2016/04/16

مخاضُ الكنيسة-قراءة فى واقع كنيستُنا اليوم(ج2)



  • كتبتُ مقالٍ منذ عدة اشهر عن واقع كنيستُنا إبان "وفاة القس البروتستانتى الشهير القس منيس عبد النور", وحينها عقدتُ مُقارنة بين واقع كنيسة روما بالأمس,ووقعُ كنيستُنا اليوم, وكان وجه المُقارنة فيما يختص"بحركة الإصلاح" وحينها تكلمتُ عن الوجه المُضئ لتيار الإصلاح,مُتجنباً أى سلبيات.
  • فما أمسُ الحاجة اليوم إلى الإصلاح, إصلاحاً يجتاحُ الكنيسة من رأسُها حتى  أخمصُ القدم, والحاجة للإصلاح هى ذاتُها الحاجة إلى العودة إلى الكنيسة الأولى وفكر الآباء وتعاليمهم, لا العودة إلى مُعلمى العصور الوسطى, تلك الحقبة التى قسمت ظهرُ الكنيسة.
  • إن الكنيسة تتمخض اليوم مُنتظرة مولودها الجديد, ولكنها ولادة عسرة جداً, ورغم ذلك فهى ماضية فى طريق الإصلاح لا مُحالة من ذلك, ولا عزاء لمن يتمسك بتعاليم العصور الوسطى,  فتيار الإصلاحُ قادمً لامُحالة, وسيعصفُ بكل ما هو خبيثاً وسيقتلعُ الزوان من بين القمح,
  • إن المرأة إبان المخاضُ تتألم وتؤلم من حولها ,هكذا الكنيسة اليوم تتمخض ومخاضُها سيطول قليلاً, وستتألم,  وستؤلم من حولها ومن فيها, ولكنها ستلدُ مولوداً نفرحُ جميعاً حينما نراهُ,وعلينا نحنُ كخُدام لهذه الكنيسة أن نتمخض معاها,لكى ما نتمجدُ بمجدُها فيما بعد.
  • و لا إصلاح بدون حوار, فأساس أى إصلاح هو الحوار, والنقاش, وإعطاء الفرصة للأخر أن يقول ما لديه, ونُحسن الإنصات للأخر,فلا إصلاح بدون نقاش وحوار, لذلك إن شئنا الإصلاح فعلينا أن نتعلم نحنُ كخُدام"فن الحوار", ومن ثمَ نُعلمه لمن هُم أصغر مِننا.
  • ومن أُسس الحوار  "الموضوعية" فالموضوعية فى النقاش والحوار أمراً هاماً جداً   مع الأخر المُختلفُ معاه, فإشهار سيف الهرطقة وفزاعة المُحاكمة لهى وسيلة هينة ورخيصة لمن يوجد فى كنيسة عظيمة ككنيستُنا.
  • بل إن تخطئة وهرطقة الأخر هى وسيلة الضُعفاء, أو هى مركبة الفشلة, فالفاشل الذى لايقدرُ على النقاش أو الإتيان بالبراهين ,أو التعليم بأمورٍ لم نجدُها فى كتابات الآباء ولا حتى فى الكتاب المقدس,لذلك علينا أن نكون أكثر موضوعية ونُناقش الحُجة بالحُجة مُتخذين من الآباء ,ولاسيما أثناسيوس نبراساً لنا, ونتعلم منه كيف حاججُ الأريوسيين والوثنيين.وننظر لكيرلس الكبير-المغضوب عليه-كيف كان يُراسل نسطور وكيف كان يتودده ويُلاطفه فى رسائله.علينا أن نعود لهؤلاء ونتعلم منهم إسلوب الحوار.
  • وطالما إرتضينا الحوار والموضوعية ,فعلينا أن نكون أُمناء فى تقيمتُنا وفى إحتمالاتُنا أيضاً,فعلينا أن ندخُل الحوار واضعين فى أذهانُنا عدة إختيارات وهى:ـ
  1. ربما أكون أنا مُخطئ وغيرى على حق.
  2. ربما أنا على حق وغيرى على حق.
  3. ربما أنا على حق وغيرى هو المخطئ.
  4. ربما أنا وغيرى مخطئيين.
  • وعلى هذه الإحتمالات يكون الحوار,لا أن ندخُل بإحتمالية إننى على حق وكل ما هو دونى على باطل, وعلينا أن نستخدمُ هذه الإحتمالات لا فى النقاش بيننا كأرثوذكس, بل مع الطوائف الأخرى,لا أن ندخُل فى نقاش وأنا فى خلفيتى إننى على حق وهُم على باطل.
  • إن الإصلاح لايُمكن أن يكون هكذا إطلاقاً, لذلك فعلينا أن نُعلم أولادُنا ونتعلم معهم أيضاً "كيف نتحاور"بل وربما يصلُ بنا الحال إلى إننا سنحتاجُ أن نتعلم ونُعلمهم"أهمية الحوار" إنها مأساة تعيشُ فيها الكنيسة اليوم, والمأساة تكمُن فى وجود بعض العقول المُتحجرة,والمُتأخرة عن عصرنا وعن عصر الآباء.
  • والحكُم بينى  وبين الأخر, ليس أنا ولا هو [!] بل الحكمُ والحاكم هُم آباء الكنيسة الأرثوذكسية, هؤلاء هُم الحكمُ من خلال تعاليمهم وكتاباتهم, وهُنا نكون تجاوزنا خطوة الإصلاح الأولى ونكون وصلنا إلى أعتاب الخطوة الثانية وهى "الإحتكام إلى الآباء".
  • فالإحتكام للأباء يحتاجُ مننا دراسة مُتأنية ودقيقة لهم, لاأن نرفض ما يقولونه من باب إننى لم أتعلم مثل هذا الكلام فى الكنيسة منذ حداثتى, فربما يكون التعليم الذى تعلمناه مغلوط, وربما يكون التعليم ذاته هو التعليم النقى والسليم,وربما من يتمسكون بالإصلاح فى الكنيسة هُم على خطأ فيما يقولون,وربما أيضاً على صواب.وهُنا نحتاجُ إلى الموضوعية والحيادية فى النقاش.
  • فلا نقدر أن نحكُم على تعاليمنا أو تعاليم الآخر  إلا من خلال الإحتكام للأباء ومن خلال الحوار, لذلك علينا أن نتعلم كيف نتحاور وكيف نتناقش, دون مُقاطعة, دون تقليل من شأن الآخر, مُبتعدين عن الشخصنة والإهانات الشخصية فلا قيمة لها ولا مكانة فى الحوارات اللاهوتيةعلينا أن نتعلم كيف يكون الإختلاف بيننا على "كيف نُحب بعضنا" بحقٍ ويكون هذا هو أعظم خلافتُنا
  • وأخيراً نُكررها ثانية: الإصلاح على الأبواب, علينا أن نتناقش ونتعلم أُسس وأداب الحوار ونترُك الهمجية فى النقاش, ونضع الأولوية لمصلحة الكنيسة ومُستقبلها اللاهوتى والتعليمى. قبل مصالحُنا وذواتُنا, وعلى المُخطئ أن يعتزر ويتراجع عن تعليمه التى تتنافى مع تعاليم الآباء,


النعمة معكم

مينا فوزى

16|4|2016