2015/07/17

تمايز الأقانيم,وأخطاء منسوب للآب متى المسكين.ج1.



   
هل أخطأ الآب متى المسكين عندما قال[اللوغس قائم بمفرده فى الله؟]
 https://scontent-cdg2-1.xx.fbcdn.net/hphotos-xft1/v/t1.0-9/s720x720/11694104_472302026276731_381726765082178328_n.jpg?oh=730af542bf9d9d4544846b1213db66e6&oe=561DE33D
 [صورة من كتابالمدخل لشرح إنجيل يوحنا للآب متى المسكين]



-حقيقة لست فى صدد أن أكتُب ردٍ على الهجوم الموجه على الآب متى,ولست فى حاجة لذلك,وأظنه هو أيضاً فى منأى عن أن يقوم أحد بالرد عنه ,فلو كان يُريد .لكان هو نفسه كفيل بذلك,وكفيل بكُل من هاجمه ,وكل من كتب فى حقه كُتبِ هيَ فى ذواتها"بِدعٍ".والدافع لكتابة هذا المقال هو توضيح ما كان يقصده الآب متى المسكين.بل 


-لقد قال الآب متى[هكذا الكلمة-اللوغُس-يعمل عمل الله وهو قائم بمفرده فى الله][1].وحقيقةٍ إذا أخذنا تِلك الجُملة هكذا.مُفرغة عما سبقها وعما لحقها.فلن نفهم ماذا يقصد الآب متى المسكين.لذا وجب علينا أن نقرأ تِلك العبارة فى سياقُها الكامل.


-لذا سأسمح لنفسى بأن أعرض ما قبل تلك الجملة لكى ما نفهم مَأرِب الآب متى المسكين من هذا الكلام.فيقول [هنا الكلمة-اللوغس-والله لكل منهما وجوده الذاتى غير أنهما ذات واحدة.صحيح أن هذا اللغز يتضح حله بتفسير أن الآب والإبن ذات واحدة فى الله,وكل من الآب والإبن له شخصه وذاته التى يتكلم بها][2].

-فهو يتكلم إن الكلمة(اللإبن)والله(ويستخدم  لفظ الله قاصداً الآب) كل منهم له وجود ذاتى,أى كل منهم أقنوم كائن حى قائم بذاته(أى لا يستمد وجوده وأعماله من آخر )[3].ويكون المعنى بصورة أبسط هيَ[الأقنوم هو كائن حقيقى له شخصيته الخاصه به,وله إرادة ,ولكنه واحد فى الجوهر والطبيعة مع الأقنومين الآخريين بغير انفصال][4].


-ويُكمل الآب متى قائلاً:ـ[لكن لنا أيضاً فى "اسم الله"فى العهد القديم توضيحاً صريحاً آخر:فاسم الله له كيان الله وعمله ولكن يعمل بمفرده كما يعمل الله بمفرده تماماً(ها أنا مُرسل ملاكاً  أمام وجهك ليحفظك فى الطريق وليجئ بك إلى المكان الذى أعدتته.احترز منه واسمع لصوته ولا تتمرد عليه.لأنه لا يصفح عن ذنوبكم لأنه اسمى فيه)(خر20:23-21).كذلك أيضاً فى إشعياء(هوذا اسم الرب يأتى من بعيد غضبه مشتعل والحريق عظيم.شفتاه ممتلئتان سخطاً ولسانه كنار آكلة ونفخته كنهر غامر يبلغ إلى الرقة لغربلة الأمم)(اش27:30-28)][5].

-فحسب فِكر الآب متى إن الملاك له إسم الله,وحقيقة يجب أن نبلغ إليها وهيا إن هذا الملاك هو إحدى ظهورات الإبن فى العهد القديم.فيكون قصد الآب متى [إن الإبن له كيان الله (الآب)وعمل الله (الآب)ولكنه يتفرد فى العمل عن الآب,كما الآب يتفرد فى عمله],والتفرد الذى يقصده الآب متى هُنا هو [التمايز]أى التمايز فى الصفات الذاتية[الأبوة والبنوة والأنبثاق],ويكون الإبن يعمل بمفرده[مُتفرد] وعمله هو[البنوة],هكذا الآب يعمل بمفرده[مُتفرد]وعمل الآب هو[الآبوة] ,وليس فى كلمة[تفرد]أدنى معنى لــ[الإنفصال]فالأقانيم مُتفرد فى صفاتها الذاتيه,ولكنها مُتحدة فى جوهر الذات(اللاهوت),أى الصفات الجوهرية[مثل الأبدية ,والكمال,عدم التغير,الحضور فى كل مكان,القدرة الكليمة,العلم الكلى ,القداسة الكلية][6].


--وشرحِنا السابق يتفق مع  رأى كثير من الأباء[7],فنجدهم يقولون [فالأقنوم هو كائن حى حقيقى يتميز بخاصية[ينفرد بها]عن الآقنومين الآخرين تسمى الخاصية الأقنومية[8]نجد لديهم تأكيد إن التمايز[التفرد]لايُعنى إنفصال.والأقنوم وإن كان يتمايز عن الأقنومين الآخرين فى خاصيته الأقنومية,إلا أنه غير منفصل عنهما فى داخل الجوهر الإلهى الواحد الذى لهم ,ولهذا فأحد تعريفات الأقنوم هو أنه شخص متمايز بغير انفصال..[9]


-بل ويقول القديس أثناسيوس:ـ[إن الإيمان المستقيم هو مؤسس على أن الأقانيم تتميز عن بعضها بالخواص الأقنومية فقط...ثم تشترك الأقانيم الثلاثة بالجوهر الألهى ][10],ويقول ق.غريغوريوس النزينزى[أن كل ما للأب فهو للإبن ما عدا خاصية[التفرد]أن يكون مصدراً,وكل ما للإبن فهو للروح القدوس ما عدا[التفرد ب]خاصية البنوة][11].


-ولى تعليق-ساذج-فى هذا المقام وهو:إن كان كل من ق,أثناسيوس,وق.غريغوريوس,والبابا تواضروس الثانى ,والأنبا بيشوى والأنبا موسى,والأستاذ حلمى القمص المدرس فى الأكلريكية,وغيرهم من الآباء الذين يتفقون مع الآب متى,أو بالحرى يتفق هم معاهم,فلماذا الإتهام إنه مُهرطق ومُخطئ؟؟والحكم لكم...


-وهُنا نكون قد وصلنا إلى ما قاله الآب متى المسكين والذى يتدعى البعض إنه خطأ,فيقول الآب متى[هكذا الكلمة-اللوغس-يعمل عمل الله وهو قائم بمفرده فى الله.(والتكملة)واللوغس فى العهد القديم هو المشار إليه بأنا هو(ego emi)[12][والتكملة]اللوغُس قائماً عند الله فى التساوى اللاهوتى أى بذات الطبيعة الإلهية الواحدة..]والمقصود ب[هكذا]التى قالها الاب متى هو ربط ما سيقوله بما قاله.فيكون قصده هُنا إن الله الكلمة-اللوغُس-قائم بمفرده[بذاته,ولم يعتمد على أحد]فى الله[الآب].


-وتعليقى على من ينتقد الآب متى:ـ

أولاً:ـ[إن كان إعترضكم على إن اللوغُس قائم بمفرده فى الله,لهو إعتراض مغلوط,والسبب هو إن أقنوم الكلمة قائم فعلاً بذاته,ولا يحتاج لأخر ليُقيمه ويُثبت كينونته.فلو لم يكن أقنوم الكلمة قائم بمفرده[بذاته]لأصبح أقنوم فاقد كماله وينتظر آخر ليُعطيه الكمال,وحينها فقط يسقط المعترض فىبدعة الــ[ التبعية Subordinationism]فيكون الآب أعلى من الإبن,ويكون الإبن والروح القدس أقل مرتبة من أقنوم الآبsubordinate]


ثانياً:ـ هذا القول لا يتعارض مع نصوص الكتاب المقدس التى تقول:[ أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟] (يو10:14),وأيضاً فى حديث المسيح للأب يقول[ وَأَنْتَ فِيَّ] (يو23:17) . ,ونجد لهذا دعم أبائى كبير-بجانب ما أوردناه أنفاً-فنجد ق.كيرلس الكبير يشرح ويؤكد هذا الأمر فيقول على لسان المسيح[وذلك مثلما يليق بالآب المساوى مع ذاتى.."هو حلل فى"لأنى أنا فيه[13].


يقول أيضاً[كل ما أعمله هيا أعماله(الآب) نفسها,لآنه حال فى"بسبب التساوى التام فى الجوهر][14].كما يقول أيضاً[  لا يوجد أي اعتراض على فهم الابن أنه في الآب كما في مصدرٍ... الابن في الآب وعند الآب، ليس كمن وُجد خارجًا عنه، ولا في زمنٍ، بل في جوهر الآب مشرقًا منه، وذلك كأشعة الشمس المشرقة، وحرارة النار المتضمنة في صلبها. ففي هذين المثالين نجد شيئًا متولدًا من آخر، لكنه شريكه الدائم في الوجود معه مع عدم الانفصال عنه، فلا يوجد الواحد دون الآخر، وإنما يحفظ حالة طبيعته الحقيقية][15]وليس فى هذا الأمر أى تلميح بـإن الكلمة ليس هو الله,أو حتى أنه ليس من نفس الجوهر,أو أنه ليس واحد مع الأب فى الجوهر.يتبع...




تم بنعمة الله

مينا فوزى





[1] المدخل لشرح إنجيل القديس يوحنا.دراسة وتحليل.ص122.

[2] المرجع السابق.

[3] مُعجم المُصطلحات الكنسية.ج1.ص137.

[4] الأنبا بيشوى.مطران دمياط,مائة سؤال وجواب فى العقيدة المسيحية الأرثوذكسية ص12.

[5] المدخل لشرح إنجيل القديس يوحنا.دراسة وتحليل.ص122.

[6] القس بيشوى حلمى.التوحيد والتثليث,مراجعة الأنبا بيشوى.ص33.

[7] الحبرين الجليلين الأنبا بيشوى مطران دمياط وكفر الشيخ,والأنبا موسى أسقف عام الشباب.

[8] القس بيشوى حلمى.التوحيد والتثليث,مراجعة الأنبا بيشوى.ص25

[9] المرجع السابق.

[10] أستاذ حلمى القمص يعقوب.حتمية التثليث والتوحيد,وحتمية التجسد.مراجعة البابا تواضروس الثانى.ص36-

[11] المطران إلياس نجمة.الروح القدوس فى التراث الآرثوذكسى,ص57.

[12] أنظر الشرح تحت عنوان"انا هو"ego emi فى كتاب المدخل صفحة 220.

[13] القديس كيرلس الكبير شرح إنجيل القديس يوحنا.المجلد الثانى ص166.

[14] المرجع السابق.


[15] تفسير القمص تادرس يعقوب ملطى .الإنجيل بحسب يوحنا-ج2-ص954.