يسوع ويتصرف بهذه الطريقة، فإن رد الفعل  يتضمن العبادة من ناحية واتهامات التجديف من ناحية أخرى.

أبرزهم   سلطة يسوع لمغفرة الخطايا، و  تظهر مرة واحدة في متى ومرقس ومرتين في لوقا (مرقس 1:2-10 )، ( لوقا 49:7). ويستحيل نرى هذا على أنه مجرد شيء يمكن أن يفعله يسوع كإله في مرتبة ثانية في الترتيب الإلهي لأنه شيء[كما فهم الكتبة في (مرقس 2)]  وهذا امتياز يتفرد به اللإله الحقيقي وحده. وغير ممكن لأي (ملاك، أو نبي، أو حتى المسيح غير الإلهي، أو أي شخصية أخرى) سلطة القيام به.

من الحقائق المعروفة عن يسوع  أنه اختار اثني عشر تلميذا، ويعتبر العلماء هذا أنه يشكل نواة لشعب الله المتجدد، حيث يمثل التلاميذ الاثني عشر أسباط إسرائيل الاثني عشر (مرقس 3: 13؛ لوقا 6 :13)يبدو هذا كما لو أن يسوع يحتل مكانة الله في العهد القديم، وهذا يوضح أن يسوع لديه القدرة على اختيار الناس ليخلصواويظهر ذلك في قول يسوع الشهير في (متى ولوقا)، حيث يقول : "ليس أحد يعرف الابن إلا الآب، ولا أحد يعرف الآب إلا الابن ومن أراد الابن أن يعلن له" (متى 11: 27)،(لوقا 22:10): يسوع يختار من يستطيع أن يعرف الآب. ويمكن  أن يُطلق على شعب الله في مرقس اسم "مختاريه [أي يسوع]" (مرقس 27:13/متى 31:24): شعب الله ينتمي إلى يسوع  في نفس الآية، أحد مؤلفي هذا الكتاب، كريج إيفانز، لفت الانتباه إلى مدى غرابة أن يسوع يشير إلى ملائكة تابعة له أيضًا ( متى 13: 41)،(متى 25: 31). 

  هناك سمات الأخرى ليسوع فى(متى ومرقس ولوقا) مثل معجزات البحر، وإرساله   للأنبياء، وممارسته للمعرفة الفائقة للطبيعة، وانتمائه إلى الثالوث الإلهي الآب والابن والروح (متى 28: 19)، كلها تشير إلى أن يسوع يشترك في هوية الإله الحقيقي الوحيد لإسرائيل.

  وتنعكس هذه الهوية في الرد  على يسوع في (متى ومرقس ولوقا) لقد سبق أن ذكرنا اتهامات الكتبة: "لماذا يتكلم بهذه الطريقة؟"، "إنه يجدف"، "ومن يستطيع أن يغفر الخطايا إلا الله وحده؟" (مرقس 2: 7). ويظهرهذا الاتهام في نهاية إنجيل مرقس، عندما ادعى يسوع أنه يشارك في "سلطان الله في السماء". يقول رئيس الكهنة: "أية شهود آخرين نحتاجها؟ لقد سمعتم التجديف!" (14:63 – 64).

  على الجانب الاخر، هناك أنواع مختلفة من التبجيل المقدم ليسوع في متى ومرقس ولوقا. وبعضها يتجاوز حدود التقدير بالنسبة إلى كونه مجرد إنسان،   لا يمكن اعتبار هذا التبجيل مجرد عبادة لإله من الدرجة الثانية. وهذا واضح  في لوقا، لأنه يرى أنه من غير المناسب تقديم "السجود التبجيل" لمجرد انسان. (قد يستخدم مؤلفون آخرون هذا المصطلح بشكل أكثر حرية من لوقا.) الكلمة اليونانية لهذا السجود التبجيلي هي proskynēsis، وهو مصطلح تقني. كان هذا النوع من التبجيل قد فرضه الإسكندر الأكبر ( 327 ق.م) على اليونانيين ، ولكن البعض رفض، وأعتبروه لا يرقى إلى مستوى العبادة الرسمية كإله. يروي لوقا مشهدًا في سفر الأعمال يكاد يكون مطابق لذلك، حيث سجد كرنيليوس لبطرس (prosekynēsen)، وبعد ذلك قال بطرس: "قف قم لأني أنا أيضًا إنسان" (أع 10: 25 – 26). لذلك عندما قدم التلاميذ السجود ليسوع في نهاية إنجيل لوقا، فمن الواضح أن هذه عبادة مستحقة حصريًا لله (لوقا 24: 52).


يمكننا أن نستكشف نوع "الهوية الإلهية" التي تشير إليها الأحداث في "متى ومرقس ولوقا" حول يسوع. يؤكد إيرمان كثيرا على الحاجة إلى السؤال "ليس فقط عما إذا كان يسوع يُنظر إليه على أنه إله أم لا"، ولكن أيضًا "بأي معنى هو إلهي". يؤكد الفصل الأول من كتابه بحق على أن الألوهية في الإمبراطورية الرومانية الأوسع كانت أمرًا مرنًا إلى حد ما، وأنه في حالات قليلة (بالرغم أنني أعتقد أن ف2 من كيف أصبح يسوع إلهًا مبالغًا فيه) يمكن أن تتمتع بعض النصوص اليهودية بدرجة من المرونة أيضًا . ومع ذلك، يشير متى ومرقس ولوقا إلى أن الوسط اليهودي  الذي عاش فيه يسوع، كان يوجد فيه تقسيم واضح بين الله والخليقة. على سبيل المثال، لا يعتقد الكتبة في (مرقس 2) أن غفران يسوع للخطايا كان تجربة  ممتعة للانسان في  مشاركته  في الطبيعة الإلهية، لكنهم اتهموا يسوع بالتجديف، لأنه يتجاوزحدوده (كمخلوق)،ويتعدى على  الامتيازات الإلهية؛ ونفس الأمرفي (مرقس 14.)

كثيراً ما يشير كتبة لفو العهد الجديد إلى هذه الحدود باعتبارها مهمة. يؤكد سفر الرؤيا على ذلك، حينما ينبهر يوحنا بمجد الملائكة ، و سجد لهم. وقاموا بتوبيخه فوراً، لأنهم مجرد عبيد زملاء للإله الحقيقي، الذي هو وحده يستحق العبادة (رؤيا 19: 10؛ 22: 8-9). ترسم (عبرانيين 1) خط واضح بين الملائكة من ناحية، والله ويسوع من ناحية أخرى. هناك نقطة مهمة وهي أنه في أربعة مواضع منفصلة في العهد الجديد، نجد عبارات شبه رسمية مفادها أنه بيسوع خلق كل شيء (يوحنا 1: 3)؛ (1 كو 8: 6)؛( كولوسي 1: 16)؛ (عب 1: 2). . هناك خط واضح بين الخالق والمخلوق، ويسوع يقف إلى جانب الخالق على هذا الخط.

وهناك شاهد رئيسي يجب أن نستدل به وهوان( بولس  ليس بولس الرسول، بل شاول الفريسي). من الجدير بالملاحظة أنه في كتابات بولس توجد حدود صارمة وغير مرنة تمامًا بين الله الخالق والكون المخلوق، وهو تقسيم أساسي في لاهوته ، يقارن بولس بين الله والخليقة ويؤكد أن "منه وبه وله كل الأشياء" (رومية 11: 36). لكن العبارة المحورية وقت إدانته لعبادة الأوثان في رسالة (رومية 1). ما هو الخطأ في عبادة الأوثان؟ الجواب هو أنها عبادة الخليقة وليس خالقها: "استبدلوا حق الله بالكذب، واتقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك إلى الأبد" (رومية 1: 25).


  لماذا نتبر بولس شاهدا رئيسيا؟ الجواب هو أنه كان نشيطًا كشخص يهودى  فريسي،وذلك  في وقت قريب من خدمة يسوع وفي أعقابها مباشرة، اى في بداية "فترة النفق" حيث رأى إيرمان الكثير من التطور الحاسم. يتفق العلماء عمومًا(وأعتقد محقين )، على أن التمييز الأساسي بين الخالق والخليقة لم يكن فكرة جديدة جذريًا بالنسبة لبولس عند تحوله. إن أفكاره حول عبادة الأوثان وأساسها الواردة في (رومية 1: 25) هي بالتأكيد وجهات نظر كان يعتنقها سابقًا. تنعكس وجهة نظر البيئة التي كان ظهر فيها يسوع والتلاميذ الأوائل  بعد عيد الفصح الأول.   في رد الكتبة ورئيس الكهنة على يسوع في إنجيل مرقس، وكذلك في رأي شاول الطرسوسي.

إن الآثار المترتبة على ذلك مهمة بالنسبة الى الكيفية التى ننظر بها إلى "هوية يسوع الإلهية" وهذا يعني أنه عندما يقول يسوع ويفعل في (متى ومرقس ولوقا) أشياء تعتبر في العهد القديم من الامتيازات الإلهية، فإن ذلك لا يمكن أن يكون إلا أنه يشارك في هوية إله إسرائيل.

ملخص 

إن حجة إيرمان بأن يسوع الذي ذكر(متى ومرقس ولوقا)  مختلف جوهريًا عن "يسوع الإلهي" الموجود مسبقًا في اقرارات الايمان ،هى حجة معيوبة. لأن الوجود المسبق متجذر في الأناجيل بشكل أعمق مما يعترف به إيرمان . والأهم من ذلك أن الهوية الإلهية التى تنسب ليسوع في الأناجيل، ليست مجرد هوية إلهية يشوبها التراتبية. اذ تعكس لنا الأناجيل - كما هو الحال في( أعمال الرسل )10، و(رومية )1، و(العبرانيين )1، و(رؤيا) - بيئة يهودية صارمة التقسيم  بين الله والبشر، بين الخالق والخليقة، أكثر  من الاتصال بين المجالين الإلهي والبشري. .

ماذا كان يرى المسيحيين الأوائل في يسوع؟(ج1)

 ماذا كان يرى المسيحيين الأوائل في يسوع؟

 سيمون ج. جاثركول

ترجمة مينا فوزى




 من الواضح أن البدايات شئ مهم فى أي قصة. كيف فكر التلاميذ الأوائل في يسوع في بداية الكنيسة هو سؤال هام لأي شخص، مثل "بارت إيرمان" الذي يسرد لنا عن آراء المسيحيين في قديما ،وهو ما يوحي  به عنوان كتابه " كيف أصبح يسوع إلهًا " فهو يرى قصة تحول: نوع من قصصى مثل قصة  “ugly duckling” or Sound of Music tale.. وفي تلك القصة  يصبح الشخص  وهو إنسان عادي وهو مروفض من الكثيرون ولكونه شخص خطر سياسيا يتم اعدامه - واخيرا يصبح حسب تعبير قانون الإيمان النيقاوي - "إله من الله، نور من نور" و"كائن واحد مع الرب". 

  وحسب إيرمان فهذا التحول  بأي حال ليس فوري، ولكن  تطور قد تم على مدار قرون. بحسابات إيرمان فتم ذلك  قبل "يسوع التاريخي" ويستمر حتى "مجمع خلقيدونية عام 451 م" . ومع ذلك فأهم عناصر القصة حدثت في وقت مبكر.فظهورات القيامة هي نقطة التحول الرئيسية في القصة، لأنه في القيامة ارتفع يسوع إلى يمين الله. وكانت رؤيتهم  ليسوع القائم – والتي اعتقد بعض التلاميذ الأوائل أنهم رأوا فيها يسوع – يعترف بها إيرمان كحقيقة تاريخية، مهما كان رؤيتك لحقيقة قيامة يسوع التاريخية .

 أثارت هذه الرؤى تغييرات كبيرة في "كيفية فُهم يسوع" وحدثت التغييرات الرئيسية فيما يسميه العلماء "فترة النفق" التي استمرت حوالي عشرين عامًا بين يسوع التاريخي والكتابات المسيحية الأولى (أي حوالي 30-50 م). عندما اعتبر التلاميذ أن يسوع قد قام من  الأموات، فتغيرت نظرتهم بشكل جذري "لمن هو الذي قام "، ونتيجة لرؤيتهم تلك  فتوصلوا إلى الاعتقاد- وفقًا لكتاب إيرمان "كيف أصبح يسوع إلهًا"- أنهم توصلوا الى ان  يسوع قد تم تبنيه كابن لله وأنه  أصبح إلهيًا. وفي خلال "فترة النفق" ، أصبح يُنظر إلى يسوع تدريجيًا على أنه أكثر أهمية. وبعد ذلك أصبح يُنظر إليه على أنه ابن الله حتى قبل ذلك. رأى البعض أن هذا "التبني" حدث فى معموديته؛ وأعاد آخرون هذا الأمر إلى أبعد من ذلك، حتى ولادته والحمل به. يستمر إيرمان في التعبير عن وجهة نظر مفادها أنه ، كان يُنظر إلى يسوع على أنه كائن شبيه بالملائكة – "موجود مسبقًا"وذلك في كتابات بولس، أي موجود حتى قبل أن يصبح إنسانًا. المصطلحات  التى يستخدمها إيرمان لهذا الفصل هنا هي "كريستولوجيا التمجيد" و"كريستولوجيا التبني". مع إدراك تمجيد يسوع و ارتفاعه إلى يمين الله، تبدأ الكريستولوجيا. وفقاً لكتاب "كيف أصبح يسوع الله"، كانت وجهة نظر يسوع لدى المؤمنين الأوائل هي أنه بعد موت يسوع، رفعه الله إلى منصب السلطة العليا . بل ان الله "تبنى" يسوع كابن له، حتى لو لم يكن لديه نفس الطبيعة الإلهية  . وكان من الممكن أن يعبده المسيحيون الأوائل، ولأنهم كانوا يهود لم يكن يعبد كإله منفصل، بل إلى جانب الله الآب.

أقترح في هذا الفصل التعامل مع ثلاثة مجالات رئيسية، تم التطرق إليها في عدد من الأماكن في كتاب كيف أصبح يسوع الله، ولكن بشكل خاص في الفصل السادس: "بداية المسيح: المسيح مرتفعًا إلى السماء". سوف نرجع إلى الوراء بتسلسل زمني، وننظرالى:-

 أولاً:-  كريستولوج كل من" متى ومرقس ولوقا" مكتوبين في النصف الثاني من القرن الأول. 

ثانيا:- سوف نعود بالزمن إلى المنطقة المشبوهة  "فترة النفق".

ثالثا:- سنقدم رواية مختلفة عما حدث وقت تمجيد يسوع. وسنرى أن الأدلة لا تمكننا من رسم تطور تدريجي في نظرة المسيحيين الأوائل إلى يسوع. 


أولاً:-  كريستولوج كل من

" متى ومرقس ولوقا" 

 أحتاج أن اقوم بترتيب قوائم الأناجيل  ، لأنه - كما يُقرعلماء الكتاب المقدس تقريبًا - إن إنجيل مرقس كتب أولاً. هناك المزيد من الجدل حول أيهما جاء بعد ذلك، متى أم لوقا، ولكن انطباعي هو أن معظم العلماء يفضلون الترتيب مرقس-متى-لوقا (خصوصا أولئك الذين يعتقدون أن لوقا استخدم إنجيل متى - وعلى العكس  ، لا يكاد أي شخص يعتقد أن متى استخدم إنجيل   لوقا).


هل أصبح(يسوع) ابن الله عند الولادة؟ 

الكريستولوجي في متى ولوقا

تتضارب آراء إيرمان بصورةكبيرة حول "كريستولوجيات متى ولوقا" . فهو لا يرى  فيهم ان يسوع "موجود مسبقًا"،ويقصد(ايرمان)ان يسوع تم تصويره على أنه ذو خلفية في السماء. بل يقول فى كتابه "كيف أصبح يسوع الله" ان يسوع في هذين الإنجيلين جاء إلى الوجود كابن الله عند الحمل به أو ولادته. في لوقا، حل الروح القدس على مريم وبالتالي فإن الطفل القدوس سيُدعى ابن الله. يرى إيرمان أن متى لم يكن واضحًا تمامًا بشأن العملية التي تم بها الحبل بيسوع، ولكن لا يزال هذا الإنجيل ينظر إلى يسوع على أنه ابن الله من لحظة الحمل. ونتيجة لذلك، فإن يسوع أصبح شخص إلهي منذ بداية وجوده على الأرض.  يحاول إيرمان  التأكيد على أن  متى ولوقا لا يتفقان  مع  قوانين الإيمان فى تعريفه ليسوع

  يقول ايرمن" أؤكد أن روايات الحمل العذراوي  التي كتبها متى ولوقا ليست بأي حال من الخيال تتبنى وجهة النظر التي أصبحت فيما بعد هى التعليم الأرثوذكسي للمسيحية. ووفقاً لوجهة النظر اللاحقة   كان المسيح كائنا إلهي  موجود مسبقاً "وتجسد ( "إنساناً") من العذراء  مريم ". ولكن ليس بحسب متى ولوقا. إذا قرأت رواياتهم   سنرى أنه لا علاقة لها بفكرة وجود المسيح قبل الحمل  . في  الإنجيلين،يأتي يسوع إلى الوجود لحظة الحبل به. ولم يكن موجودا من قبل."


  لا أستطيع مقاومة الرد على هذه الفقرة، لأنني كتبت ذات مرة كتاباً كاملاً أجادل فيه بوجهة النظر المعاكسة،  حول موضوع الوجود المسبق للمسيح في أناجيل متى ومرقس ولوقا.   حيث ركزت اهتمامى  على قول  يسوع "لقد أتيت"، وىموجودبكثرة  في متى ولوقا (وكذلك  مرقس). لخص يسوع في مناسبات مختلفة مهمته في عبارات مثل ما يلي:

 لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى. لم آت لأدعو أبرارا بل خطاة إلى التوبة (مرقس 2: 17)،(متى 9: 13)،(لوقا 5: 32 يضيف لوقا "إلى التوبة") لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقضها، بل لأكملها. (متى 5: 17)

جئت لألقي نارا على الأرض، وكم أتمنى أن تكون قد اشتعلت. (لوقا 12:  49)

لا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض. ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً . (متى 10: 34 )،( لوقا 12: 51)

  فإني جئت لأفرق الإنسان ضد أبيه، والابنة ضد أمها، والكنة ضد حماتها. (متى10: 35)

  فإن ابن الإنسان أيضًا لم يأت ليُخدم، بل ليخدم، ويبذل نفسه فدية عن كثيرين. (مرقس 10: 45/متى 20: 28)

لأن ابن الإنسان جاء لكي يطلب ويخلّص ما قد هلك. (لوقا19: 10).


  أود أن أقترح أن المعنى الطبيعي لهذه الأقوال هو أنها تشير ضمناً إلى أن يسوع قد جاء من مكان ما لإنجاز مهمته. (لا يتحدث يسوع عن كيفية وصوله إلى مدينة معينة، مثال، من الناصرة إلى كفرناحوم). عندما نفحص أقوال يسوع هذه، فإن أقرب ما يتطابق معها في العهد القديم و التقليد اليهودي عبارة عن تصريحات يدلي بها الملائكة بشأن مهماتهم الأرضية ( دا 9: 22 – 23)، (10: 14)،(دا 11: 2). لقد وجدت أربعة وعشرين مثالاً في العهد القديم والتقليد اليهودي للملائكة الذين يقولون: "لقد جئت لكي . . . "  كطريقة لتلخيص مهماتهم الأرضية. ولا يلخص"النبي أو المسيح" في العهد القديم أو التقليد اليهودي  أبدًا عمل حياته بهذه الطريقة.

  أنا لا أتدعى للحظة واحدة أن يسوع يُنظر إليه على أنه ملاك في الأناجيل، بل كان يُنظر إليه على أنه جاء من مكان ما ليقوم بعمل ما، أي من السماء. يصر إيرمان على أنك إذا قرأت متى ولوقا بعناية، سترى أنه لا علاقة لهم  بفكرة "الوجود المسبق للمسيح" قبل الحبل به." لكنى أعتقد أنك إذا قرأت متى ولوقا بعناية في ضوء خلفيتهم اليهودية، يمكنك أن ترى أن لها علاقة كاملة بوجود المسيح قبل أن يُحبَل به، قبل أن "يأتي" ليبدأ مهمته الأرضية.



هل أصبح ابن الله في المعمودية؟ الكريستولوجيا في إنجيل مرقس

ان وصف "كيف أصبح يسوع إلهًا في إنجيل مرقس" يتداخل مع صورة متى ولوقا، ولكن إيرمان لا يرى يسوع ككائن موجود مسبقًا في مرقس. (النقاط التي أثيرت حول الوجود المسبق الآن، تنطبق على مرقس أيضًا، لأن عبارات يسوع "لقد أتيت" منتشرة في متى ومرقس ولوقا). طبقا لإيرمان، فإن مؤهلات مرقس "الأرثوذكسية" أضعف،  لأنه - على النقيض من متى ولوقا - فإن يسوع في مرقس لم يولد من عذراء . وما زال ينظر إليه أنه ابن الله، ولكن في مرقس وصل يسوع إلى ذلك  في وقت متأخر مقارنة بمتى ولوقا، أي عند معموديته. وجهة نظر ايرمان هنا مبنية على   الصوت السماوى  : "أأنت ابني الحبيب الذي به سررت" (مرقس 1: 11).

  تعليقًا على هذه الآية، يؤكد إيرمان: "هذا الصوت لا يبدو أنه يقول بوجودة مسبق. بل يصدر إعلان.ففي هذا الوقت أصبح يسوع ابن الله بحسب مرقس

يستمر إيرمان في القول موضحا أنه بعد المعمودية قام يسوع بكل أنواع الأعمال الجدة، لكن هذا لا يقول أن يسوع أصبح ابن الله للمرة الأولى في معموديته.واللافت للنظر هو أن الصوت يأتي لاحقًا في إنجيل مرقس ويقول شيئا مشابه لحظة التجلي، قال الله عن يسوع: "هذا هو ابني الذي أحبه. اسمعوا اليه!" (مرقس 9: 1). من المفترض أن الله لن يتبنى يسوع ثانية. فمن الصعب أن نرى كيف يمكن أن يشير الصوت في المعمودية إلى تبني الله ليسوع، والصوت المماثل عند التجلي يمكن أن يعني شيئًا مختلفًا.

2023/11/25

العهد القديم في التقليد الأرثوذكسي الشرقي" للاب الدكتور "يوجين ج بينتيوك"

 


١- فرحت جدا ان مدرسة الإسكندرية تترجم كتاب "العهد القديم في التقليد الأرثوذكسي الشرقي" للاب الدكتور "يوجين ج بينتيوك" وهو معه شوية شهادات كدة ملناش دعوة بيها مدام الشهادات دى مش من "اكليركية مغاغة"

2- بس هو أستاذ للدراسات الكتابية ويخدم كأستاذ معيد في اكثر من مكان مثل في "معهد الصليب المقدس و معهد فلاديمير"
3- يعتبر الاب يوجين من اكثر الإباء المتخصصين في (الكتاب المقدس والتفسير الكتابي الابائى) غير اهتمامه (باللغات والحضارات السامية)، وهو يعتبر من افضل من كتب على" الكتاب المقدس وتفسيره في المسيحية الارثوذكسية الشرقية"
4- لحد وقت قريب كان يعمل على تأليف كتاب اخر بعنوان "قراءة الكتاب المقدس العبري -لاهوت أرثوذكسي توراتي،
5- يدور كتاب "العهد القديم في التقليد الأرثوذكسي الشرقي" – حول النص العبري واليوناني وكيفية فهم اليهود والمسيحيين لرسالة "اريستياس"(ق2ق.م)
6- يتطرق للترجمة السبعينية والترجمات اليونانية الأخرى، ويتكلم عن أهمية النص السبعينى في الكنيسة الأولى ويتطرق للآراء الارثوذكسية الشرقية حول النص العبراني
7- يتكلم عن قانونية الكتب المقدسة وكيفية جمعها والاسفار القانونية الثانية(حكمة سيراخ)
8- يتحدث عن اراء كل من ( فيلو ، يوسيفوس ،يوستين ،مليتوس من ساردس ،واورجين ،واثناسيوس السكندري، وكيرلس الاورشليمى ،والاباء الكبادوك)
9-كما يتطرق الى الرؤية المصلحة (البروتستانتية) والعصر الوسيط وماحدث في "مجمع ترينت" الكاثوليكي ومفهوم "السلطة والتقليد" باعتباره حياة الكنيسة ورحلتها ومكونات التقليد الرسولي
10- وكيف ان موضع الكتاب المقدس هو الكنيسة ، ومركزية الكتاب داخل التقليد والليتورجيا ثم يتطرق لبعض (الافتراضات)التفاسير الابائية، ودور الليتورجيا ودور الكتاب المقدس بالتحديد العهد القديم في العبادة الارثوذكسية وكيفية وجود العهد القديم في الايقونات الارثوذكسية والدمج بين النص والايقونة والصورة




يهودية الهيكل الثاني والكريستولوجى فى الكنيسة الاولى(ج1)



ان" الدراسات المسيحة المبكرة "تهتم لا بنشأة المسيحية ،على يد الرب وتلاميذه فحسب. بل تمتد الى ماهو قبل ذلك بكثير. اى الى مايعرف " بفترة الهيكل الثانى "وهى تلك الفترة الممتدة من (٥٠٠ق. م) وتمتد حتى القرن الخامس. وقد استفاد علم" تاريخ العقيدة "من تلك الدراسات فيما يخص بعلم "الكريستولوجى", من حيث النشاة والتطور  

مهما كانت رؤيتك للإنجيل وقناعاتك به، إلا أنه يظل من أقدم وأقدس الكتب التي تعبر عن الفكر الناشئ للجماعة المسيحية الأولى، التي نشأ فيها التلاميذ وأسسها الرب ذاته.


يتطلب علم التفسيرexegesis  عدة مهارات بسيطة، مثل قراءة السياق، ومعرفة الكيفية التي فهمت بها الجماعة الأولى أقوال يسوع، حتى انه وصل من التطور إلى دراسة قصد كتبة الإنجيل مما يقوله لنا من فم المسيح، بناء على خلفيتهم اليهودية والهيلينستية، ومدى تأثير يهودية الهيكل الثاني على تلاميذ المسيح وكتبة الإنجيل،باعتبار تلك الحقبة الممتدة (500ق. م حتى70م) هي  الفترة التي ظهر لنا فيها الفكر اليهودي المتأخر ، ومنه قد انبثق الفكر المسيحي المبكر


ففي تلك الفترة هيمنت الثقافة "الهلنستية"على حوض البحر المتوسط. كمت تمت  ترجمة العهد القديم إلى اليونانية من قبل يهود الشتات، الذين أنتجوا أيضا أدبا غنيا خاصا بهم عُرف فيما بعد بـ "الآداب الابوكريفى"

ومع انتشار الفكر الهيلينى بصورة أغضبت اليهود وسبب لهم قلق شديد، خاصة اليهود التقليديين . إذ تمسكوا بالمعتقدات التوحيدية الصارمة. مقابل التعددية والوثنية اليونانية التى تبيح تعدد الآلهة، إذ كان حافزا  لثورة المكابيين   ضد الإمبراطورية السلوقية، كمحاولة لتثبيت "اليهودية التقليدية" ورغم تمسكهم   الشديد بالتقليد الحاخامى   القديم إلا إنهم طورا بصورة ملحوظة  أفكارهم اليهودية المتعلقة بالمسيا.

لقد كانت قضية التوحيد من أهم وأخطر القضايا الجدالية بين ثقافتين مختلفتين فى نقطة الانطلاق والانتهاء، "فيهودية الهيكل الثاني"تؤمن إيمان شديد ان الله(يهوة) واحد ولايمكن ان يكون غير ذلك، بينما الوثنية الهيلينية ترى ان التعدد ثراء وهو ايضا امرواجب الحدوث.

ترى  "يهودية الهيكل الثاني"  ان "الله يهوة" هو الخالق لكل شئ،بفما فى ذلك إلهة اليونان،وتعتبره المهيمن والمسيطر على كل الخليقة،التى بدورها يجب أن تقدم له وحده العبادة.

‏ ‏فى تلك الظروف السياسية والدينية، نشأت الكنيسة وتأسس الجماعة المسيحية الأولى، وهى كنيسة منبثقة من رحم اليهودية، أى "يهودية الهيكل الثاني" التى كانت تؤمن "بالإله الواحد" الواجب  الوجود،المستحق العبادة،حتى إن المسيح كان شديد الايمان بوحدانية الله، تلك الوحدانية التى سلمها للكنيسة،والتى نحياها اليوم. وهو هو ذات إيمان "يهودية الهيكل الثاني"

فلم يُعلم المسيح (الأقنوم الثانى والمساوى للاب فى الجوهر) بغير الوحدانية. فهذه من أحدى أبرز تعاليمه، ولكن مع تشديده على تلك الوحدانية، أعلن إنه مُشارك فى تلك الألوهية، كشخص قائم موجود بذاته فى "الهوية الإلهية" الواحدة كشخص مشارك وموجود فى مايعرف ب divine identity
ان مصطلح divine identity هومصطلح أسسه وطوره عالم اللاهوت "ريتشارد بوكم" فى خضم التطور الفكرة فى علم "الكريستولوجى" فيسوع كان يدرك ويعلم بمكانته الالهية وانتمائه للهوية الالهية

هذا الفهم اليسوعى بشر به وعلمه لتلاميذه (اليهود اصحاب الخلفية اليهودية  )، وهكذا فهم التلاميذ هوية يسوع الالهية. وهكذا بشروا
وهكذا وجدت الجماعة المسيحية نفسها فى وسط من التوحيد اليهودى الذى يسمع بالتعددية فى الهوية الالهية داخل الذات الالهية الواحدة.
إذ نرى فى كتابات تلك الفترة-أى الأدب الابوكريفى-لذى يضم العديد من الكتابات. مثل سفر "رؤيا اخنوخ" او "أسراراخنوخ" وقد دون فى القرن الثانى قبل الميلاد ويعتبر يتميز "بالصوفيتة اليهودية" المرتبط بالمركبة الالهية 

‏اذ يخبرنا عن شخصية "ابن الانسان" المميز عن كل الخليقة. ويضيف له عدة صفات إلهية مثل كونه (1)شخص ازلى،و" يشارك يهوة فى عرشه" (3)ينبغى أن تقدم له العبادة ،فكان هذا الشخص متميز عن الله (الاب) له نفس مزايا الله.

فمن المدهش ان نكتشف ان اليهودية ذات التوحيد الصارم،التى تنتمى بالتحديد الى ، "يهودية الهيكل الثاني"   كانوا اكثر واقرب فكريا الى "التعددية داخل الذات الالهية" او "داخل الهوية الالهية"

وينتمى ايضا الى تلك الفترة ما يعرف ب Deutero- Isaiah أى أصحاحات سفر إشعياء من(40-50)  -اى كان قناعاتك بهذه التسمية - الا انه لايمكننا ان ننكر التاثير الشديد ل Deutero- Isaiah فى الإلهة الواحد فى فترة "يهودية الهيكل الثاني"  كتابات العهد الجديد.

 مع نشاة الكنيسة المسيحية ذات "الطابع التوحيدى اليهودى"‏ نشات أيضاً العديد من الفرق اليهودية مثل (الفريسيين، والصدوقيين، والإسينيين، والغيورين)، صاحبة الفكر التوحيدى الصارم، وأنكرت على يسوع ألوهيته التى أعلنها، إذ حاولوا رجمه، واخيراً تعرض يسوع إلى تُهمة "التجديف" التى كانت سبباً فى صلبه وموته،فقد صرح اليهود بقيادة الحاخامات إن يسوع غدعى إنه"إبن الله" وهذا سبب كافى لقتله(يو 19:7).
ورغم إن الكنيسة اليهودية تؤمن إن كُل فرد فيها هو ابن لله(بالنعمة)إلا إنها اعتبرت ذلك التصريح المسيانى تجديف،فتصريح يسوع عن بنوته (الجوهرية)كان مختلفاً عن البنوة (الشرفية) التى لبنى الإنسان، حتى جُن جنون رئيس الكهنة ، ومزق رئيس الكهنة  ثيابه قائلا: "قد جدف!" (مت 26:65)