2023/04/24

العلامة اوريجن والاتهام بتناسخ الارواح

 

-     -اثناء القراءة فى الادب المسيحى المبكرـ اوحتى لاباء الكنيسة الاوائل علينا ان نفرق بيت امرين وهم:التكهنات اللاهوتية theological speculations وبين العقيدةdoctrineفكثيرا من تكهن اباء الكنيسة فى النطاق المسموح لهم. 

لا -  اوعلينا ان نضع فى الاعتبار انه حتى القرن الرابع لم يفكر أحد أن يُدين أوريجن كمهرطق، أوحتى كشخص له أفكار خاطئة،فحتى فى خضم صراع الكنيسة مع الاريوسية، لم يتورع احد وتهجم على اوريجن،بل ظل مصدراً للاباء المدافعين عن العقيدة مثل ق.أثناسيوس وق.ديديموس الضرير .والاباء الكبادوك[1],الا ان الاتهام بالهرطقة والهجوم بتبجح كان فى رسائل ثاوفيلس،بالتحديد رسالته المجمعية (عام 400م)وايضا الرسالة رقم 16(عام 401)[2] ، وما تقراءه فى رسائل ثاوفيلس لن يختلف كثيراً عما كتبه جيروم،كما لو كان سكريبت والكل ينقل منه

-     فبعد ان يسرد   ثاوفيلس وصلة شتايم فى أوريجن وأتباعه يقدم احدى الضلالات-حسب وصفه –وهى تناسخ الارواح،اذ يقول :- (وفقا لخرافات أوريجن....عبثاُ  يتصور أن الأرواح تصعد وتنزل من السماء...نتيجة لعدد من السقطات....فلايوجد انسان يموت اكثر من مرة،كما تبجح وكتب اوريجن،لانه كان يرغب فى توثيق بدعة الرواقيين من خلال الاسفار المقدسة)وايضاً ( ما هي الحاجة الى الإسهاب في هذه التفاهات؟ ولكن دعونا نتحرك الى إلى أخطاء آخر. فهو يقول ان الاجسام لن تكون فى المستقبل،الا اذا سقطت ارواح من السماء فى اللاجساد،ويتكرر هذا، حتى   تضمحل تماماً.من لايرتجف عندما يسمع تلك الامور.[3]

-          وبعد (10اعوام)من مكاتابات ثاوفيلس، فإننا نجد نفس الكلام يكتبه جيروم بالمسطرة ،فيقول " ويستمر-اوريجن- فى استناجاته حتى وصل الى ان الملائكة والبشر ة والشياطين من نفس الطبيعة...ممكن توقيع العقوبة عليهم بسبب خطاياهم وتكاسلهم ...فان ارادوا الا يعاقبوا ويتجنبوا عذاب النار،فيختارون ان يسجنوا فى كائنات اولية،او يعيشوا تحت الماء ـولهذا -الكلام على لسان جيروم- لنا الحق ان نخشى من التمسخ والتحول الى ذوات الاربع او اسماك،ولكى ينفى اتباعه نظرية فيثاغورس فى تناسخ الارواح  يقول-اوريجن-لايظن احد انى اقدم عقائد بل انا اقدم استنتاجات وتكهنات فهى امور لم تدرس ولم يفكر فيها احد حتى الان...فهو بذلك يتبع ضلالات الوثنين ويمزج المسيحية بتخاريف الفلاسفة...فهو بذلك يدافع عن عقيدة التناسخ التىى تعلمها من فيثاغورس وافلوطين][4]

-          وفى النهاية يقول جيروم"هذه كانت حقيقة اوريجن ،الا يعد هذا نوع من الجنون....ضلالات فادحة...فكان على من كتبوا ضد الهرطقات ان يردوا على تلك الهرطقات-الاوريجاينة-فمن اراد ان يقرأ الكتاب عليه ان يرتدى حذاء تجنباً للدغات الحيات ولسعات العقارب،وعليه ان يقرأ مقالى اولاً"[5]

-          ولاتختلف نهايةجيروم  عن ثاوفيلس  فى تحذيره من كتب اوريجن فيقول (لاأحد يتجرأ على التقليد  المسلم ...لااستطيع ان افهم ماهو فكر اوريجن....من أجل ذلك لننضم الى كورال واحد مع القديسين لنعبر فى وسط اخطار بابل،ولنتجنب سم اوريجن)[6]

-          وبعيد عن الغرض من التبجح والقاء التهم بغير وجه حق، فيبقى سؤال هام وهو "

هل حقاً كان اوريجن يؤمن بتناسخ الارواح" 

ولنتركه هو يجيب  عن تلك التهمة,

 

-          فى تفسيره لانجيل متى يقول:- فى هذا المكان لايبدو ان  روح ايليا هو الذى يتكلم، ولكى لا أقع فى عقيدة تناسخ الارواح، تلك العقيدة الغريبة عن الكنيسة،اذ لم يسلمها لنا الرسل،ولا ذكر لها فى الكتاب المقدس، لأنها تتعارض مع قول الكتاب أن الاشياء التى ترى وقتيه(2كو18:4)وان الزمن له نهاية،فالسماء والارض تزولان(متى 35:24) [7]

-          وايضا دع هؤلاءالغرباء عن عقيدة الكنيسة،يعتقدون  ان الارواح تنتقل من اجسام البشر الى اجساد الكلاب،حسب نسبة الشرور المتفاوتة،ولكن نحنن لم نجد هذه-العقيدة- فى الكتاب المقدس بتاتاً.[8]

-          وفى رده على كيلسس يقول:- "وانا اسالهم  كينونانيين...ان الذى يرسل الارواح الى الاجساد يمكن ان يحط من مقام ذاك-المسيح-ويجعله يولد اشنع ولاده-الزنا-بدل ولادته بزيجة شرعية؟ ألا ينسجم مع العقل is it not more in conformity with reason ان كل الارواح-لاسباب معينة mysterious reasons- تدخل الجسد وفق ماتستحقه من أعمال سالفة former actions؟[فأنا أتكلم حسب معتقد فيثاعورس وافلاطون واميدوكليس،اذ كثيرا ما كان يذكرهم كلسس ]ـ فالاراجح ان هذه الروح التى افادت اكثر وهى منتظرة فى الجسد ان لاتسمو على الجسد فقط بل تتسم بكل الصفات النبيلة[9]

-          ومن هذا النص فهم ثاوفيلس انه يتحدث عن التناسخ كعقيدة خالصه عنده اوريجن،دون ان يدرى انه يتكلم هنا بلسان فلاسفة اليونان،وهونفسه قال انه يتكلم حسب معتقد فيثاعورس وافلاطون واميدوكليس ولاعجب من تحوير الكلام,لقد حذر ق.أثناسيوس من قراءة كتب اوريجن دون تركيز اوفهم  ولكن لا احديسمع[10]



[1] Athanasius ,Hans-Georg Opitz, De decretis Nicaenae synodi. (Berlin: De Gruyter, 1935),25- 27.

[2] Norman Russell, Theophilus of Alexandria, Early Church Fathers (London: Routledge, 2007), 93-100

[3] Russell, Theophilus of Alexandria, , 101,

[4] Jerome, Thomas Comerford Lawler, Charles Christopher Mierow, The Letters of St. Jerome, 1963, 124:4-6.

[5] Jerome, Lawler, Mierow, The Letters of St. Jerome.124:15-16

[6] Russell, Theophilus of Alexandria.114

[7] Origen, The Commentary of Origen on the Gospel of St Matthew, Ronald E. Heine, First edition, Oxford Early Christian Texts (Oxford, United Kingdom: Oxford University Press, 2018).13:1

[8] Origen. The Commentary of Origen on the Gospel of St Matthew,11:17

[9] Origen, Against Celsus = Contra Celsum: The Complete English Translation from the Fourth Volume of the Ante-Nicene Fathers, A. Cleveland Coxe, Frederick Crombie, New edition with introduction and notes revised (United States: Ex Fontibus Co., 2013).1:32

[10] thanase, "St Athanasius’s Four Orations against the Arians, and His Oration against the Gentiles. Translated from the Original by Mr Samuel Parker. In Two Volumes. To Which the Translator Has Prefixed Observations for the Better Application of St. Athanasius’s Reasoning; Together with a Few Queries Recommended to Mr Whiston’s Consideration, and a Confutation of His Impious Doctrines in a Table of References from Mr Whiston’s Treatises to the Orations Aforesaid" (Farmington Hills, Mich: Cengage Gale, 2009)5:11

اقنومية الخليقة والرجاء العظيم(ق.يوحنا ذهبى الفم)

اقنومية الخليقة والرجاء العظيم

قراءة فى نص تفسير ق.يوحنا ذهبى الفم لنص رومية19:8-20)

 

-     شخصنة الخليقة، استخدم ابائنا كتبة العهد الجديد الفكر اليونانى لسهولة التواصل وايصال الفكرة، ومن اسس الفكر الفلسفى اليونانى هو مشاركة العقل والخيال فى انتاج اى مفهوم فلسفى، فجاء التشبية والمجاز والخطاب الاستعارى عند اليونان كنوع من الشرح واليضاح.فظهر اصطلاح"شخصنة الخليقة" anthropomorphism

-     ومعنى anthropomorphismهو:- "تمثيل الالهة او الطبيعة البشرية وحتى الحيونات غير العاقلة على انها مثل البشرـوانها تمتلك فكر ونويا بشرية.[1]

-     وهذا المصطلح انحصر  فى السباق اللاهوتى المعاصر حول الحديث عن الله فى الكتاب المقدس، من وصفه بصفات وخواص بشرية، وهو مصطلح له تاريخ طويل من الصراعات لامحل لها الان

-     المهم ان هذا الاسلوب الفلسفى استخدمه كتبة العهد الجديد، وبالتحديد ق.بولس فى رسالته لرومية(ص8)اذ يشخص الخليقة ويصفها انها"تئن" و"تتمخض" هذا الانين وهذا المخاض الذى فى الخليقة يتبعه رجاء"انتظار استعلان اولاد الله" ،فهذه الخليقة تتألم لانها تنتظر خيرات الدهر الاتى...فالانتزار يعنى رجاءها الكبير..فانه-بولس- يشخصن العالم كلهـالامر الذى صنعه الانبياء فيعرضون الانهار كانها تصفق والجبال كانها تبتهج..وهذا لايعنى ان للجبال نفس،او ممكن ان تفكر,,فهذا لكى ما نعرف ان الخيرات الوفيرة جداً،سةف تصل الى الاشياء الغير عاقلة"[2]

-     فهم-الاشياء الغير عاقلة- يفعلون هذه الامور عندما يحزنوا،فيعرضو لنا الكرامة كانها تنوح والهياكل كانها تصرخ..وبولس الرسول هنا يشخصن الخليقة ،makes a living person of the creature here، ويوضح كيف انها تئن وتتمخض،لا لأنه سمع انين الارض ولسماء، ولكن لكى مايشير الى الخيرات الاتيه الوافرة جدا،معلنا الرغبة فى التخلص من كل الشرور السائدة but that he might show the exceeding greatness of the good things to come[3]

-     ثم يكمل ق.يوحنا ذهلى الفم قائلا:- "أرأيت كيف أخضعت الخليقة للبطل bondage to vanity, وكيف ستتحر tο be freed from the ruined state....ومع  هذه الأرض سينتقلون-البشر-الى عدم الفساد  through it they are changed into an incorruptible .[4]

-     هنا يعلن بولس ان الخليقة اخضعت والسبب انها احتُقرت وعانت البطلان...هذا لأن ماحدث كان من أجلى أنا،هى التى عانت وجازت البطلان من أجلى...ستصير فاسدة ايضا على الرجاء...وهو لم يقل ذلك ليظهر ان لها فكر،بل لكى ماتعرف انت ان كل الاشياء مرتبطة برعاية المسيخ,وان كان  العتق من الفساد غير مرتبط بالفساد؟فعلى اى رجاء أخضعت الخليقة؟

-     فالخليقة نفسها لن تكون بعد فاسدة، بل ستتبع جمال الخلود الذى سيناله جسدك..فعندما صار جسدك فاسدا فالخليقة صار فاسدة،وعندما صار جسدك غير فاسد ،فعدم الفساد سيلحق بالخليقة ايضاً...فقال" الى حرية مجد اولاد الله"بمعنى انها ستنعتق الى الحرية

-     مثلما يحدث مع امرضعة ابن الملك ،عندما يتقلد السلطة فان المرضعة ستتمتع هى ايضا بكل الخيرات ...هكذا سيحدث مع الخليقة..هل رايت فى كل مكان يحتل الانسان المكانة الاولى ،وكل شى يحدث من اجله..وكيف يعزى المجاهد..فان كنت انت تئن لاجل نفسك فالخيقة تئن هى ايضا من اجلك.

-     فحين يظهر الابن عند مجيئه ، فالخدم سوف يلبسون الزى المشرق a brighter garment,هكذا يلبس الله الخليقة رداء الخلود من اجل حرية مجد اولاد الله so will God also clothe the creature with incorruption for the glorious liberty of the children.[5]



[1] Simon Blackburn, The Oxford Dictionary of Philosophy, 2nd ed. rev, Oxford Paperback Reference (Oxford: Oxford University Press, 2008), 23

[2] John Chrysostom, The Homilies of S. John Chrysostom, Archbishop of Constantinople on the Epistle of St. Paul the Apostle to the Romans, Charles Marriott, J. B. Morris, Library of the Fathers of the Holy Catholic Church, Anterior to the Division of the East and West. (Oxford, London: John Henry Parler, F. and J. Rivington, 1848). Hom 14

[3] John Chrysostom. 14 ( Ver 8:19-20)

[4] John Chrysostom. Hom 14 ( Ver 8:20)

[5] John Chrysostom. Hom 14 ( Ver 8:21)