2023/07/28

العرى الفكرى وحماة الايمان

 

العرى الفكرى وحماة الايمان(ج7)

(تعليقى على ماقالوه بخصوص الاب متى المسكين وخاتمة مرقس)

·     هل حماية الايمان تكون بـ"السرقة؟" او باقتصاص أقوال العلماء؟ كما فعل الزميل "الدياكون ديسقورس-اومينا اسعد سابقا"؟ فلاعجب ان من تربى على "البدع الحديثة" يجتزأ ويقص ويلزق، فهذا الشبل من ذاك الأسد، ففى مقاله "المسروق" يتحفنا الدياكون "أسعد" بإستشهادات بالعالم "مايكل هولمز" الذى يقول عكس كلام الدياكون، فزميلنا يحاول أثبات أصالة "نهاية مرقس" الا ان "هولمز" لايؤمن بأصالتها من الأساس، لقد وقع الزميل فى شر أعماله J ، لك ان تتخيل انى استشهد ب"شخص"او"كتاب" لأثبات عقيدة "الثالوث" مثلاً، فاكتشف ان من استشهد به يضرب فى عقيدتى ولايؤيدها، فأبجديات البحث العلمى غائبة عن ذهنية "عتالين الايمان" وحاجة يعنى "ضحك"

 

·     فى مقاله "المسروق" بالحرف من بحث  بعنوان "نهاية انجيل مرقس البشير وتعليق ابونا متي المسكين " لصاحبه  "د.غالى" ،وبالرجوع اليه فإنك تجد النقل كان "نقل مسطرة معلم مش دياكون" نقل مفهوش ابداع حتى، المهم، لم يتوقف الدياكون عن بث الاكاذيب على "الاب متى المسكين" مثله مثل سيده، فهو ينقل لنا شهادة "مايكل هولمز،وانا كلى يقين ان "الدياكون" لم يقراء ما قاله "هولمز"ولاعدى قدامه ، بل نقله من"د.غالى" دون تريث، هو بس شاف ان فيه(1600مخطوطة) للنهاية الطويل فخد ديله فى سنانه وجرى وراها، ومخدش باله ان "هولمز"بيقول ان "أغلب المخطوطات دى ترجع للقرن الرابع او الخامس" بل يقول "هولمز"ان فيه مخطوطات من(1600مخطوط)ترجع للقرن الثانى عشر

 

·     اولاً يقسم "هولمز" نهاية مرقس الى خمسة نهايات ومشاء الله جايب على كل نهاية دليل، يعنى استشهاد زميلنا "الدياكون" بـ "هولمز" يورطه مش بيساعده،غير  ان "هولمز"يميل كثيراً الى النهاية القصيرة ، اذ يقول بالحرف:- "يتفق معظم نقاد النص على أن الأدلة الداعمة للصيغة(القصيرة) المختصرة(النموذج 1)تفوق الدليل على الشكل الطويل(نموذج3أ)ولكن نظراً لأن كلا الشكلين مبكر فالدليل التاريخى ليس حاسماً بالرغم من تفضيل أحد الأشكال على الاخر."

·     هذا كلام هولمز فى مقاله" النهايات المتعددة لمرقس" وهو نفس الكلام الذى قاله الاب متى المسكين، و لم يتوقف "هولمز"عند هذا الحد فأكمل قائلاً:- "فى النهاية تقدم الايات من 9الى20 كل مؤشر على انه تم معالجتها ربما فى وقت مبكر من القرن الثانى، فباختصار فالدليل الادبى يؤكد مقترحات الأدلة التاريخية:أى النهاية القصيرة (النموذج1)(1:16-8)،فهى االنهاية الأقرب التى يمكن استردادها ل(خاتمة )مرقس.

·     و النهاية القصيرة حسب"هولمز" الذى يقتبس منه "الدياكون" هى  الاقرب الى اتفاق العلماء،فلها من الادلة ما يفوق النهاية الطويل، الا ان هناك بعض الشواهد(القليلة)وهى قليلة جداً من أقتباس اباء الكنيسة لهاـوهى حسب  "هولمز" لاباء عاشوا فى (الربع الثالث من القرن الثانى)وهى اقتباسات قليلة جداً جداً حتى القرن الخامس.

·     وفى المقابل هناك اباء شككوا فيها اصلا، مثل يوسابيوس الذى يقول "ان النسخ الدقيقة –تقريباً-تنتهى فى(8:16)و نفس الكلام يقوله جيروم، الذى يؤكد على ان القراءة الطويلة كانت موجودة فى نسخ قليلة،ويكمل "هولمز"كلامه قائلاً:-"الداعم التاريخى لهذا النموذج متأخر نسبياً وضعيف جداً.

·     وحسب "هولمز"فهو لم يعول كثيراً على تجاهل اباء من القرن الثانى للنهاية الطويلة،مثل كليمنت السكندرى(170-215)او اوريجن(185-254)،لأنه لا وزن  ل"حجة الصمت" الا اننا نضعها فى الاعتبار

·     ومن المعروف ان علم النقد النصى يهتم بالاكثر ب"المخطوطات" لا ب"أباء الكنيسة"،فبالرغم من أهميتهم ـ الا ان "الاباء"يحسبوا عامل مساعد(أوثانوى) ،والأساس هو نص المخطوطات،لذلك يقول "هولمز"  ان "أقرب دليل تاريخي لدينا على النهاية الطويلة (النموذج 3 أ )ليس مخطوطة ، ولكنه اقتباس من قبل اباء  الكنيسة." J

·     وفى النهاية فلايمكن "للدياكون" ان يتغافل ما اقرته لجنة (UBS)حيث وضعت الاعداد(9-)20 بين قوسين، مما يعنى ان مرقس ليس كاتبها، وانها مضافة للانجيل فى وقت مبكر

 





2023/07/19

نحن في المسيح

 





للأنبا إبيفانيوس الأسقف والشهيد

لنقرأ من أعمال الرسل 22: 1-16:
«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ وَالآبَاءُ اسْمَعُوا احْتِجَاجِي الآنَ لَدَيْكُمْ». فَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّهُ يُنَادِي لَهُمْ بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ أَعْطُوا سُكُوتاً أَحْرَى. فَقَالَ: «أَنَا رَجُلٌ يَهُودِيٌّ وُلِدْتُ فِي طَرْسُوسَ كِيلِيكِيَّةَ وَلَكِنْ رَبَيْتُ فِي هَذِهِ الْمَدِينَةِ مُؤَدَّباً عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ عَلَى تَحْقِيقِ النَّامُوسِ الأَبَوِيِّ. وَكُنْتُ غَيُوراً لِلَّهِ كَمَا أَنْتُمْ جَمِيعُكُمُ الْيَوْمَ. وَاضْطَهَدْتُ هَذَا الطَّرِيقَ حَتَّى الْمَوْتِ مُقَيِّداً وَمُسَلِّماً إِلَى السُّجُونِ رِجَالاً وَنِسَاءً. كَمَا يَشْهَدُ لِي أَيْضاً رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَجَمِيعُ الْمَشْيَخَةِ الَّذِينَ إِذْ أَخَذْتُ أَيْضاً مِنْهُمْ رَسَائِلَ لِلإِخْوَةِ إِلَى دِمَشْقَ ذَهَبْتُ لِآتِيَ بِالَّذِينَ هُنَاكَ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدِينَ لِكَيْ يُعَاقَبُوا. فَحَدَثَ لِي وَأَنَا ذَاهِبٌ وَمُتَقَرِّبٌ إِلَى دِمَشْقَ أَنَّهُ نَحْوَ نِصْفِ النَّهَارِ بَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلِي مِنَ السَّمَاءِ نُورٌ عَظِيمٌ. فَسَقَطْتُ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعْتُ صَوْتاً قَائِلاً لِي: شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟. فَأَجَبْتُ: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ لِي: أَنَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. والَّذِينَ كَانُوا مَعِي نَظَرُوا النُّورَ وَارْتَعَبُوا وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا صَوْتَ الَّذِي كَلَّمَنِي. فَقُلْتُ: مَاذَا أَفْعَلُ يَا رَبُّ؟ فَقَالَ لِي الرَّبُّ: قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى دِمَشْقَ وَهُنَاكَ يُقَالُ لَكَ عَنْ جَمِيعِ مَا تَرَتَّبَ لَكَ أَنْ تَفْعَلَ. وَإِذْ كُنْتُ لاَ أُبْصِرُ مِنْ أَجْلِ بَهَاءِ ذَلِكَ النُّورِ اقْتَادَنِي بِيَدِي الَّذِينَ كَانُوا مَعِي فَجِئْتُ إِلَى دِمَشْقَ. «ثُمَّ إِنَّ حَنَانِيَّا رَجُلاً تَقِيّاً حَسَبَ النَّامُوسِ وَمَشْهُوداً لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِ السُّكَّانِ.  أَتَى إِلَيَّ وَوَقَفَ وَقَالَ لِي: أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ أَبْصِرْ! فَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ نَظَرْتُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: إِلَهُ آبَائِنَا انْتَخَبَكَ لِتَعْلَمَ مَشِيئَتَهُ وَتُبْصِرَ الْبَارَّ وَتَسْمَعَ صَوْتاً مِنْ فَمِهِ. لأَنَّكَ سَتَكُونُ لَهُ شَاهِداً لِجَمِيعِ النَّاسِ بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ. وَالآنَ لِمَاذَا تَتَوَانَى؟ قُمْ وَاعْتَمِدْ وَاغْسِلْ خَطَايَاكَ دَاعِياً بِاسْمِ الرَّبِّ. " والمجد لله دائمًا أبديًا آمين.
هذا النص يتكرر في سفر أعمال الرسل ثلاث مرات: عند ظهور الرب لشاول في طريقه إلى دمشق في إصحاح 13، ثم يتكرر في أصحاح 22، وأصحاح 26. من الواضح أنه عندما يتحدث شخص عن قصته وتُحكى وتُسجَّل ثلاث مرات، فلابد من وجود أهمية كبيرة لهذه القصة؛ لأنها قصة غير عادية.
" فَحَدَثَ لِي وَأَنَا ذَاهِبٌ وَمُتَقَرِّبٌ إِلَى دِمَشْقَ أَنَّهُ نَحْوَ نِصْفِ النَّهَارِ" (أي كانت الشمس مشرقة). " بَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلِي مِنَ السَّمَاءِ نُورٌ عَظِيمٌ". عندما نترجمها ترجمة حرفية ستُقرأ كالتالي: " أَبْرَقَ حَوْلِي نُورٌ حولي". نرى أنه يكرر كلمة "حولي" مرتين في هذه الآية. يقول إن النور الذي ظهر لم يكن أمامي، لم آراه بعيني، لكنه كان حولي. وكرر بعد ذلك حولي، مؤكدًا أنه يقصد شيئًا من هذه الكلمة. أراد أن يقول إنه كان مغمورًا في وسط النور. أنا موجود والنور يحيط حولي من كل مكان. هذا المنظر أثّر في حياة بولس الرسول وتعاليمه على مدى رسائله كلها. 
كيف نفهم وجوده مثل نقطة في وسط نور غامر يحيط به من كل ناحية؟ كلنا نعرف قصة بولس الرسول التي امتدت من أول معرفته بالمسيحية وقت رجم اسطفانوس، وكان راضيًا بقتله، ثم أخذ خطابات من كهنة اليهود، وذهب ليضطهد بقية المسيحيين. وهناك على الطريق ظهرت له هذه الرؤية. في هذه الرؤية يقول بعدما سقط على الأرض وسط النور الشديد: " شَاوُلُ شَاوُلُ،! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟." أنا لم أضطهدك. أنا أضطهد المسيحيين أتباع الطريق، ولا أضطهدك أنت. هنا بدأ بولس يتعلم الدرس من أول لحظة، أن اضطهاد هؤلاء الناس الذين يضطهدهم، يقع هذا الإضطهاد عليه هو. وبالتالي يوجد شيء غريب في الأمر.
من الواضح أنه (صاحب الصوت) موجود فيهم، أو هم (أي المسيحيون) موجودون فيه. فعندما اضطهدهم كأني اضطهده هو. وبالتالي توجد وحدة بين هؤلاء الناس والشخص الذي يكلمني. بمجرد أن أضطهد هؤلاء الناس فأنا أضطهده هو. ابتدأ بولس يدرك مفهوم "في المسيح". هذا المفهوم لم يأخذه عن أحد. وإنما استمده من الرؤية. نور يحيط به من كل ناحية، وصوت يقول له أنت تضطهدني. بعد ذلك عندما عرف أن هؤلاء الناس يتناولون جسد الرب ودمه، فَهم وقتها أن المسيح فيهم، وهم صاروا أعضاءه من لحمه ومن عظامه. وبالتالي فأي اضطهاد يقع عليهم يقع عليه هو. هذا أول درس لاهوتي جبّار يتعلمه الرسول بولس من الرب نفسه. يقول له: "مَن أنت يارب؟"، من أول لحظة أدرك أن الذي أمامه هو الرب، وليس شخصًا عاديًا.
ومن هنا بدأ يدرك "سر المسيح". ما هو سر المسيح؟ عندما عرف أن الرب يُقيت هؤلاء بجسده ودمه، فَهم لماذا يمثل هؤلاء كيانًا واحدًا مع الرب. الرب أعطاهم جسده ليأكلوه، فهؤلاء الرجال والناس فيهم جسد الرب ... كل مفاعيل الصليب ، وكل ما فعله المسيح لنا، ينتقل إلينا عن طريق الإفخارستيا. ليس الأمر أننا نتعمد ونصير مسيحيين، وماذا بعد هذا؟ يمكن أن نموت بعد ذلك! لابد أن يصير نمو، لابد أن نأكل حتى نعيش. الغذاء الوحيد للإنسان الروحي هو الإفخارستيا. عندما تدخل فينا الإفخارستيا نصير في الرب، متحدين بالرب. فأي اضطهاد يقع علينا، يقع على شخص الرب نفسه.
من هذه اللحظة بدأ بولس يستوعب حقيقية المسيح وحقيقية وجودنا فيه. وزاده الروح فهمًا وإعلانًا ودراية لهذا السر، حتى صار هذا السر يمتلك كل كيانه، ويملأ فكره وقلبه، ويهيمن على كل كتاباته، على مدى رسائله كلها. نحن في المسيح، والمسيح فينا. كتب القديس بولس 14 رسالة، وردت عبارة "في المسيح" في 13 رسالة منهم، ووردت حوالي 175 مرة. إذا قرأتم رسالة أفسس، الأصحاح الأول، تكررت هذه العبارة 14 مرة. ويكرر عبارة "في المسيح" في الأصحاح الأول فقط حوالي 14 مرة. مما يوضح أن هذا الأمر ليس جملة عابرة. يوجد فرق بين "في المسيح" و"للمسيح". من أين أتى بولس بهذا المفهوم؟
هناك اتهامات تقول بأن بولس جذبنا إلى ديانة أخرى اخترعها بنفسه. لكن "في المسيح" لم يخترعها بولس. فهي ليست من عنده. أولًا: أحسها في حادثة الظهور عند أبواب دمشق. هل هناك مَن قالها غيره؟ أول من قالها هو الرب يسوع نفسه. حتى نعرف أن هذا التعليم ليس تعليم بولس الرسول بشخصه، وإنما تعليم الرب يسوع. كان المسيح يتكلم مع التلاميذ، وقال لهم، عند سؤال فيلبس في يوحنا 14: "يَا سَيِّدُ، أَرِنَا الآبَ وَكَفَانَا"، كلنا نعرف هذه الآية. فأجابه: "أَلَسْتَ تُؤْمِنُ أَنِّي أَنَا فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ؟" هذا مفهوم من الناحية اللاهوتية: الابن في الآب، والآب في الابن. "الْكلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ لَسْتُ أَتَكَلَّمُ بِهِ مِنْ نَفْسِي لَكِنَّ الآبَ الْحَالَّ فِيَّ هُوَ يَعْمَلُ الأَعْمَالَ" ابتدأ السيد المسيح يبيّن لتلاميذه أنه في الآب والآب فيه، والآب حالٌ فيه. ثم بعد ذلك يقول: "فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي وَأَنْتُمْ فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ".
هذا التعليم القائل بأننا في المسيح، والمسيح فينا، لم يبدأه بولس وإنما بدأه المسيح نفسه. ابتدأه يسوع ليس خطوة بعد الأخرى، وإنما من أعلى نقطة، أي أنه في الآب والآب فيَّ، وأنتم فيّ وأنا فيكم. وحيث يحل المسيح، يحل الآب أيضًا. وبالتالي لم تعد الوحدة مع الرب يسوع فقط، وإنما وحدة مع الثالوث الأقدس. في صلاته الوداعية يقول السيد المسيح في يو 17 محدثًا الآب: "أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي." أنا فيهم، وأنت فيّ، حتى يعلم العالم الذي أرسلهم إليه أنه فينا.
هذا يؤكد ما أدركه بولس بأن الإضطهاد الواقع علينا، فهو واقع على ربنا يسوع شخصيًا. "أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ"، ثم يضيف "وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ". وبالتالي فإن عقيدة أننا "في المسيح"  ابتدأها الرب يسوع نفسه، وليس بولس الرسول. ثم كررها التلاميذ الآخرين عن السيد المسيح وليس بولس وحده. يوحنا الحبيب يقول في رسائله:
" مَنِ اعْتَرَفَ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ، فَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللهِ. وَنَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي لِلَّهِ فِينَا. اللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ" . وبالتالي فهذه نقطة أساسية في المسيحية: نحن لا نعبد إلهًا في السماء بعيدًا عنا. هذه النقطة غير موجودة في أي تعليم آخر. نحن نعبد إلهًا فينا، إلهًا تواضع ونزل ليقدم نفسه لنا على المذبح، فأخذناه بداخلنا، واتحدنا به في المعمودية، وأعطانا نفسه لنأكله. وأصبحنا فيه وهو فينا. هذه الفكرة من أجمل الأفكار التي لابد أن نشرحها لأولادنا في مدارس الأحد. إيماني بالمسيح ليس إيمانًا بعقيدة مجردة، وأصبح مؤمنًا بها لمجرد الاعتقاد بها. المسيحية ليست كذلك. عندما أؤمن باليهودية بمجرد أن أنال الختان وأحفظ الوصايا، أصبح يهوديًا. ليس مطلوبًا ما هو أكثر من هذا. بعهد الختان أصير يهوديًا. كذلك إذا أردت أن تصير من أتباع بوذا أو كونفوشيوس أو غيرهم، كل ما يُطلب منك أن تقرأ كتبهم وتوافق على إيمانهم، وتنضم لهم بسهولة. المسيحية ليست كذلك. نحن لا نؤمن بشخصٍ بعيدٍ عنا. نحن نؤمن بشخص فينا. وهو ارتضى أن يكون فينا. هو يقول أنا في الآب والآب فيّ، وأنتم فيّ. وبالتالي هو فينا والآب فينا. ثم يرجع ليتحدث عن الروح القدس:
" وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ " ، والنطق الصحيح هو " المَسحة" وليس "المِسحة".  "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَالْمَسْحَةُ الَّتِي أَخَذْتُمُوهَا مِنْهُ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَلاَ حَاجَةَ بِكُمْ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَكُمْ أَحَدٌ، بَلْ كَمَا تُعَلِّمُكُمْ هَذِهِ الْمَسْحَةُ عَيْنُهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهِيَ حَقٌّ وَلَيْسَتْ كَذِباً. كَمَا عَلَّمَتْكُمْ تَثْبُتُونَ فِيهِ."
بذلك نحن في الآب والابن والروح القدس. كل هذا أخذه بولس الرسول في طريقه إلى دمشق عندما شعر بأن نورًا يحيط به من كل جهة، وقد صار كنقطة داخل هذا النور. هذا ما كشفه الرب يسوع لتلاميذه لنا، وما أعلنه لتلاميذه ورسله لنا، وهذا ما أعلنه الرب يسوع لبولس بالرؤية العملية على طريق دمشق، ثم علمه إياه فيما بعد ذلك في ظهوراته الكثيرة له. سأل أحدهم سؤالًا بالأمس عن بولس الرسول حين مكث في المنطقة المسماة بالعربية، هل كان المسيح يظهر له، وكيف كان يعلمه أو يتحدث معه؟ هل حدثت له رؤى؟ أم تكلم علانية معه؟ نحن لم نرَ ماذا حدث، لكن من كلام بولس الرسول نفسه نراه يقول: "أَنَّهُ بِإِعْلاَنٍ (أي رؤيا) عَرَّفَنِي بِالسِّرِّ. كَمَا سَبَقْتُ فَكَتَبْتُ بِالإِيجَازِ. الَّذِي بِحَسَبِهِ حِينَمَا تَقْرَأُونَهُ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْهَمُوا دِرَايَتِي بِسِرِّ الْمَسِيحِ."
هنا يصرح بولس بأنه قبِل شيئًا من المسيح. المسيح هو مَن أعطاني هذا الشيء؟ وليس آخر هو مَن علمني إياها. لم أقرأها في كتب. نعم قرأ بولس العهد القديم، وقرأه بمفهوم جديد.. كل هذا جيد. لكن بولس يقول إن المسيح نفسه هو مَن أعلن له السر. لماذا يسميه "سرًا" ؟ لأنه لا يأتي بالدراسة. فليس شيئًا تدرسه لكي تصل إليه. هذا شيء يختص بالثالوث، والله نفسه هو مَن أعلنها لي، حتى لا يكون تعليمًا خاصًا بي. "أَنَّهُ بِإِعْلاَنٍ عَرَّفَنِي بِالسِّرِّ... الَّذِي بِحَسَبِهِ حِينَمَا تَقْرَأُونَهُ، تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْهَمُوا دِرَايَتِي بِسِرِّ الْمَسِيحِ. ويضيف في رسالة غلاطية "لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ". لم يتتلمذ على يد أحد، ولم يلتحق بمدرسة كمدرسة غمالائيل التي كنت فيه قبلًا. هذا سر إلهي، هو أعلنه لي، وبدون هذا السر لا يُسمى إعلانًا.
ما هو السر الذي استعلن للقديس بولس ثم أعلنه لنا؟ يذكر بولس هذا السر عدة مرات، أولًا في أف 1: 9، 10 "إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِه" . المسيح عرفنا بسر مشيئته "حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ، لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ"، حتى الآن لم يقل ما هو السر! فهو يقول إن المسيح عرفنا بالسر، حسب مسرته، أي بفرحته لهذا الإعلان. ما هو السر إذن؟ "لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ" . وبالتالي أول تفسير لهذا السر أن المسيح "يجمع"، وهذا التعبير لابد وأن سمعتم عنه كثيرًا في مركز دراسات الآباء، لأن كلمة "يجمع" شرحها بإسهاب ق. إيريناؤسRecapitulation تعني "انجماع كل شيء تحت رأس واحد" . السر الذي أعلنه بولس هو "لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ" . كلنا نجتمع في المسيح. كلنا وكل شيء. إذا سألتني ما هو كل شيء، لا أعرف. هو يقول "كل شيء". ليس أنا فقط، وليس أنت فقط، وليس كنيستنا فقط. "لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ". المسيح تجسّد من أجل العالم كله. وأخذ في كيانه بذرة العالم كله فيه. بحيث أي أحد يقبله، ينال الخلاص. لأننا كلنا ممثلون فيه. "لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ".
يؤكد بولس على عبارة "كل شيء" بعبارة "مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ". لذلك تقول رسالة رومية إن الخليقة نفسها ستعتق من عبودية الفساد لحرية مجد الله. الخليقة نفسها تئن منتظرة التبني. هل الخليقة كلها؟ نعم، هل بما في ذلك الملائكة؟ لأن الملائكة لم تنل ما نلناه. لا توجد أية واحدة في العهد الجديد أو القديم تقول إن المسيح في الملائكة. لم تحدث. هم ليسوا فيه، وهو ليس فيهم. هم أمامه يخدمونه، ولكن ليسوا فيه. منذ بداية الخليقة، أعطى الله الإنسان سلطانًا، ولم يعطِ الملائكة أي سلطان. ما هو السلطان؟ صورته. خلق الإنسان على صورته ومثاله، فوضع بذرته من أول يوم في الإنسان وليس الملائكة. فالخليقة كلها تنتظر هذه اللحظة. الخليقة كلها تئن منتظرة التبني فداء أجسادنا.
يقول بولس: "لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ". هذا أول تفسير للسر الذي تكلم عنه بولس الرسول في أف1: 9، 10. في مرة أخرى في أفسس أصحاح 3: 3-6 يتكلم مرة أخرى عن السر، ويقول: "أَنَّهُ بِإِعْلاَنٍ عَرَّفَنِي بِالسِّرِّ" . ويؤكد أن السر لم يأخذه من كتب، ولا على يد أحد علمه إياه، سواء رسل أو تلاميذ، يهود أو مسيحيين. بل "كَمَا سَبَقْتُ فَكَتَبْتُ بِالإِيجَازِ". لم يقل بعد ما هو السر! "الَّذِي بِحَسَبِهِ حِينَمَا تَقْرَأُونَهُ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْهَمُوا دِرَايَتِي بِسِرِّ الْمَسِيحِ". أي عندما تعرفون هذا السر، ستدركون إلى أي مدى فهمي للمسيح. "الَّذِي فِي أَجْيَالٍ أُخَرَ.."، يقصد كل العهد القديم "لَمْ يُعَرَّفْ بِهِ بَنُو الْبَشَرِ" . هذا السر لم يُعلن في العهد القديم. أقصى شيء في العهد القديم حسب قول المسيح هو: "تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً!".
السر لم يُعلن في العهد القديم، وأقصى شيء في العهد القديم هو أن يضموا واحدًا إلى اليهودية. هذا أقصى ما يملكونه. "الَّذِي فِي أَجْيَالٍ أُخَرَ لَمْ يُعَرَّفْ بِهِ بَنُو الْبَشَرِ، كَمَا قَدْ أُعْلِنَ الآنَ لِرُسُلِهِ الْقِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَائِهِ بِالرُّوحِ." ما هو السر؟ "أَنَّ الأُمَمَ شُرَكَاءُ فِي الْمِيرَاثِ وَالْجَسَدِ وَنَوَالِ مَوْعِدِهِ فِي الْمَسِيحِ بِالإِنْجِيلِ." الأمم هم شركاء في الميراث.. ليس الميراث الأرضي. ظنّ اليهود أن الميراث هو أرض الميعاد أو الهيكل. ليس هذا ميراثنا بل "وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ". ميراثنا إلهي وليس سمائيًا فقط. " أَنَّ الأُمَمَ شُرَكَاءُ فِي الْمِيرَاثِ وَالْجَسَدِ". ما المقصود بالجسد؟ جسد الرب يسوع. لأنهم أعضاء في الجسد. مثلما المسيح فيّ، إن كنا كيهود، هو في الأمم أيضًا. "شُرَكَاءُ فِي الْمِيرَاثِ وَالْجَسَدِ وَنَوَالِ مَوْعِدِهِ" كل هذا "فِي الْمَسِيحِ بِالإِنْجِيلِ" أي الكرازة. هذه هي المرة الثانية التي تحدث فيها بولس الرسول عن السر الذي أُعلن له.
في المرة الثالثة في رسالة كولوسي 1: 26، 27 يتحدث ثانية عن السر: "السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ وَمُنْذُ الأَجْيَالِ". نفس الفكرة، سر إلهي، لم يكن معروفًا قبلًا في العهد القديم، "لَكِنَّهُ الآنَ قَدْ اظْهِرَ لِقِدِّيسِيهِ، الَّذِينَ ارَادَ اللهُ انْ يُعَرِّفَهُمْ مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ هَذَا السِّرِّ فِي الأُمَمِ، الَّذِي هُوَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ" كلمات قليلة. لكنها ليست بالعقل. هذا شخص لا يقدر أن يقولها من نفسه، بل قد جاءته من السماء. بولس الرسول لم يأخذنا خارج المسيحية، ولم يؤلف مسيحية جديدة، وإنما أخذ من المسيح وأعطانا، لأنه لم يكن ليقدر أن يقول هذا الكلام من نفسه. هذا السر العظيم المجيد والكثير الغنى الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد.
هذه القصة كلها بدأت مع بولس وهو في طريقه إلى دمشق. عندما وجد نفسه محاطًا بالنور من كل ناحية، فهم معنى كيف نكون "في المسيح". من الواضح أن بولس عندما أحاط بهالنور من كل ناحية، أحس معنى أن يكون داخل النور الإلهي، وعندها فهم عبارة "لماذا تضطهدني؟" فأي كرامة وأي هوان يقع علينا، هو في الحقيقية يقع على المسيح شخصيًا، وهذا ما عبّر عنه بولس في رسالة أفسس حين قال: "لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ. مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الِاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. هَذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلَكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ".
هناك قول جميل للقديس أغسطينوس في حديثه مع الشعب قائلًا لهم: "أنتم في الكأس" ! كيف نكون في الكأس؟ الكاس به دم المسيح. ما علاقتنا بالموضوع؟ الجسد على المذبح هو جسد المسيح، ما علاقتنا بالموضوع؟ تذكرت قصة كانت تُحكى لنا ونحن صغار من الناس الكبار في السن الذين لديهم مفاهيم لاهوتية متواضعة، لكن كان سر المسيح فيهم. كانوا يقولون: القربانة التي توضع على المذبح، يفسرونها تفسيرًا بسيطًا جدًا. في المنتصف يوجد الصليب، الأسباديقون ويمثل السيد المسيح، وحواليه 12 صليبًا، ويمثلون الاثني عشر تلميذًا. إذن، ماذا عن بقية القربانة؟ ليس عليها أي رسم. هذه هي الشعب. نحن كلنا نمثل بقية القربانة.
السؤال هنا: عندما أتناول، بمَن أتحد؟ بالسيد المسيح. هل هو فقط؟ لا، بل نتحد كلنا معًا. "اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قدساتك، طهارةً لأنفسنا وأجسادنا لكي نكون جسدًا واحدًا.." (الكنيسة تعلمنا أننا بالتناول نصير جسدًا واحدًا في الكنيسة). لذلك سامحوني، لا أحب اثناء التناول أن الكاهن الذي يصلي على المذبح في وجود الذبيحة على المذبح، يستدير ليعطي مطانية للأسقف ويقبل يده. أي أسقف الذي تعطيه اعتبارًا؟ المسيح نفسه على المذبح ونحن حواليه. وكلنا سنتحد بهذا الجسد. لا فرق بين كبير وصغير. لا فرق بين عظيم وحقير. كلنا سنصير جسدًا واحدًا بسبب اتحادنا بهذا الجسد.
هذه هي روعة الكنيسة المسيحية. هنا تكمن روعة سر الإفخارستيا في الكنيسة. كلنا نصير جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا؛ لأننا كلنا نأكل من الخبز الواحد. "لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ" ثم يطبقها على الزوج والزوجة: "مِنْ أَجْلِ هَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الِاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. هَذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلَكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ" أي اتحادنا الكامل مع المسيح.
لقد طبق بولس الرسول مفهوم "في المسيح" على كل شيء .. حتى على المعنى الأخلاقي. " أَيُّهَا الأَوْلاَدُ، أَطِيعُوا وَالِدِيكُمْ فِي الرَّبِّ لأَنَّ هَذَا حَقٌّ." الآية تقول أطيعوا والديكم (في الرب)، وليس من أجل الرب. بعض الناس تقول هذا يعني أن أطيع والديّ عندما يأمرونني بشيء يوافق الإنجيل وكلام الرب، أطيعهم في هذه الحالة. لكن إذا أمروني بشيء ضد الإيمان لا أطيعهم. أليس هذا المعنى الشائع؟ المعنى المقصود غير ذلك، وإن كان هذا صحيحًا أيضًا. لها معنى آخر أجمل. أطيعوا والديكم في الرب؛ لأنهم أعضاء في الرب، وأنتم أعضاء في الرب. هنا الطاعة "في الرب" وليس فقط "من أجل الرب" أو "إرضاء" للرب، أو "خوفًا" من الرب.
فما معنى أن يطيع الأولاد والديهم في الرب؟ معناها أن يطيعوهم بصفتهم هم ووالديهم أعضاء في جسد الرب الواحد. فكما تخضع الأعضاء بعضها لبعض في تناسق كامل من أجل خير الجسد كله، هكذا ينبغي أن يخضع الأبناء لوالديهم. هذا يفهمنا على الفور آية أخرى هي: "أَيَّتُهَا النِّسَاءُ، اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا يَلِيقُ فِي الرَّبِّ." إذن ليس خضوع المرأة للرجل في الرب هو نوع من التدني. يجب أن تخضع له "في الرب" وليس من "أجل الرب". هي وزوجها أعضاء في جسد الرب. هل يوجد في جسم الإنسان عضو يتكبّر على عضو آخر؟ كل أعضاء الجسم نحتاجها. نفس الشيء في الأسرة التي أصبحت خلية، كل أعضائها في الرب. خضوع المرأة في الرب هو خضوع الجسد الواحد لبعضه البعض. حتى في حديث بولس عن الخطايا ينظر إليها من نفس المنظور الأخلاقي. "أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ أَفَآخُذُ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا!" أصبحنا كلنا جسدًا واحدًا. لم يعد داخل الجسد عضو يكره الآخر، أو عضو يمكن أن يسيء إلى آخر؛ لأننا جسد واحد.
وبالتالي حتى مفهوم الزنا في الكنيسة الأولى ليس مرفوضًا فقط لكنه كان مكروهًا جدًا بطريقة شنيعة. لا يمكن استيعاب فكرة أن يسيء عضو لعضو آخر؛ لأن الاثنين متحدين في جسد واحد. تلاحظون القديس بولس في رسالة رومية في الأصحاح الأخير. علّق أحد الأشخاص على هذا الأصحاح بشكل سلبي، متهكمًا بأن الكتاب المقدس في المسيحية لا يمكن أن يكون موحىً به من الله، فكيف يكون هذا الأصحاح بالذات موحى به من الله؟ أم هذا مجرد كلام جرائد؟ هذا الكلام قيل للأسف. أصحاح كامل كله تحيات. سلموا على فلان وفلان. فهل هذه التحيات موحى بها من الله؟!
يبدأ بولس في رو 16 يقول: "سَلِّمُوا عَلَى بِرِيسْكِلاَّ وَأَكِيلاَ الْعَامِلَيْنِ مَعِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ". لاحظوا طريقته! عاملان معه في المسيح يسوع. وبعدها يقول سلموا على فلان وفلان: "وَقَدْ كَانَا فِي الْمَسِيحِ قَبْلِي"، "ثم سَلِّمُوا عَلَى أَمْبِلِيَاسَ حَبِيبِي فِي الرَّبِّ. سَلِّمُوا عَلَى أُورْبَانُوسَ الْعَامِلِ مَعَنَا فِي الْمَسِيحِ". الأصحاح كله تحيات، وكل اسم بعده مباشرة يقول "في الرب" أو "في المسيح". وهنا لا يُسلِّم (أي يعطي تحية) بل يسلِّم مفهوم "في الرب" للكنيسة. مفهوم شركتنا في الرب، وكل واحد فينا هو عضو في الرب؛ فقد أصبحنا جميعًا جسدًا واحدًا.
أختم كلمتي بقولين من أقوال الآباء حتى نفهم مفهوم "في الرب" عند آباء الكنيسة:
             أولًا: القديس كيرلس الكبير:
"كيف ينبغي أن نفهم القول القائل: ’كما نحن واحد ليكونوا هم أيضًا واحدًا فينا. أنا فيهم وأنت فيَّ ليكونوا مكملين إلى واحد‘ هذه آية يذكرها ق. كيرلس وسيفسرها كالآتي: "لمَّا أراد كلمة الله أن يقدم لجنس البشر عطية عظمى وفائقة للطبيعة، أخذ يجتذب الجميع إلى نوع من الاتحاد بنفسه. فقد لبس الجسد البشري وبذلك صار داخلنا. ومن جهة أخرى فهو له الآب في ذاته لكونه كلمته الخاص وشعاعه. فكأنه يقول: كما أني أنا فيهم بسبب لبسي نفس الجسد الذي لهم، وأنت أيها الآب فيَّ بسبب كوني من جوهرك الخاص. هكذا أريد أنهم هم أيضًا يرتبطون بنوع من الاتحاد حتى يصيروا متداخلين بعضهم في بعض، وكأنهم صاروا جسدًا واحدًا. فيكونون جميعًا فيَّ وكأني أحملهم جميعًا في هيكل جسدي الواحد الذي اتخذته لنفسي. وهكذا يكونون ويظهرون مُكمَّلين؛ لأني أنا الكامل وقد صرت إنسانًا."
يشرح ق. كيرلس على لسان السيد المسيح وكأنه يخاطب الآب، فيقول له: أريد أن أعطيهم عطية عظيمة، فهل سأعطيهم أراضٍ أو أموالًا؟ هذه ليست عطية. كل ما يجري وراء المادة يجري وراء العدم. لن أعطي عطايا أرضية. هذه كلها تُزاد لهم وتأتي "فوق البيعة". عبارة "لبس الجسد البشري من العذراء وصار داخلنا صار داخلنا" تذكرنا بآية يوحنا 1: " وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً وَحَلَّ فِينَا" . "حل فينا" (وليس بيننا)، سواء باللغة القبطية أو اليونانية. هذه الآية ترجمتها الحرفية بالقبطية هي: نزل من السماء لأسفل وداخلنا. هذه هي ترجمة آية "صار جسدًا وحل فينا" كلنا منذ لحظة التجسد.
يؤكد ق. كيرلس على أن الكلمة "لبس الجسد البشري من العذراء وبذلك صار داخلنا. ومن جهة أخرى له الأب في ذاته." وعبارة "متداخلين بعضهم في بعض" تذكرنا بما قلناه عن الإفخارستيا. عندما نتناول نصير كلنا جسدًا واحدًا. يفسرها ق. كيرلس قائلًا: "هكذا أريد أنهم هم أيضًا يرتبطون بنوع من الاتحاد حتى يصيروا متداخلين بعضهم في بعض، وكأنهم صاروا جسدًا واحدًا". وهذا ما نقوله في القداس: "لكي نصير جسدًا واحدًا."
القول الثاني والأخير للقديس يوحنا ذهبي الفم عن نفس الموضوع: مفهوم الجسد الواحد. يقول ذهبي الفم:
            
’الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟‘. بعد أن قال شركة جسد، أراد أن يبيّن ما هو أوثق (أفضل). لذلك أردف: ’فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ جَسَدٌ وَاحِدٌ.‘ ، وكأنه يقول: "لماذا أتكلم بعد عن شركة الجسد بينما نحن ذلك الجسد بعينه.." أليس نحن من لحمه ومن عظامه؟ ألسنا متحدين به؟ ق. يوحنا ذهبي الفم بسيط جدًا، لكن لأنه تشرّب تعاليم بولس الرسول إلى النخاع، كان بولس بالنسبة له كل شيء، فإنك تستشعر أن كلامه الذي يقوله هو كلام بولس الرسول؛ لأن كل كلامه مطعّم بفكر ق. بولس. يكمل ذهبي الفم: "بينما نحن ذلك الجسد بعينه؛ لأنه ما هو الخبز؟ جسد المسيح. وماذا يصير المتناولون؟ جسد المسيح. فليس هناك أجساد عديدة بعد، بل جسد واحد. فكما أن الخبز يصير واحدًا من حبات كثيرة مجتمعة حتى أن الحبات لا تكون ظاهرة مع أنها موجودة لأن الفرق بينها ليس واضحًا بسبب الاتحاد، هكذا نحن أيضًا نتحد بعضنا مع بعض ومع المسيح؛ لأنك لا تأكل أنت من جسد، وغيرك من جسد آخر. بل الجميع يأكلون من الواحد بعينه. لذلك أضاف: ’لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ.‘ فإن كنا جميعًا نشترك في الواحد، بل ونصير هذا الواحد عينه، فلماذا لا نظهر أيضًا المحبة الواحدة. فنصير بذلك أيضًا واحدًا."
كأن ذهبي الفم يقول: هل يُعقل بعد أن نأكل الجسد الواحد، ونصير نحن هذا الواحد، ونتحد معًا، فلا توجد المحبة بيننا بعد ذلك؟! هذا مستحيل. في هذا استحالة. من المعروف أن المسيحيين يحبون بعضهم البعض. لماذا؟ هل هي ناحية عاطفية؟ أتذكّر أنني كنت أعمل بالصعيد منذ زمن بعيد، وكان في زمن أحداث السادات قبل التحفظ بأيام. أحد زملائي قال لي: أنتم أولاد حنونة. فلما سألته ماذا تقصد؟ قال لي: أنتم المسيحيين أولاد حنونة. أي تحنون على بعضكم البعض وتحبون بعضكم البعض. هذا الكلام من شخص غير مسيحي. ما سبب هذه المحبة؟ هذا هو سببها: الجسد الواحد الذي نشترك فيه نصير واحدًا. نصير هذا الجسد عينه. هل بعد هذا كله، يتعجب ق. يوحنا ذهبي الفم، " فلماذا لا نظهر أيضًا المحبة الواحدة فنصير بذلك أيضًا واحدًا. لأنه هكذا كان قديمًا في زمن آبائنا الأوائل، إذ يقول: ’وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ‘".
يدلل ذهبي الفم من الكنيسة الأولى على أن المؤمنين كان لهم قلب واحد ونفس واحدة، لأنهم كانوا يشتركون الخبز الواحد. هذا باختصار مفهوم ق. بولس الرسول لمفهوم أننا جميعًا "في المسيح". هذا المفهوم الذي أخذه من رؤية في طريقه إلى دمشق عندما أحاط به النور، ففهم سر المسيح. وسر المسيح أُعلن له ولم يتعلمه من أحد. المسيح أعلن له سر المسيح، وهذا السر هو "ليجمع كل شيء في المسيح". كلنا أصبحنا في المسيح بأقوى وسيلة تجمعنا في المسيح وهي سر الإفخارستيا. والمجد لله دائمًا.



سؤال يقول: كيف نطبق مفهوم "في المسيح" في حياتنا؟
الإجابة: الآية تقول: "إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ" . ما معنى إن عشنا فاللرب نعيش؟ لا نعيش لأنفسنا بل للرب، وكل ما أفعله أفعله وأنا في المسيح. آكل في المسيح، وأشرب في المسيح، أتكلم وأنا في المسيح، أتعامل مع إخوتي وأنا في المسيح، خاصةً عندما أتعامل في الخدمة مع الآخرين. أنظر أنني لست وحدي في المسيح بل هم أيضًا. حتى تعيش هذا المفهوم، لا تطبقه على نفسك فقط. طبقه على كل مَن أمامك. مثلما أنت في المسيح، هكذا أخوك أو أختك هما أيضًا في المسيح. وبالتالي تنظر لهم بإنهم متحدون بك. هم جسدك، وهم أعضاء في المسيح في نفس الوقت. إذا تملك على فكرنا هذا المفهوم، سيحل كثيرًا جدًا جدًا من المشاكل الحادثة بداخل كنائسنا.
لنأخذ مثلًا بسيطًا، تعودنا في مدارس الأحد أنه من الناحية الأخلاقية نتحدث عن موضوع الطهارة، ونبيّن أهمية الطهارة، وكيف يجب أن يتعامل الشبان مع الشابات في الكنيسة بكل طهارة. هذا مفهوم أخلاقي ممتاز مئة بالمائة. بمقدورنا أن ندعم كلامنا ببضعة آيات حتى يكون المفهوم ذا طابع مسيحي. في حين غير المسيحي يمكنه أن يدعم أقواله ببعض الآيات من عنده، أو ببعض أقوال علماء علم النفس، كمفهوم أخلاقي. ليس هذا مفهوم الطهارة في المسيحية. ليست هذه هي الطريقة التي أقدم بها مفهوم الطهارة في المسيحية لأولادي في الخدمة. أنا أكلمهم في الخدمة عن الطهارة بطريقة أخرى. الطهارة في المسيحية تنبع من داخل الليتورجيا. لقد أصبحنا كلنا أعضاء في الجسد الواحد، هذا يعطي مفهومًا مختلفًا عن مفهوم الطهارة الأخلاقية. بعدما أصبحنا جسدًا واحدًا، أصبحت مع أخي وأختي متحدين بنفس الجسد؛ فأخاف عليه أو عليها أكثر من عينيّ؛ لأني أصبحت متحدًا به أو بها. هل يجوز أن أسيء إلى جسدي؟ لن يحدث! بنفس الطريقة لن أسيء لأخي أو أختي في الخدمة. إذا غرسنا هذا المفهوم في أولادنا في الخدمة، سيتغيّر مفهوم الطهارة جدًا. هذا إحدى تطبيقات مفهوم "في المسيح" الذي يجب أن نطبقه في كل شيء. بهذا المفهوم، نحن كمجتمع، أصبحنا كلنا نعيش في المسيح، وأصبحنا جسدًا واحدًا وروحًا واحدًا.


المرجع: كتاب وجه تجلى فيه الحب: الأنبا إبيفانيوس الأسقف والشهيد، إصدار مدرسة الإسكندرية 
(أعد المقال للنشر الأستاذ جورج نوس قزمان)

نحن في المسيح

2023/07/15

الارثوذكسية بين الابداع الفكرى والتقيد اللاهوتى - الارثوذكسية كما ينبغى ان تكون

- اللاهوتى الحقيقى يقبل الابداعCreativity ولا يقبل التخمين Speculation ولا الابتداعinnovations - لايستخدم اللاهوتى الارثوذكسى التكهنات والتخيل فى اللاهوت،فاللاهوت التخمينى Speculative theologyغريب عن المسيحية الارثوذكسية،لان علم اللاهوت ليس تمرين عقلى او سعياً فكرياً بحتاً. 


- ولنعطى مثال "كم عدد الملائكة التى يمكن لهم ان يقفوا(ترقص) على رأس الدبوس؟"“How many angels can fit on the head of a pin?” هذا السؤال له تاريخ طويل فى الجدل اللاهوتى فى العصور الوسطة،اذ استخدمه البروتستانت كثيرا للتعبير عن مدى التدهور اللاهوتى فى الكنيسة اللاهوتى للتعبير عن السخرية]،[ اثناء الحصار العثمانى للقسطنطينية وضربها بالمنجنيق ، واثناء مقتل الكثير كان اهل بيزنطة فى حالة من الجدل حول سؤال: "هل الملائكة ذكور ان اناث"،واثناء الضرب والقتل والموت تحول النقاش الى سؤال اكثر خطورة لاهوتية وهو "كم عدد الملائكة التى تقدر ان تقف (ترقص)على رأس دبوس،وعندما دخل محمد الفاتح المدينة فوجد نقاش حاد بين الناس(والاساقفة)،ففضه واخبرهم ان الملائكة لاتنجب لانها عقيمة،ولو وقف الملاك على الدبوس حتما هيتعور،وهكذا بسهولة توقف الخناق،متى؟بعد ان ضاعت المدينة واحتُلت(المترجم)


 - هذه النوعية من الاسئلة لاعلاقة لها بالتقليد الارثوذكسىthe Orthodox Tradition.فالتخمين لايخدم اى غرض سوى السماح للناس بالانخراط فى الرياضة الذهنيةintellectual gymnastics(يقصد به السفسطةsophistry)كنوع من استعراض الذكاءوالتعليم،من أجل الأناto feed the ego


 - . فالمسيحيين الأرثوذكسى الذين شاركون فى نقاشات [كهذه] حول أسئلة مثل"ايهما أعظم سيادة الله God’s sovereignty أم إرادة الانسان الحرة؟"man’s free will،وايضا[سؤال] "كيف نفسر موت الديناصورات قبل خلق الانسان وسقوطه؟


 - فهذه النوعية من [الأسئلة]تكشف عن الغياب التام للفرونيما الأرثوذكسيةOrthodox phronema.،فاللاهوت [بالأساس]من أجل تمجيد الله glorification وخدمة الكنيسة،بغرض ان يقدم علاج لشفاء الروح الانسانيةthe spiritual healing 


- الا ان"التكهنات اللاهوتية"Theological speculation فهى أمور عديمة الجدوى،ويتجنبها اللاهوت الأرثوذكسى الحقيقى،فلاهوت التكهنات ليس أبائى ولاهوجزء من الكنيسة القديمة[الأولى]،فالتخمينSpeculationوالخيال imaginationهى أمور غائبة عن التقليد الكنسة 


- لم تكتب الشرائع اطلاقاً لعلاج المشاكل المحتمل حدوثها فى المستقبل،ولكن بغرض علاج مشكلات –فعلية-معاصرة فى الكنيسة. - ورغم ان اللاهوت الأرثوذكسىى لم يحاول تغير الايمان- ليعكس معايير وقيم او مواقف حالية ولاهو يروج لرأى خاص بالكنيسة-ورغم ذلك فنجن نجد اللاهوتى الارثوذكسى -الصالح-يبتكرطرقاً ليكون مبدعا[خلاق]دون ان يكون مبتدع[مهرطق] creative without being innovative


-مسموح[لنا] بالابداعCreativity،نحن مطالبون أن نكرز بالانجيل باستمرارcontinually وفى جميع الاوقاتat all times وفى كل مكان in every place.فمع تغير الزمن والثقافات،علينا تقديم انجيل الخلاص بطريقه تحاكى المكان والزمان [لابد ان يكون هناك نوع من المعاصرةcontemporary]


 - فالتجرد من التكهنات والابتداع يحتاج لفطنة لاهوتية وروحيةtheological and spiritual discernment لكى مايُدرك[اللاهوتى]حدود هذا الابداع،يتفق ق.يوحنا ذهبى انه بالرغم من امانتنا fidelity للتقليد،الا اننا قادرون ان نقدم رسالة الانجيل دائما بصورة حديثةbe fresh،فكم شخص تحدث بصورة معاصرة عن الانجيل،فكلما ازدادت البصيرةكلما رأى النور أنقى أكثر.


 - بما أن الروح يعمل باستمرار continuously فى الكنيسة،فالروح يلهم inspires الابداع داخل الكنيسة،وهى بدورها تشهد للعالم،يتجلى هذا فى العمل الأرسالىmissionary activity,[(ولعيازوا بالله) فيجب التعبير عن هذا الامر بشكل ملائم للثقافة الحديثة التى تحتاج لتلخيص الانجيل لمن لم يسمع عن[الانجيل]من قبل..


 جزء مترجم من كتاب ThinkingORTHODOX


2023/07/11

عصمة الاباء والاصولية الابائية

 

عصمة الاباء والاصولية الابائية

-         هناك حدود limitations  لاباء الكنيسة واستخدامنا لهم، بالاضافة الى انه لاينبغى لنا ان نبالغ overexaggerate فى تقدير دورهم او سلطانهم مدفوعين  من اسباب تقوية او حماسية، لقد كانت الهرطقات  م وجودة فى كل العصور القديم،فهناك بعض الاباء عبروا فى وقت ما عن افكار لم تكن مقبولة مسكونياً

-         اليوم يؤيد بعض البروتستانت المسيحيين عقيدة الملك الالفى millennialism،وهو الاعتقاد بمجىء الرب وتأسيسه مملكة أرضية سيحكم فيها ألف عام،ويدافعوا عن هذا الاعتقاد بناء على  اعتقاد  بعض المسيحيين الاوئل بذلك، مثل يوستينوس الشهيد(100م)،وهواحد اباء الكنيسة الاوائل، الا ان الايمان بالملك الالفى لم يكن مقبولا عالميا universally accepted (فى كل المسكونة)ولم يكن رسولى.

-         القديسون والاباء احياناً يخطئون made mistakes، وبقدر احترامنا للاباء،فلانرتقى بارائهم الى مستوى العصمة infallibility،ولاينبغى ان نطبق كلامهم بصورة اصولية fundamentalist

-         كان الاباء بشر human beings لهم نقاط ضعف ولهم عيوب، فلم يرتكبوا اخطاء فى المسائل العقائدية matters of dogma او حتى  اخطاء اخلاقية  moralityوالا لما كانوا من الاباء،بل كانوا رجال عصرهم،مثلنا نحن اليوم شعب عصرنا(ابناء زمننا)لانستطيع ان نفصل انفسنا عما نحن عليه،نتأثر  بثقافتنا وتعليمنا واسرتنا وقوميتنا وخلفيتنا الدينية ،ذلك يؤثر على طريقتنا  فى رؤية العالم(اليوم)ونحن جميعا نقبل بعض الافتراضات الشائعة common presumptions فى عصرنا كما لو كانت صحيحة،وهى متأصلة فينا deeply ingrainedبدرجةكبيرة ونحن لانقول انها افتراضات وارد ان تكون غير صحيحة

-         غالبا ما عكس الاباء العديدمن المواقف المعاصرة لهم عندما تناولوا قضية دور الجنسين gender roles.واثرت ايضا خبرتهم الشخصية وتعليهم على ارائهم personal life experiencesولم ينفصلوا عن زمنهم وثقافتهم

-         عندما نفسر نحن الكتاب المقدس علينا ان ننصر الى سياقه الثقافى cultural context لكى مانقدر ان نفهمه بشكل صحيح,وبالمثل عندما نقراء لاباء الكنيسة يجب ان نتذكربيئتهم التاريخية historical milieu.احيانا يتم توجيه انتقاد واتهام لاباء الكنيسة بكراهية النساء misogyny او معادة السامية anti-Semitism.واحيانا يبدوا ان خطاباتهم قاسية للغاية بالنسبة لنا(اليوم)

-         لان ثقافتنا تفضل نغمة الاحترام عن اسلوب المبالغة والعاطفية الذى  كان شائع فى عصرهم،لقد كانت البلاغة  الحماسية هى القاعدة المنتشرة فى القرون الاولى،ولم يشعر الناس وقتها باى اهانة مثلنا اليوم، فلم يكن هناك توقع لذلك.

-         لاينبغى ان نحكم على الناس فى عصرهم من خلال تطبيق معايير عصرنا اليوم،كما لو كانت احكامنا وقيامنا خالية اليوم من اى عيوب،وايضا علينا الا نخرج تعليقات الاباء من سياقها،وعلينا الا نقبل كل تعليق لهم كما لو كان مقدس automatically sanctified فقط لانها جاء من اب،احيانا يتطلب الفهم الصحيح للاباء التمييز والنضج الروحى ومعرفة لاهوتهم وتاريخم،والسياق التاريخى

بتصرف من كتاب د.يوجينا سكارفيليس كونستانتينو (الجزء السادس من الفصل التاسع  ) التاسع  من كتاب Thinking ORTHODOX