2015/05/31

تألهى كما ينبغى أن يكون

ْ

تألهى كما ينبغى أن يكون
مينا فوزى


دار نقاش بينى وبين إحدى الفتيات فى الكنيسة بعد إنتهاء قداس الأحد,وكان النقاش دائر حول أمر خطير وهو[هل أنا أتمسك بتعاليم اللاهوت الغربى أم أرفضه ]وكانِت مثل غيرها مُتضايقة من مقالى الآخير بعنوان "لن تصيروا أله إن لم تصيغوا لاهوتكم".وبعيد عن إختلافاتنا الفكرية إلا إننى كُنت سعيد بفكرها لأنه يُعطينى نظرة أمل فى مستقبل كنيستنا.
-وحقيقة الأمر إننى لاأُخاطئ التعليم الغربى,فلا أقدر أن أقول إن هؤلاء مُخطئيين بالتماملا إننى أتبع و أتمسك بتعاليم الأباء الشرقيين,أُعنى إننى مُتمسك باللاهوت الأرثوذكسى الشرقى أتم التشبثلكنى فى نفس الوقت لا أخاطئ أى تعليم مصدره الغرب.فقط أكتفى بأن أقول إنه"تعاليم غير أرثوذكسى فقط".
-عندما أقوم بشرح العقيدة فإننى أستخدم كتابات الأباء الشرقيين المعروفيين بأسم أباء اليونان,ومنهم أباء مدرسة الإسكندرية العظيمة,ورغم إنهم أقباط إلا إنهم يُدرِجون تحت تسميه"الأباء اليونان"لأن كتاباتهم كانت باللغة اليونانى.
-هُناك إيمان داخلى وحِس لاهوتى يحُثِنىِ على فِهم مُعين لـ[اللاهوت الأرثوذكسى]وهذا الحِس نابع من معطايات فكرية مُعينة,فجُل فكرى اللاهوتى قائم بالدرجة الأولى على إيمان صادق إن اللاهوت الارثوذكسى لا يعتمد على مصطلحات بل هو إيمان ولاهوت قائم بالدرجة الاولى على أساس الشركة.وهذه الشركه نُعبر بها بالمصطلحات والكلمات.

-فأىً ما كانت تلك المصطلحات والتعبيرات فهيا قائمة لتدل على "سر المحبة الدائمة فى جوهر الثالوث,و إن هذا الحب سُكِبَ على الإنسان بواسطة الروح القدوس(رو5:5)ومن هنا تُصاغ المصطلحات لتعبر عن شركة الثالوث مع الإنسان ونظرة الإنسان لجوهر الثالوث.أى الحب.
-فلكى نفهم ونشرح [اللاهوت] بشكل عام أو [اللاهوت الارثوذكسى] بشكل خاص علينا اولاً أن ندخُل فى حياة الشركة,ثم نترجم تلك الحياة بكل ما فيها من مشاعر وإحساس إلى مُصطلحات تصيغ هذا اللاهوت.
-وإن أخذنا اللاهوت الأرثوذكسى معتمدين على ما فيه من مصطلحات لاهوتية. نحاول أن نفهم من خلالها [سٍر محبة الثالوث ]فأؤكد إن اللاهوت الارثوذكسى سيتحول الى لاهوت عقلى[لاهوت مدرسى],عاجز ,فاشل ,اتكلم بحسب الوعي الشخصى[!].فاللاهوت الارثوذكسى يُعطى شركة وحياة.فهو بالحرى قائم على الخبرة الشخصية بين الله والإنسان فى سر المحبة الكائن فى ذات وجوهر الله,لعل أخر ما  نبحث عنه فاللاهوت الارثوذكسى هو المصطلح واللفظ.
-فسر الشركة بالأساس هو سر النعمة التى تُسِكِب فى قلوبنا وتفيض على عقولنا,فتُسيطر على منابع الفـكـر فى الإنسان,فتتحول رؤية الإنسان وتصرفاته وكلماته وتفكيره منصب فقط فى الله ولا أحد سواه,يطلق الاباء على هذه المرحلة لفظ الانخطاف أو الدِهش.فيقف الإنسان ليعظ بما هو مسبىِ به وفيه,فيِعِظ عن المسيح وكأنه واقفٍ أمامه وهو يصفه للمستمعيين.ويُدَون الكاتب مقالٍ وكانه يكتب بيد المسيح الى المسيح. فتتحول كل تصرفات الانسان من المسيح الى المسيح.

-يبداء التصرف بالنظر إلىِ المسيح ,ومنه تجاهٍ  شخصٍ أخر يستقبله .وهذا الأخر يلتقى بالمسيح وهكذا تكون الدائرة التى نعيش فيها والتى خلقها اللاهوت الشرقى الأرثوذكسى,الذى يصُب بالأساس على الحِث على الشركة بالأساس.
-واذا طبقنا تلك المُقدمة على مُصطلح التأله,فإننا سنصل الى حل يُريح جميع من هم متفقيين معى ومن هم مختلفيين معى,تلك القاعدة التى ساستخدمها هيا"اللاهوت الارثوذكسى قائم على الشركة"وبعد ذلك تلقائياً تكتشف بنفسك ان هذه الشركة تتحول الى مصطلح.لا المُصطلح إلى شِركة.
-فاى إنسان يحيا فى محبة الله وللأخرين,يحيا فى حياة مُقدسة وطهارة.نال فيها نعمة التبنى فى المعمودية ,ثِبت في المسيح والمسيح فيه فى سر الافخارستيا,فهنا هذا الإنسان يحيا ويعيش الإيمان بعينه,ويتذوق,فصاغ اللاهوت الأرثوذكسى لا [مصطلحٍ] بل [حياة] اذا هو لاهوت ذواق.

-وحينها يتحول هذا الشخص إلى مرحلة نُطلق عليها  [مرحلةما بعد التذوق ]وهيا مرحلة صياغة المذاق ووصفه  ,فيبداء بـ[صياغة لاهوته] على أساس [تجربة شخصية]لا على أساس خبرة الأخريين,على أساس رؤيته لا من خلال رؤية الأخريين.وحِينها يأخذ  لِقِب لاهوتى,فهذا اللقب لايُعطى إلا لمن تذوق وإختبر فإستحق بالفعل هذا اللقب,بالرغم مِن إن هذا وصف أكثر مما هو لقب.

-وحينها يبداء يُدون ويسجل خبرته,فيبحث عن أقرب مُصطلح وأدق لفظ ليُعَبِر به عن هذه الشركة الذواقه مع الله,تُرى هل يجد ما يبحث عنه؟حقيقة أقولها لكم[لا لن يجد اى مصطلح يُشفى غِليل قلبه المجروح بالمحبة الالهية] ,وهيا بالحق مأساة كُل لاهوتى فى هذا العصر أو فى أى عصر سابق.مأساته مع اللغة العاجزة.فهو غير قادر على الوصف ولكنه قادر على الحِس,تُرى أيُهما أفضل؟مشاعر العجز أم مشاعر الحِس؟

-وهنا يبداء الانسان للخضوع إلى ضِعف اللغة ويبداء يستخدم لا أقوى الكلمات التى تعبر عن مشاعرة -لانها غير موجودة-فحسب بل يستخدم اقوى تعبيرات تلك اللغة التى تنفضح[كعاجزة]أمام مشاعر هذا الإنسان الفياضة التى لا تُوصف بأى لُغة كانت.فالله يتفهم ذلك العجز,وهو الوحيد الذى يُدرِك مدى محبتنا له.لإنه شعر [يوماً]بعجز اللغة حينما شاء أن يُعبر عن حُبه لنا.فلم يجد ما فى اللغة ما يصف محبته الغنية,فإكتفى بنسب الأبدية لحبه.ولهذا إن أخذنا حُب الله ككلمة فلن نِشِعُر بها,ولِكن إن أحسسنا بها فحينها فقط "نتأله".
 -وحينها فقط يضيغ الانسان شركته وعلاقته بالله تحت مصطلح"التاله وبرغم أرثوذكسية وأبائية هذه المصطلح إلا إننى أرى فيه [قصور وعجز]نابع من عِجز اللغة,تُرى هذا هل المُصطلح قادر أن يُعِبر عن عمق العلاقة مع الله؟.

قيقة ان  فى قلب المُتقى الله حُب لا يوصف,لشخص لايوصف,فإن كان فى القلب شئ لا يوصف فكيف نِصيغه واصفيين إياه فى مُجرد مُصطلح لغوى؟فاللغة لا تصف"الحب"بل تصف العجز ذاته[!].تُرى ما هيا الطريقة المُثلى لوصف مشاعر القلب ؟ما هو الطريق السليم الذى أحفظ به[هوية لاهوتى الأرثوذكسى][؟]. 

-فأنا لا أرى سوى [الحياة]والحياة وحدها هيا القادرة أن  تصف هذا اللاهوت وتحافظ عليه أكثر من  أى مصطلحات لغوية.إذاً علينا أن نحيا[عقيدتنا],نحيا[لاهوتنا]لكى ما نقدر أن نعظ به الناس,لا عن طريق اللسان بل عن طريق[السلوك],علينا أن نصيغ هذا المفهوم بـ[مشاعر],بـ[إحساس],إنهما أفضل الطرق للحفاظ على الهوية اللاهوتية دون أى ضياع.فهيا أشبه بالليتورجية بل وأكثر وأدق من الليتورجية,فإن كانت الليتورجية توضح وتكشف ما نؤمن به فإن مشاعرنا هيا التى نختبر بها الإيمان.وبذلك تُصبح مشاعرنا [ليتورجية حية].بها نقدر أن نحيا مع الله.

-فمن ينادون بالتأله-وأنا من هؤلاء-,عليك أن لا تشرح التأله بل تحياه,عيش كما ينغى ان يكون الإله.عيش فى قداسة, فى طهارة ,فى أمانة, فى نقاوة ,فى داعه, فى حب..الخ.وحينها لا يُطالبوك بشرحٍ لمُصطلحك الخاص,بل لا ينتظرونه[أى شرحك] لإنهم إكتشفوه فى سلوكك.
-فتصرفاتك هيا التى تكشف[معدن ألوهيتك].إنها توضح للاخريين لاهوتك,فيا من تتمسكون بأرثوذكسية التأله-وانا من هؤلاء-هل تصرفاتكم تسبقككم؟هل عندما يراك الناس يرون إله قام؟إن تصرفاتك وتقواك تكشف لاهوتك

-ليتنا نُعيد الوعى الأرثوذكسى إلى ما كان عليه سابقاً,ونحيا هذا الوعى ,ليتنا نرفض أن نتعلمه,بل نقبل أن نحياه ونُسلمه للأجيال التاليه لنا,فنُسِلِمهُم لا [عقم اللاهوت] بل [لاهوت إخصابٍ]قادرٍ على إخراج نِسل.ليتنا نُسِلم أولادنا الحياة بدل من المصطلحات والكتب,ليتنا نحيا ونعطيهم الحياة.نعطيهم المسيح.

-إن أسواء ما أتى به [علم اللاهوت ]كعلم .هو تحجيم الحياة-الله-فصاغ علم اللاهوت الله فى نظريات,تعتمد على معطيات تؤدى الى نتائج,مع إن لم يعلم أباء الكنيسة بهذا,بل ان الحياة الروحية تعتمد فى الأساس على حياة التذوق والاختبار....
-فارجوا فى المسيح ان لا نختزل Reductionism شئ جميل نطلق عليه [اللاهوت الارثوذكسى] فى عدة مصطلحات,ارجوا فى المسيح أن لا نِحِصُر التأله فى مصطلح عاجز,فالتأله كحياة هو أكبر من كونه مصطلح,فهو محاولة للتشبه بالله وبصور إبنه,فهل تظن إننا سِنبلغ تلك الصورة؟ ؟لا لن نبلغ فسنظل دائماً نِلِهث وراء التشبه ولن نِصل لإن الأصل غير محدود وغير محوى,ففى هذا اللهث متعه الحياة الروحية,وجمال الروحانية الارثوذكسية.وأمام جمال وروحانية إيماننا تعجز لُغتنا..


فلنسعى...ونحيا...ونتذوق,ولا نحصر هذا فى مصطلحات..


النعمة معكم.
مينا فوزى

من كتاب[هكذا احب الله العالم ]لأبى الحبيب موسى فايق [2]



من روائع ابى الحبيب موسى فايق من كتابه [هكذا احب الله العالم]ص60

-ق .أثناسيوس يعلمنا أن معرفة الله الآب كانت ممكنة,فقط بسبب خلق الإنسان على الصورة التى هى"صورة الإبن الوحيد يسوع المسيح"وبالتالى فالفساد حينما أتلف الصورة,فإنه أبعد البشر عن معرفة الله الحقيقية,وابتدأ البشر يخترعون لأنفسهم صوراً مشوهة للألوهية,هذا كان أحد أسباب تجسد الكلمة,أن يعيد البشر إلى معرفة الله الحقيقى وبالتالى إلى حياة الشركة معه,لذلك قال المسيح له المجد:{هذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك}(يو17).وبالمعرفة تعود وتنموا شركة الإنسان مع الله,هل ترى معى كيف تتلاقى كل الطرق لشرح الخلاص فى النهاية نحو هدف واحد,وهو ما أسميناه"المسيرة إلى حضن الأب"

قراءة فى كتاب تجسد الكلمة[1]



الفصل الـ(14)من كتاب (تجسد الكلمة),مع اضافات ومراجعه بالنص الانجليزى.


-كما أنه لو كانت هناك صورة لشخص مرسومة على  قماش [الخلقة]مثبت على لوحة خشبية وتلطخت هذه الصورة من الخارج بالأقذار[الخطية وحسد ابليس],مما ادى إلى اختفاء ملامحها[السقوط].

-ففى هذه الحالة لابد من حضور صاحب الصورة[الله] نفسه ثانية [التجسد]لكى يمكن إعادة تجديد الصورة[الميلاد الثانى] على نفس قماش اللوحة,فلا يلقى بالقماش[النفس البشرية],لأن صورته رسمت عليه,بل يُجدد الرسم عليه مرة أخرى. 

-وعلى هذا النحو,فقد أتى إلى عالمنا كلى القداسة ابن الآب ,إذ هو صورة الآب,لكى يجدد الإنسان الذى خُلق مرة على صورته ,ويخلص ما قد هلك بمغفرة الخطايا,كما يقول هو فى الأناجيل"جئت لكى أطلب وأخلص ما قد هلك"ولأجل هذا أيضاً قال لليهود"