2016/02/21

لعازر ونحن واليهود



·       المعارف والعلوم مهما كانت راقية ومهما كانت متقدّمة ليست سوى سفينة محمّلة بالبضائع تديرها دفة صغيرة، هي نيّة القلب، في الاتّجاه الذي يشاؤه مديرها.
·       لذلك العلم، في ذاته، لا ينفع شيئاً فيما خصّ معرفة الله. ولا اللاهوت النظري، استطراداً، يفيدك في شيء، إن لم تكن، في العمق، على تُقى.
·       سوف تحتاج طبعاً إلى قدرٍ من العلم بما فى الكتب أثناء المسير، لتعرف ما ينبغي أن تسلك فيه لجهة خبرة الله، ولجهة أصول الحياة الروحيّة.
·       أما هاجس التبحّر بما هو وارد في الكتب وتقديم العِلم النظري كأساس لمعرفة أكمل بالله والمسيح فلن يُفضي، في الحقيقة، إلاّ إلى نظريات أكثر  وإلى تكهنات أوسع نطاقاً وإلى شكوك أرسخ في ما لله, لا إلى معرفة شخصية أعمق به.
·       ما تحتاج إليه، بدءاً، هو قدر يسير نسبياً من المعرفة الكتبيّة المختارة ، مع الكثير من الخوض العملي في أصول الحياة الروحيّة والسلوك في حياة الفضيلة والأسرار الكنسيّة. إثر ذلك تبدأ تصير من العارفين.إذا يتنقّى داخلك بنعمة الله. وتأخذ في معرفة الله كما هو والنعمة ترشدك.
·       في ضوء ذلك يصير بإمكانك، إذا ما أقبلت، بشغف، على الكتب، وكان لك الباع، أن تقرأها على حقيقتها، في السياق الموافق لها، وأن تعرفها على نحو نافع سليم. لا تعود تقرأها كأفكار ونظريات بل كحقائق معيشة وكسيرة إلهيّة عمليّة. موقفك منها في العمق يتغيّر.
·       الذين يتّقون الله ويسلكون في تواضع القلب واستقامته هؤلاء هم الذين ينفعون أنفسهم وسواهم في ما يعلِّمونهم إياه وفي ما يقرأونه عليهم ويكتبونه لهم لأنّهم يثبِّتونهم، بالأكثر، في محبّة الله وسيرة التقوى، إذ يوردون لهم سِيَر الآباء وتعليمهم ويبثّونهم السبل التي سار عليها القدامى وما انتجته خبرتهم ومعرفتهم الشخصية بالله ومسيحه ليتشدّدوا.

[مُقتطفات من مقالة للأب توما بيطار رئيس دير القديس سلوان الآثوسى-لبنان]