2023/05/31

البليروما و سيرنثوس

البليروما و سيرنثوس 

  • كان سيرنثوس-او كيرنثوس- شخص مسيحى غنوصى, معاصراً للآباء الرسل. [1] اعتبره آباء الكنيسة –فيما بعد-مهرطق, وكان يستخدم نسخة لانجيل متى-غير سليمة- كما يخبرنا ق.ابيفانيوس.[2]  وكان هُناك تشابه كبير بين تعليمه وبين الأبيونيين, فكان لايقبل أن يخلق- الله السامى-العالم المادى, وبالتالى خلق المسيح ليخلق به العالم-آريوسية- دون أن يتلامس مع هذا الكون. [3] وكانوا- الأبيونيين-يتنصلون من بولس الرسول,فكانوا يعتبرونه مرتد عن الناموس, لآنه لايمارس الختان ولا يحفظ السب ولا الفرائض اليهودية.[4]
  • حسب ق.ابيفانيوس(ق4)فتعليم سيرنثوس كانت متشرة فى مقاطعة اسيا الصغرى ,كما انتشرت فى غلاطية.[5] , وهذا الشخص نفسه هو من قال عنه ق.بوليكاربوس, ان يوحنا الرسول خرج من الحمام فى أفسس بسبب وجود سيرنثوس المهرطق, قائلاً:ـ" دعنا نفر من هنا لئلا يسقط الحمام علينا,لان سيرنثوس عدو المسيح-الحقيقة-موجود فى الداخل."[6]
  • وبسبب هذه البدعة كتب ق.بولس رسالة كولوسى, ليؤكد فيها,ان الله ليس بعيد عن العالم المادى,فالله بكل ملئه-البليروما-قد حل فى المسيح, فهناك علاقة مباشرة بين الله والكون المادى,بما فى ذلك الإنسان.
  • وعليه يفرق اغلب علماء العهد الجديد بين كلمة theotes (كو9:2)-جوهر الله- وبين كلمة theiotes (رو20:1)وتعنى اشراق مجد الله المنعكس على البشرية,او خصائص الألوهية[7] , حسب N. T Wright فالكلمة الثانية(ألوهية)هى خاصية يمكن لاى شخص أقل من الله ان يمتلكها, [8] فهناك فرق بين كلمة الجوهر الإلهى, وبين كمال الالوهة والصفات الالهية.
  • ففى المسيح يحل كمال-جوهر- الألوهية(كو9:2),الذى نشترك-نحن-فيه, وفيه-نحن-مملوؤون (كو10:2),ويستخدم اثناسيوس الكلمة الأولى, ليقول ان الكلمة صار جسد ليجعل الانسان قادر ان يستقبل اللاهوت.[9]
  • وتعتبر الغنوصية من أشد الهرطقات التى واجهتها الكنيسة, لك أن تتخيل هرطقة موجودة قبل المسيحية بقرنين او اكثر, وممتدة مع الكنيسة حتى القرن الخامس, كم كان ملحوظ انتباه الآباء لهذا الامر, فنجد لاهوت أثناسيوس قائم على التأله الذى يتم من خلال التجسد الإلهى, اما كيرلس الكبير فالخلاص عنده هو الوصول الى الشركة مع الله.والاتحاد به[10]


[1] Epiphanius و Frank Williams, The Panarion of Epiphanius of Salamis. Book I (Sect[Ion]s 1-46) Book I (Sect[Ion]s 1-46) (Leiden; Boston: Brill, 2009), 117–18.
[2] William Hone و Jeremiah Jones, The Apocryphal New Testament: Attributed in the First Four Centuries to Jesus Christ, his Apostles and their Companions, and not included in the New Testament by its Compilers, Translated from the Original Tongues and now First Collected into One Volume, 2010, 397,.
[3] Robert H Gundry, A Survey of the New Testament, 2012, 536, http://rbdigital.oneclickdigital.com.
[4] IRENUS, 1.26.2.
[5] Epiphanius و Williams, The Panarion of Epiphanius of Salamis. Book I (Sect[Ion]s 1-46) Book I (Sect[Ion]s 1-46), 120.
[6] IRENUS, AGAINST HERESIES., 3.3.4.
[7] THOMAS KINGSMILL ABBOTT, CRITICAL AND EXEGETICAL COMMENTARY ON THE EPISTLES TO THE EPHESIANS AND TO THE COLOSSIANS. (S.l.: HANSEBOOKS, 2019), 248.
[8] N. T Wright, Dale Larsen,  Sandy Larsen, Colossians and Philemon (Downers Grove: InterVarsity Press, 2009), 93–95,
[9] Athanasius, The Orations of S. Athanasius against the Arians. (London: Griffith Farran & Co., 1900), 2;59.
[10] Cyril, The Commentary on the Gospel of St John (Maidstone, England: Oriental Orthodox Library, 2006), 17.20-21; LFC2,549.

2023/05/10

ثاوفيلس واختلاق التهم (ج4)

 

ثاوفيلس(ج4)

-      وقفنا مؤخراً عندما ارسل ق.يوحنا الى ثاوفيلس يطلب منه بكل لياقة وكابن واخ يستعطفه ان يحتضن هؤلاء الرهبان الصغار[1]،ويؤكد ق.يوحنا ان هؤلاء الرهبان "ذو عقيدة أرثوذكسية بشأن الطبيعة الإلهية"، بل ويطلب من ثاوفيلس ان يرسل له من "يدعى ضدهم" وكبرياء ثاوفيلس منعه ولكن مؤخراً جاء الرد فيه كثير من العجرفة كما سنرى [2]

-      لقدكان هدف ق.يوحنا هو ان يُصلح بين الرهبان وثاوفيلس، يسعى للخير، لكن ثاوفيلس رد جميل ومعروف يوحنا بالشر،و رفض   كل ما طلبه يوحنا،وارسل اليه أشخاص تجيد الجدل اللفظى،واملى عليهم بيانات غاشة،وقد يأس الرهبان من ثاوفيلس، اذ يكمن ضدهم مشاعر كراهية،فارسلوا لثاوفيلس يقولوا له"نحن ضد اى تعليم عقيدى خاطئ" وقصوا على يوحنا كل ماحدث من ثاوفيلس من عنف..الخ،ورفعوا شكوى للامبراطور.[3]

-      فحاول يوحنا ان لايدخل الامبراطور،ويحل الامر ودياً،رغم جفاء ثاوفيلس فى رده على رسالته،اذ كان كل همه هو سلام الكنيسة،وعندما فشل فى اقناع الرهبان،ارسل الى ثاوفيلس يخبره ان هؤلاء الرهبان يأسوا ووصلوا الى مرحلة صعبة جداً،وكتبوا شكوى ضدك  ،والامر متروك لك كما ترى، فانا غير قادر ان اقنعهم بمغادرة العاصمة[4]

-       فاستشاط ثاوفيلس غضباً وقال ليوحنا  :-  "ارى انك لاتعلم قوانين نيقية،اذ تنص ان لايجوز لاسقف ان يشرف على شى خارج حدود اسقفيته،وان كنت تعلم ذلك فدع هذه الاتهامات لي  لوحدى، تقام ضدى اما قضاة مصريين وليس امامك"[5]

-      وبعدما استلم يوحنا رد ثاوفيلس، حاول ايضاً حل المُشكلة ولكنه  فشل، فطلب الرهبان من الملكة النظر فى هذا الامر،وبالفعل امرت ان يُستدعى ثاوفيلس للوقوف امام القضاء،وتكون المحاكمة امام ق.يوحنا.[6]

-      وعلى رسل ثاوفيلس اثبات اتهاماتهم والا دفعوا الغرامة, واذ شعورا بالخوف-   أجلوا الأمر عندما ياتى ثاوفيلس،فتم حبس الرسل حتى مجئ ثاوفيلس، الذى يصفه بيلاديوس قائلا: "لقد جاء مثل خنفساء محمل ببراز مصر والهند جاء معطراً ليُغطى غيرته القبيحة(النتنة)   [7]

-      لقدجاء ثاوفيلس كمتهم، ولكن تبدلت الامور عندما انتقد ق.يوحنا بعض النساء.فغضبت الامبراطورة،وطلبت من ثاوفيلس ان يرأس المجمع، فتحول ثاوفيلس من "متهم الى قاضى" فبدل من مناقشته فى اخطاءه، طلب منه الامبراطور ان يعقد مجمع لمحاكمة يوحنا[8]

-      وفى هذا الوقت زار "أكاكيوس اقف بيرية"  يوحنا ،فلم يُرحب به كما يليق، فغضب أكاكيوس  وتوعد يوحنا بأن يُتبل له الوعاء"وحشد ضده" كل من يكره ذهبى الفم، حتى لو دجالين مثل" اسحق سيركس" او  محبين للمال مثل "سيفريانوس،وانتيوخوس"و هؤلاء الاثنين كانوا محبين للمال جدا[9] 

-      وقبل ان ينعقد مجمع"السنديان"اجتمع كل هؤلاء ضد ذهبى الفم ، يقول بيلاديوس "بحثوا عن اى سلاح ضد يوحنا فى انطاكية ولما لم يجدو ارسلو الى ثاوفيلس  ، المجرد من القيم والمعروف بديك الريح[10]،فهو ماهر فى اختلاق هذه الامور"[11]

-      اما ثاوفيلس فميتوصاش حرفيا يقول بيلاديوس"فتح دفاتر ذهنه بكل حيل وتلصص واجتهد فى ايجاد اى ذريعة لاتخاذ موقف"[12] وان مكنش ثوفيلس يخد موقف مين ال هياخد؟دا تخصص، اما سوزومين يقول" بدأ ثاوفيلس يفكر فى اى وسيلة تمكنه من خلع يوحنا من كرسي"[13]

-      وعندما جاء ثاوفيلس فقد جمع  حوله كل الاساقفة الكارهين ليوحنا من مدن مختلفةـ، ومن ضمن هؤلاء  اسقف خلقيدون المدعوا سيرنوس الذى تكلم بكذب كثير على يوحناـ ووصفه بالمهرطق المتعجرف والمتزمت....وتكلم ثاوفيلس باتهامات عديدة ضد يوحنا دون ان يتطرق الى اوريجن باى كلمةـ

-      وكانت التهمة الموجهة ليوحنا كثيرة، اغلبها   قد فعلها ثاوفيلس "من قتل،وضرب،وسرقة،ورشة ...الخ"وكان من ضمن التهم الموجه الى يوحنا (كان يسخن الماء لنفسه وعند خروجه من الحمام يقوم سرابيون بغلقه كي لا يدخله أحد.( وتخيل اجتمع ثاوفيلس وكل الاساقفة دى علشان يقولو ليوحنا "انت بتسحن ماء..وبتخلى سرابيون يغلق الحمام وراك"ضحك فى ضحك،  يصف سقراط هذه التهم بانها "جرائم متعددة بعضها فى غاية السخف"[14]

-      ويعلق القمص تادرس يعقوب قائلا :- "أخطأ البطريرك السكندري في قبوله دعوى الإمبراطور لعقد مجمع عاجل لمحاكمة البطريرك القسطنطيني، فما كان يليق به أن ينتقم لنفسه بهذه الصورة المحزنة. لقد تسرع في ذلك، فجمع حوله الطاقات المضادة للبطريرك يوحنا، التي لا تعمل لأجل الحق، بل تحمل كل ضغينة وكراهية لهذا القديس." [15]



[1] Palladius, 7.

[2] Sozomen, The Ecclesiastical History of Sozomen.8:13

[3] Palladius, 7.

[4] Palladius, 7.

[5] Palladius, 7.

[6] Palladius, 8

[7] Palladius, 8

[8] Sozomen, The Ecclesiastical History of Sozomen.8:16

[9]  Palladius, The Dialogue of Palladius Concerning the Life of Chrysostom, 6.

[10] النص بالانجليزى weathercock،وهو شكل ديك يوضع فى جهاز بسيط لتحديد اتجاه الريح،وحرفيا يعنى " person who is fickle or changeable" اى شخص متقلب ومتغير

 

[11] Palladius, The Dialogue of Palladius Concerning the Life of Chrysostom,5

[12] Palladius, The Dialogue of Palladius Concerning the Life of Chrysostom, 6.

[13] Sozomen, The Ecclesiastical History of Sozomen, 8:13.

[14] Socrates, Ecclesiastical History.6:15

[15] القمص تادرس يعقوب ملطى،القديس يوحنا ذهبي الفم (سيرته، منهجه وأفكاره، كتاباته)85