2015/05/02

رفات القدسيين وشفاعتهم بين عبادتهم و الأرثوذكسية


سوف أقسم هذا البحث إلى :ـ

-النقطة الأولى: مقدمة تمهيدية للدراسة.
-النقطة الثانية:ـما بين إيمان الكنيستين.
- النقطة الثالثة: رفات القدسيين بين الضرورة والرفض.
-النقطة الرابعة :ــ تكريم رفاق القدسيين تاريخياً.


مقدمة تمهيدية للدراسة
-فى هذا الوقت يحتاج المسيحى من يُعلمه قليلاً عن المحبة لأنه أصبح عنها غريب.تِحِول سلوكه إلى سلوك غير مسيحى يتصف بالشد والجذب والخصومات والنزاع,وتحول"لاهوت المحبة"إلى"لاهوت داعش",وتحولت المسيحية إلى مجموعة من التابعيين  فالبعض منهم يتبع بولس وأخر يتبع أبولس وأخر صفا,وكأن اى من هؤلاء صُلب من أجلهم.وأين المسيح فى وسط كل هذا؟!
-أقصد ببولس وابولس ما قصده بولس الرسول فى رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس الاصحاح الاول الذى واجه فيه خلافات فى الكنيسة بين البعض,فمنهم من يتبع بولس واخر ابولس..الخ,ففى عصرنا هذا تحولنا إلى ما كانت عليه كِنيسة كورنثوس .فهُناك جماعة تقبل وجماعة ترفض شفاعة وتكريم القدسين وذخائر القدسين.وراح البعض يأتى بأقوال تؤيد موقفه ,وأخر يأتى بأقوال أباء ترفض موقف الأخر.وتحول شئ بسيط فى الإيمان إلى خلاف وجدال كبير ربما تحول إلى حد الإقتتال.كان من الأفضل أننوفر هذا الوقت للصلاة وتعلم كلمة الله,ولكنه شيطان الفُرقة وتضيع الوقت..
-وأنا شخصياً ارفض المؤيد وارفض المعارض لأنه المؤيد بنى نظريته فقط على الدفاع,وهكذا المعارض بنى فكرته فقط على رفض بعض من الأباء,وترك كلا الفريقيين شئ ومبداء تِقنى هام لا يترُكه أى دارس لـ"عِلم اللاهوت"مهما كان مستواه اللاهوتى او مهما كان لاهوته,هذا الأمر الذى تركوه هو"التاريخ",فاللاهوت والتاريخ وِحدة واحدة لايُمكن الفصل بينهم وهذا مانراه فى رسائل القديس إغناطيوس إلى فيلادلفيا وهو أمر ثابت عِند كل من اللاهوتيين الشرقيين والغربيين  بل وهو أمر أساسى لأى شخص يقوم بِدراسة اللاهوت العقيدى أو حتى لاهوت الأباء,او العقيدة فى فكر الأباء.
-وما اقصده بتغافل التاريخ هو حقيقة ودافع وغرض قبول الأباء لهذا الأمر,والأمر الأخر هو متى كان يتم تكريم القدسيين فى التاريخ الكنيسى ومتى بداء إستخدام رفات القدسين ووضعها فى الكنائس؟فإن رِجعنا إلى كل هذا بالتأكيد سوف نصل إلى الفكر التاريخى واللاهوتى الدائر فيه وحوله صراع اليوم.وهو ما يُعرف بـ[تاريخ العقيدة].

-نحن قد وصلنا إلى حالة يُرثى لها من المستوى الفكرى فنحن قد تركنا خُلق القدسيين ومبادئهم فى الحياة,وتناسينا حياتهم التى كانت قائمة فى الأساس على الصلاة النابعة من حب إلى الله والإنسانية,ففى حبه إلى الله يصلى ومن حبه للإنسانية جِعلها هدف أساسى فى صلاته,
تناسينا فكرهم هذا وأصبحنا نتجادل فقط فى إثبات صحة معتقدنا,وفى جِدالنا هذا هِرطقنا الأخر الرافض والغير قابل لفِكرنا,ومع إنه مسيحى إلاإنه قد تحول فى نظر هؤلاء إلى"كافر"و"مهرطق"وترك المُدافعيين عن القدسيين صفة من ندافع عنهم وهيا صفة"المحبة"وروح الإتضاع ورحابة الصدر.
-فتحولت"شفاعة القدسيين"إلى حرب ضاروس دفاعاً عن القديس فلان والشهيد علان,واصبح كُل إيماننا الأرثوذكسى قائم فقط على"إثبات الشفاعة"و"الدفاع عنها".وللأسف ليس هكذا تكون الشفاعة.
-قد تناسينا تعاليم الأباء عن الحُب والمحبة والوداعة وإنكشف إنساننا الغائر,إنكشف الوحش الذى فى الصدور لِمُجرد إننا قد  سِمعنا عن شخص مُخالف لى فكرياً وليس مخالف لى فى "فكرنا المسيحى"مع إننا كأرثوذكس وكأنجليين لسنا فى أى خلاف حول نقطة"الشفاعة"وهذا ما ساوضحه وسأصدم به المدافعيين عن الشفاعة او المتدعيين الدفاع.
كل أسف أقولها نحن نتكلم عن"القدسين"ونحن بعدين كل البعد عنهم,فى عُزلةفكريةوروحية ولاهوتية عن كل القدسيين والشهداء.فنحن فقط ندافع عنهم ونؤكد شفاعتهم ولكننا نرفضهم من ناحية أخرى .نحن ندافع ونتدعى الإيمان بهم ولكن هل قرئنا عنهم؟هل قرئنا كتابتهم؟هل نحن نسير على دِرب هؤلاء القدسين؟إنه فقط الدفاع من أجل الدفاع,جِدل من أجل الجِدل,نِبحث عن "نُصرة من عِند الله للأرثوذكسية"على هؤلاء القوم الكافريين.
-وهُنا أقف فى صِدمة كبيرة لإننا قد تأثرنا ب"اللاهوت العربى"او قول  تاثرنا باللاهوت البدوى[1],وكأن الأرثوذكسية تبحث عِن إنتصار زائف يُضاف إلى حائط البطولات الأرثوذكسية,فلم أتعرف على تِلك الأرثوذكسية مطلقاً,[لكن كل ما أعرفه عنها إنها محبة وسلام تُعطيه لتابعيها]إن وجدت شخص يبحث ويعشق التطرف والخناق وهرطقة الأخريين الغير أرثوذكس فإعلم إن هذا ليس فيه روح الأرثوذكسية .
-كأرثوذكس نُسئ إلى القدسيين كإسائتنا إلى المسيح نفسه,وفتحنا باب للأخر أنه ينتقد فِكرنا,والحقيقة فالأخر على صواب فى نقده لنا,لإننا حولنا شئ جميل مثل"الشفاعة"إلى شئ"دِجل فى دِجل"وتناسينا إن هؤلاء القدسيين هُم مُجرد بشر مِثلنا,رفعهم البعض إلى مرتبة الألوهية فكان نِقد الأخر على حق.وأقول إننى أيضاً أنضم إلى صفوف هؤلاء الناقديين,ونقدى موجه إلى التعليم الخاطئ والتصرف الغير سليم تجاه تكريم القدسيين, ولا يفهم أحد إننى أرفض تكريمهم ولكنى أقصد إنى أرفض المُغالاة فى تِكريمهم إلى مرتبة الألوهية.
-فإن كان  البعض يرى الشفاعة إنها  "الوساطة"فأسفاً أقول ليس فى تِلك الرؤية شئ من الأرثوذكسية,فلا يوجد وسيط بينى وبينى إلهى,حتى قول الإنجيل(1تى2:!) إنه يوجد" وسيط واحد" فهو يقصد وساطة كِفارية,أى يقصد إننا بهذا الوسيط نُلنا الكِفارة,ولكن فى حياتنا العملية الروحية لا يوجد وسيط بينى وبين الله,لإن حتى هذا الوسيط السابق ذكره هو نفسه الله,فبذلك يكون الله هو الوسيط والطرف الأخر ,فما حاجتى بعد إلى وسيط؟.
ما بين إيمان الكنيستين.
-وأكاد اُجِزِم إن هذا الرفض للتعريف السابق هو رفض أرثوذكسى أصيل,يتبناه أكبر الكتب القبطية الأرثوذكسية فى تاريخ الكنيسة وهو "عقائدنا الآرثوذكسية المسيحية"[2],وهو هو نفس الإيمان الذى أكده عُلماءالكنيسة الإنجلية أمثال الدكتور جورج عيسى[3].والدكتور جورج صبرا[4].
-والإيمان الذى يتمسك به كل من الأرثوذكس والإنجليين هو إيمان قائم على إكرام القدسيين,فنِجد إنهم يقولون :[لا يمانع الإنجيليون فى إكرام القديسين إذا إن ذلك وصية كتابية][5].والعجيب إننا فى كِتابتنا القبطية الأرثوذكسية كُنا نتِعلم إن هؤلاء يرفضون الشفاعة رفض بات ويُحرمونها[6],هذا ما يتعجب منه أى دارس أمين مُحايد.
-ولكن ما يرفضه الإنجييون هو فقط[الإكرام الذى يأخذ طابع العبادة كتوجيه الصلاة لهم أو السجود أمام صورهم أو إقامة طقس محدد لإكرامهم ويرى الإنجيليون أن خير إكرام للقدسيين هو الإقتداء بيسرتهم وتذكر تعاليمهم ووصايهم ][7]فإن كان الإنجيليون يرفضون تأليه البشر لحِد توجيه الصلاة لهم فنحن أيضاً كأرثوذكس نرفض هذا الأمر.
ما الفكر الأرثوذكسى السليم على"شفاعة القدسين "هو إننا نِطلب الصلاة من القدسيين الأحياء على الأرض أو القدسيين الموجودين فى السماء,فنحن نؤمن إن كان أحد فى المسيح فهو قائم من بين الأموات وليس للموت الثانى سلطان عليه,فإننا نطلب صلوات وتضرعات السماويين وصلوات الأرضيين[8],ولِعلى أتجراء وأضيف إن لفظ[شفاعة]هو لفظ يختص بالسيد المسيح فقط دون سواه,أما اللفظ السليم الواجب أن نُطلق على القدسيين هو[صلواتهم ]وليس شفاعتهم لإن الكتاب المقدس لا يتكلم إلا على نوع واحد من الشفاعة وهو[الشفاعة الكفارية]فإن إتفق معى البعض أو خالفنى فمهما كانت المُسميات فلا تدعها تقف حائل بيينا.لِتكفيرى.
  -وسبب الرفض لكلمة"وسيط"هو رفض نابع من إحساس بمدى قوة العلاقة بين الإنسان والله كأب,فإن كان الإنسان يحتاج لوسيط للحديث مع أبيه,فإننا قد تركنا مساحة كانت تجمع الإبن بالآب وهيا مساحة "الحب "و"البنوة",فمبداء الحب يتطلب من الله أن لايُقيم وسيط بينى وبينه,ونفس هذا المبداء يتطلب منى أن ألجاء إلى أبى دون أن اطلب وسيط.فالحب يُزيل كل وسيط بين المُحب والمحبوب.
- فبينى وبين أبى مساحة غير محدودة من الحب,أجول أنا فيها وأعرض ما أشاء على أبى ,وعرضى هذا ربما يكون طِلبة مُعينه أو صلاة أو شُكر ورُبما يكون حُب خارج منى تجاه أبى,يجتاز تِلك المساحة التى أشرنا إليها سابقاً بإنها "مساحة غير متناهية من الحب"إن جاز وإعتبرنا إن هُناك مساحة بينى وبينه.
 -ففى تِلك المساحة المُتناهية الحدود أجتمع أنا مع أبى بنعمة الإبن وبإرشاد روح الله,وإن شئت فأُشارك"شخص أخر"معنا فى تِلك الجلسة,نحن ندعوه هذا الأخر "القدسيين"وحضوره يكون من خلال صلواتهم.فإن كُنت أشاء دعوتهم للمُشاركة فهذا حِسن,وإن لم أشاء فلى مُطلق الحُرية,فقط لابد من التمتع فى حضرة ووجود الثالوث  أهم من أى شئ أخر ومن أى دعوة لشخص أخر أن يُصلى لى أو يُشاركنى فى طلبتى...
-ومما سبق اتعجب! فإن كُنا نتفق على وجوب العبادة لله وحده,وإن كُنا نتفق على إن إكرام القدسين هو أمر كتابى,فعلى أى اساس كُنا نِختلف؟وعلى أى أساس نتخانق؟ولماذا لانُفِكر فى الجلوس للحوار؟حقيقة يحتاجها كل المسيحيين فى شتى الطوائف,الحوار والجلوس فى محبة للتِعرف على ما نتفق ونختلف عليه,لِعل ما حدث فى الحوار مع الكنيسة الأرثوذكسية الخلقيدونية خير شاهد على فائدة الحوار,فبعد إنقطاع وتحريم دام (14)قرن إكتشفنا إننا متفقين ولكن الخلاف على أسلوب التعبير[9].
 -مُلِخص ما قيل هو إننا كأرثوذكس وكأنجليين نؤمن بشفاعة القدسيين,ونرفض أن تكون عبادتنا لغير الله.نحتاج كأرثوذكس إلى أن نُطبق المفهوم السليم(الأرثوذكسى) للشفاعة وهو ما تدعوا إليه الكنائس الإنجيلية وهو الإقتداء بسلوك القدسيين ونمثل بإيمانهم.
 
النقطة الثانية:رفات القدسيين.بين الضرورة والرفض.
-وكما أوضحت سابقاً إنه من الضرورى أن نرجع إلى التاريخ الذى يوضح لِنا الفكر اللاهوتى وكيفية تطور هذاالفكر من عصر إلى عصر,ولكن قبل الرجوع إلى التاريخ علينا أن نوضح عِدة نقاط منها سؤال نبداء به مُسِتِهل حديثنا وهو [ماذا لو لم يكن هُناك تكريم لِرفات القدسيين]؟هل إنهارت الكنيسة؟هل فِشل التدبير الإلهى للخلاص؟هذا سؤال موجه إلى الأرثوذكس.وماذا لو كان هُناك تكريم لرفات القدسيين وإحترام للرِفات؟هل اصبح الأرثوذكس مُشركيين؟هل إنهار تدبير الله الأزلى للخلاص؟السؤال لمن يرفض تكريم الرفات.من إخوتى الإنجليين.

-ماذا لو أساء البعض فى تكريم[الرفات]هل يُعد هذا التصرف شئ بسيط؟أم خطية وجب عليها العقاب؟والأهم من هذا وذاك ماهيا نِظرة الله للإنسان الذى أساء فى[تكريم الرفات]؟أظنه مازال أب لمن أخطاء. ولمن لِم يُخطئ.ماذا لو كان لدى البعض الفِكر السليم تجاه[الرفات]؟هل هذا الأمر سيُضيف شئ إلى [تدبير الخلاص]؟إن رفض البعض وقبول البعض-رغم أرثوذكسية هذا-فهل هذا سيُنهى [تدبير الخلاص]؟هل ستتأثر علاقتى ونظرتى للمسيح؟.

- التدير الالهى لخلاص الانسان هو قائم فقط بين الله الاب والانسان ,وبين الله الاب والانسان يوجد ذبيحة المسيح الفصحية التى نتقبلها بروح الله القدوس  اذا فقضية الخلاص علاقة بين الثالوث القدوس وبين الانسان وما دون ذلك لاقيمة له فيكفى الثالوث كى ما أعيش فيه وبه.
-هل هذا يعنى انى ارفض الشفاعة؟ هل يعنى هذا تحيزى للفكر الرافض مقابل الفكر القابل؟.الحقيقة رغم إيمانى بـ"الشفاعة" وب "ارثوذكسية تكريم رفات القدسين" إلا إنى أقف موقف محايد بين الطرفين واتكلم من منطلق ان هذا لا يؤثر على خلاصى سواء قابل او رافض..
ولكن الأهم هو هل إبتدع الأرثوذكس هذا الامر؟هل إبتدع الانجيلين رفضهم لهذا الامر؟دعنى ابداء من الفكر الرافض. واقول إن [التكريم] ليس فكر إلزامى ولِست اظِن إن هُناك شئ الزامى فى المسيحية حتى الصلاة نفسها ليس الزام ولا اجبار .
-ولكن دِعنا نتجاوز الإختلاف فى وجهات النظر,ونحاول أن نتفق ونوحد النظر والرؤى على شئ أكبر وهو[المسيح]فإن كُنا نِختلف فى بعض الأمور فإننى أظنها صغير وقليلة,وربما غير موجودة,ولكن هُناك شئ أكبر وهو[المسيح].
-وأقولها وأنا شديد الأسف إنه إن كان المسيح ملئ أعيُننا ما كُنا ننظر إلى سواه,وما كُنا أخذنا بالنا من تِلك الخلافات القائمة بين مسيحى ومسيحى,وبكل أسف بِسبب التعصب قد تِمزق المسيح.إلى مسيح أرثوذكسى ومسيح للإنجليين وأخر للكاثوليك,ووصل حِدة الصراع إلى تكفير الآرثوذكسى إلى مسيح الإنجليين,غريب هذا الفِكر وعندى عجيب.

النقطة الثالثة:تكريم رفات القدسيين تاريخياً .

-وفى تِلك النقطة سوف أتجنب عرض فِكر أباء رافضيين او أباء مُرحبيين ولكنى فقط سأتكلم عن نقطة هامة وهيا لماذا كان الرفض فى القرون الثلاثة الأولى؟وماذا رفضوا؟؟ماذا حدث فى القرون التالية؟فإن فِهمنا تِلك النقطة فى التاريخ لأدركنا لماذا كان الرفض ولماذا كان القبول فى الكنيسة,ومنها يتكون لدينا خلفية لاهوتية تُمكننا أن  نتعرف متى نِرفض ومتى نقبل[تكريم رفات القدسيين]وهذا ما سأشرحه لاحقاً.
-وتبدأء القضية بالأريوسيين[10],فكان يقومون بـ"سرقة"الأجساد الخاصة بشهداء الكنيسة ويقومون بعرضها فى المقصورة الرئيسية[11],وكان فى عرضهم هذا شئ فظيع جداً وهو إزالة أكفانهم التى تكفنوا فيها,وكان الغرض من هذا هو إجتذاب مشاعر  المُشاهد[12].وكانت البدية بـرفض [دفن الشهداء او القدسيين] وتطور الأمر إلى وضعهم فى المقصورة كما أِشرنا أنفاً.
 -وكان من المعارضين لفكرة عدم دفن القدسيين والشهداء هو البابا أثناسيوس الرسولى,فلم يحدث من قبل إن أحد من الأباء الأنبياء ولا الرسل,بل والمسيح نفسه,ان يِتم الإحتفاظ بجثمانه دون الدفن,[13]ويقول القديس أثناسيوس :ـ[لم يُسلمنا أباؤنا هذا,لكنهم حسبوا عملاً مثل هذا تًعد للناموس...وكل الذين يموتون فى كل مكان يُدفنون[14],فكان القديس أثناسيوس يرفض[عدم دِفن القدسين والشهداء].
-ولم يكن ما فعله الأريوسيين هو لِتكريم القدسيين,بل كان الغرض الأساسى هو[الازدراء بهم]فكان الأريوسيين يضعون الأجساد فى[محفات خشبية ][15],وكان االسبب وراء هذا هو[ان يراها الناس]و[إستجلاب مشاعر ][16]المؤمنين لكى ما ينضموا إلى كنيسة الأريوسيين.
-وفى عصر أثناسيوس كانت أجساد الشهداء والقدسيين تُدفن فى جبانات الكنيسة,وهذا ما تسلمة أثناسيوس من الأباء الرسل والأنبياء,لهذا رفض أثناسيوس [عدم دفن القدسيين]ولم يكن هناك اى رفض منه ل[تكريم اجساد القدسيين].
-وهكذا الأمر مع الأنبا أنطونيوس فكان يخشى أن يقوم البعض بأخذ جسده بعد موته ووضعه على منضدة ويحفظونها داخل البيوت,ظانين بأن هذا تكريم للراقدين,فكان الأنبا أنطونيوس دائم التوبيخ لم يفعل هذا الأمر,فقد وبخ الأسقف لأن أجساد البطاركة والأنبياء مازالت محفوظة حتى هذا اليوم فى القبور كما أن جسد المسيح نفسه وُضع فى قبر.. .[17]
-ويُكمل أنطونيوس قائلاً إن عدم دفن الأجساد أمر يخالف الشريعة[18] حتى ولو كانت الأجساد مقدسة..وعندما سمع هؤلاء[الذين لايدفنون موتاهم]عندما سمعوا ابتدأوا بدفن الأجساد وشكروا الرب[19].وكان الأنبا انطونيوس يِعرف بتِلك العادة السيئة وهيا[عدم دفن الموتى]وتطور الأمر بإن البعض كان يحفر القبور [نبش القبور][20]ويأخذ الأجساد من التراب ويتم وضعها على منضدة دون أى مُبالاة بتحلل الجسد أو صعوبة الرائحة.
-وكان الأنبا أنطونيوس يعلم بكل هذا ويخشى أن يفعلوا به هكذا,لذلك عِند قُرب وقته. طلب من بعض الرهبان قائلاً:ـ[لا تفسحا فى المجال للأخرين بنقل جسدى][21].ويُكمل حديثه قائلاً:ـ[إنكما تعلمنا كيف كنت دائماً أوبخ الذين بفعلون هذا الأمر حاثناً إياهم على الكف عن هذه العادة,إدفنا جسدى تحت التراب][22].
-وكان هذا الأمر هو نفس  توجه "الأنبا باخوميوس" إذا أوصى تلميذه" تادرس"بنقل جسده من مكان دفنه...لئِلا يحمله البعض ويبنوا له مزاراً كما إعتادوا أن يفعلوا[23]كان هُناك أمر شائع فى هذا العصر وهو أخذ الأجساد ووضعها على منضدة لكى ما ينظرها الناس[24]. ,وكان الجسد يوضع دون الأكفان فقط كُل ما يضعونه هو شئ يخفى العورة فقط بعد سِحب المُخ عن طريق الشفط من الأنف وكان يوضع محلول  فى الصدر والبطن وكان يوضع الجسد فى ملح النطرون ويتم وضع شمع وتلوين الشفاه والخدود ,وهذا ما يُعرف ب[التحنيط],أما المرحلة الأخيرة من التحنيط قديماً كان يختلف فيها البعض فكان البعض يِلف قماش على الجسد,والبعض الأخر كان يكتفى بما سبق فقط والعادة الأولى كانت مُنتشرة فى مصر القديمة أما العادة الأخيرة فكانت معروفة فى القرون الميلادية الأولى[25].
-وفى فِعلتهم المُشار إليها أنفاً كانوا يضعون مِثل حِرم لتِلك المنضدة على شكل مُربع حول المِنضدة لكى ما تكون فاصل بين الجسد وبين المُشاهديين لهذا الجسد.وكان هذا الأمر مُستوحى من العادة الوثنية والفرعونية من عبادة لتِلك الأجساد مِن تقديم ذبائح وصلوات وإبتهالات[26].
-المُلِخص هو فقط إن الأباء السابق ذِكرهم رفضوا [عدم دفن الموت]وتحنيطهم كما فعل الأريوسيين,ولكن لم نِسمع عن رفض للأباء لـ[تكريم الأجساد],فكان فى القرون الثلاثة الأولى إضطهاد شديد على المسيحييين,ولم يكُن هُناك قدرة على أخذ جِسد أو رفات بعض القدسيين لوضعها فى مكان يليق بهم,ولكن عندما أستقر الأمور وهدئات الأحوال وعائش المسيحيين فى هدوء ,وكان يتم إكتشاف رفات بعض القدسيين الذين إندثرت أجسادهم أو الذين دُفنوا ,وعند إكتشافاها كان يتم تكريمها.وهذا لا يُعنى إن خلال تِلك الفترة كان لايُكرم [الأجساد]بل هُناك فى ذلك العصر ما كان يُكرم الرفات مثل القديس[يوحنا ذهبى الفم والقديس جيروم وباسليوس وغيره].
-وعندما إستقرت الأوضاع كان القديس كيرلس عمود الدين هو من أوائل الباباوات الذين أقاموا مزار للقدسسين والشهداء وكان هذا فى عام (429م)وكان هِدف البابا كيرلس ليس إلا مصلحة الكنيسة,فكان هذا المزار الذى أقامه فى مدينة[مينوتيس]وهيا مدينة قريبة من الإسكندرية كان يتم فيها الإحتفال ببعض الألهة الفرعونية وكان المسيحيين يشتركون فى تِلك الإحتفالات كعادة إجتماعية وليس لغرض التعبد,فقرر البابا كيرلس تشيد مزار مسيحى وسط هذا الجو الوثنى,وكان هذا هو مزار القديس أباكير وعُرف بهذا الإسم حتى لحقه جسد القديس يوحنا فتسمى هذا المزار بأساميهم[27]
-والأن ماذا لو لم يؤمن البعض بهذا السرد التاريخى لحقيقة إيمانية؟هل خرجوا من المِلة ووجب تكفيرهم؟إننى أخشى من أن نصل لِمرحلة نُصبح فيها أعداء واتضاد بعضنا البعض,ونقوم بالإقتتال من أجل نًُصرة طائفة على الأخرى كما حدث فى العصور الغابرة..
-نحن نحتاج إلى أن نعرف كيف يكون الحوار لكى ما نعرف كيف نتعامل مع بعضنا دون إهانة أو تجريح للأخر,فليؤمن بـ[تكريم الرفات]من يؤمن ويرفض من يرفض ,فكلا الأمريين مُباح ولا يؤثر على تدبير الخلاص.ولكن فقط لا نرفض أفكار بعضنا البعض,ولا نفرض رأى على أخر .ليتنا نجعل إختلافنا على أجمل ما فينا من خُلق ,ولنُغار فى الحُسنى ونتعلم من بعض كيف تكون الصلاة والإقتراب من المسيح .أظن إن هذا أفضل بكثيرا من تِلك الحرب الدائرة...



مينا فوزى.

2\5\2015


[1] لا أقصد باللاهوت العربى لاهوت الدكتور يوسف زيدان.

[2] راجع كتاب"عقائدنا الآرثوذكسية المسيحية"مراجع الآنبا بيشوى والآنبا موسى,,الآنبا متؤس ص.380

[3] هو الدكتور عيسى دياب دكتوراة فى اللاهوت من كليه الثالوث الأقدس فى الولايات المتحدة,ودكتور فى تاريخ ديانات الشرق الأدنى ودكتور فى ثقافات ومجتمعات العالم العربى والإسلامى من جامعة بوردو  الثالثة فى فرسنا وهو قس إنجيلى,انظر كتابه"مدخل إلى تاريخ الكنائس الإنجلية ولاهوتهاص270-271.

[4] انظر جورج صبرا"نؤمن ونعترف "كتاب العقائد للكنائس الإنجليه المصلحة.بيروت كليه اللاهوت للشرق الأدنى,ص191.

[5]  انظر كتاب"مدخل إلى تاريخ الكنائس الإنجيلية ولاهوتها لدكتور القس جعيسى دياب ,ص269.

[6] هُناك بعض الشيع الإنجلية ترفض الشفاعة رفض بات,ولكن هذا ليس السمة الغالبة على اللاهوت الإنجيلى.فالغالبية تؤمن بالشفاعه كأمر كتابى,أنظر المرجع السابق.

[7] "مدخل إلى تاريخ الكنائس الإنجيلية ولاهوتها لدكتور القس عيسى دياب ,ص269

[8] انظر كتاب "كنيستى الآرثوذكسية ما أجملك(2)"تقديم الآنبا بيشوى والآنبا موسى صفحة44-45..قد ورد بالحرف لتعريف الشفاعة [فإن كان القديسون –مثل القديس بولس –يطلبون صلواتنا أفلا نطلب نحن صلواتهم,وإن كنا نطلب الصلاة لأجلنا من البشر الآحياء الذين لا يزالون تحت اللآلام مثلنا,أفليس يليق  بالأحرى أن نطلبها من القدسيين الذين اكملوا جهادهم؟.

[9] انظر كتاب"الطبيعة الوحيدة"المونوفيزيس فى مقابل الطبيعة الوحدة للقمص تادرس يعقوب ملطى ص14-17

[10] راجع الدراسةالتفصيلية عن الاريوسيين للاب "ب.ك خريستو"استاذ الأباء فى جامعة تسالونيكى.

[11] كان تقسيم الكنيسة قديماً هو جانب لرجال وأخر للناس,وبين الجانبيبن كان يوجد مقصورة رئيسية يقف فيها الأب ليعظ أثناء القدس,وهيا غير خورس الشمامسة.

[12] راجع كتاب"رفات القدسيين"بين الرفض والقبول,للدكتور القس ماجد فلتس,ص230.وهيا دراسة تاريخية تبتعد عن اى تحيز لفكرة مُعينة يقوم بها شخص غير مؤمن بتكريم الرفات ولكنه يتكلم بشكل محايد جداً.

[13] مجلة الإسكندرية -العدد السادس عشر- السنة السادسة العدد الاول ص258.

 [14] المرجع السابق ص272.

[15] المرجع السابق ص271.

[16] المرجع السابق ص230.

[17] المرجع السابق ص259.

[18] كانت العادة عند المصريين هيا تكفين أجساد العظماء وعلى الأخص الشهداء القديسيين وحفظها دون دفنها تحت التراب وكانت توضع على منضدة ويحفظونها داخل البيوت ظانين بأن هذا تكريم للراقدين.

 [19] المرجع السابق.

[20] تِلك العادة كانت مُنتشرة فى منطقة فلسطين ومصر وشمال أفريقيا,وكان هُناك عادة قديمة بوضع حِجر كبيرة على القبر لكى ما لا يأتى اللصوص لسرقة القبر .ويقول علماء الكتاب المقدس مثل[ا.ب.برس]إن هذا الحجر كان كبير وثقيل جداً,كان يوضع للحفاظ على الموتى من الوحوش ومن اللصوص.

[21] مجلة الأسكندرية,المرجع السابق,ص259

[22] المرجع السابق.

[23] المرجع السابق.

[24] "رفات القدسيين"بين الرفض والقبول,للدكتور القس ماجد فلتس ص14.

[25] راجع كتاب الحضارة المصرية للدكتور معهود نظمى,فصل التحنيط و العلوم,الجزء الخامس  من صفحة217-299.جامعة الإسكندرية

[26] المرجع السابق فصل التحنيط فى الحضارت المُختلفة.ص301.

[27] مدرسة الإسكندرية,مرجع سابق ص260.